جائزة المغرب للكتاب... ثلاث جوائز فرعية جديدة

احتفال بمرور 50 سنة على إنشائها

من حفل تسليم جائزة المغرب للكتاب
من حفل تسليم جائزة المغرب للكتاب
TT

جائزة المغرب للكتاب... ثلاث جوائز فرعية جديدة

من حفل تسليم جائزة المغرب للكتاب
من حفل تسليم جائزة المغرب للكتاب

شكل حفل تسليم جائزة المغرب للكتاب برسم سنة 2018، أول من أمس بالرباط، فرصة أمام المسؤولين المغاربة لتأكيد الحرص على مزيد من «دعم الثقافة» و«العناية بالمثقفين» و«صيانة المكانة الاعتبارية والثقافية» لهذه الجائزة في الذكرى الخمسينية لإحداثها، والتي تميزت، في دورتها الحالية، بإدراج ثلاث جوائز فَرعية جديدة ضمن هيكلة الأصناف المُندرِجة فيها، متمثلة في «جائزة الإبداع الأدبي الأمازيغي» و«جائزة الدراسات في مجال الثقافة الأمازيغية» و«جائزة الكتاب الموجه للأطفال والشباب».
وتميز حفل تسليم جائزة المغرب للكتاب في دورة هذه السنة، بحضور نوعي، تقدمه، على الخصوص، سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، ومحمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال، وعبد الحق المريني مؤرخ المملكة، وبهيجة سيمو مديرة الوثائق الملكية، ومحمد بن عبد القادر الوزير المنتدب المكلف الوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة، وخالد الصمدي كاتب الدولة المكلف التعليم العالي، وجامع بيضا مدير أرشيف المغرب، ومحمد الأشعري الروائي والشاعر ووزير الثقافة الأسبق.
واعتبر العثماني الحدث مناسبة للاحتفاء بالكاتب المغربي في مختلف ميادين المعرفة التي تشملها الجائزة، ولحظة احتفال بمرور 50 سنة من الأداء والعمل لرعاية الفكر والثقافة، معتبراً أن وزارة الثقافة تحتاج المزيد من الدعم والمثقفون مزيداً من العناية، من جهة أن التراث اللامادي هو أساس الإصلاح، والثقافة حاملة للقيم ومعانيها.
كما شدد العثماني على ضرورة دعم اللغة الأمازيغية من خلال إرساء خريطة طريق طموحة وجريئة لدعمها والنهوض بها في جميع مجالات الحياة.
من جهته، أكد الأعرج «الحرص على تطوير جائزة المغرب للكتاب يندرج أيضاً ضمن الحرص على تعزيز مكانة الكِتاب وتقدير الكُتاب، مما ينسجم وتوجه الوزارة المتواصل إلى دعم الصناعات الثقافية بوجه عام وقطاع النشر بصفة خاصة، وهو الدعم الذي يدخل صيغته الجديدة سنته الخامسة مُعزَّزة بالتفاعل الإيجابي للفاعلين المهنيين والجمعويين والثقافيين في القطاع الحيوي للكتاب».
وقال الأعرج إن «تاريخ جائزة المغرب للكتاب تشكل من التراكم المتميز الذي أسهمت فيه أجيال من الكاتبات والكتاب على امتداد العقود الخمسة الماضية، مثلما تشكل من مجهود متعاقب لأجيال من الأستاذات والأساتذة على مستوى لجن القراءة والتداول والبث التي قرأت آلاف الأعمال المرشحة وانتقت منها الكتب التي ارتأى أعضاؤها أنها متميزة بالابتكار والتجديد والإضافة النوعية إلى ذخيرة الإبداع والفكر والمغربيين».
واعتبر الأعرج أن هذه الاحتفاءات الدولية الثلاثة فرصة جديدة لترسيخ المكانة المحترمَة للثقافة المغربية من خلال حضور عدد من الأسماء الإبداعية والفكرية المغربية في الفعاليات الثقافية الدولية.
وتسلم الفائزون الـ13 جوائزهم في 8 أصناف، يتعلق الأمر بمحمد الناصري عن كتابه «رغبات مدينة» ضمن صنف العلوم الإنسانية؛ وأحمد شراك عن كتابه «سوسيولوجيا الربيع العربي» ومحمد براو عن كتابه «مسؤولية الفاعلين في مجال التدبير العمومي أمام مجلس الحسابات» ضمن صنف العلوم الاجتماعية؛ وخالد بلقاسم عن كتابه «مرايا القراءة» وأحمد الشارفي عن كتابه «اللغة واللهجة» ضمن صنف الدراسات الأدبية واللغوية والفنية؛ وعزيز لمتاوي عن ترجمة كتاب «نظرية الأجناس الأدبية» لجان ماري شايفر وسناء الشعيري عن ترجمة رواية «العاشق الياباني» لإيزابيل ألليندي ضمن صنف الترجمة؛ وعبد المجيد سباطة عن روايته «ساعة الصفر» ضمن صنف السرد؛ وصلاح بوسريف عن ديوانه «رفات جلجامش» ضمن صنف الشعر؛ وعياد ألحيان عن كتابه «سا أغيرا دار إيليس ن تافوكت» وفاضمة فراس عن كتابها «أسكويت ن تلكاوت» ضمن صنف الإبداع الأدبي الأمازيغي؛ وجمال بوطيب عن كتابه «حور تشرب الشاي مع القمر» وخديجة بوكا عن كتابها «صمتا! إننا نلعب» ضمن صنف الكتاب الموجة للطفل والشباب.
وكانت اللجنة العامة للجائزة قد تدارست، في دورة هذه السنة، ما مجموعه 122 مؤلفاً في مختلف المجالات الإبداعية والفكرية، منها 15 مؤلفاً في العلوم الاجتماعية و15 مؤلفاً في العلوم الإنسانية و13 مؤلفا في الدراسات الأدبية واللغوية والفنية و33 مؤلفاً في السرد و8 مؤلفات في الشعر و12 مؤلفا في الترجمة و4 مؤلفات في الدراسات في مجال الثقافة الأمازيغية و15 مؤلفا في الإبداع الأمازيغي و7 مؤلفات في الكتابة الموجهة للطفل والشباب.
وتعتبر جائزة المغرب للكتاب، التي تتمحور حول ثمانية أصناف تشمل العلوم الاجتماعية والعلوم الإنسانية والدراسات الأدبية واللغوية والفنية والدراسات في مجال الثقافة الأمازيغية والسرد والإبداع الأدبي الأمازيغي والكتاب الموجه للطفل والشباب والشعر والترجمة، أرفع الجوائز التي تمنحها وزارة الثقافة المغربية للإنتاجات الأدبية والفكرية والإبداعية؛ ويرى فيها المسؤولون المغاربة «مناسبة لتكريم النبوغ المغربي وفرصة لإشراك عموم القراء والمهتمين في اختيارات لجان التحكيم والقراءة».


