أنقرة تلمح إلى رفع عقوبات واشنطن بعد الإفراج عن القس

TT

أنقرة تلمح إلى رفع عقوبات واشنطن بعد الإفراج عن القس

أعلنت تركيا، أن العقوبات الأميركية التي فرضت عليها بسبب قضية القس الأميركي أندرو برانسون الذي كانت تحاكمه بتهمة دعم الإرهاب قبل أن تفرج عنه في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي ويعود إلى وطنه، سترفع قريباً. ووصف وزير الخارجية التركي مولود جاويش، في مقابلة مع وكالة أنباء «الأناضول» الرسمية، أمس (الثلاثاء)، العقوبات الأميركية، التي فرضتها الولايات المتحدة ضد تركيا على خلفية قضية برانسون، بأنها كانت «سخيفة»، ولم يكن لها أي تأثير أو فائدة، وساهمت فقط في تصعيد التوتر بين الجانبين.
وعبّر المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، عن أمل بلاده في أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على تركيا في أقرب وقت ممكن، وأن هذا سيكون خطوة إيجابية في مرحلة تطبيع العلاقات بين البلدين. وأشار كالين، في تصريحات عقب اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، مساء أول من أمس، إلى أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قال لإردوغان، خلال زيارته الأخيرة لأنقرة، الأسبوع الماضي، إن «العقوبات كانت تستند إلى أدلة وفرضيات خاطئة، وكان قراراً عديم المعنى».
وفي 10 أغسطس (آب) الماضي، ضاعف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الرسوم الجمركية على واردات الألمنيوم والصلب التركية، بعد أيام من فرض واشنطن عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين، متذرعاً بعدم الإفراج عن القس برانسون.
وقال جاويش أوغلو، إن القضاء التركي قال كلمته الأخيرة في قضية برانسون وأطلق سراح القس بعد الأخذ بعين الاعتبار المدة التي أمضاها في السجن، مضيفاً «إطلاق سراح برانسون ساهم في تحسين العلاقات قليلاً، وتركيا ترغب دائماً في بناء علاقاتها على أرضية سليمة، لكن علينا أن نكون واقعيين، فتوتر العلاقات بين الجانبين سببه دعم واشنطن وحدات حماية الشعب الكردية وعدم إقدامها على أي خطوة حيال حركة غولن».
وبشأن المشكلة القبرصية، قال وزير الخارجية التركي، إنه «لا أحد يقبل بفشل المحادثات القبرصية مجدداً، ولن نقبل ذلك مطلقاً». وفي سياق متصل، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أنه من غير الممكن لأحد الإقدام على أي خطوة في شرق البحر الأبيض المتوسط، دون موافقة تركيا. وأضاف، في كلمة في أنقرة الليلة قبل الماضية، أن بلاده لن تسمح أبداً بفرض الأمر الواقع أو الإقدام على أي خطوة دون موافقتها في جزيرة قبرص وبحر إيجة وشرق المتوسط. وتابع أكار، إن على الجميع أن يعلم أن أي خطوات في المتوسط، وبحر إيجة لا تشارك فيها تركيا وما يسمى بـ«جمهورية شمال قبرص التركية»، لن تتكلل بالنجاح.
وتعترض تركيا على قيام قبرص بالتنقيب عن الغاز والبترول في شرق المتوسط، وتتمسك بأن لها وكذلك القبارصة الأتراك حقوقاً في المنطقة، وأرسلت سفينة بحث إلى سواحلها الجنوبية الأسبوع الماضي تحرشت بها البحرية اليونانية وتدخلت البحرية التركية لمنع نظيرتها اليونانية من الاقتراب للسفينة.
وتصاعد التوتر بين تركيا واليونان مجدداً في الأيام الأخيرة، سواء في منطقة البحر المتوسط أو في بحر إيجة، واستدعت وزارة الخارجية التركية، أمس، سفير اليونان لدى أنقرة، بيتروس مافرويديس، على خلفية إعلان بلاده عزمها على توسيع حدودها البحرية.
وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان أمس، إن تركيا لا يمكنها تحمل خطوات يونانية في بحر إيجة دون اتفاق بين البلدين بعد أن تحدث مسؤولون يونانيون عن خطط لتوسعة المياه الإقليمية للبلاد.
على صعيد آخر، تصاعد الجدل حول استمرار «تحالف الشعب» الانتخابي الذي شكّله حزب العدالة والتنمية الحاكم مع حزب الحركة القومية قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة في 24 يونيو (حزيران) الماضي، الذي استمر على مدى الأسابيع الماضية مع بدء الأحزاب التركية الاستعداد، مبكراً، للانتخابات المحلية المقررة في 31 مارس (آذار) المقبل. وأعلن رئيس حزب الحركة القومية التركي، دولت بهشلي، أن حزبه لا يعتزم البقاء ضمن تحالف انتخابي مع «العدالة والتنمية» في الانتخابات المحلية المقبلة، لافتاً إلى أن «العدالة والتنمية» وضع مرشحيه في جميع الدوائر وعلى جميع المقاعد دون مراعاة لحزبه، واصفاً التوجه بأنه غير ديمقراطي.
وقال بهشلي في كلمة أمام المجموعة البرلمانية لحزبه بالبرلمان التركي، أمس، إن التحالف «فقد طعمه»، وإن حزبه سيواصل العمل والدفاع عن النهج الديمقراطي للبلاد بكل قوة، وإنه لا يعتزم الاستمرار في التحالف مع الحزب الحاكم برئاسة إردوغان، الذي يفعل ذلك في كل انتخابات، في الانتخابات المحلية القادمة.
وعادت لهجة الانتقادات الحادة إلى تصريحات بهشلي ضد إردوغان منذ الإفراج عن القس الأميركي أندرو برانسون، حيث قال إنه لن يدعم رئيساً يهبط بمكانة تركيا إلى مكانة قس أميركي.
وعلق إردوغان، في كلمة أمام المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية في البرلمان، أمس، على إعلان بهشلي عدم تطلع حزبه إلى تحالف في الانتخابات المحلية المرتقبة في مارس 2019، وعبّر عن رغبته، في استمرار «تحالف الشعب»، مع حزب الحركة القومية، وأشار في الوقت نفسه إلى أن «الحركة القومية» إذا أراد خوض الانتخابات المحلية منفرداً، فلا مشكلة في ذلك.
وبرزت في الآونة الأخيرة خلافات في وجهات النظر بين الحزبين، حول مقترح العفو عن محكومين، تقدم به الحركة القومية، ومسألة «القسم الطلابي» الذي أمر القضاء بإعادة العمل به مؤخراً، ويدافع عنه «الحركة القومية»، وسط معارضة من «العدالة والتنمية».
وتأثرت الليرة التركية بشدة بتصريحات بهشلي، أمس، وعاودت اتجاه الهبوط وفقدت أكثر من 3 في المائة من قيمتها.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.