تباطؤ مقلق للنشاط الاقتصادي في منطقة اليورو

العملة الأوروبية تتراجع لأدنى مستوى خلال شهرين

أظهرت بيانات أمس نمو النشاط الاقتصادي بمنطقة اليورو خلال الشهر الحالي بأبطأ وتيرة في عامين (رويترز)
أظهرت بيانات أمس نمو النشاط الاقتصادي بمنطقة اليورو خلال الشهر الحالي بأبطأ وتيرة في عامين (رويترز)
TT

تباطؤ مقلق للنشاط الاقتصادي في منطقة اليورو

أظهرت بيانات أمس نمو النشاط الاقتصادي بمنطقة اليورو خلال الشهر الحالي بأبطأ وتيرة في عامين (رويترز)
أظهرت بيانات أمس نمو النشاط الاقتصادي بمنطقة اليورو خلال الشهر الحالي بأبطأ وتيرة في عامين (رويترز)

تراجع اليورو أمس إلى أدنى مستوياته في أكثر من شهرين، مع نشر بيانات تشير إلى توقعات بأن النمو الاقتصادي قد يتباطأ في ألمانيا وفرنسا؛ أكبر اقتصادين في منطقة اليورو، وذلك تزامناً مع مسح يظهر أن نشاط الشركات في منطقة اليورو فقدَ زخماً أكثر من المتوقع مع دخول الربع الأخير من العام بفعل ضعف طلبيات التوريد، الذي أثر بشدة على الثقة.
وأظهرت البيانات أمس نمو النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو خلال الشهر الحالي بأبطأ وتيرة في عامين، وسط تراجع في النشاط الصناعي والخدمي. ومن المرجح أن تكون نتائج مسح أكتوبر (تشرين الأول) الحالي المخيبة للتوقعات مبعث قلق لصناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي، الذي من المتوقع أن ينهي برنامجه لشراء السندات خلال أقل من 3 أشهر رغم مجموعة من المخاوف السياسية والتجارية.
وتراجعت القراءة الأولية لمؤشر «آي إتش إس ماركت المجمع لمديري المشتريات» في منطقة اليورو إلى أدنى مستوى في 25 شهرا عند 52.7 نقطة في أكتوبر الحالي، مقارنة مع القراءة النهائية لشهر سبتمبر (أيلول) الماضي البالغة 54.1 نقطة، وأقل بكثير من متوسط التوقعات في استطلاع «رويترز» لانخفاض متواضع إلى 53.9 نقطة. وكان أدنى التوقعات في الاستطلاع عند 53.2 نقطة. وتشير أي قراءة فوق الخمسين إلى حدوث نمو، فيما تشير القراءات تحت مستوى 50 نقطة إلى حدوث انكماش.
ويأتي التباطؤ وسط حرب تجارية متصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، ونزاع متفاقم بشأن الدين في إيطاليا واحتمالات تشديد الأوضاع المالية. وأظهر استطلاع أجرته «رويترز» لآراء الاقتصاديين أن توقعات النمو العالمي لعام 2019 أصبحت قاتمة للمرة الأولى، حيث عبر خبراء الاقتصاد عن قلقهم بشأن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وقالوا إن أداء اقتصاد منطقة اليورو «تجاوز ذروته».
وشهد قطاع الصناعات التحويلية بمنطقة اليورو تباطؤاً أيضاً، حيث انخفض مؤشر مديري مشترياته إلى 52.1، من 53.2 نقطة في الشهر السابق، ليهبط عن متوسط توقعات عند 53 نقطة بفعل انكماش طلبيات المصانع للمرة الأولى منذ نهاية عام 2014.
وأوضحت البيانات أن الوتيرة الضعيفة للتوسع كانت مصحوبة بتدهور أكبر في التوقعات المستقبلية للنمو وذلك عند أدنى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2014. وتابعت أن ضغوط الأسعار لا تزال متصاعدة وقريبة من أعلى مستوى في 7 سنوات.
وانخفض المؤشر الفرعي لطلبيات المصانع إلى 49.8 نقطة من مستوى 51.5 نقطة في الشهر السابق. وهبط مؤشر يقيس الإنتاج إلى 51.2 من 52.7 نقطة. ولم ينخفض المؤشر عن هذا المستوى منذ نهاية 2014.
ولم تختلف الصورة في قطاع الخدمات المهيمن على اقتصاد منطقة اليورو أيضاً. ونزل مؤشر القطاع إلى أدنى مستوى في عامين عند 53.3 نقطة من 54.7 في سبتمبر الماضي، وهو ما يقل عن جميع التوقعات في استطلاع «رويترز»، التي كان متوسطها 54.5 نقطة.
ومع نشر بيانات النمو، تراجع اليورو إلى أدنى مستوى منذ 20 أغسطس (آب) الماضي، أمس الأربعاء بعد مؤشرات على أن النمو الاقتصادي قد يتباطأ في ألمانيا وفرنسا؛ أكبر اقتصادين في منطقة اليورو.
وأظهر مسح أن نمو القطاع الخاص الألماني تباطأ إلى أدنى مستوى في أكثر من 3 أعوام، حيث كان أداء قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات، اللذين فقدا بعض الزخم، أقل من المتوقع. بينما تراجع قطاع الصناعات التحويلية في الصين لأدنى مستوى في 25 شهرا. واستقر اليورو في المعاملات المبكرة ثم انخفض 0.4 في المائة إلى 1.1422 دولار بعد إعلان نتائج المسح. وانخفض الين إلى 112.48 مقابل الدولار الأميركي، لكنه يظل مرتفعا نحو اثنين في المائة منذ 4 أكتوبر الحالي.
وظل مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة عملات، دون تغيير عند 95.927. وانخفض الجنيه الإسترليني 0.2 في المائة إلى 1.2959 دولار، مقتربا من أدنى مستوى في أسبوعين ونصف الأسبوع حين سجل 1.2937 يوم الثلاثاء.
يأتي ذلك قبيل اجتماع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مع ما يطلق عليها «لجنة 1922» من حزبها في إطار محاولتها تهدئة مخاوف أعضاء مجلس العموم بشأن خطط الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
واستقر الدولار الكندي عند 1.3084 للدولار الأميركي قبيل رفع مرتقب لسعر الفائدة من «بنك كندا المركزي» أمس. وارتفع الدولار الأسترالي 0.1 في المائة إلى 0.7096 دولار أميركي بدعم من تحسن المعنويات في آسيا حيث أهم أسواق الصادرات الأسترالية.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.