محافظة إدلب الواقعة في شمال غربي سوريا هي آخر أبرز معاقل الفصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في البلاد.
وقتل سبعة مدنيين على الأقل بينهم ثلاثة أطفال الجمعة جراء قصف مدفعي لقوات النظام على قرية في المحافظة في أعلى حصيلة منذ اتفاق روسي - تركي جنب إدلب هجوما للنظام السوري. وجاء ذلك عشية قمة تركية فرنسية روسية ألمانية حول سوريا عقدت السبت في إسطنبول.وإلى هذه المحافظة التي يسيطر متطرفون على أجزاء منها، أرسلت السلطات السورية عشرات الآلاف من المسلحين والمدنيين بعد إجلائهم من معاقل أخرى كانت قد استعادت السيطرة عليها.
تكتسب محافظة إدلب أهمية استراتيجية فهي محاذية لتركيا، الداعمة للمعارضة، من جهة ولمحافظة اللاذقية، معقل موالين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، من جهة ثانية.
وتقع مدينة إدلب، مركز المحافظة، على مقربة من طريق حلب - دمشق الدولي.
قبل الحرب، كان غالبية سكان إدلب يعتمدون على الزراعة وخصوصاً القطن والقمح. وانضمت محافظة إدلب سريعاً إلى ركب الاحتجاجات ضد النظام السوري التي اندلعت في مارس (آذار) 2011. وتحولت لاحقاً إلى نزاع مسلح تعددت أطرافه.
وفي مارس العام 2015 سيطر «جيش الفتح»، وهو تحالف يضم فصائل إسلامية ومتطرفة بينها جبهة النصرة سابقاً (هيئة تحرير الشام حالياً) على كامل محافظة إدلب باستثناء بلدتي الفوعة وكفريا ذات الغالبية الشيعية.
وشكلت السيطرة عليها ضربة للجيش السوري إذ كانت مدينة إدلب ثاني مركز محافظة يخسره بعد مدينة الرقة التي تحولت إلى معقل تنظيم داعش في سوريا، قبل طرد المتطرفين منها العام الماضي.
وطوال سنوات، شكلت محافظة إدلب هدفاً للطائرات الحربية السورية والروسية، كما استهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن دورياً قياديين متطرفين فيها.
في الرابع من أبريل (نيسان) العام 2017. تعرضت مدينة خان شيخون في إدلب لهجوم كيماوي أودى بحياة أكثر من 80 شخصاً بينهم 30 طفلاً. واتهمت الأمم المتحدة قوات النظام بشن الهجوم، الأمر الذي طالما نفته دمشق وحليفتها موسكو.
وتعرضت المحافظة في السابق أيضاً لهجمات بغازات سامة.
وفي الحادي والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) 2016 صدر تقرير عن لجنة التحقيق المشتركة يفيد بأن الجيش السوري شن هجوما بالسلاح الكيماوي مستخدما مادة الكلور في بلدة قميناس في مارس 2015. وكانت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أفادت في تقرير سابق بأن مروحيات عسكرية سورية ألقت غاز الكلور على بلدتي تلمنس (21 أبريل 2014) وسرمين (16 مارس 2015) في محافظة إدلب.
وفي الرابع من فبراير (شباط) 2018. وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان إصابة 11 شخصاً على الأقل في حالات اختناق في مدينة سراقب، ونقل عن مصادر طبية أنها ناتجة عن استخدام «غازات سامة».
تعرضت إدلب في نهاية العام 2017 لهجوم عسكري تمكنت خلاله قوات النظام بدعم روسي من السيطرة على عشرات البلدات والقرى في الريف الجنوبي الشرقي وعلى قاعدة عسكرية استراتيجية.
وقال الرئيس السوري بشار الأسد في نهاية يوليو (تموز) إن «هدفنا الآن هو إدلب رغم أنها ليست الهدف الوحيد».
وفي أغسطس (آب) 2018، قصف الجيش السوري مواقع لمسلحي المعارضة ولجهاديين في المحافظ وألقى منشورات تدعو السكان إلى الاستسلام.
في الثامن من سبتمبر (أيلول)، استهدفت غارات جوية روسية المحافظة. في اليوم التالي قصف الطيران الروسي والسوري المنطقة مجددا.
تقول الأمم المتحدة إن هجوما على إدلب يمكن أن يتسبب بنزوح 800 ألف شخص و«بكارثة إنسانية». وتؤوي إدلب ومحيطها نحو ثلاثة ملايين نسمة، نصفهم نازحون من مناطق أخرى وبينهم عشرات الآلاف من المقاتلين المعارضين الذين تم إجلاؤهم من محافظات أخرى، بعد هجمات شنتها قوات النظام على معاقلهم.
من جهة أخرى، تتمركز قوات تركية في مراكز مراقبة في منطقة إدلب. وتشكل محافظة إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التوتر الذي تم التوصل إليه في مايو (أيار) في أستانة برعاية روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة. وبدأ سريان الاتفاق عملياً في إدلب في سبتمبر (أيلول) الماضي.
في 17 سبتمبر اتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان على إنشاء «منطقة منزوعة السلاح» تحت أشرف روسي - تركي حول المحافظة.
وتشمل المنطقة المنزوعة السلاح، والتي يراوح عرضها بين 15 و20 كيلومتراً، أطراف محافظة إدلب ومناطق سيطرة الفصائل المعارضة والجهادية في ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي.
نص الاتفاق على أن تسحب فصائل المعارضة أسلحتها الثقيلة من المنطقة بحلول 10 أكتوبر كما يجدر بالفصائل الجهادية وعلى رأسها هيئة تحرير الشام الانسحاب منها بشكل كامل بحلول الـ15 من الشهر نفسه، على أن تكون المنطقة خاضعة لسيطرة القوات التركية والشرطة العسكرية الروسية.
وفي 8 أكتوبر أعلنت الجبهة الوطنية للتحرير، وهي تحالف فصائل غير متطرف تنشط في محافظة إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة تشملها المنطقة العازلة المرتقبة، إنجاز سحب عتادها الثقيل من المنطقة.
وفي اليوم نفسه أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن هيئة تحرير الشام «سحبت مع فصائل جهادية أقل نفوذاً وبشكل غير علني أسلحتها الثقيلة من أجزاء واسعة من المنطقة المنزوعة السلاح».
لكن مهلة الانسحاب قبل 15 أكتوبر لم تحترم.
ومنذ ذلك الحين أعطت موسكو وأنقرة مهلة جديدة لهؤلاء.
محافظة إدلب أبرز معاقل المعارضة... و«مختبر» التعاون الروسي ـ التركي
محافظة إدلب أبرز معاقل المعارضة... و«مختبر» التعاون الروسي ـ التركي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة