العراق: «تمرّد» برلماني يرجئ التصويت على حكومة عبد المهدي

110 نواب يؤيدون الاقتراع السري

TT

العراق: «تمرّد» برلماني يرجئ التصويت على حكومة عبد المهدي

ارتفع عدد أعضاء البرلمان العراقي من مؤيدي التصويت السري على حكومة رئيس الوزراء العراقي المكلف عادل عبد المهدي، إلى نحو 110 نواب من بين مجموع أعضاء البرلمان البالغ عددهم 329 نائباً، في خطوة تمثّل نوعاً من التمرد النيابي وقد تعني إرجاء التصويت على الحكومة الجديدة.
وتفجرت الخلافات بين النواب بعد الشروط التي وضعتها كتل نيابية، لا سيما «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، و«الفتح» بزعامة هادي العامري، على رئيس الوزراء المكلّف، عبد المهدي، والتي تقضي بعدم استيزار النواب الحاليين والوزراء السابقين، الأمر الذي فجّر خلافات حادة داخل البرلمان. وأعادت تلك الخلافات إلى الأذهان ما جرى خلال جلسة انتخاب رئيس الجمهورية حيث تمرد أعضاء في البرلمان على توجيهات زعماء كتلهم والتي كانت تقضي بانتخاب فؤاد حسين، مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، لمنصب رئيس الجمهورية على حساب برهم صالح، مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي انتخب بغالبية كبيرة.
وقال مصدر سياسي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، شرط عدم كشف اسمه، إن «اجتماعات مكثفة عقدت بين عدد من القيادات والنواب من أجل حلحلة الوضع، وذلك لجهة التخلي عن شرط عدم استيزار النواب الحاليين، لأنه أثار موجة من الاستياء». وأضاف أن «الذي حصل هو استثناء بعض الشخصيات البرلمانية التي يمكن أن تشارك بالحكومة، مما يمنح الأمل في أن تمضي الكابينة (الوزارة) بسلاسة».
وفي السياق نفسه، أكد محمد الكربولي، عضو البرلمان العراقي عن كتلة «المحور الوطني» التي تمثّل السنّة في «تحالف البناء»، لـ«الشرق الأوسط» أن «الخلافات لا تزال قائمة على صعيد الوزارات أو طريقة توزيعها سواء على المكونات أو طبقاً للاستحقاق الانتخابي». وأضاف أن «استحقاقنا كعرب سنّة واضح وهو ما نتفاهم بشأنه مع شركائنا».
إلى ذلك، أكد القيادي في حزب «الدعوة» عضو البرلمان العراقي السابق، جاسم محمد جعفر، أن رئيس الوزراء عبد المهدي يمر بموقف حرج بسب الضغوط السياسية مع قرب طرح كابينته الوزارية. وقال جعفر في تصريح صحافي، أمس، إن «الكتل السياسية تحاول إخضاع رئيس الوزراء المكلف لإرادتها عبر تمرير مرشحيها للوزارات»، مبيناً أن «عبد المهدي وعد الشعب والمرجعية بعدم الرضوخ لتلك المطالب؛ وبالتالي قد يضطر إلى الاستقالة، أو الكشف عن حجم الضغوط السياسية والكتل التي تمارس هذه الضغوط من أجل خفض حدّتها». وأضاف أن «الأوضاع قد فلتت من تحت يدي عبد المهدي، وهي تدار من قبل الكتل السياسية».
من جهتها، أكدت الهيئة القيادية لـ«تحالف الفتح»، بزعامة هادي العامري، دعمها رئيس الوزراء المكلف في إكمال كابينته الوزارية. وقال المتحدث باسم «الفتح» أحمد الأسدي، في بيان أمس، إن «الهيئة القيادية لـ(تحالف الفتح) عقدت اجتماعاً مهماً في مكتب رئيس التحالف»، موضحاً أن «أهم نتائج الاجتماع هو قرار الهيئة بدعم رئيس الوزراء المكلف في إكمال كابينته الوزارية والالتزام بالتوقيتات الدستورية».
على صعيد متصل، أعلن 16 نائباً عن «ائتلاف الوطنية» الذي يتزعمه إياد علاوي دعمهم اللواء هاشم الدراجي لمنصب وزير الدفاع، وهو أحد المناصب الوزارية السيادية من حصة السنّة. وبينما أعلن مكتب علاوي، في بيان أمس، أن علاوي لم يطرح اسم الدراجي لمنصب وزير الدفاع، فإن النواب السنّة في «الوطنية»، وعددهم 16 نائباً، أعلنوا دعمهم له، مما يكشف وجود خلاف داخله حول من يشغل هذا المنصب. وقال النواب الـ16 في بيان: «نعلن دعمنا لترشيح الضابط السابق في الجيش العراقي هاشم الدراجي لتولي حقيبة وزارة الدفاع»، مشيرين إلى أن «الدراجي يتميز بتاريخ عسكري مشرف وخبرة كبيرة ومهنية عالية». وأعرب هؤلاء النواب عن استغرابهم «من ادعاء أحد نواب القائمة أن مكتب زعيم القائمة إياد علاوي نفى ترشيحه للدراجي لتولي منصب وزير الدفاع رغم أن علاوي نفسه كان قد رشحه مرات عدة لهذا المنصب؛ وآخرها ترشيحه ضمن كابينة رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي». وأضاف النواب أن «هذا النفي لترشيح الدراجي قد يحمل مؤشرات على خلاف حول مصالح شخصية لا علاقة لها بمعايير المهنية والتكنوقراط التي تنطبق جميعها على السيد الدراجي»، مطالبين بـ«منح رئيس الوزراء المكلف الفرصة الكاملة لاختيار وزراء مهنيين لتولي الحقائب الوزارية بعيداً عن المساومات».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».