فشل وساطة «حزب الله» يسقط اتفاق وقف إطلاق النار في مخيم «المية ومية»

هنية يؤكد لعون أن «أمن لبنان أولوية فلسطينية»

TT

فشل وساطة «حزب الله» يسقط اتفاق وقف إطلاق النار في مخيم «المية ومية»

فشلت مبادرة «حزب الله» لإنهاء التوتر في مخيم «المية ومية» للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة صيدا في جنوب لبنان، أمس، إذ تجددت الاشتباكات في المخيم بين حركة فتح وجماعة «أنصار الله»، بعد انعقاد الاجتماع الذي اتفق فيه الطرفان على «وقف إطلاق النار وإزالة المظاهر المسلحة وتسليم المطلوبين للسلطة اللبنانية»، وهي الوساطة الثانية خلال 24 ساعة، بعد مبادرة من رئيس مجلس النواب نبيه بري أثمرت اتفاقاً على وقف إطلاق النار، فشلت أيضاً في منتصف الليل.
وتوسعت مساحة الاهتمام بالتطورات الأمنية التي تتواصل في المخيم إلى خارج لبنان، حيث اتصل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية هاتفياً برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وتم الحديث عن الأوضاع المتدهورة في مخيم «المية ومية»، والاشتباكات الجارية هناك.
وعبر هنية عن «حرص الفلسطينيين في لبنان على العلاقة الأخوية الفلسطينية اللبنانية، وضرورة تطويرها»، كما أكد أن «أمن لبنان أولوية فلسطينية، وهو ما ترجمه الفلسطينيون عملياً من خلال تحييد مخيماتهم عن الأحداث الجارية في المنطقة، وعدم السماح بأن تكون منطلقاً لأي عمل يضر بلبنان وأمنه». وشدد على أن «أمن المخيمات وجوارها يحظى بتوافق فلسطيني»، واتفق الجانبان على «أن ما يجري في مخيم (المية ومية) يجب أن يتوقف بأسرع وقت، وهو لا يخدم القضية الفلسطينية».
وتزامن الاجتماع الذي رعاه «حزب الله» للفصائل الفلسطينية أمس، مع هدوء حذر شهده مخيم «المية ومية» إثر اشتباكات تجددت بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة، وهدأت صباحاً. وعقد الاجتماع الموسع في مقر المجلس السياسي لـ«حزب الله»، وجمع وفدي حركتي «فتح» و«أنصار الله»، وحضره مسؤول العلاقات الفلسطينية في «حزب الله» النائب السابق حسن حب الله. وفي نهاية اللقاء تم الاتفاق على «تثبيت وقف إطلاق النار وإزالة المظاهر المسلحة فوراً»، و«التأكيد على الالتزام ببنود ورقة العمل الفلسطيني المشترك القاضية بتسليم أي مطلوب أو متهم أو مخل بأمن المخيمات إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية ورفع الغطاء عنهم»، و«العمل على إعادة الحياة في مخيم (المية ومية) إلى طبيعتها بشكل تدريجي تمهيداً لعودة الأهالي إلى منازلهم وأرزاقهم». كما تم الاتفاق على آلية تنفيذية لتلك البنود بين الحركتين.
ولم يصمد وقف إطلاق النار في مخيم «المية ومية»، فتجددت الاشتباكات التي استخدم فيها الرصاص والقذائف الصاروخية، حسب ما أفادت به «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية. ويعد تدهور الوضع الأمني هو الثاني خلال أقل من 24 ساعة، إثر مبادرتين لوقف إطلاق النار، حيث توصلت الأطراف المتقاتلة إلى وقف لإطلاق النار مساء أول من أمس، سرعان ما انهار في منتصف الليل.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الاشتباكات تجددت بعيد منتصف الليل، واستمرت بشكل متقطع، وتخللها إطلاق قذائف صاروخية، فيما كانت تستمر المساعي من أجل تثبيت وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه بمسعى من رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال الاجتماع الذي عقد ليلاً في مقر قيادة حركة «أمل» في حارة صيدا، في حضور ممثلين عن «فتح» و«أنصار الله». ونصت بنود الاتفاق على «الاتفاق الفوري على وقف إطلاق النار والإشراف على تنفيذه، وتشكيل لجنة من الأطراف المعنية كافة لسحب المسلحين، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه وإجراء مصالحات بين مختلف الأطراف ومعالجة الأسباب والنتائج التي أدت لحصول الأحداث».
وأسفرت الاشتباكات التي تجددت عصر أول من أمس عن سقوط قتيل من قوات الأمن الوطني الفلسطيني، وأربعة جرحى، بينهما جنديان للجيش، بالإضافة إلى أضرار جسيمة في الممتلكات ونزوح عدد كبير من العائلات إلى خارج المخيم.
في هذا الوقت، قامت وحدة هندسية في الجيش اللبناني بتفجير ذخائر غير منفجرة في محيط مخيم «المية ومية»، من مخلفات الاشتباكات الأخيرة داخل المخيم.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».