محاكمة سوري في هامبورغ بتهمة الإرهاب

اعترف بتحضير عبوة ناسفة في شقته

الشرطة أمام المبنى الذي سكنه «يمين.أ» في شفيرين (الشرق الأوسط»)
الشرطة أمام المبنى الذي سكنه «يمين.أ» في شفيرين (الشرق الأوسط»)
TT

محاكمة سوري في هامبورغ بتهمة الإرهاب

الشرطة أمام المبنى الذي سكنه «يمين.أ» في شفيرين (الشرق الأوسط»)
الشرطة أمام المبنى الذي سكنه «يمين.أ» في شفيرين (الشرق الأوسط»)

بعد ثلاثة أشهر من بدء محاكمته بتهمة الإرهاب، خرج السوري «يمين.أ» عن صمته، ونفى تهمة التحضير لعمليات تفجير كبيرة تهدد الأمن العام في ألمانيا.
وقال المتهم (20 سنة) أمام محكمة هامبورغ، أمس (الخميس)، إنه قاتَل إلى جانب «المتمردين» ضد نظام بشار الأسد في سوريا، لكنه لم يخطط لأي عملية إرهابية في ألمانيا.
واعترف السوري بأنه الشخص الذي ظهر في شريط فيلم فيديو، صوّره هو بنفسه، يظهره مع جماعة من الملثمين، وهم يحضّرون خليطاً متفجراً في مطبخ شقته يوم 22 أغسطس (آب) 2017، لكنه قال إنه حاول تحضير العبوة الناسفة مرة واحدة لا غير، وإنه لم يرد تفجيرها بهدف قتل الناس.
وامتنع «يمين.أ» عن التعليق حينما قرأت له قاضية محكمة هامبورغ رسالة كتبها بنفسه على خدمة «ماسنجر تلغرام» تحت اسم «مراد أ.س»، ويقول فيها «هدفي هو سيارة مفخخة وضرب أعداء الله بقوة (...) المقصود ليس شخصاً أو شخصين، وإنما عملية شاملة». وكان رأي خبراء المتفجرات في الأمن الألماني على خلاف مع المتهم في هذه النقطة، وذكروا في تقريرهم أمام المحكمة أن «يمين.أ» بلغ مرحلة متقدمة من التحضير لعبوة ناسفة تسبب الموت للعشرات. وكان محامي الدفاع عن «يمين.أ» سلّم قاضية محكمة هامبورغ، صباح أمس، تصريحاً تحريرياً من موكله ينفي فيه تهمة التحضير لعمليات إرهابية في ألمانيا.
وبحسب محضر الدعوى، وصل «يمين.أ» إلى ألمانيا سنة 2015، حيث تقدم بطلب اللجوء السياسي. واعترفت دائرة اللجوء والهجرة بحقه في اللجوء السياسي بعد سنة من وصوله. عاش في مدينة شفيرين، في ولاية ميكلنبورغ فروبومرن الشرقية، بشكل رسمي إلى حين إلقاء القبض عليه يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول) سنة 2017 في حملة بوليسية ضد الإرهاب في بلدة زيبندورف بالقرب من مدينة شفيرين.
وأقامت النيابة الاتحادية العامة في كارلسروهه دعوى قضائية ضد السوري «يمين.أ» بتهمة التحضير لعملية إرهابية في ألمانيا بعد خمسة أشهر على اعتقاله. وتشير معطيات وزارة الداخلية الاتحادية إلى أن «يمين.أ» قدم طلب اللجوء السياسي في ألمانيا بهدف تنفيذ عملية إرهابية كبيرة على غرار العمليات التي نفذها تنظيم داعش في بعض المدن الأوروبية.
وجاء في محضر الاتهام، أن المتهم خطط لتنفيذ عملية تفجير تودي بحياة «أكثر من 200 شخص» على غرار العمليات الإرهابية التي نفذها «داعش» في أوروبا. ولم يكشف محضر الدعوى موعد ومكان تنفيذ العملية المفترضة، وأشار إلى أن ذلك لم يتضح بعد.
أراد المتهم، بحسب النيابة العامة، افتعال أجواء من الذعر وعدم الثقة بين السكان. ووصف المحضر العملية التي خطط لها «يمين.أ» بالـ«جريمة الخاصة بأمن الدولة ذات أهمية خاصة».



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».