خوف من «لعنة التاريخ» يدفع نائب وزير التعليم الحوثي للانشقاق

عبد الله الحامدي قال لـ «الشرق الأوسط» إن الانقلابيين تعاملوا معه بعنصرية وإقصاء

خوف من «لعنة التاريخ» يدفع نائب وزير التعليم الحوثي للانشقاق
TT

خوف من «لعنة التاريخ» يدفع نائب وزير التعليم الحوثي للانشقاق

خوف من «لعنة التاريخ» يدفع نائب وزير التعليم الحوثي للانشقاق

أكَّد نائب وزير التربية والتعليم المنشقّ عن حكومة الحوثيين، الدكتور عبد الله الحامدي، أن الحوثيين دمروا العملية التعليمية في اليمن، من أجل تحضير جيل مسلح جاهل ليكون قنبلة موقوتة تهدد السلم المجتمعي والأمن الدولي.
وأضاف الحامدي في حوار مع «الشرق الأوسط» بعد انشقاقه عن الحوثي وانضمامه إلى الحكومة الشرعية، أن الحوثي يدفع في كل الاتجاهات لشرعنة الجهل والعنف والتخلُّف، ويعمل من خلال سياسته، القائمة على القوة والإجرام والقمع، على هدم العلم وتدمير الإنسان والمؤسسات التعليمية.
وقال عن سبب انشقاقه بعد أكثر من ثلاث سنوات من العمل مع هذه الميليشيات: «انشققتُ عنهم بعد أن اتضحت لي الرؤية، وكي لا أشارك في إجرامهم ويلعنني التاريخ», وفيما يلي نص الحوار:
- كيف تعامل الحوثيون معكم طيلة المرحلة التي عملتَ فيها معهم؟
- الحوثي تعامل معي شخصياً باعتباري نائب وزير، وقد تعامل مع جميع المواطنين بعنصرية قبيحة وتعالٍ وإقصاء من ممارسة المهام الوظيفية ومصادرة الاختصاص، وأولى مهام الوزارة المسؤولة عن بناء أجيال لوزير جاهل لم يلتحق بأي مدرسة علمية وكل ما حصل عليه من مؤهلات، وأشير إليه في سيرته الذاتية بموقع الوزارة، أنه درس على يد والده.
- هل يولي الحوثي للتعليم أيَّ أولوية، علی ضوء ما لوحظ منه من استقطاب طلاب المدارس والزج بهم للجبهات؟
- ميليشيات الحوثي الإيرانية تولي عملية الجهل أولوية قصوى، فهي أحضرت جاهلاً يدير وزارة تهتم بشؤون العلم، ‏لأنه يدرك تماماً أن سياسته لن يتبعها إلا جاهل، بينما الإنسان المتعلِّم لن يقبل بأفكاره ‏السوداء الظلامية، وأول هدف من أهداف الحوثي تجهيل المجتمع والقضاء على العلم، وهو ما سعى إليه قبل أن يصل إلى صنعاء، من خلال التغلغل في مؤسسات الدولة، ومنها التربية والتعليم استعداداً لنخر مناهج التعليم‏.
- يغرق الحوثيون في مستنقع الفساد الذي جلبوه لمؤسسات الدولة. ما وجه الفساد الذي مارسته الميليشيات في مجال التربية والتعليم؟
- الحوثي لا يغرق في مستنقع فساد، ولكنه يغرق في بحر من الفساد؛ تجاوز فساده كل فساد في الأرض وكل المفسدين منذ أن خلق الله آدم، فالوزير الجاهل ترك لمدير مكتبه الذي مؤهَّلُه مشرف بمحافظة حجة، وليس موظفاً في وزارة التربية والتعليم، الحبل على الغارب ليعيث في الوزارة‏ نهباً وفساداً، فقد قام بإحلال العناصر غير المؤهلة بعناصر مؤهلة، ‏تدفع لهم مرتباتهم وتصرف لهم السلات الغذائية المقدمة من برنامج الغذاء العالمي المدعوم من البرنامج الخاص بالإغاثة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ومن الدعم الدولي، ليغيروا المنهج الدراسي بما يخدم مشروعهم الهدّام الذي سيكون له أثر كبير في تدمير النسيج المجتمعي القائم على التعايش والتسامح، وخلق حالة من الصراع غير المنتهي والعبث بمقدرات الشعب.
- كيف ينظر الحوثي للكوادر المؤهَّلة وأصحاب الخبرة والكفاءة من غير المقتنعين بفكرهم؟ وكيف يتعاملون معهم؟
