ماريا تاش... وفن تزيين الأذن بالذهب والماس

من حملة ماريا تاش الترويجية الأخيرة - الملكة رانيا... قرطان من ماريا تاش - مجموعة من تصاميمها
من حملة ماريا تاش الترويجية الأخيرة - الملكة رانيا... قرطان من ماريا تاش - مجموعة من تصاميمها
TT

ماريا تاش... وفن تزيين الأذن بالذهب والماس

من حملة ماريا تاش الترويجية الأخيرة - الملكة رانيا... قرطان من ماريا تاش - مجموعة من تصاميمها
من حملة ماريا تاش الترويجية الأخيرة - الملكة رانيا... قرطان من ماريا تاش - مجموعة من تصاميمها

هناك مصممون يسعفهم الحظ ويحققون ضربة العمر من حيث لا يتوقعون. فجأة تصبح منتجاتهم وابتكاراتهم مادة دسمة ومُغرية يريدها الكل. وفيما يكون الأمر في بعض الحالات مجرد فقاعة صيف تختفي سريعاً، فإنه يتحول أحياناً أخرى إلى ظاهرة تدوم طويلاً، لأن صاحبها يستغلها بشكل صحيح عوض الاعتماد على الحظ وحده. هذا تحديداً ما ينطبق على الأميركية ماريا تاش. مصممة مجوهرات أصبح لها أسلوب يُعرف من بعيد كما تعرف حقيبة «دي بركين» لا «هيرميس» أو المعطف الواقي من المطر لـ«بيربري». فقد جعلت من تزيين الأذن ماركتها المسجلة. لا تكتفي بقرط واحد، بل بعدة قطع تمتد على طول الأذن، فيما يشبه لوحة فنية مرسومة بدقة.
ما يُحسب لماريا أنها جعلت من موضة كان من الممكن أن تبقى مرتبطة بأسلوب «البانكس»، وبشريحة الفتيات الصغيرات المتمردات على المجتمع والتقاليد، موضة تقبل عليها كل الطبقات بمن فيهن الملكات. ظهور ملكة الأردن، رانيا العبد الله بها، مثلاً منذ فترة منحها الشرعية لاختراق كل الطبقات والأعمار.
ولا شك أنها تدين لثقافة التواصل الاجتماعي، وتحديداً «إنستغرام»، في شهرتها وزيادة الإقبال عليها في السنوات الأخيرة، إذ إن بزوغ نجمها في عام 2013 تزامن مع تنامي هذه الوسائل، بينما تعود بدايتها الحقيقية إلى عام 1993. وقد عزز ظهور نجمات مثل غوينيث بالترو، وجوليان مور، وبيونسي ومارغو روبي وغيرهن، من قوتها، لأن كل واحدة منهن ظهرت بها على صفحات المجلات و«إنستغرام»، بأشكال تُعبر عن شخصيتها وشكل أذنها.
فقد يعتقد البعض خطأ أن أي خبير يمكن أن يمارس مهنة ثقب الأذن، ويحصل على النتيجة نفسها، لكن الأمر غير ذلك بالنسبة لماريا تاش. فهي تدرس الزاوية التي تُحدث بها الثقوب آخذة بعين الاعتبار شكل الأذن بالكامل، وتقاسيم الوجه وانعكاسات الضوء عليه، إضافة إلى الأسلوب الخاص للشخص، قبل أن تبدأ مهمتها. فالمسألة لا تتعلق بعدد الثقوب وعدد الأقراط، بل تتعلق أولاً وأخيراً بما يضفي الجمال والتفرد على المرأة.
وتشير إلى أن الإكسسوارات والمجوهرات أصبحت هي الأخرى تتبع توجهات الموضة. وبما أن التوجه الجديد يقول إنه لا قيود ولا قوانين تحدد الذوق الشخصي، فإن كل شيء أصبح جائزاً ومقبولاً على شرط أن تكون وراءه فكرة تصب في صالح الأناقة.
«فمنذ ست سنوات تقريباً، طرح العديد من الصاغة ومصممي المجوهرات أقراطاً غير متوازية، تكون فيها واحدة أطول من الثانية وحققت نجاحاً لأنها كانت تلتزم بأبجديات الأناقة» حسب قولها. من هذا المنظور تشير إلى أنه إذا كانت الإمكانات تسمح، فإن قرطاً واحداً لم يعد كافياً، ولا بأس من استعمال عدد مما تم تجميعه من ماسات صغيرة أو أقراط بتصاميم مختلفة حسب شكل الأذن.
الجميل في هذه الموضة أن ماريا تاش تعرف بحكم تجربتها الخاصة في عمر الصبا، حين كانت تبحث عن التفرد ولم تجده في الأسواق، أن المرأة الشابة التي تمتلك عدة أقراط تريد أن تستغلها بالكامل. وتُشير إلى أن الطريقة التي تستعملها بها هي التي تحدد إن كان منظرها استعراضاً لما تمتلكه، أو فكرة فنية تعكس شخصية صاحبتها وذوقها، علماً بأنها لا تستثني ذوات الإمكانات المتوسطة أو صغيرات السن. فهذه الموضة قد تبدأ من 95 جنيهاً فقط لتصل إلى أكثر من 18.000 جنيه إسترليني حسب التصميم ونوعية الحجر.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
TT

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

في منتصف القرن الماضي، كان فن الـ«آرت ديكو» والقطع المصنعة من البلاتين تُهيمن على مشهد المجوهرات الفاخرة. في خضم هذه الموجة التي اكتسحت الساحة، ظلت دار «بولغري» وفيّة لأسلوبها المتميز بالجرأة، واستعمال الذهب الأصفر والأحجار الكريمة المتوهجة بالألوان.

