باريس وواشنطن تنسقان مواقفهما قبل القمة الرباعية

TT

باريس وواشنطن تنسقان مواقفهما قبل القمة الرباعية

يصل الرئيس الفرنسي اليوم إلى إسطنبول للمشاركة في القمة الرباعية حول سوريا «مسلحاً» بتفاهم تام مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي تشاور معه هاتفياً مساء الخميس.
وقال البيان الرئاسي الفرنسي، أن الولايات المتحدة وفرنسا «تتقاسمان الأهداف الأمنية والإنسانية والسياسية نفسها في سوريا، وطلب الرئيس الأميركي من رئيس الجمهورية نقل هذا الموقف المشترك خلال قمة إسطنبول». ومن وجهة نظر فرنسية، فإن قمة إسطنبول «تهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار في منطقة إدلب، وتعميق المحادثات المرتبطة بالعملية السياسية لتسوية النزاع».
التصور في باريس أن اجتماع اليوم «تشاوري»، وغرضه «استكشاف ما يستطيع الطرفان الممثلان فيه (أي مجموعة آستانة المشكلة من روسيا وتركيا وإيران، والمجموعة المصغرة المكونة من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، إضافة إلى السعودية والأردن ومصر) القيام به معاً، بحيث توفران البيئة اللازمة لإحداث تقدم في موضوعات الأمن والتسوية السياسية». وقالت مصادر أن «الضغوط الدولية نجحت في منع حصول هجوم عسكري كبير على منطقة إدلب، وبالتالي فإنه من الضروري الاستمرار فيها اليوم لتثبيت ما تحقق، والدفع لإحداث نقلة نحو المسار السياسي».
وترى أن العنصر الجديد الذي من شأنه «قلب المعادلة أو على الأقل تعديلها» هو «الالتزام الأميركي الجديد والواضح بالعودة بقوة إلى التأثير على مسار الأحداث» من خلال التأكيد على بقاء القوات الأميركية لتحقيق هدفين إضافيين إلى جانب الهدف الرئيسي الذي هو القضاء على «داعش». وهذان الهدفان هما: إحراز تقدم في المسار السياسي واحتواء الوجود الإيراني. ورغم الخلاف الأميركي ــ الفرنسي بشأن الاتفاق النووي مع إيران، فإن باريس وواشنطن متفقتان على الحاجة للجم التفلت الإيراني في المنطقة، وأن هذه العملية يمكن أن يكون منطلقها سوريا. وتعتبر العاصمتان أن هناك وسيلة ضغط إضافية تتمثل بالمشاركة في عملية إعادة البناء التي يربطها الطرفان بالحل السياسي.
ثمة اختلاف رئيسي بين المجموعتين، إذ في الوقت الذي شدد فيه بيان الكرملين الصادر أول من أمس على أن القمة ستوفر الفرصة لـ«تبادل للآراء حيال القضية السورية، بما في ذلك عملية التسوية السياسية وخطوات تعزيز الأمن والاستقرار وخلق الظروف لعودة اللاجئين وإعادة إعمار البنى الاجتماعية الاقتصادية»، فإن بيان الإليزيه لم يأت على ملف اللاجئين، ولا على ملف الإعمار، وهما الملفان اللذان يستخدمهما الطرف الروسي وسيلة ضغط على الأسرة الدولية وعلى الدول القادرة على التمويل لحملها على الانخراط في رؤية روسيا.
بالمقابل، ما يجمع بين رؤيتي المجموعتين أن كليهما لا ينتظران اختراقات، ويقنعان بسقف متواضع للتوقعات. ومن وجهة نظر فرنسية، فإن المطلوب من روسيا هو الضغط على النظام لتسهيل تشكيل اللجنة الدستورية التي تعطل دمشق مسارها، بسبب سعيها للتحكم بها، وبالنتائج التي يمكن أن تصل إليها. وحتى وقت قريب، كانت باريس، وفق ما أفادت به مصادرها لـ«الشرق الأوسط»، تتهم موسكو بـ«تعطيل» تشكيل اللجنة الدستورية وانطلاق أعمالها رغبة منها في احتكار صياغة الحل الذي يلائم مصالحها ومصالح النظام.
وفي ظل غياب «الاختراقات»، فإن مصادر الإليزيه ترى من الممكن، إلى جانب المشاورات عالية المستوى، التوصل إلى تفاهم على مستقبل اتفاق سوتشي ا بما يحفظ وقف إطلاق النار، وبما يوفر دعماً للرئيس إردوغان في «مواجهته» مع الرئيس الروسي. وتريد باريس كذلك الحصول على موافقة إيصال مساعدات إنسانية للمواقع التي ما زالت تحت الحصار، وعلى رأسها مخيم الركبان.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».