فندق تشيلسي في نيويورك يترك ماضيه اللامع خلفه ضمن خطط لتطويره

يتشبث آخر نزلاء فندق تشيلسي الشهير بنيويورك بشققهم رغم الخطط القائمة حاليا لتغيير معالمه وإعادة افتتاحه بوصفه فندقا فخما. الفندق اشتهر لسنوات طويلة كمكان إقامة للفنانين وتجاورت فيه أسماء لامعة ولكن مع وفاة المستأجرين القدامى وكبر سن الباقين فإن عجلة التطوير والمال بدأت في الدوران للاستفادة من البناية وموقعها المميز في نيويورك حسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية أمس.
عند إمعان النظر في المخطط الهندسي لعملية تجديد فندق «تشيلسي» في ولاية نيويورك الأميركية، تظهر شقة ديبي مارتن وإد هاملتون وعليها خطوط رمادية مائلة وعبارة «مستأجر يشغلها».
كما توجد أيضا بقع رمادية صغيرة أخرى على المخطط الهندسي، لكن بقية الطوابق سيجري تحويلها إلى أجنحة فاخرة جديدة تماما، ومن المقرر أن يعاد فتح الفندق أوائل عام 2019 كفندق فخم. ووضع المخطط الهندسي على جدار الشقة المجاورة لشقتهما، التي تم تغيير معالمها بالكامل.
وتقول مارتن وهي تخطو بعناية فوق مواد البناء المتناثرة على الأرض، إن «هذا مثير للاهتمام... من المفترض أن يكون هنا حمام وأن يكون هناك مطبخ». ويقع الحمام الجديد بجوار حمامهما القديم. وهناك فجوة ضخمة في الجدار، بالكاد يغطيها مشمع من البلاستيك. واشتكى الزوجان من أعمال التجديد التي تم تعليقها مؤقتا في الوقت الراهن.
ويستمر العمل في المبنى، المؤلف من 10 طوابق، ومحاط بالكامل بالسقالات، منذ سبع سنوات حتى الآن - سبع سنوات من الضوضاء والغبار، ومشكلات الكهرباء والتدفئة والمياه والغاز. ومع كل هذا ترفض مارتن وهاملتون مغادرة غرفتهما في الطابق الثامن.
ويعيش الزوجان هنا منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، عندما انتقلا من واشنطن إلى نيويورك. وحصلا على الغرفة بعد أن ردت مارتن على إعلان نشر في صحيفة «فيليدج فويس».
ويعيش الزوجان، وهما في الستين من عمرهما حاليا، معاً في غرفة مساحتها 20 مترا مربعا تحتوي على سرير وأربعة مقاعد ورفوف كتب وثلاجة صغيرة وطاولة كرة قدم، يرفض هاملتون ببساطة التخلي عنها.
ولا تحتوي الشقة على موقد ولا غسالة، وهناك حمام مشترك أسفل الردهة. ويقول هاملتون: «نحن لا نخطط للذهاب إلى أي مكان».
ويشتهر فندق تشيلسي، الذي افتتح في عام 1905، بأن كثيرا من المشاهير أقاموا فيه مثل بوب ديلان، ومارك توين، وآرثر ميلر، وجوني ميتشل، وفريدا كاهلو، وجين فوندا، وباتي سميث، وديلان توماس وإيجي بوب. وأشار كثيرون منهم إلى الفندق في كتبهم أو أغانيهم. والتقى المغني الكندي الراحل ليونارد كوهين بأسطورة الروك الراحلة جانيس جوبلين هناك وشدا بأغنية «تشيلسي هوتيل نمبر 2» التي تقول كلماتها: «أتذكرك جيدا عندما كنت في فندق تشيلسي. كنت مشهورة، وكان قلبك أسطوريا».
واتهم مغني الروك سيد فيك بقتل صديقته هناك، لكنه توفي بسبب جرعة زائدة من المخدرات قبل أن يمثل للمحاكمة.
