الأغاني والأشعار الدينية الإيرانية في قلب نيويورك

بعد مرور 14 عاما من مغادرته إلى طهران، قدم الملحن الإيراني الكلاسيكي حافظ ناظري ألبومه الموسيقي الأول الذي لقي استحسانا وجماهيرية كبيرة ما حقق له المرتبة الأولى، بعدما شارك في إعداده 38 فنانا من الحاصلين على جائزة «غرامي». وكان ناظري قد بدأ رحلته من إيران إلى مدينة نيويورك الأميركية، في عمر 19 سنة، لتعلم الموسيقى.
وبدأ ناظري مسيرته الموسيقية حتى يروي شغفه الذي احتضنته جذوره المتأصلة في أرض الأغاني والأشعار الدينية الصوفية.
وقال ناظري في تقرير لـ«سي إن إن»: «غادرت إيران مع شعور بالأمل بأن أتمكن يوما ما من خلق موسيقى تمكنني من التواصل مع العالم كله، ويمكن أن تظهر بعدا آخر من ثقافتي، وتاريخ بلادي»، مضيفا: «جئت إلى نيويورك وأنا أشعر بالأمل بأن أتمكن من دمج ثقافتين، وخلق منتج جديد ليس شرقيا ولا غربيا».
ويبدو أن ناظري يسير نحو تحقيق هدفه بخطى واضحة، إذ أصدر ألبومه الأول تحت عنوان «مشروع سيمفونية مولانا الرومي»، الذي حقق المرتبة الأولى على جدول الموسيقى الكلاسيكية مرتين، والتي تعتبر الأولى لموسيقار إيراني.
وقال ناظري إن «نجاحي يعني أن العالم يصغي»، مضيفا أنه «شرف عظيم، وهذا الإنجاز لإيران وليس لي».
واعتبر ناظري أنه محظوظ، إذ ترعرع في كنف أسرة ذات جذور موسيقية ثابتة. وفي هذا السياق عبر قائلا: «سنحت لي الفرصة بأن أترعرع في بيت كان بمثابة مركز لكل الموسيقيين العظماء والشعراء والفلاسفة، وكانت الآلات الموسيقية بمثابة ألعابي».
أما الفضل الأول في امتلاك ناظري موهبة موسيقية فريدة فيعود إلى والده ومعلمه شهرام ناظري، وهو مغنٍّ كلاسيكي مرموق يتمتع بقاعدة شعبية عريضة بين الجمهور الإيراني. ووصف ناظري والده قائلا: «يتميز والدي بنبرة صوت وأسلوب غناء فريدين من نوعهما. ولقد كسر قواعد الغناء التقليدي الفارسي، وخلق أسلوبه الخاص من خلال دمج أشعار جلال الدين الرومي في الموسيقى الكلاسيكية الفارسية لأول مرة منذ 40 عاما».
وورث ناظري معتقداته وفلسفته عن أبيه، إذ يؤمن كلاهما أن الحب المثالي يجد مكانه في التعبير الموسيقي. وقال ناظري: «أعتقد أن الموسيقى هي صوت الله، وصوت الكون بالنسبة لي. وتتميز الموسيقى بقوتها في اختراق أعماق قلب لمن يستمع لها حقا»، مضيفا: «لا يهم ماهية تلك الموسيقى، فإذا لامست مشاعرك فستحبها، وفي الموسيقى لا يهم إلى أي مرجعية أو عقيدة تنتمي».
وتجدر الإشارة إلى أن جلال الدين الرومي هو شاعر وفيلسوف صوفي فارسي منذ القرن الـ13، وركزت أعماله التي ترجمت إلى الكثير من لغات العالم على الحب الإلهي.
وأكد ناظري أن هدفه الأساسي يتمثل في أن يجعل جلال الدين رومي يحظى بشعبية مثل الشاعر والكاتب المسرحي الإنجليزي شكسبير، معتبرا أن ألبومه مجرد بداية في طريق تحقيق ذلك. ويسير ناظري على خطى والده في نشر الثقافة الفارسية، بل وأيضا من أجل خلق جماهيرية واسعة للاطلاع على أعمال الرومي ورسالته.
وقال ناظري: «أريد أن أخلق ثورة مع الموسيقى، ثورة من الحب وليس الكره والفوضى وإراقة الدماء»، ويكمل ناظري فلسفته التي تتمحور حول الموسيقى قائلا: «هنالك قوة دافعة أقوى في هذا الكون، تلك القوة تكمن في الحب والموسيقى. وأود لتلك الرسالة أن تكون صوتنا في هذا العصر الحديث».