العراق: «اتحاد الكتاب» و«نقابة الفنانين» يرفضان مرشح «العصائب» لحقيبة الثقافة

هددا بمقاطعة حكومة عبد المهدي ومجلس النواب

TT

العراق: «اتحاد الكتاب» و«نقابة الفنانين» يرفضان مرشح «العصائب» لحقيبة الثقافة

تباينت ردود أفعال الأوساط العراقية المختلفة حول التشكيلة الوزارية التي طرحها رئيس الوزراء العراقي الجديد عادل عبد المهدي أمام مجلس النواب، الأسبوع الماضي، وتمكن من كسب ثقة البرلمان في التصويت على شغل مناصب 14 حقيبة وزارية، في مقابل إخفاقه في تمرير 8 مرشحين لمناصب وزارية أخرى، من بينها وزارة الثقافة التي رشح لشغلها حسن طعمة الربيعي مرشح كتلة «صادقون» النيابية التابعة لحركة «عصائب أهل الحق».
وإذ كان الاعتراض البرلماني الأكبر، خصوصاً من كتلة «الإصلاح» التي يدعمها زعيم التيار الصدر مقتدى الصدر، على مرشح محور «البناء» لحقيبة الداخلية فالح الفياض ونجح في عرقلة اختياره، فإن الضجة الأكبر التي أثيرت حول مرشح وزارة الثقافة، ويحتمل أن تعرقل هي الأخرى عملية اختيار مرشحها، أتت من ناحية الجهتين الثقافيتين الأبرز في العراق، وهما «اتحاد الأدباء والكتاب» الذي يرأسه الكاتب ناجح المعموري و«نقابة الفنانين العراقيين» التي يقودها الفنان المسرحي جبار جودي.
نقابة الفنانين «شجبت»، في بيان، التصويت على وزير الثقافة الجديد «كونه لا يمت للثقافة بصلة». وقالت النقابة في بيان غاضب وجهته إلى رئيس الوزراء وزعماء الكتل السياسية وأعضاء البرلمان، أول من أمس، «فوجئنا بطرح مرشّح لوزارة الثقافة العراقية، التي تمثّلنا، بشخصيّة لا نعرفها، وليس لها باعٌ في الثقافة العراقية، بل والأنكى من ذلك، أن يأتي ترشيح هذه الشخصية، مع احترامنا الكامل لذاتِها، في بلدٍ مثل العراق، لا يخلو أي مفصل فيه من عشرات المبدعين والإداريين الناجحين التكنوقراط»، مضيفاً: «إننا نشجب غاضبين هذه الطريقة العشوائية باختيار شخصيّة دون الرجوع لنقابة الفنانين العراقيين، أو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، أو غيرها من النقابات المعنيّة بالمثقف العراقي». وحذرت النقابة «الطبقة السياسية بمُجملها، بأنّ وزارة الثقافة لن تتعرض للإهانة مرة ثانية، كما أُهينت في الدورات السابقة كلّها تقريباً وأننا لن نترك هذه السنوات الأربع تمرّ بسلام، وسيجدون المعارضة اليومية، بل على مدار الساعة». واعتبر بيان الفنانين أن اختيار مرشّح لوزارة الثقافة من خارج المنظومة الثقافية المعروفة «لا يشير لشيء، بقدر ما يشير إلى اعتباطية القرار السياسي، وعدم احترامه للثقافة».
في غضون ذلك، أبلغت مصادر قريبة من نقابة الفنانين، «الشرق الأوسط»، أن رئيسها جبار جودي وبعض أعضائها التقوا، أمس، زعيم حركة «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، ولم يصدر عن الاجتماع أي بيان بشأن ما دار في الاجتماع، وما إذا اتفق الجانبان على صيغة لتسوية محددة بشأن مرشح وزارة الثقافة، لكن المصادر ترجّح تمسك «العصائب» بمرشحها حسن الربيعي. بدوره، هدّد اتحاد الأدباء والكتاب في العراق بمقاطعة أعمال الحكومة والبرلمان في حال «اختير مرشح لوزارة الثقافة من خارج الوسط الثقافي». وقال الأمين العام للاتحاد، إبراهيم الخياط، في بيان أول من أمس: «نوجه نداءً إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لإخراج وزارة الثقافة من المحاصصة، وألا يكون الترشيح بمعزل عن رأي اتحاد الأدباء الذي يمسك الأرض الثقافية». وبخلاف ذلك، أضاف الخياط بأنه «سيصبح التعامل أمراً مخجلاً مع الوزارة ورئاسة الوزراء».
كذلك أصدر المكتب التنفيذ لاتحاد الأدباء بياناً اعتبر فيه «طرح اسم وزير غير معروف، لبلد عُرف بثقافته، ضرباً لكل المشروعات التي قدّمتْها الأوساط الثقافية في طروحاتها العميقة والسديدة، أمر خطير ينذر بكوارث فادحة». وقال البيان: «سنكون مضطرين لإعلان مقاطعتنا لوزارة الثقافة التي سيصبح التعامل معها أمراً مخجلاً، ومقاطعتنا لرئاسة الوزراء التي لم تستمع لصوت المعرفة من المثقفين منذ ولادتها، وستتحوّل وزارة الثقافة إلى مجرّد وزارة أقلام خضر وحمر، ووزير الثقافة إلى مجرد رقم مضاف لقائمة الوزراء السابقين».
وأثار موضوع الاستيزارات المتكررة لوزارة الثقافة من خارج الوسط الثقافي، غالباً استياء الأدباء والكتاب والفنانين العراقيين، لكن الكتل السياسية تجاهلت على امتداد السنوات الماضية الدعوات المطالبة بتكليف شخصيات قريبة من الوسط الثقافي لإدارة ملف الثقافة.
وفيما يؤكد مصدر من اتحاد الكتاب رفض الأخير طلباً تقدم به المرشح حسن الربيعي للقاء بعض أعضائه لشرح وجهة نظره، وإقناعهم بالقبول به مرشحاً لوزارة الثقافة، بدا أن موقف نقيب الصحافيين العراقيين مؤيد اللامي يتقاطع مع موقف اتحاد الأدباء ونقابة الفنانين، حيث استقبل اللامي، أمس، المرشح المعترض عليه.
وعبَّر اللامي، بحسب بيان صادر، «استعداد النقابة وتعاونها المطلق لدعم العمل الثقافي وعمل وزارة الثقافة في المرحلة المقبلة، لتحقيق انطلاقة صحيحة في هذا الصدد، وبما يلبي حاجة وطموحات الصحافيين والإعلاميين والفنانين والأدباء في العراق».
من جهته، يرى رئيس تحرير جريدة «الأديب العراقي» الصادرة عن اتحاد الأدباء أحمد مهدي أن «السياسي العراقي مقتنع بمقولة المستشار النازي، حين قال: كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي». ويقول مهدي لـ«الشرق الأوسط»: «العلاقة بين السياسي والثقافي علاقة خصام في النظام الفردي والديكتاتوري، أما النظام الديمقراطي فهو نظام متصالح مع الثقافي التنويري، وعلى الرغم من أن النظام العراقي هو نظام ديمقراطي، لكن هيمنة الخطاب الديني ورجاله قادت إلى تشظي العلاقة وتحول وزارة الثقافة إلى سلعة تسد بعضاً من رمق المحاصصاتية والتوافقية».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.