وفي ذلك الوقت، كان هناك 250 غرفة بأحجام مختلفة، نصفها مستأجرة لمستأجرين دائمين. ويقول هاملتون إن العبق الإبداعي للمكان يعود إلى المالك الراحل ستانلي بارد الذي توفي عام 2017.
ويقول هاملتون: «إذا تأخرت في الإيجار، فلن يتم طردك... لم تكن نهاية العالم، فهم يعرفون أن الأشخاص العاملين في مجال الفن لا يحصلون أحيانا على رواتب بصفة منتظمة».
ويتابع أن «كل شخص هناك له علاقة بالفن. ليس لديك جار يعمل في سوق المال أو محاميا - كل شخص يشارك في النضال من أجل خلق شيء جميل. لذلك فهم يتفهمون المشكلات التي تمر بها».
ويضيف: «هناك شعور غريب بالألفة يحدث هنا. وفي غضون أسبوع، كان لدينا 50 شخصا يعيشون بجوارنا، عازف لموسيقى البلوز وعازف كمان، وعازف لموسيقى الروك وجميعهم كانوا يمارسون التدريب على آلاتهم الموسيقية».
ويقول هاملتون إنه «لم يكن سوى مكان خاص وغريب. يمكن أن تشعر بهذه الطاقة الكهربائية عندما تسير عبر الباب. كانت هناك دائما حفلات... ولأنك أقمت هناك فقد أصبح بإمكانك أن تتجول في أي منها، ودائما ما يوجد عروض فنية وأحداث ثقافية».
وتعمل مارتن لصالح منظمة خيرية، بينما يمتهن هاملتون الكتابة ويقضي أيامه في الغرفة يشحذ مهاراته. ويرتدي سماعات أذن ليمنع وصول ضوضاء عمال البناء، وهو متفائل للغاية: «لم تنفد أفكاري أبدا طوال إقامتي هنا».
ويتذكر هاملتون قائلا إن مغني الروك الراحل دي دي رامون كان جارا له، لفترة وجيزة. ويقول هاملتون: «لقد كان موسيقياً، لذا فإنه كان ينام طوال اليوم، وكان العمال يقومون بأعمال البناء، وتسبب ذلك في إيقاظ دي دي».
ويروي هاملتون أن دي دي «أخرج رأسه من النافذة وبدأ في الصياح قائلا: «... عليكم اللعنة، ماذا تفعلون؟ لا أستطيع النوم». لذا توقفوا لفترة ثم بدأوا العمل مرة أخرى وبدأ هو في الصياح مرة أخرى.
لقد تغير الحي حول الفندق بشكل كبير على مر السنين. حيث تم بيع كثير من المباني وتحويلها إلى شقق فاخرة، وأصبحت بعض الإيجارات من أعلى المعدلات في المدينة. وتم بيع الفندق عدة مرات، وطرد 80 مستأجرا دائما.
في بعض الأحيان تتجول مارتن وهاملتون في طرقات الفندق ليلا لاستكشاف طوابقه، بحثا عن بقايا سحره القديم. ويقوم الاثنان بتعليق أعمال فنية على الجدران بعد أن استعاداها من القمامة. وعلى سطح المبنى، حيث يتم التخطيط لإقامة منتجع صحي فاخر، يستمتعان برؤية بحر أضواء مانهاتن.
ويزور الاثنان الأصدقاء والمعارف الذين ما زالوا يعيشون في الفندق. وهناك بعض الغرف تحتوي على أبواب قديمة مزينة بشكل فني. وقبل بضعة أشهر، تم إلقاء نحو 50 بابا قديما في القمامة، ولكن تم إنقاذها من قبل مستأجر سابق وتم بيعها في مزاد علني. يقول هاملتون: «الأمر مختلف للغاية الآن... فلا يوجد فقط سوى كبار السن من المتشبثين بشققهم».
ويأمل النزلاء في أن يتم الاحتفاظ بالمبنى كفندق، حتى لو كان مبنى فاخراً، ويرى هاملتون أن الفندق قد يجذب العاملين في الفن «وعندها سيصبح بالإمكان على الأقل، الحصول على مكان مفعم بالحيوية مرة أخرى».