رئيس جديد لمجلس النواب الجزائري وسط مقاطعة المعارضة

TT

رئيس جديد لمجلس النواب الجزائري وسط مقاطعة المعارضة

انتخب مجلس النواب الجزائري، أمس، معاذ بوشارب، عن حزب جبهة التحرير الوطني، رئيساً جديداً له، خلفاً لسعيد بوحجة الذي سُحبت منه الثقة الأسبوع الماضي، في جلسة قاطعتها المعارضة.
وتمت عملية الانتخاب برفع الأيدي خلال جلسة علنية، ترأسها الحاج العايب بصفته النائب الأكبر سناً، ومن بين 321 نائباً شاركوا في عملية التصويت، صوّت 320 نائباً بـ«نعم»، من بينهم 33 بالوكالة، بينما امتنع نائب واحد عن التصويت.
وكان بوشارب البالغ من العمر 47 عاماً، يشغل منصب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني بمجلس النواب، كما تولى في العهدة البرلمانية السابقة منصب نائب رئيس مجلس النواب مكلّف العلاقات مع مجلس الأمة والحكومة، وباقي المؤسسات الدستورية.
وخلال جلسة أمس، صادق مجلس النواب على تقرير لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات، المتعلق بإثبات حالة شغور منصب رئيس المجلس. فيما قاطع نواب أحزاب المعارضة، البالغ عددهم 104 نواب، جلسة التصويت على انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب.
ويعد بوشارب الرئيس العاشر لمجلس النواب الجزائري منذ تأسيسه سنة 1977 بعد كل من رابح بيطاط، وعبد العزيز بلخادم، ورضا مالك، وعبد القادر بن صالح، وكريم يونس، وعمار سعداني، وعبد العزيز زياري، ومحمد العربي ولد خليفة، وسعيد بوحجة.
لكن رئيس البرلمان الجزائري المعزول سعيد بوحجة رفض الخضوع للأمر الواقع. وقال في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن البرلماني الذي اختاره زملاؤه من نواب الأغلبية «سيبقى يجرّ معه صفة اللاشرعية حتى عندما تنتهي الفترة التشريعية للمجلس الشعبي الوطني عام 2022». مشيراً إلى أنه يتمسك بـ«شرعيته» كرئيس للغرفة البرلمانية الأولى. كما استبعد بوحجة أن تكون رئاسة الجمهورية وراء تنحيته، وقال: «أنا واحد من أشد المدافعين عن سياسات الرئيس بوتفليقة».
ويتكون البرلمان من 461 نائباً، وتتمثل الأغلبية في أحزاب «التجمع الوطني الديمقراطي» بقيادة رئيس الوزراء أحمد أويحيى، و«تجمع أمل الجزائر» بقيادة وزير الأشغال العمومية سابقاً عمر غول، و«الحركة الشعبية الجزائرية» برئاسة وزير التجارة سابقاً عمارة بن يونس، وكتلة المستقلين، زيادةً على «جبهة التحرير».
وقاطع جلسة التصويت نواب «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض (14 نائباً)، وحزب العمال اليساري (11 نائباً)، و«حركة مجتمع السلم» الإسلامية (34 نائباً)، و«جبهة المستقبل» (معارضة) (14 نائباً)، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» العلماني (9 نواب)، و«التحالف الوطني الجمهوري» (6 نواب)، الذي ينتمي إلى المجموعة الموالية للرئيس، وعدّت مقاطعته حدثاً «غريباً»، بالإضافة إلى «حركة الإصلاح الوطني» الإسلامية (نائب واحد)، و«تحالف العدالة - النهضة – البناء»، الذي يجمع ثلاثة أحزاب إسلامية (15 نائباً).
وقال نواب «التجمع من أجل الديمقراطية» في بيان، إن «ما جرى يُدخل الجزائر رسمياً في النادي المغلق للأنظمة الشمولية المطلقة»، واتهم الحكومة بـ«إصدار أوامر لتنفيذ انقلاب بمؤسسة دستورية». مضيفاً أن «عملية الانقلاب على الشرعية تمّت تحت الرعاية المركّزة للبوليس السياسي وأجهزة الاستخبارات العامة، وخير دليل على انخراط الأجهزة الأمنية في عملية الانقلاب سحب الحرس المقرّب من محيط الرئيس الشرعي». وكان بوحجة قد احتجّ، في وقت سابق على سحب أربعة رجال أمن كانوا يلازمونه في أثناء تنقلاته.
وثار نواب الأغلبية ضد بوحجة وطالبوه بالاستقالة، بحجة أنه «متورط في سوء تسيير البرلمان»، وهي تهمة ظل ينفيها المعنيّ بالأمر. ولما رفض الاستقالة عزلوه بالقوة، بعد أن أغلقوا مقر البرلمان لمنعه من دخوله. وكانت تلك سابقة أثارت استنكار الرأي العام.
وقبل انتخاب المجلس الشعبي الوطني كانت تتولى السلطة التشريعية «جمعية وطنية تأسيسية» أقرها استفتاء نُظِّم في 20 سبتمبر (أيلول) 1962، وترأسها عن طريق الانتخاب فرحات عباس رئيس «الحكومة المؤقتة» سابقاً، وقد استقال في شهر أغسطس (آب) 1963، ليتولى بعدها المنصب بالنيابة السيد حاج بن علة حتى 1964، لكن تم تعطيل البرلمان بعد الانقلاب العسكري الذي نفّذه وزير الدفاع هواري بومدين على رئيس البلاد أحمد بن بلة. وظلت البلاد من دون مؤسسات منتخبة حتى 1977، وذلك بعودة المسار الانتخابي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.