جورجوني يجذب المتفرجين بخفة دمه وصحونه المشبعة بالدهون

من أشهر طهاة إيطاليا وأكثرهم تميزاً

من عرف الشيف جورجوني يدرك مدى خفة دمه وسرعة بديهته
من عرف الشيف جورجوني يدرك مدى خفة دمه وسرعة بديهته
TT

جورجوني يجذب المتفرجين بخفة دمه وصحونه المشبعة بالدهون

من عرف الشيف جورجوني يدرك مدى خفة دمه وسرعة بديهته
من عرف الشيف جورجوني يدرك مدى خفة دمه وسرعة بديهته

يزعمون أن مخترع ألعاب الرشاقة مات وعمره 57 سنة وأول مخترع لنظام الحمية الغذائية توفي قبل أن يبلغ 66 عاماً، أما مخترع حلوى النوتيلا الإيطالية (الشوكولاته بالبندق) فقد عاش 88 سنة، وربما مبتكر الكنافة بالقشطة ما زال حياً بعد تخطيه المائة عام!
يبدو أن الطاهي الإيطالي المعروف جورجيو (واسمه الفني: جورجوني أي جورج الكبير بالإيطالية) يؤمن بهذه الطرفة ويقدم وصفاته اليومية على شاشة تلفزيون قناة «القريدس الأحمر» Gambero Rosso وله أتباع ومعجبون بالملايين وتمتلئ وصفاته بالدهون والزيوت والزبدة ورشات وافرة من الملح لكنها لذيذة المذاق، وتمثل المطبخ التقليدي القديم في إيطاليا.
التقيناه في صالون التذوق في أواخر سبتمبر (أيلول) الذي افتتح في مدينة تورينو الشمالية، وتعتبر عاصمة الذوق في الأكل، برعاية شركة القريدس الأحمر التي تنتج أيضا دليل المطاعم في إيطاليا، وكذلك الدليل السنوي لزيت الزيتون والنبيذ ومحلات بيع البوظة (الجيلاتي) والحلويات في المدن الإيطالية الكبيرة، ويهدف هذا المعرض السنوي للتعرف على مقياس الذوق الطعامي والاتجاهات الحديثة للطهي، وأهمها هذه الأيام الميل إلى طعام الطريق street food أي الشطائر والسندويش وخلافه.
اكتشفنا أن جورجوني في غاية اللطف والتواضع وخفة الدم وسرعة البديهة والابتسامة الوديعة وأنه «لا يحب التهام إيطاليا» (كما يظهر من اسم شركة مطاعم «ايتالي» Eataly المنتشرة في أرجاء العالم لترويج المنتجات الغذائية الإيطالية). يقول جورجوني إن اسمه الحقيقي هو جورجيو باركييزي وهو من مواليد روما، أما اسمه الفني فمستوحى من اسم الرسام الإيطالي المشهور جورجوني في عهد النهضة في القرن السادس عشر، ولوحته المميزة «العاصفة» معروضة في متحف الفن بالبندقية (فينيسيا). للطاهي جورجوني حضور لافت فهو ضخم الجثة والوزن، ويمتاز بلحية كثة بيضاء يصبغ قسما منها باللون الأسود ويلبس عادة في برامجه التلفزيونية المسماة «من بستان الخضر إلى المطبخ» رداء العمال والمزارعين وهو عبارة عن بنطال متين فضفاض له طوق يربطه بالكتف ويسمى overall وكان مطلوبا في الأصل ليغطي كل شيء.
يقع مقر جورجوني في مقاطعة أومبريا وهي تعني: الظل لكثرة أشجارها وهضابها وبعدها عن البحر، وتمتاز بتأثير حضارة اتروسكا التي حكمت وسط إيطاليا في قديم الزمان وتأثرت بنفوذ الإغريق حتى ظهور الرومان في القرن الرابع قبل الميلاد. يعكس الطعام في إيطاليا تاريخ البلد، فالمطبخ الإيطالي حالياً تأثر عبر الأيام باتروسكا واليونان والعرب (خاصة في جزيرة صقلية) ولكل مقاطعة وصفتها الخاصة لتحضير الطبق نفسه، فما يميز مقاطعة امبريا المشهورة بمدنها القلاعية هو طهي لحم الغنم والعجل والمعجنات المخلوطة بالكمأة وتفويح الوجبات بنبتة الشمرة.