- ‏أول ما قام به هو استبدال البشر، حيث طرد وفصل الكوادر التي كانت موجودة والتي لا تنتمي إليهم، ومَن خضع لهم تركوه وشأنه، ولكن لم يولوه أي مهمة، ‏وأمسى وجودهم مجرد شكليات، ثاني شيء عمل على إحلال العناصر غير المؤهلة، وأعلنت وزارة الخدمة المدنية فصل ما يقارب 140 ألف من الموظفين، وأطلقت عليهم أسماء تبرر بها فعلتها ‏من أجل أن تحل مكانهم 140 ألف جاهل.
أما الأمر الثالث الذي قامت به الميليشيات فهو حرمان المعلمين من رواتبهم، وتضييق كل سبل الحياة عليهم كي لا يقوموا بواجبهم، وجعلت من المعلم إنساناً مقهوراً، منهم من مات جوعاً، ومنهم من أصيب بحالات نفسية، وآخرون طردوا من منازلهم المستأجرة لأنهم لا يدفعون إيجاراتها؛ فإذا كان المعلم لا يجد سكناً ولا يعرف كيف يعيش، ولا يملك حتى ثمن مواصلات ذهابه لعمله بالتأكيد سوف ينقطع عن ممارسة عمله وينقطع معه سير العملية التعليمية.
- كيف يعيش الوسط التعليمي في مناطق سيطرة الميليشيات من معلمين وتلاميذ ومرافق؟ وما الهدف من تغيير المناهج وما يحدث في الإذاعة المدرسية الصباحية؟
الحوثيون استبدلوا بمديري المكاتب ومديري المناطق التعليمية ومديري المدارس، مشرفين حوثيين على مستوى أمانة العاصمة، وكان كل تركيزهم على صنعاء لأنها يوجد بها 800 ألف تلميذ وتلميذة، ‏وبهذه التغييرات تمكنوا من تطويق العملية التعليمية تطويقا كاملاً، وبعد ذلك بدأوا بتغيير جذري للمناهج، ولكن لم يستطيعوا إنزاله لمدارس صنعاء وبعض المحافظات، لأنهم شعروا بأن هذا الأمر سيُحدِث ثورة.
أما بخصوص التلاميذ، فإن الحوثي يجتهد لتحضير جيل مسلح جاهل وتحويله إلى قنبلة موقوتة تهدد السلم المجتمعي والأمن الدولي، فالطلاب يبدأون صباحهم بأداء الصرخة الخمينية أثناء الطابور الصباحي، وهي التي استغنت عنها إيران، ودفعت بها إلى أتباعها الحوثيين في صنعاء إجباراً، ومَن يعتذر عنها يتم إنزال أقصى العقوبات عليه. الحوثيون يقومون بتعبئة وشحن أبنائنا وبناتنا بأفكارهم الهدامة الخبيثة ويستخدمون الأطفال دون أدنى شفقة ورحمة في جبهات القتال.
أنا لا أستغرب من الحوثيين، ولكن أستغرب من صمت وتواطؤ المنظمات الدولية التي تنادي بحقوق الإنسان والطفل الموجودة داخل صنعاء، التي يقود بعضها رجال ليس لهم علاقة بأهداف المنظمات، وأدعو المنظمات الدولية العاملة في صنعاء التي تنادي بحقوق الأطفال أن تقوم بدورها وتكشف عن ممارسات الحوثي القبيحة وتعديها على حقوق الأطفال في اليمن.
- هدد الحوثي أخيراً دوائر الخدمة المدنية بما فيها التربية والتعليم، بضرورة تنفيذ خطته لتنظيف كشف الراتب... ماذا يقصد بذلك؟
- هناك من استبدلهم وهناك من يهدد باستبدالهم، الحوثي يريد أن يعمل تغييراً جذرياً ويستبدل كلَّ مَن لا ينتمي لسلالته، فهو لا يريد كفاءات ولا خبرات ولا أشخاصاً ينتمون إلى حزب المؤتمر الشعبي العام أو أي حزب آخر. أضرب لك مثلاً كان هناك موظف في وزارة التربية والتعليم يحمل شهادة الدكتوراه في الجودة، طلب الوزير الجاهل تغييره بشخص لا يحمل مؤهلاً علمياً، فقط لأنه من اتباعهم.
الحوثي اليوم محاصَر من كل الجبهات، وهناك غضب شعبي عارم؛ فلم تعد له شعبية كما في السابق. لا تعتقدوا أن الشعب اليمني أصبح خانعاً أو ذليلاً، ‏لكنه يواجه أعتى وأظلم جماعة في التاريخ.
- ما نوع التغيير الذي أجرته الميليشيات على المنهج الدراسي، وما خطورة ذلك في المستقبل؟
