سكان «القبائل» يحتجون على الحكومة الجزائرية بمقاطعة الدراسة

تنديداً برفض ولايات ناطقة بالعربية تدريس اللغة الأمازيغية

TT

سكان «القبائل» يحتجون على الحكومة الجزائرية بمقاطعة الدراسة

تواجه الحكومة الجزائرية من جديد متاعب مع قطاع من سكان القبائل في شرق البلاد، وذلك بسبب إضراب عدد كبير من التلاميذ عن الدراسة، احتجاجاً على رفض ولايات ناطقة بالعربية تدريس اللغة الأمازيغية.
وشهدت القبائل عام 1994 إضراباً شلَّ مئات المدارس لمدة عامل كامل للأسباب نفسها تقريباً، وقد شنَّه يومها حزب سياسي عرف بحماسته الشديدة لـ«البعد البربري في الشخصية الجزائرية».
وقال مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط» إن مديري التعليم بولايات القبائل الثلاث (تيزي وزو، وبجاية، والبويرة)، رفعوا مطلع الأسبوع تقارير إلى وزيرة التعليم نورية بن غبريت، تفيد بأن عشرات المدارس توقفت عن التدريس منذ أسبوعين، على أثر رفض آلاف التلاميذ الالتحاق بها، تعبيراً عن استيائهم من عدم تدريس الأمازيغية في بقية الولايات بالبلاد.
وينص الدستور بعد إدخال تعديلات عليه عام 2016 على إلزام تدريس الأمازيغية، بصفتها لغة رسمية ثانية بعد العربية. غير أن وزارة التعليم واجهت صعوبات ميدانية في تطبيق ذلك، خصوصاً بعد أن رفض قطاع واسع من السكان في شرق وغرب البلاد، أن يدرس أبناؤهم الأمازيغية، بحجة أنها «لن تفيدهم علمياً في أي شيء»، وأنها «تزيد من الضغط عليهم من الناحية البيداغوجية».
واطلعت «الشرق الأوسط» على تقرير، كتبه مدير التعليم بتيزي وزو، يذكر فيه «بأسف» أن التدريس توقف في ولايته «بحجة المطالبة بتعميم تدريس اللغة الأمازيغية (في باقي الولايات)، وبعضهم هدّد بمقاطعة اللغة العربية». وقال إن التوقف عن الدراسة «جاء استجابة لنداء مجهول المصدر بـ(فيسبوك)، بغرض التلاعب بمشاعر بناتنا وأبنائنا، وهو ما يستدعي منا عدم الانسياق وراء هذه الحركة المشبوهة».
وأوضح المصدر الحكومي أن جهاز الأمن «توصل إلى أن نشطاء التنظيم الانفصالي، المسمى (حركة الحكم الذاتي بالقبائل)، يقفون وراء التحريض على مقاطعة الدراسة»، علماً بأن هذا التنظيم يملك أتباعاً بالمنطقة، وهو محل حملة كبيرة لإضعافه من طرف الأحزاب المتجذرة بالمنطقة، التي تناضل من أجل تدريس الأمازيغية.
وبدأت الحكومة بتطبيق الترتيبات الدستورية الجديدة، فيما يخص الأمازيغية نهاية 2017، وذلك بإنشاء «أكاديمية لتدريس اللغة الأمازيغية»، واعتماد رأس السنة الأمازيغية عيداً وطنياً ورسمياً، وهو ما أحدث شرخاً كبيراً في أوساط الجزائريين، بين من يرى ذلك «تتويجاً لنضال» المدافعين عن الأمازيغية كجزء أساسي من «الهوية الجزائرية»، وقطاع آخر يعتقد بأن بوتفليقة «يبحث عن استمالة منطقة القبائل الأمازيغية لصالحه، تمهيداً لترشحه لولاية خامسة».
ويوجد في البلاد لهجات تتفرع عن الأمازيغية، وهي «الشاوية» و«الميزابية» و«الطرقية»، يتحدث بها سكان مناطق في الشرق والجنوب. غير أنهم لم يناضلوا من أجل التمكين لها مثل سكان القبائل، وهم لا يطرحونها بديلاً للعربية، على عكس سكان القبائل، الذين يفضِّلون الفرنسية لغة رسمية.
وفجر قرار الرئيس بوتفليقة إطلاق ترتيبات لإنشاء «أكاديمية لتدريس اللغة الأمازيغية»، صراعاً بين أنصار تعويض العربية بالأمازيغية، كلغة تداول رسمية، وهم في غالبيتهم مفرنسون، وبين «العروبيين» المتحمسين لـ«العنصر العربي الإسلامي للهوية الجزائرية».
تجدر الإشارة إلى أن الأمازيغية أصبحت لغة وطنية في التعديل الدستوري 2002، ثم تمّت ترقيتها إلى لغة رسمية في تعديل آخر جاء بعد 14 سنة من الأول.
ومنذ سنين طويلة يحتدم خلاف كبير، أخذ في أحيان كثيرة بعداً آيديولوجياً، بين من يسميهم الإعلام المحلي «بربريست» (نسبة إلى البربر السكان الأصليين لشمال أفريقيا)، الذين يناضلون من أجل تدريس الأمازيغية في كل الأطوار التعليمية. وقطاع من هؤلاء انخرط في التنظيم الانفصالي. وفي الطرف الثاني من المعادلة يوجد «العروبيون» الذين يعتبرونها أهم رافد للهوية، ولا يرضون بديلاً عن العربية التي استخلفت الفرنسية كلغة تداول في الإدارات والشركات الحكومية، بعد الاستقلال عن المستعمر الفرنسي عام 1962.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.