الواقع أن جورجوني يملك بالإضافة إلى مطعمه في مونته فالكو بمقاطعة أومبريا ما بين روما وفلورنسا مزرعة صغيرة لإنتاج الخضار والدواجن واللحوم ويهتم بالمنتوجات الطازجة، في حين يزور أقاليم أخرى في إيطاليا يسأل المزارعين أو صيادي السمك أو البقالين والجزارين عن كل شاردة وواردة حول أصل المنتج ونضوجه، وهل هو موسمي أم أنه نما تحت الغطاء، أو كيفية ذبح الحيوان وتقطيعه أو كيفية صنع الجبن، ومن أي نوع من الحليب، أو كمية القمح القاسي في المعجنات، ثم يأخذ ما اشتراه ويبدأ في تحضيره للطهي، مستخدما لونا معينا من لوح الخشب لفرم البصل والبقدونس يشبه لوحة الشطرنج. كما يشارك جورجوني في تحضير الكتاب السنوي للوصفات الإيطالية الثمانين حسب الفصول الأربعة تحت عناوين: روائح الربيع ومذاقات الصيف وزمن الحصاد وبرد الشتاء.
يقع مطعم جورجوني واسمه «في نصف الطريق» (بالإيطالية: Alla via di Mezzo) في بيت أثري بني في مونته فالكو في القرن الرابع عشر، وفيه مدفأة قديمة على الخشب ويمكن الاستلقاء فيه في الطابق العلوي للقيلولة بعد التهام وجبة الطعام الدسمة بل استئجار غرفة للنوم حتى الصباح، ويجب الحجز مسبقا لكثرة الطلبات، وشعاره «تأكل كما يجب» والمقصود هو المطبخ الريفي الإقليمي الطازج البسيط المسقسق بالدهن ذي النكهة اللذيذة ويشتمل على الخضراوات من الحقل إلى المطبخ، بحيث لا تمر على الثلاجات أو حجرات التجميد. فنظريته تتمحور حول مطبخ الموسم ومكوناته أي «كيلومتر صفر»، وهذا يعني من البستان إلى الفم واللسان. أساس المقبلات في مطعمه هي الخضراوات والبقول وثلاثة أنواع من المعجنات، وفي مقدمتها الفول الأخضر في الربيع والعدس في الشتاء وتقدم عادة في أطباق من الفخار وتنبعث منها رائحة الثوم الذي يصفه جورجوني باسمه الطبي اللاتيني allium satium على سبيل المزاح، مضيفا بقوله: «الثوم ذو القشرة الحمراء أفضل من غيره من الأنواع، فبالإضافة إلى فوائده الصحية المعروفة فهو الذي يعزز نكهة الأكل».
ينتقل جورجوني في برنامجه التلفزيوني إلى جميع مناطق إيطاليا المعروفة بالتنوع وحين تشاهده وهو يشرح طريقة تحضير أطباقه بطريقة ممتعة مليئة بالدعابة والوضوح لا بد أن تلاحظ أنه حين يقول: «أضف نقطة زيت» يعني ملعقتين أو رشة وافرة. وحين يخاطب المشاهد قائلا: «ذرة من الملح»، فهو يقصد «حفنة من الملح الخشن». أما عبارته المفضلة حين يتذوق الطبق الذي حضره فهي: «طبق له دوي وصيت تسترجع طعمه في فمك من شدة اللذة». ولتأكيد ذلك يباشر بتذوق لقمة ثانية كبيرة ثم يضيف: «لذيذ فعلا لا مثيل له... طبق باهر... نصر مجلجل»!
تقول فيرونيكا ميلاني التي تعمل محاسبة في مزرعة كبيرة قرب مدينة فيرونا الشمالية والتي قابلت جورجوني وأعجبت به: «حين يبدأ برنامج الطهي المسائي برفقة جورجوني على شاشة التلفزيون لا يتمكن زوجي من رؤية نشرة الأخبار، لأنني أتابع بشغف ودقة تفاصيل وصفات جورجوني مثلما أدقق في الحساب التفصيلي في عملي، فهو ذو خبرة واسعة ومسل وهزلي، ونظام الحمية المتوازن لديه يعني قطعة حلوى في يده اليمنى وأخرى في يده اليسرى».

