سنوات السينما

همفري بوغارت وروي روبرتس في «الفارض»
همفري بوغارت وروي روبرتس في «الفارض»
TT

سنوات السينما

همفري بوغارت وروي روبرتس في «الفارض»
همفري بوغارت وروي روبرتس في «الفارض»

The Enforcer - (1951)
تشويق فعال بمنهج مختلف
اعتبر استخدام مشاهد الرجوع إلى الماضي عبر استعادته مشهدياً («فلاشباك») اختياراً ضعيفاً وسهلاً بالنسبة لمعظم الأفلام التي اعتمدت عليه. مشهد الفلاشباك يقطع الوصال بين ما قبله وما بعده في الزمن الراهن للأحداث ليعود الفيلم إلى الخلف سارداً خلفية ما للحكاية قبل عودته لاستكمال الحدث من حيث تم قطعه ومن هنا ضعف اللجوء إليه. لكن «الفارض» يبرهن، كما فعل أكيرا كوروساوا في فيلمه Rashomon قبل عام واحد من هذا الفيلم، عن أنه من الممكن استخدام هذه الوسيلة على نحو غير تقليدي والنجاح في جعله بديلاً للسرد الطبيعي الناتج عن تسلسل الأحداث كما وقعت وليس كما تم تذكرها. طبعاً في «راشمون» الاستخدام كان مختلفاً: أشخاص يتولون سرد حكاية واحدة من وجهات نظر مختلفة. في «الفارض» هو فلاشباك داخل فلاشباك. فعندما يخسر المدعي العام فرغوسن (همفري بوغارت) شاهده الوحيد، يعود والكابتن نيلسون إلى كتاب من الوثائق يستمعون إليه منذ البداية منتقلين عبر هذه المراجعة من فترة زمنية إلى أخرى. الوسيلة تؤسس لفيلم مختلف في أسلوب سرده لكنه متماسك كعمل تشويقي. ليس أنه من غير المحتمل إنجاز ذلك التشويق لو أن الفيلم سُـرد بتتابع أحداثه، لكن الوسيلة المعتمدة ناجحة ولا ريب أنها لم تكن سهلة التحقيق.
يقص الفيلم حكاية ذلك المدعي العام الذي يسعى للنيل من رئيس عصابة خطرة بإجبار يده اليمنى ريكو (تد دي كورسيا) الشهادة ضد زعيمه. لكن ريكو يسقط ميتا بينما كان يحاول الهرب وليس في استطاعة فرغوسن وكابتن البوليس (روي روبرتس) سوى الانطلاق في التحقيقات من البداية. يؤدي بوغارت شخصية المدعي العام بحدة. هو دائماً حاد، لكنه هنا يتصرّف بخشونة مع المجرمين والمتهمين والأبرياء على حد سواء. ورغم أنه الممثل الأول في الفيلم إلا أن باقي الممثلين تمتعوا بحرية أوسع في أداءاتهم. صحيح أن جاك لامبرت، وهو شرير ممعن في كل أفلامه، لا يأتي بجديد إلا أنه يقدم ما يمثله بتجسيد أكثر حيوية. كذلك حال بوب ستيل (في دور القاتل المحترف الذي يُصاب في نهاية الفيلم). لكن الفيلم - حين تحليل ممثليه - ملك للممثل دي كورسيا مع قليل من الاستعراض. هو الجبان الرعديد في مطلع الفيلم والصلب والمريع أول ما نعود إليه في مشاهد الاسترجاع ثم المرتبك في وسطه.
المخرج هو الفرنسي بريتين وندست لم يحقق أفلاماً فرنسية، بل انتقل إلى هوليوود سنة 1948 وأنجز فيها أفلامه القليلة. «الفارض» كان آخر أعماله الخمسة. لكن هذا الفيلم ليس من إخراجه الفعلي. فبعد بدء التصوير ببضعة أيام تم نقله إلى المستشفى مريضاً فاتصل بوغارت بصديقه المخرج راوول وولش (كانا عملا معاً على أكثر من فيلم خلال الثلاثينات والأربعينات) وطلب منه أن ينقذ الوضع. قام وولش بتصوير معظم الفيلم لكنه لم يرض وضع اسمه عليه احتراماً منه للمخرج وندست.
طوال الفيلم هناك ذلك القدر من حشد المشاهد مثل كتاب مليء بالكلمات من دون فراغات كثيرة. وولش لم يتعود على أن يترك المشاهد يتأمل في الشاشة، بل شغلها دوماً بالحدث المهم بحد ذاته. على ذلك يصرف وقتاً لا بأس به على إتقان تلك المشاهد التي يلتقطها مع تصوير روبرت بوركس الذي صوّر في العام ذاته Strangers on a Train لألفرد هيتشكوك ثم صوّر لهيتشكوك معظم أفلامه بعد ذلك. قدراً كبيراً من الواقعية يجتاح هذا العمل مذكراً بنوعية أفلام شركة وورنر الغانغستارية السابقة. المشهد النهائي حيث فرغوسن والقاتل بوب ستيل يبحثان عن الفتاة ذاتها (الأول لإنقاذها والثاني لقتلها) مصوّر في شارع مزدحم باقتصاد واحتراف.
قيمة تاريخية | قيمة فنية:


مقالات ذات صلة

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».