رغم أن عقداً واحداً يكفي فإن استعمال أكثر لا يؤثر بقدر ما يزيد من الفخامة (بولغري)

في هذه الفترة أيضاً ابتكرت تقنية خاصة بها، أصبحت تعرف بـ«توبوغاس»، وتستمد اسمها من الأنابيب التي كانت تستخدم لنقل الغاز المضغوط في عشرينات القرن الماضي. ففي تلك الحقبة أيضاً بدأ انتشار التصميم الصناعي في أوروبا، ليشمل الأزياء والديكور والمجوهرات والفنون المعمارية وغيرها.

ظهر هذا التصميم أول مرة في سوار ساعة «سيربنتي» الأيقونية (بولغري)

في عام 1948، وُلدت أساور بتصميم انسيابي يتشابك دون استخدام اللحام، تجسَّد في سوار أول ساعة من مجموعتها الأيقونية «سيربنتي». أدى نجاحها إلى توسعها لمجموعات أخرى، مثل «مونيتي» و«بارينتيسي» و«بولغري بولغري».

في مجموعتها الجديدة تلوّنت الأشكال الانسيابية المتموجة والأجسام المتحركة بدرجات دافئة من البرتقالي، جسَّدها المصور والمخرج جوليان فالون في فيلم سلط الضوء على انسيابية شبكات الذهب الأصفر ومرونتها، واستعان فيه براقصين محترفين عبّروا عن سلاستها وانسيابيتها بحركات تعكس اللفات اللولبية اللامتناهية لـ«توبوغاس».

بيد أن هذه التقنية لم تصبح كياناً مهماً لدى «بولغري» حتى السبعينات. فترة أخذت فيها هذه التقنية أشكالاً متعددة، ظهرت أيضاً في منتجات من الذهب الأصفر تُعبر عن الحرفية والفنية الإيطالية.

ظهرت تقنية «توبوغاس» في مجوهرات شملت أساور وساعات وعقوداً (بولغري)

لكن لم يكن هذا كافياً لتدخل المنافسة الفنية التي كانت على أشدّها في تلك الحقبة. استعملتها أيضاً في مجوهرات أخرى مثل «بارينتيسي»، الرمز الهندسي المستوحى من الأرصفة الرومانية. رصَّعتها بالأحجار الكريمة والألماس، وهو ما ظهر في عقد استخدمت فيه «التنزانيت» و«الروبيت» و«التورمالين الأخضر» مُحاطة بإطار من الأحجار الكريمة الصلبة بأشكال هندسية.

بعدها ظهرت هذه التقنية في ساعة «بولغري توبوغاس»، تتميز بسوار توبوغاس الأنبوبي المرن، ونقش الشعار المزدوج على علبة الساعة المصنوعة من الذهب الأصفر والمستوحى من النقوش الدائرية على النقود الرومانية القديمة. تمازُج الذهب الأصفر والأبيض والوردي، أضفى بريقه على الميناء المطلي باللكر الأسود ومؤشرات الساعة المصنوعة من الألماس.

من تقنية حصرية إلى أيقونة

تزينت بمجوهرات الدار نجمات عالميات فكل ما تقدمه يُعدّ من الأيقونات اللافتة (بولغري)

«بولغري» كشفت عن مجموعتها الجديدة ضمن مشروع «استوديو بولغري»، المنصة متعددة الأغراض التي تستضيف فيها مبدعين معاصرين لتقديم تصوراتهم لأيقوناتها، مثل «بي زيرو1» و«بولغري بولغري» و«بولغري توبوغاس». انطلق هذا المشروع لأول مرة في سيول في مارس (آذار) الماضي، ثم انتقل حديثاً إلى نيويورك؛ حيث تستكشف الرحلة الإرث الإبداعي الذي جسدته هذه المجموعة من خلال سلسلة من أعمال التعاون من وجهات نظر فنية متنوعة.

قوة هذه التقنية تكمن في تحويل المعدن النفيس إلى أسلاك لينة (بولغري)

بين الحداثة والتراث

قدّم الفنان متعدد المواهب، أنتوني توديسكو، الذي انضم إلى المنصة منذ محطتها الأولى ترجمته للأناقة الكلاسيكية بأسلوب امتزج فيه السريالي بالفن الرقمي، الأمر الذي خلق رؤية سردية بصرية تجسد التفاعل بين الحداثة والتراث. منح الخطوط المنسابة بُعداً ميتافيزيقياً، عززته التقنيات التي تتميز بها المجموعة وتحول فيه المعدن النفيس إلى أسلاك لينة.

تطورت هذه التقنية لتشمل قطعاً كثيرة من مجموعات أخرى (بولغري)

ساعده على إبراز فنيته وجمالية التصاميم، الفنان والمصمم الضوئي كريستوفر بودر، الذي حوَّل الحركة اللامتناهية وتدفق اللوالب الذهبية في «بولغري توبوغاس» إلى تجربة بصرية أطلق عليها تسمية «ذا ويف» أو الموجة، وهي عبارة عن منحوتة ضوئية حركية تتألف من 252 ضوءاً يتحرك على شكل أمواج لا نهاية لها، تتكسر وتتراجع في رقصة مستمرة للضوء والظل، لكنها كلها تصبُّ في نتيجة واحدة، وهي تلك المرونة والجمالية الانسيابية التي تتمتع بها المجموعة، وتعكس الثقافة الرومانية التي تشرَّبتها عبر السنين.