عمّان: حداد على ضحايا السيول والملك عبد الله «غاضب إزاء المقصّرين»

ارتفاع عدد القتلى إلى 21... والسعودية تضع كل إمكاناتها في خدمة الأردن

الملك عبد الله الثاني خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس السياسات الوطني في قصر الحسينية أمس (أ.ف.ب)
الملك عبد الله الثاني خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس السياسات الوطني في قصر الحسينية أمس (أ.ف.ب)
TT

عمّان: حداد على ضحايا السيول والملك عبد الله «غاضب إزاء المقصّرين»

الملك عبد الله الثاني خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس السياسات الوطني في قصر الحسينية أمس (أ.ف.ب)
الملك عبد الله الثاني خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس السياسات الوطني في قصر الحسينية أمس (أ.ف.ب)

استمرت أمس المواقف العربية المتضامنة مع الأردن في مصابه الأليم إثر حادثة السيول المفاجئة التي جرفت ما لا يقل عن 21 شخصاً معظمهم أطفال كانوا في رحلة مدرسية، فيما أعرب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عن غضبه إزاء «كل من قصّر في اتخاذ الإجراءات» التي كان من الممكن أن تؤدي إلى تلافي وقوع «هذه الحادثة الأليمة». وأعلن الأردن الحداد ثلاثة أيام على الضحايا.
وأكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في اتصال هاتفي أجراه أول من أمس بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أن السعودية تضع كل إمكاناتها في خدمة حكومة وشعب الأردن لتجاوز ما خلّفته السيول من أضرار. وأعرب الملك سلمان عن تعازيه للملك عبد الله الثاني في ضحايا السيول، سائلاً الله للمتوفين الرحمة وللمصابين الشفاء العاجل.
وعبّر الملك عبد الله الثاني عن شكره لخادم الحرمين الشريفين على مشاعره ومواساته الصادقة، ووقوف المملكة الدائم مع الأردن في مختلف الظروف.
وتلقى الملك عبد الله الثاني، أمس، اتصالين هاتفيين من الرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، أعربا خلالهما عن تعازيهما بضحايا حادث البحر الميت. وقدّم ملك الأردن، من جهته، تعازيه للرئيس العراقي ورئيس الوزراء بوفاة العراقيين الثلاثة الذين قضوا في الحادث. وتلقى العاهل الأردني لاحقاً اتصالاً للتعزية من رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوصي.
وتلقى الملك عبد الله الثاني أمس أيضاً اتصالاً هاتفياً من الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، أعرب خلاله عن تعازيه بضحايا الحادث. كما تلقى العاهل الأردني اتصالاً هاتفياً من رئيس الوزراء اللبناني المكلّف سعد الحريري، أعرب الأخير خلاله عن تعازيه بضحايا الحادث، متمنيا الشفاء العاجل للمصابين.
وفي القاهرة، أعرب أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، عن خالص تعازيه للمملكة الأردنية الهاشمية ملكاً وحكومة وشعباً، في ضحايا السيول التي ضربت منطقة البحر الميت. وأوضح السفير محمود عفيفي، المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية، أن أبو الغيط أكد وقوف الجامعة العربية مع الأردن وثقتها في قدرة الحكومة الأردنية على مواجهة الآثار الناتجة عن هذه السيول.
من جهة أخرى، قدّم الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، خالص تعازيه إلى الأردن، حكومة وشعباً، في ضحايا السيول، معرباً عن تعازيه ومواساته لأسر الضحايا، متمنياً الشفاء للمصابين، وسرعة العثور على المفقودين وعودتهم إلى أهاليهم سالمين.