- ‏الميليشيات غيّرت في كل المناهج الإنسانية والدينية، أما الفيزياء والكيمياء والأحياء فلا يوجد أي إمكانية لتغييرها، ‏الحوثي لم ينزل المناهج التي تم تغييرها إلى جميع المناطق والمحافظات، ولكنه أنزلها في المناطق التي تحت سيطرته الكاملة، والتي تم تغيير جميع إداراتها ومعلميها، وله مؤيدون ومناصرون فيها، هذا المنهج سيدمر النسيج الاجتماعي للإنسان والمجتمع اليمني، وإن لم يتابع أولياء الأمور أبناءهم وبناتهم في المنازل ليمسحوا ما قاموا بتلقينه في المدارس لأبنائهم لحدثت كارثة كبرى.
- أين ذهبت الأموال التي جمعتها الميليشيات خلال العام الماضي من أولياء الأمور والمؤسسات الخيرية والشركات والتجار والمنظمات لدعم ما سموه صندوق المساهمة المجتمعية لدعم التعليم؟
- ‏هل تعتقدين أن أي مشروع حياة يستطيع أن يتعايش مع مشروع موت؟ حتى الدعم الذي يأتي من المنظمات ومن السعودية والإمارات لدعم المعلمين رفض هذا الوزير، ‏وحسب علمي، قبل أن أغادر صنعاء ورغم كل الجهود التي كنا نبذلها من أجل صرف هذه المبالغ على المعلمين الحقيقيين كان الوزير يرفض أن يتم ذلك، وإذا لم يتم ما كنّا نطالب به ‏فاعلموا أن هذه المنظمات متواطئة مع الحوثي ضد المعلمين.
- ما خفايا حقيقة ما جری من تفاوض بين الميليشيات ومنظمات كـ«اليونيسيف»، لدعم المدرسين في مناطق سيطرتهم بمبالغ مالية، علی هيئة حافز شهري تُصرَف للمعلمين مقابل الالتزام بالتدريس؟ إلى أين وصلت هذه التفاهمات؟ وهل يدخل الدعم المقدَّم أخيراً من السعودية والإمارات بمبلغ 70 مليون دولار بالتنسيق مع «اليونيسيف» ضمن هذا الإطار؟ وما الآلية التي تسعی الميليشيات لتمريرها؟
‏- هذا المبلغ سيذهب إلى المعلمين الذين يقومون بدورهم في العملية التعليمية في المناطق المحررة، ولا أعلم ما هو بشأنها في منطقة سيطرة الحوثي.
- كيف يتعامل الحوثي مع موظفي القطاع الحكومي المنتمين للمؤتمر الشعبي العام بعد مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح؟
- يتعامل معهم بإقصاء ليس له حدود، فإن كان مسؤولاً (وزيراً أو محافظاً) يُعيَّن له مشرف، يُمنح هذا المشرف كل سلطات واختصاصات الوزير والمحافظ، ليقصيه تماماً من ممارسة مسؤولياته بطريقة استعلائية.
- هل يسيطر الحوثي علی قرار المؤتمر الشعبي العام في صنعاء؟ وهل يوجد أي تنسيق مع المؤتمر خارج صنعاء وما نوعه؟
‏- المؤتمر الشعبي ينتمي له الكثيرون، وله رصيد كبير، ولكنهم في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين، ويُمارَس عليهم ضغط كبير وحصار شديد ‏وتدخل في قراراتهم وبياناتهم؛ فهم لا يملكون قرارهم الحرَّ، ولكن سيأتي اليوم الذي تنكشف فيه الحقائق.
- لماذا بعد بقائكم معهم لمدة تجاوزت الثلاث سنوات قررتَ الانشقاق عنهم؟ والانضمام للشرعية؟
- عملت ثلاث سنوات ونصف السنة، ‏وفي البداية لم تكن الصورة واضحة؛ فهم في البداية استخدموا مبدأ «التقية»، ولكن عندما علمت أنا وغيري أن بقاءنا مع هذه الميليشيات وعملنا معهم يعتبر شراكة في جرائمهم قررت الانشقاق عنهم، لذلك ليس عيباً أن نعترف بخطئنا وأن نصححه، ولكن العيب أن نبقى مستمرين في هذا الخطأ، لن يرحمنا التاريخ، اليوم رغم علمي بأن جميع ممتلكاتي الموجودة في وطني سينهبها الحوثي المجرم، وبدأ باقتحام ونهب منزلي في مدينة الأصبحي يوم الخميس 25 أكتوبر (تشرين الأول)، وبالأمس اقتحم شقة زوجتي أم أولادي في منطقة حدة، وسينهبون كل شيء، لستُ حزيناً ولا آسفاً على ذلك، فإنهم نهبوا الوطن بأكمله ودمروه، أما أنا وكل ما أملك ففداء لتراب وطني.


مقالات ذات صلة

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.