المرعبي: عون وباسيل يعيدان إنتاج مرحلة الحرب الأهلية

الوزير اللبناني قال لـ «الشرق الأوسط» إن «التيار» يمسك بقرار رئيس الجمهورية

وزير الدولة اللبناني لشؤون النازحين معين المرعبي
وزير الدولة اللبناني لشؤون النازحين معين المرعبي
TT

المرعبي: عون وباسيل يعيدان إنتاج مرحلة الحرب الأهلية

وزير الدولة اللبناني لشؤون النازحين معين المرعبي
وزير الدولة اللبناني لشؤون النازحين معين المرعبي

حذّر وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي، من محاولات «تفريغ دور رئيس الحكومة ومهمته في قيادته الحكومة والوزراء» من مضمونه، ورأى أن «ما يحصل في موضوع تشكيل الحكومة غير مقبول، وهناك من يسعى لإدخال أعراف جديدة تفرض رغبات وإملاءات كل الأطراف في عملية التأليف». وقال: «هناك مواطن يعامل على أنه نصف مواطن، بينما الآخر يتنعم بكامل الحقوق»، متهماً رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال (رئيس التيار الوطني الحر) جبران باسيل، بـ«إعادة إنتاج مرحلة الحرب الأهلية».
وأكد المرعبي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يجري في مشاورات تأليف الحكومة، يرسم علامات استفهام ويطرح أسئلة عما إذا كان البعض يريد فعلاً حكومة أم لا يريدها؟ خصوصاً أن (حزب الله) وحلفاءه؛ بمن فيهم (التيار الوطني الحر)، لديهم 18 وزيراً، بينما الآخرون أي (المستقبل) و(القوات اللبنانية) والحزب التقدمي الاشتراكي، لديهم 12 وزيراً، ورغم ذلك، فإنهم لا يسهلون تشكيل الحكومة»، لافتاً إلى أن الحريري «قدم كثيراً من التنازلات بدءاً من انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، إلى قانون الانتخاب المسخ، وصولاً إلى تشكيل حكومة ذات أغلبية من الطرف الآخر، ورغم ذلك، فإنهم يعملون ليل نهار لتفريغ دور رئيس مجلس الوزراء وتوزيع صلاحياته على المكونات السياسية للحكومة، وهذا يؤسس لخلافات وإشكالات كبيرة داخل وخارج الحكومة في المستقبل».
وشدد وزير شؤون النازحين على أن «قانون الانتخاب فرضه (حزب الله) على اللبنانيين، ليكون مدخلاً دستورياً لإمساكه بالسلطة السياسية، ويصبح الآمر الناهي على كل المستويات»، لافتاً إلى أن حزب (التيار)... «هو من يمسك بقرار رئيس الجمهورية، والآن يحاول أن يقبض على قرار الحكومة، من خلال سيطرته وحلفائه على الأكثرية النيابية التي استولى عليها بقانون انتخابي أكثر من مسخ».
ولا تزال عملية تشكيل الحكومة تدور في حلقة مفرغة، منذ تكليف الحريري بهذه المهمة قبل 5 أشهر في 26 مايو (أيار) الماضي، استناداً إلى نتائج الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية مع الكتل النيابية، عندما سمى 111 نائباً سعد الحريري رئيساً للحكومة الجديدة. وعبر المرعبي عن اعتقاده بأن «الأزمة القائمة الآن، تدفع بالبلاد نحو أزمة نظام، ومواجهة دستورية، وتؤسس لأزمات أخرى»، مبدياً أسفه «لأن هناك مواطناً يُعامل على أنه نصف مواطن، وآخر يأخذ أكثر من حقه، وهذا الظلم يغذي الاحتقان والغليان... وللأسف يبدو أن الرئيس عون وصهره جبران باسيل، يريدان إعادة إنتاج مرحلة ما قبل عام 1975 (التي أسست للحرب الأهلية في لبنان)، وكأن هناك من لا يتعظ من تجارب الماضي».
ويحاول الحريري وضع سقف زمني لموضوع تشكيل الحكومة، ويشير من حين إلى آخر، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى إمكانية الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة، ويلفت المرعبي في هذا السياق، إلى أنهم «يحاولون إيصال رئيس الحكومة إلى مرحلة القرف»، مضيفاً: «الرئيس الحريري غير متمسك بالسلطة، وليس هو من يقول (أنا أو لا أحد في رئاسة الحكومة)، وقد تأتي الساعة التي يعتذر فيها ويلقي كرة النار في أحضان المعطلين»، منبهاً إلى أن «اعتذار الحريري سيشكل ضربة كارثية على البلد». ويضيف: «نحن نشعر بالظلم (في إشارة إلى الطائفة السنية)، وهناك فريق من اللبنانيين يحاول الهيمنة على رئاسة الحكومة للتحكم بمفاصل الحكم في لبنان»، مؤكداً أنه «لم يعد باستطاعة اللبنانيين تحمل تبعات ما يحصل، وباتوا غير قادرين على أن يكونوا رهينة عقلية بعض أهل السلطة، أو رهينة أجندات خارجية»، عادّاً أن «عقلية كهذه لن تقود البلد إلى بر الأمان».
ودائماً ما يعزو المرعبي، الذي يعد أحد أبرز الصقور في «تيار المستقبل» وفريق «14 آذار»، الأزمات التي تعصف بلبنان، إلى دور «حزب الله» وسيطرته بقوة السلاح على القرار السياسي. وجدد المرعبي في هذا الحوار تأكيده أن لبنان «يقع الآن تحت سلطة (حزب الله) الذي يسخر الدولة لخدمة الأجندة الإيرانية، ويقدم مصلحة إيران على مصلحة اللبنانيين»، مشيراً إلى أن «مصلحة الدولة والشعب اللبناني لا تكمن في إعطاء الحزب وزارة تستفيد من تقديمات دول خارجية مثل وزارة الصحة، وهذا سيؤدي حتماً إلى تراجع دور هذه الوزارة وتراجع الخدمات الطبية التي تقدمها إلى الشعب اللبناني»، مذكراً بأن «الرئيس الحريري أشار في المقابلة التلفزيونية الأخيرة إلى تحذيرات غربية بفرض عقوبات على الوزارات التي سيتسلمها (حزب الله)».
وشدد المرعبي على أن «الحكومة العتيدة لن تكون حكومة إنقاذ، إنما حكومة تأخير الانهيار الذي بات وشيكاً»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن «الصراعات التي نشهدها خلال عملية تشكيل الحكومة، مقدمة لما ستكون عليه الأمور داخل مجلس الوزراء، لأن الكل يكمن للكل، وكل فريق يتهيأ لخوض معركة مع الفريق الآخر داخل الحكومة، وهناك كثير من الملفات التي تفوح منها رائحة الفساد، ولا بد من معاقبة الفاسدين ووقف ارتكاباتهم».
وفي موضوع عودة النازحين، التي يجري تنفيذها على خطين، الأول من خلال المبادرة الروسية الهادفة إلى إعادة جميع النازحين إلى بلادهم، والثانية عبر الإجراءات التي يعتمدها جهاز الأمن العام اللبناني، بالتنسيق مع الجانب السوري، أكد المرعبي أن «الخطة الروسية ما زالت متعثرة»، مؤكداً أن «الدولة اللبنانية تنتظر الجواب الروسي لتحديد موعد البدء بتنفيذ خطة إعادة النازحين»، مشيراً إلى أن «روسيا تنتظر استجابة أميركية أوروبية لتمويل خطة الإعمار في سوريا، وبناء منازل السوريين المدمّرة جرّاء الحرب». وقال: «يبدو أن المبادرة الروسية غير قادرة على شقّ طريقها نحو التنفيذ، لأن الأميركيين والأوروبيين وما يعرف بـ(أصدقاء الشعب السوري)، غير مستعدين لتمويل إعادة الإعمار في سوريا بانتظار بلورة الحلّ السياسي، وهم يرفضون دفع الأموال بوجود مجرم دمّر بلده، لأن بقاء هذا الشخص في سدّة الحكم لن يحقق الأمن والسلام في سوريا».
أما بالنسبة لعودة آلاف السوريين عبر وساطة الأمن العام اللبناني، فلفت المرعبي إلى أن «هذه العودة متواضعة وهي تأتي ضمن الإمكانات المتاحة للأمن العام، ولم يتعدّ عدد العائدين ستة آلاف شخص». وكشف وزير شؤون المهجرين عن معلومات تفيد بأن «النظام السوري أبلغ عائلات سنيّة بعدم قبول عودتهم تحت أي ظرف إلى مناطقهم وبلداتهم التي تهجّروا منها في تلكلخ وريفي حمص والقصير والقلمون المتاخمة للحدود اللبنانية»، لافتاً إلى أن هذه المناطق «تطبّق فيها سياسة التغيير الديمغرافي، لأن عائلات أخرى شيعية أتت من مناطق سورية أخرى ومن العراق ولبنان واستوطنت فيها وصادرت ممتلكاتهم». وذكَّر الوزير بالقانون رقم 10 الذي شرّع اغتصاب ممتلكات النازحين، وشكّل الحلقة الأخيرة لتيئيس السوريين المهجرين من العودة إلى بلادهم. ولاحظ المرعبي أن «أغلب الذين يعودون إلى سوريا الآن إما طوعاً أو بمبادرة الأمن العام اللبناني، وُضعوا في مخيمات بانتظار نقلهم إلى الشمال السوري، وهذا ما يكرّس فعلاً التغيير الديمغرافي في سوريا».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.