الائتلاف السوري المعارض يحد من نفوذ «الإخوان» بإقالة الحكومة المؤقتة

فتح باب الترشح لمدة أسبوعين لاختيار رئيس وزراء مؤقت بدلا من طعمة

الائتلاف السوري المعارض يحد من نفوذ «الإخوان» بإقالة الحكومة المؤقتة
TT

الائتلاف السوري المعارض يحد من نفوذ «الإخوان» بإقالة الحكومة المؤقتة

الائتلاف السوري المعارض يحد من نفوذ «الإخوان» بإقالة الحكومة المؤقتة

أقالت الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري، الحكومة المؤقتة برئاسة أحمد طعمة المؤلفة من 12 وزيرا، بأغلبية 66 صوتا، في مقابل 35 صوتا مؤيدا لبقائه، وذلك في نهاية اجتماعاتها التي استمرت ثلاثة أيام بإسطنبول، انتهت فجر أمس، في خطوة واضحة للحد من نفوذ الإخوان المسلمين في المعارضة السورية.
وفيما أشارت الهيئة العامة، في بيان لها، إلى أن «هدف الإقالة هو الرقي بعمل الحكومة لخدمة شعبنا، والعمل على تحقيق أهداف الثورة»، وهو ما أشار إليه عضو الائتلاف سمير نشار. وقال عضو الائتلاف أحمد رمضان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن قرار الإقالة سياسي ولا علاقة له بأداء الحكومة ووزرائها.
وأكدت الهيئة العامة للائتلاف في بيانها، ضرورة إيجاد أرضية جديدة للعمل على أساسها، وأهمها، انتقال الحكومة إلى الداخل في أقرب وقت ممكن وتوظيف الكفاءات السورية الثورية، معلنة أن رئاسة الائتلاف فتحت باب الترشح منذ أمس ولغاية أسبوعين من تاريخه، على أن تقوم الهيئة العامة بتشكيل الحكومة الجديدة خلال ثلاثين يوما من تاريخ اليوم. وحسب القانون الداخلي للائتلاف، ستستمر الحكومة في تصريف الأعمال إلى أن ينتخب الائتلاف رئيس الوزراء المكلف الجديد ويشكل حكومته وتطرح على التصويت وتمنح الثقة.
وقال نشار، وهو عضو الأمانة العامة لـ«إعلان دمشق»، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن إقالة طعمة أتت بدوافع «سياسية وأخرى تتعلق بالأداء»، مشيرا إلى أن الأسباب السياسية تتعلق بـ«هيمنة جماعة الإخوان المسلمين» على الحكومة.
وأشار إلى أنه «على صعيد أداء (الوزراء في الحكومة)، تبين أنه كان سيئا جدا، وكان طعمة يحاول استرضاء المكونات والقوى السياسية بعمليات توظيف»، مشيرا إلى أنها شملت «توظيف ما بين عشرة و15 شخصا كمستشارين، غالبيتهم عبارة عن جوائز ترضية».
وأوضح النشار أنه ومن بين الخلافات بين طعمة ورئاسة الائتلاف، إقدام طعمة في 27 يونيو (حزيران) الماضي، على إقالة هيئة أركان الجيش السوري الحر عبد الإله البشير، وهو قرار نقضته بعد ساعات الهيئة السياسية للائتلاف، قائلة إنه لا يدخل ضمن صلاحيات الحكومة المؤقتة.
مع العلم، أن المجلس العسكري الأعلى للثورة السورية، كان قد طالب بحجب الثقة عن رئيس الحكومة السورية المؤقتة أحمد طعمة، على خلفية «تجاوز» الأخير صلاحياته بعد أن قرر حل المجلس وإقالة رئيس هيئة الأركان عبد الإله البشير. وانضمت هذه الدعوة إلى مطالب أعضاء في الائتلاف السوري المعارض بسحب الثقة من طعمة وطرح الموضوع للتصويت خلال اجتماع الهيئة العامة للائتلاف، ومن ثم عاد رئيس الائتلاف السوري السابق أحمد الجربا وألغى قرار طعمة باعتبار أن الأمر خارج صلاحيات رئيس الحكومة.
في المقابل، أكد عضو الائتلاف أحمد رمضان أن قرار إقالة الحكومة لا يرتبط بأدائها، الذي وصفه بأنه كان «إيجابيا للغاية». وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لأول مرة، تستطيع الحكومة أن تقدم كشوفات مالية كاملة، إضافة إلى مشاريع وإنجازات من شأن نتائجها أن تنعكس إيجابا لصالح المعارضة لو أكملت في عملها». وبينما نفى رمضان أن تكون هناك أسماء بدأ التداول بها لتولي رئاسة الحكومة، رأى أن التوافق على شخصية لهذه المهمة لن يكون بالأمر السهل.
وكشف رمضان عن أن 15 عضوا من المجلس العسكري من بين الـ66 الذين صوتوا لصالح إقالة الحكومة، سبق أن جمدت عضويتهم في الائتلاف، ومن ثم يعد تصويتهم غير قانوني. ورأى رمضان أنه وبإقالة الحكومة لم يعد أمام المعارضة أي هيكلية صالحة للعمل، مشيرا إلى أن أطرافا دولية وإقليمية أرسلت رسائل سلبية إلى الائتلاف محذرة من أن إجهاض عمل الحكومة سيقلص من برامج الدعم المقدمة إلى الائتلاف.
وقد واجهت المعارضة في الأشهر الماضية محدودية الدعم الغربي لا سيما بالسلاح النوعي، في مقابل دعم غير محدود لنظام الرئيس بشار الأسد من حلفائه روسيا وإيران وحزب الله اللبناني، وتنامي نفوذ تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي بات يسيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق، ويخوض منذ مطلع العام معارك مع مقاتلي المعارضة. وكان «الائتلاف الوطني» المعارض، قد انتخب في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، أحمد طعمة رئيسا لوزراء الحكومة الانتقالية المؤقتة، حيث أعلن الطعمة بعد انتخابه أن «الحكومة الانتقالية ستضع خطة استراتيجية لإدارة المرحلة المقبلة وستعمل على ضبط الأمن وحماية المواطن».
وكان من المقرر أن تتولى الحكومة إدارة «المناطق المحررة» في سوريا، أي تلك التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، على أن يكون مقر وزرائها الحدود السورية - التركية، ويزاولون نشاطهم «داخل سوريا».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».