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

«عشبة ومطر»... سيرة سنوات المحو

«عشبة ومطر»... سيرة سنوات المحو
TT

«عشبة ومطر»... سيرة سنوات المحو

«عشبة ومطر»... سيرة سنوات المحو

في روايتها «عشبة ومطر» دار «العين» للنشر بالقاهرة - تختار الكاتبة الإماراتية وداد خليفة الثقافة العربية سؤالاً مركزياً حائراً بين واقع مشوّش ومستقبل مجهول، حيث تبدو اللغة والتاريخ وكأنهما ينازعان أنفاسهما الأخيرة للصمود داخل قِلاعها العربية نفسها.

وتعتمد الروائية على تقنية الأصوات المتعددة لتعميق صراعات أبطالها مع عالمهم الخارجي، حيث تتشارك كل من بطلة الرواية «عشبة» وابنها «مطر» في نزعة تراثية جمالية يتفاعلان من خلالها مع دوائرهما التي يبدو أنها تتنصّل من تلك النزعة في مقابل الانسحاق في مدّ «الثقافة العالمية» المُعلبّة، ولغة التواصل «الرقمية»، فتبدو بطلة الرواية التي تنتمي إلى دولة الإمارات وكأنها تُنازِع منذ أول مشاهد الرواية من أجل التواصل مع محيطها الأسري بأجياله المتعاقبة، حيث تُقاوم النزعة «السائدة» في ذلك المجتمع العربي الذي بات أفراده يتحدثون الإنجليزية داخل بيوتهم، ولا سيما أجيال الأحفاد وسط «لوثة من التعالي»، «فهؤلاء الأبناء لا يعرفون من العربية سوى أسمائهم التي يلفظونها بشكل ركيك»، في حين تبدو محاولات «عشبة» استدراك تلك التحوّلات التي طرأت على المجتمع الإماراتي أقرب لمحاربة طواحين الهواء، فتأتيها الردود من محيطها العائلي مُثبِطة؛ على شاكلة: «لا تكبّري المواضيع!».

