ليبرمان ينحاز إلى الجيش ويختار رئيس أركان لا يفضله نتنياهو

أفيف كوخافي الخيار الأخير بعد إسقاط جنرال حذر من سيطرة الفاشية على إسرائيل

أفيف كوفاخي (يمين) أثناء رئاسته للاستخبارات العسكرية يتحدث إلى رئيس هيئة الأركان العامة بيني غانتس (ويكيبيديا)
أفيف كوفاخي (يمين) أثناء رئاسته للاستخبارات العسكرية يتحدث إلى رئيس هيئة الأركان العامة بيني غانتس (ويكيبيديا)
TT

ليبرمان ينحاز إلى الجيش ويختار رئيس أركان لا يفضله نتنياهو

أفيف كوفاخي (يمين) أثناء رئاسته للاستخبارات العسكرية يتحدث إلى رئيس هيئة الأركان العامة بيني غانتس (ويكيبيديا)
أفيف كوفاخي (يمين) أثناء رئاسته للاستخبارات العسكرية يتحدث إلى رئيس هيئة الأركان العامة بيني غانتس (ويكيبيديا)

قرر وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، ترشيح رئيس جديد لأركان الجيش هو اللواء أفيف كوخافي، نائب رئيس الأركان الحالي، وذلك بعكس رغبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يريد للمنصب سكرتيره العسكري السابق اللواء ألون زمير، الذي يرتاح له أكثر.
وكان ليبرمان قد بدأ في إجراء مقابلات مع الجنرالات المرشحين للمنصب، منذ شهرين. وأجرى مشاورات خارجية، ولكنه لم يستطع التوصل إلى قرار بسبب خلافه مع نتنياهو. وفي البداية كان ليبرمان يرغب في تعيين الجنرال يائير جولان الذي يحظى بتقدير عال داخل الجيش. لكن نتنياهو وعددا من وزراء اليمين المتطرف فرضوا «فيتو» قاطعاً عليه، بسبب خطاب كان ألقاه قبل سنتين في ذكرى المحرقة النازية، حذر فيه من سيطرة الفاشية على إسرائيل.
أعلن جولان أنه يلمس تدهورا في إسرائيل يشبه التدهور الذي حصل في ألمانيا وقاد إلى سيطرة النازية على الحكم. وهدد بعض نواب اليمين بالتوجه إلى المحكمة العليا لإلغاء تعيينه رئيساً للأركان. وتراجع ليبرمان وطرح نتنياهو عندها مرشحه زمير لكن المعارضة له كانت أوسع. ففي قيادة الجيش يعتبرون زمير شابا صغيرا يستطيع الانتظار 8 سنوات حتى يعين في منصب كهذا، وهو يفتقر لأي تجارب حربية ميدانية كعضو في رئاسة الأركان. وراح المحللون العسكريون يتهمون نتنياهو بأنه يريد رئيس أركان للجيش يخدم مصالحه الشخصية وليس مصلحة الأمن.
لذلك، قرر ليبرمان اختيار أفيف كوخافي، وأعلن عن ذلك في بيان أمس الجمعة، من دون تنسيق مع نتنياهو، واضعا إياه تحت الأمر الواقع. والمعروف أن ولاية رئيس الأركان الحالي اللواء غادي أيزنكوت، ستنتهي في الأول من يناير (كانون الثاني) 2019، وبموجب القانون الإسرائيلي، عند نهاية العملية يوصي الوزير ليبرمان بتعيين رئيس الأركان، والحكومة تصادق عليه.
وكوخافي هو لواء في الـ54 عاما، متزوج ولديه ثلاث بنات، بدأ حياته العسكرية في عام 1982، عندما تجند للواء المظليين، الذي تدرب فيه على القتال. وبعد أن اجتاز بتفوق دورة الضباط، عمل من بين مناصب أخرى، ضابط قسم وضابط كتيبة. وبعد إنهاء دراسته للقب الأول في الفلسفة، عُيّنَ ضابط قسم العمليات في لواء المظليين. وفي عام 1998، بعد إنهاء دراسته للقب الثاني في جامعة هارفارد في الولايات المتحدة، أصبح ضابط اللواء الشرقي التابع لوحدة الارتباط مع لبنان. وفي أثناء الانتفاضة الثانية (2001 - 2003)، كان كوخافي ضابط لواء المظليين، واهتم بالعمل ضد مصادر التنظيمات الفلسطينية المقاتلة، واشتهر بشكل خاص عندما قرر تغيير النمط التقليدي واقتحام البيوت والمباني في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، رغم كونها مناطق مدنية مكتظة وصعبة للقتال.
وفي سنة 2002، ترأس كوخافي عملية قام بها لواء المظليين للسيطرة على مخيّم بلاطة للاجئين في نابلس، دخل خلالها جنود إلى المخيم من خلال شن هجوم مدمج، وهكذا قاموا بتصفية عشرة مقاتلين فلسطينيين من «كتائب الأقصى»، التابعة لحركة «فتح»، مقابل إصابة جنديين إسرائيليين بجراح. وترأس كوخافي لاحقا لواء المظليين في عملية الاجتياح الإسرائيلي للضفة الغربية ومحاصرة الرئيس ياسر عرفات في المقاطعة والتي أطلق عليها اسم «الدرع الواقي».
وبين عامي 2004 و- 2005، شغل كوخافي منصب ضابط كتيبة غزة. وبعد ذلك عُين رئيس شعبة العمليات في هيئة الأركان. وفي نهاية عام 2010، حصل كوخافي على رتبة لواء وعُين رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية «أمان». وفي العام 2014، بدأ كوخافي بشغل منصب قائد لواء الشمال في الجيش، وفي مايو (أيار) 2017، أصبح نائب رئيس الأركان.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.