ليبيا: السراج وسلامة يجريان محادثات مع رئيس الحكومة الإيطالية

طرابلس تبدأ تنفيذ الترتيبات الأمنية... وصرف تعويضات لضحايا الاشتباكات

رئيس الحكومة الإيطالية خلال استقبال نظيره الليبي في العاصمة روما أمس (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الإيطالية خلال استقبال نظيره الليبي في العاصمة روما أمس (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: السراج وسلامة يجريان محادثات مع رئيس الحكومة الإيطالية

رئيس الحكومة الإيطالية خلال استقبال نظيره الليبي في العاصمة روما أمس (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة الإيطالية خلال استقبال نظيره الليبي في العاصمة روما أمس (أ.ف.ب)

بينما أجرى كل من غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، وفائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، محادثات مع رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي في العاصمة الإيطالية روما، دعا مجلس النواب الليبي أعضاءه إلى عقد جلسة جديدة بمقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد بعد يوم غد.
وقالت الحكومة الإيطالية في بيان مقتضب، نشره موقعها الإلكتروني، إن رئيسها جوزيبي كونتي استقبل أمس السراج؛ لكن دون أن تكشف عن تفاصيل اللقاء، في حين قالت وكالة «أكي» الإيطالية للأنباء عن هذا اللقاء: «من المؤكد أنه ركز على مؤتمر باليرمو، الذي تستضيفه إيطاليا حول الأزمة الليبية خلال الشهر المقبل».
كما اجتمع كونتي، الذي سيلتقي المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، في وقت لاحق من الأسبوع المقبل، أمس أيضا، مع غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا.
وبخصوص لقاء باليرمو المرتقب، اعتبر كونتي في وقت سابق أن عقد هذا المؤتمر يومي 12 و13 من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، يستهدف إعادة التأكيد على الدعم القوي من طرف المجتمع الدولي للعملية السياسية، التي تقودها الأمم المتحدة في ليبيا.
وجاءت هذه التطورات بعد ساعات من اجتماع، عقد مساء أول من أمس، بين حفتر وسلامة بمقر الجيش الوطني الليبي في الرجمة، خارج مدينة بنغازي بشرق البلاد. واكتفى بيان مقتضب لمكتب حفتر أول من أمس، بالإشارة إلى أنه ناقش المستجدات على الساحة المحلية والدولية.
من جهته، قال سلامة، الذي رافقته نائبته للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز، إن الاجتماع مع المشير حفتر بحث آخر المستجدات في ليبيا، وسبل الخروج من الأزمة الراهنة.
وتسعى السلطات الإيطالية إلى تنظيم مؤتمر دولي بشأن ليبيا في إيطاليا، وذلك في مسعى جديد لجمع القوى المتناحرة معا، وإقامة حوار في البلاد، بمشاركة أطراف رئيسية من داخل وخارج ليبيا. لكن إيطاليا تعرف منافسة جارتها فرنسا حول أفضل سبيل للتعامل مع ليبيا التي تعاني من العنف منذ الانتفاضة، التي دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) سنة 2011، والتي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمر القذافي.
إلى ذلك، دعا مجلس النواب الليبي أعضاءه إلى جلسة جديدة بمقره في طبرق، بعد غد (الاثنين)، وكشف جدول أعمال الجلسة أنه يتضمن مناقشة التعديل الدستوري الخاص بقانون الاستفتاء على مسودة الدستور، والنظر في إعادة تشكيل اللجان الدائمة بمجلس النواب، بالإضافة إلى قانون الميزانية العامة للدولة للعام الجاري.
وكان المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، قد اعتبر في وقت سابق أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية هي السبيل الوحيد لتوحيد المؤسسات وإنهاء حالة الانقسام في ليبيا. وقال عقيلة في تصريحات بثها الموقع الإلكتروني الرسمي للبرلمان، إنه «في حالة تشكيل مجلس رئاسي جديد يتكون من (رئيس ونائبين)، فإنه يجب أن تكون مهمته حل الأزمات المعيشية التي يعاني منها المواطن، والعمل على تكليف رئيس حكومة يقوم باختيار حكومة واحدة على مستوى ليبيا، تنهي حالة الانقسام المؤسساتي».
بموازاة ذلك، قالت وزارة الداخلية بحكومة السراج، إنها بدأت في تنفيذ خطة لتأمين العاصمة طرابلس، بما في ذلك تأمين الأحياء والشوارع والأهداف، والمرافق الحيوية ومقار البعثات الدبلوماسية، بإشراف مديرية أمن طرابلس.
وأصدر مدير أمن طرابلس، عقب اجتماع عقده مساء أول من أمس، لوضع الترتيبات الأمنية داخل العاصمة طرابلس موضع التنفيذ، عدداً من التعليمات للأجهزة الأمنية، تقضي بإنشاء الدوريات والبوابات والتمركزات الأمنية، والبدء في الخطة الأمنية على أرض الواقع.
وأكدت وزارة الداخلية بحكومة السراج أنها سوف تتابع كافة الترتيبات عن طريق المشرفين على الخطة الأمنية، والإدارة العامة للتفتيش والمتابعة، ودعت المواطنين إلى احترام القانون وتعليمات رجال الشرطة، والتعاون معهم لإنجاح سير العمل على أكمل وجه.
وكانت الدكتورة هند شوبار، الناطقة باسم لجنة الطوارئ، قد أعلنت أن قيمة تعويضات المتضررين من الاشتباكات العنيفة التي شهدتها العاصمة طرابلس خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، سيتم خصمها من صندوق جبر الضرر الذي أنشئ مطلع العام الحالي، وخصصت له حكومة الوفاق الوطني قيمة 450 مليون دينار ليبي.
موضحة أن اللجنة شرعت في حصر الأصول الثابتة والمنقولة والممتلكات العامة والخاصة، والبنية التحتية في المناطق المتضررة من الاشتباكات، التي شهدتها منطقة جنوب طرابلس. كما أشارت إلى أن قرار تشكيل اللجنة يسمح لها أيضا بالتنسيق مع اللجنة العليا للنازحين والمهجرين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.