وصفة جورجوني لشرائح الجاموسة

> من كتابه حول أصول الطهي، وهي وصفة من مقاطعة كامبانيا وعاصمتها نابولي التي تنتج جبن موتزاريلا الجاموسة
المكونات
4 شرائح من فيليه لحم الجاموسة اليافعة (تشبه لحم العجل)
4 شرائح دهن
4 أوراق عشب المريمية
4 شرائح جبن كاتشوتا (يشبه جبن القشقوان)
بصلة - زيت زيتون - فلفل أسود وملح خشن
طريقة التحضير

> نطبق شرائح اللحم وفوقها نصف الدهن والعشب العطري ثم الجبن وفوقه النصف الآخر من الدهن.
نضع الكل في مقلاة وفيها زيت الزيتون البكر، وبصلة حمراء مفرومة، وقليل من الماء على نار خفيفة، وبعدها نرش الملح والفلفل، ونغطي المقلاة بنعومة لمدة 10 دقائق حتى تفوح رائحة الأكل المشهية، وننهي العملية بيتذوق ما حضرناه للتأكد من نضوج المكونات.


مقالات ذات صلة

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات الشيف الفرنسي بيير هيرميه (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه لـ«الشرق الأوسط»: العرب يتمتعون بالروح الكريمة للضيافة

بيير هيرميه، حائز لقب «أفضل طاهي حلويات في العالم» عام 2016، ويمتلك خبرةً احترافيةً جعلت منه فناناً مبدعاً في إعداد «الماكارون» الفرنسيّة.

جوسلين إيليا (لندن )
مذاقات الشيف العالمي أكيرا باك (الشرق الأوسط)

الشيف أكيرا باك يفتتح مطعمه الجديد في حي السفارات بالرياض

أعلن الشيف العالمي أكيرا باك، اكتمال كل استعدادات افتتاح مطعمه الذي يحمل اسمه في قلب حي السفارات بالرياض، يوم 7 أكتوبر الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
مذاقات الشعيرية تدخل في أطباق حلوة ومالحة (الشرق الأوسط)

حكاية أقدم صانع شعيرية كردي في شمال سوريا

من بين حبال رقائق الشعيرية الطازجة ولونها الذهبي ورائحتها الطيبة، يقف الصناعي الكردي عبد الناصر قاسم برفقة زوجته، بوصفه أحد أقدم الحرفيين في صناعة الشعيرية…

كمال شيخو (القامشلي)

مطعم «تيرا نيرا» في باريس... جاذب عشاق الأكل الإيطالي والسياح

مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)
مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)
TT

مطعم «تيرا نيرا» في باريس... جاذب عشاق الأكل الإيطالي والسياح

مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)
مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)

الشيف غابريال في «إيميلي في باريس» (Emily in Paris) هو شخصية محورية في المسلسل، وهو شاب فرنسي وسيم يعمل شيفاً في مطعم في باريس. يُجسِّد دوره الممثل الفرنسي لوكاس برافو. غابريال هو جار إيميلي، ويسكن في نفس المبنى الذي تسكن فيه البطلة الأميركية، التي تنتقل من شيكاغو إلى باريس للعمل في شركة تسويق. تنشأ بينهما علاقة معقدة ومليئة بالتوتر العاطفي، حيث تنجذب إيميلي إلى الشيف غابريال، لكنه في نفس الوقت مرتبط بعلاقة حب مع كامي، وهي إحدى صديقات إيميلي.