صناديق مفتوحة

يتسلل هذا الصوت النقدي عبر شِعاب الرواية، فتبدو «عشبة» مهمومة بتوثيق العلاقة مع الماضي بذاكرته الجمعية التي تتقاطع مع سيرتها الشخصية منذ تخرجها في معهد المعلمات بإمارة الشارقة وحتى تقاعدها، لتعيد تذكّر تفاعل جيلها مع كبريات التغيّرات السياسية سواء المحلية، وعلى رأسها المخاض الطويل لاتحاد الإمارات العربية المتحدة، وحتى سياقات الحروب والنكبات العربية منذ حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وصولاً لمجازر «صبرا وشاتيلا» الدامية في لبنان 1982 والنزف الفلسطيني المُستمر، في محطات تجترها البطلة بعودتها إلى قصاصات الأخبار التي ظلّت تجمعها وتحتفظ بها من مجلات وصحف عربية لتؤرشفها وتُراكمها عبر السنوات داخل صناديق، ليصبح فعل تقليبها في هذا الأرشيف بمثابة مواجهة شاقّة مع الماضي، بينما تبدو الصناديق والقصاصات الورقية مُعادلاً للحفظ الإلكتروني والملفات الرقمية التي قد تتفوق في آلياتها وبياناتها، وإن كانت تفتقر إلى حميمية الذكرى، وملمس المُتعلقات الشخصية التي تنكأ لديها جراح الفقد مع كل صندوق تقوم بفتحه: «أعدت غطاء الصندوق الذي يحتاج مني إلى جرأة أكبر لنبشه، ففي الصندوق ثوب فلسطيني طرَّزته أمٌ ثكلى من بئر السبع... أم صديقتي سميرة أخت الشهيد، ودفتر قصائد نازقة دوّنته صديقتي مها من غزة... صورٌ لزميلاتي بالعمل من جنين ونابلس ورام الله... رسائل من صديقتي ابتسام المقدسية... ومن حيفا مفارش مطرزة من صديقة العائلة أم رمزي».

بالتوازي مع تنقّل السرد من حكايات صندوق إلى آخر، يتصاعد الصراع الدرامي لبطل الرواية «مطر» الخبير في تقييم التُحف، الذي يقوده شغفه بمجال «الأنتيك» والآثار القديمة لتتبع مساراتها في مزادات أوروبية تقترب به من عالم عصابات مافيا القطع الأثرية، كما تقوده إلى الاقتراب من حكايات أصحاب القطع الأثرية التي تُباع بالملايين في صالات الأثرياء، كحكاية «مرآة دمشقية» ظلّ صاحبها يتتبعها حتى وصلت لقاعة مزادات «كريستيز» حاملاً معه ذكرى حكاية جدته وأسرته وتشريدهم، وتصنيعهم تلك المرآة بأُبهتها الزخرفية والفنية في غضون ظروف تاريخية استثنائية خلال فترة سيطرة الحكم العثماني في دمشق.

نهب ممنهج

تبدو الرواية التي تقع في 350 صفحة، وكأنها تمنح حضوراً سردياً للقطع الأثرية المفقودة، والمنهوبة، بصفتها شواهد تاريخية تتعقب «تُجار الممتلكات الثقافية»، ودور المزادات، وأمناء المتاحف، وسط متاهات تزوير الوثائق الخاصة بالقِطع وشهادات المنشأ، وتهريب القطع من بلادها، ولا سيما بعد الربيع العربي والحروب الأهلية التي أعقبته، لتفتح ساحات السرقة الممنهجة للآثار في المواقع الأثرية العربية، كما في تونس ومصر وسوريا والعراق، في حين تبدو قصص القطع المفقودة أُحجيات تتبعها الرواية وتحيكها بخيوط نوستالجية تمدّها الكاتبة على امتداد السرد.

تعتني لغة الرواية بالوصف الدقيق للتفاصيل الجمالية التي تبدو في صراع متواتر مع تيار محو أعنف، كقطع السجاد الأصيل وأنواله التقليدية، والزخارف الغرناطية العتيقة على الأسطح، في مقابل ثقافة «الماركات» الاستهلاكية التي تُميّع الذوق العام، والحروف اللاتينية التي تُناظر الحروف العربية وتُغيّبها في لغة الحياة اليومية.

وقد حازت رواية «عشبة ومطر» أخيراً جائزة «العويس للإبداع»، ومن أجواء الرواية نقرأ:

«كنتُ قصيراً، أقفز كي تلمس أطراف أصابعي مطرقة الباب، وبعد أن كبرت قليلاً، وأصبحت أمسكها بيدي، استوقفني شكلها الذي صُنع على هيئة يد بشرية، ثم أدركت أن هناك مطرقتين فوق بعضهما، تعجبت، وسألت أمي عن السبب فقالت: (كانت لدروازتنا مطرقة واحدة، لكن والدك أبهرته فنون بغداد، فجلب منها مطرقتين، مثبتاً المطرقة الأكبر في الأعلى للرجال والمطرقة الأصغر أسفل منها للنساء، ليختصر بذلك السؤال عن هُوية الطارق، فكنا نُميّز الطارق رجلاً أم امرأة من صوت المطرقة)... بِتُ أنصت للطَرق، كنت أعرف طرقات أمي الثلاث، وتعرف أمي طرقاتي المتسارعة، كان هناك طَرقٌ مُبشر، وطرقٌ يخلع القلب، طرق هامس مُدلل، وطرق يُشبه كركرة الأطفال».