وأعلن الدفاع المدني الأردني، أمس، ارتفاع عدد القتلى في حادث السيول في الأغوار قرب البحر الميت، 55 كلم غرب عمان، إلى 21 شخصاً معظمهم تلاميذ مدرسة وجميعهم أردنيون باستثناء ثلاثة يحملون الجنسية العراقية، هم اثنان من الطلاب وفتاة في العشرينات من العمر يُعتقد أنها من المرافقين للرحلة المدرسية المنكوبة.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني الأردني إياد العمر لـ«الشرق الأوسط» إن عمليات البحث والإنقاذ ما زالت جارية للبحث عن مفقود واحد جرفته السيول، مشيراً إلى انهيار جسر في منطقة البحر الميت ما أدى إلى إغلاق الطريق في الاتجاهين.
وقال مصدر طبي في مستشفى الشونة الجنوبية إن حصيلة الحادث حتى صباح الجمعة بلغت 20 قتيلاً و43 مصاباً، وهي حصيلة أقل بقتيل واحد عن حصيلة الدفاع المدني. وأضاف المصدر أن معظم القتلى من الأطفال من طلبة المدرسة، إضافة إلى عدد من المتنزهين. وأشار إلى أن مستشفى الشونة الجنوبية ما زالت تحتضن طفلة أصيبت بالحادثة وتتلقى العلاج اللازم، لافتاً إلى أن حالهتا الصحية جيدة. وأكد وجود ثلاثة مصابين في مستشفى البشير بعمّان وحالتهم مستقرة لكنهم بحاجة إلى يومين أو ثلاثة للشفاء.
وعبّر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أمس، عن حزنه وألمه لحادثة الأغوار. وقال في تغريدة على حسابه في «تويتر»: «حزني وألمي شديد وكبير، ولا يوازيه إلا غضبي على كل من قصّر في اتخاذ الإجراءات التي كان من الممكن أن تمنع وقوع هذه الحادثة الأليمة. أعزي نفسي وأعزي الأردن بفقدان أفراد من أهلي وأسرتي الكبيرة، فمصاب كل أب وأم وأسرة هو مصابي. إنا لله وإنا إليه راجعون».
وأفادت وكالة الأنباء الأردنية «بترا» بأن الملك عبد الله رأس أمس اجتماعاً لمجلس السياسات الوطني في قصر الحسينية أكد خلاله «ضرورة أن يكون هناك تقرير يحدد بدقة تفاصيل ما حدث بالضبط، والعمل بشفافية لتحديد من يتحمل المسؤولية».
وأعلن الديوان الملكي في الأردن تنكيس علم السارية على المدخل الرئيسي للديوان اعتباراً من صباح أمس ولمدة ثلاثة أيام، حداداً على أرواح الطلبة والمواطنين الذين قضوا في الحادث الأليم بمنطقة البحر الميت.
كما دعت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية أئمة المساجد إلى إقامة صلاة الغائب على أرواح من قضوا في حادثة البحر الميت بعد صلاة الجمعة. كذلك أعلنت مديرية الأمن العام عن إغلاق الطرق المؤدية إلى مكان عمليات البحث والإنقاذ في الاتجاهين في منطقة البحر الميت نظراً إلى استمرار عمليات البحث عن ناجين أو ضحايا.
وكانت السيول دهمت منطقة البحر الميت عند المياه الساخنة القادمة من حمامات ماعين بعد تعرض المنطقة أول من أمس الخميس إلى هطول أمطار غزيرة على المرتفعات الجبلية المحاذية للبحر الميت.
على الصعيد القضائي، أكد مصدر في النيابة العامة أن مدعي عام الشونة الجنوبية تولى الكشف الظاهري على ضحايا حادثة الأغوار قبل إيداعهم لدى المركز الوطني للطب الشرعي لغايات التشريح، مشدداً على أن النيابة العامة جاهزة للتحقيق في الحادثة بعد حصر أعداد المتوفين والجرحى. وقال المصدر إن النيابة ستحقق في الحادثة لتحديد المسؤولين عنها وملاحقتهم جزائياً.
وكان رئيس النيابة العامة كلّف 4 من المدعين العامين في عمّان بالكشف على جثث الضحايا في المركز الوطني للطب الشرعي.
في غضون ذلك، قالت مديرية الدفاع المدني، في بيان، إنها تعاملت من خلال مراكزها المنتشرة في أنحاء البلاد خلال الـ24 ساعة الماضية مع 190 حادثاً مختلفاً بمجال الإطفاء والإنقاذ نتج عنها 81 إصابة، كما تعاملت مع 752 حالة مرضية مختلفة. وأضافت أن أهم الحوادث التي تعاملت معها خلال الساعات الماضية كان حادث تصادم بمحافظة مادبا أسفر عن ستة جرحى.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.