إلى جانب جاذبيته الشخصية، غابريال موهوب جداً في الطهي، ويكرس وقته بالكامل لمهنته طاهياً وحلمه الحصول على نجمة ميشلان للتميز. في مواسم لاحقة من المسلسل، يلعب دورُه في إدارة المطعم والطموح لفتح مطعمه الخاص دوراً مهماً في تطور قصته. العلاقة بينه وبين إيميلي وكامي هي جزء أساسي من دراما الحب الثلاثي، التي تتكرر في سياق المسلسل.

الطاولة الشهيرة التي يجلس عليها الشيف غابريال (إنستغرام)

الشخصية تعكس الجوانب الرومانسية والمهنية للعالم الباريسي، حيث يتفاعل الشيف غابريال مع شغفه بالطهي وتحديات العلاقات العاطفية.

هذه هي باختصار قصة الشيف الوسيم الذي يعمل في مطعم «ليه دو كومبير» (Les Deux Compères)، وهو موقع حقيقي ومعروف في باريس، لكنه في الواقع لا يحمل هذا الاسم. المطعم الحقيقي يُدعى «Terra Nera»، وهو مطعم إيطالي يقع في الدائرة الخامسة في باريس بالقرب من البانثيون، تماماً كما في المسلسل.

ومن وراء شهرة «إيميلي في باريس» عالمياً أصبح «تيرا نيرا» وجهة شعبية للزوار والمعجبين بالمسلسل، بعد أن تم تصوير مشاهد كثيرة فيه. على الرغم من أن المسلسل يظهره مطعماً فرنسياً بإدارة غابريال، فإن المطعم الحقيقي يقدم أطباقاً إيطالية.

ويدور كثير من الأحداث والمشاهد في المسسل في هذا المطعم الذي يلعب دوراً محورياً، فهو ليس مكان عمل الشيف غابريال فقط، ولكنه نقطة التقاء شخصيات رئيسية كثيرة في القصة أيضاً.

يشتهر مطعم «تيرا نيرا» بأطباقه الإيطالية الأصلية، فهو صغير الحجم يقصده الذواقة الباحثون عن عنوان إيطالي في قلب العاصمة الفرنسية، كما يشتهر أيضاً بخدمته الجيدة. ويعمل فيه أعضاء من عائلة إيطالية واحدة. من أشهر أطباقه: أنتيباستي ميزون، واللينغويني ألي فونغولي، وساليتشي نابوليتانا، وتورتا ديلا نونا، أو «تورتة الجدة»، ولاكريما كريستي.

ميزة المطعم أنه يقدم مأكولات إيطالية تقليدية مع التركيز على الأطباق الكلاسيكية، مثل البيتزا والمعكرونة، بالإضافة إلى اللحوم والأسماك التي تحضر على الطريقة الإيطالية المتوسطية.

يشتهر «تيرا نيرا» بالأطباق الإيطالية بما فيها الأسماك (إنستغرام)

ومن الأسباب التي زادت من شهرة المطعم هو موقعه في منطقة سياحية، وقربه من معالم ثقافية كثيرة، مثل البانثيون وجامعة السوربون.

الديكور في المطعم بسيط وجميل بنفس الوقت، وأجواؤه دافئة جداً، يجذب كثيراً من الزوار بسبب المسلسل الذي تنتجه «نتفليكس»، ما زاد من شعبيته بين عشاق «إيميلي في باريس» والسياح عموماً، وخاصة عشاق الأكل الإيطالي.

وقبل ظهور المطعم في المسسل كان المطعم مقصد الذواقة الإيطاليين والفرنسيين الذين يعشقون الأكل الإيطالي.

مطعم «تيرا نيرا» الإيطالي في باريس (إنستغرام)

الطاهي الرئيسي في مطعم «Terra Nera» في باريس هو «Giovanni Lepori». يتميز «Lepori» بخبرته الواسعة في تقديم المأكولات الإيطالية الأصيلة، مع التركيز على إعداد الأطباق باستخدام مكونات طازجة وتقنيات تقليدية، تعكس روح المطبخ الإيطالي. ومن الضروري أن تقوم بالحجز المسبق نظراً لشعبيته المتزايدة، خصوصاً خلال المواسم السياحية على مدار العام.