والترز: عدد المدربين السود في بريطانيا ضئيل بشكل يبعث على السخرية

الجناح السابق للمنتخب الإنجليزي يتذكر معاناته مع العنصرية عندما كان اللاعب داكن البشرة الوحيد في الدوري الاسكوتلندي

والترز وكأس اسكتلندا بعد الفوز في النهائي على سيلتيك عام 1990
والترز وكأس اسكتلندا بعد الفوز في النهائي على سيلتيك عام 1990
TT

والترز: عدد المدربين السود في بريطانيا ضئيل بشكل يبعث على السخرية

والترز وكأس اسكتلندا بعد الفوز في النهائي على سيلتيك عام 1990
والترز وكأس اسكتلندا بعد الفوز في النهائي على سيلتيك عام 1990

ابتسم النجم الإنجليزي السابق مارك والترز وهو يتذكر الوقت الذي تلقى فيه اللاعب الاسكوتلندي السابق وزميله في الملاعب مو جونستون تهديداً، بعد انتقاله لنادي رينغرز الاسكوتلندي عام 1989 في شكل رسالة بريد بداخلها رصاصة، وقال: «قلت له: مو، لقد قمت برفع الضغط عني تماماً! لقد ضحكنا كثيراً بشأن هذا الأمر. أما أنا فقد قُذفت بكل شيء - موز وسهام وأرجل الدواجن - كما تلقيت خطابات تخبرني بالأماكن التي يجب أن أذهب إليها وبما يتعين علي القيام به. لكنني لم أحصل أبداً على رصاصة في خطاب!».
لقد كان والترز يسخر من العنصرية ويقلل من شأنها قبل وقت طويل من انضمامه لنادي رينغرز عام 1987، عندما أصبح اللاعب الأسود الوحيد في الدوري الاسكوتلندي الممتاز. وواجه إساءات قد تبدو غير معقولة أو متصورة اليوم، لكنه يقول إنه كان من السهل عليه تجاهلها، لأن العنصرية شيء بغيض وممل، كما أنه لو كان ركز اهتمامه على هذا الأمر لما نجح في تحقيق طموحه بأن يصبح لاعب كرة قدم ناجحاً. وحقق والترز طموحاته ولعب لنادي إستون فيلا قبل أن يفوز بـ3 ألقاب للدوري الاسكوتلندي الممتاز مع نادي رينغرز، ويلعب مباراة دولية وحيدة مع منتخب إنجلترا ويفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي مع نادي ليفربول.
ونادراً ما تحدث والترز علناً عن كثير من هذه الأشياء منذ اعتزاله اللعب عام 2002، لكنه الآن أصدر سيرته الذاتية، لأنه قد شعر بأن هذا هو الوقت المناسب لتقييم الأمور. وتناول والترز في هذا الكتاب كثيراً من القضايا التي لم يكن يفضل الحديث عنها في السابق، مثل العنصرية وإحباطه من قلة فرص التدريب للاعبين السود السابقين، وبعض المسائل العائلية، بما في ذلك عدم وجود علاقة مع والده، لورانس وابارا، الذي لعب لمنتخب نيجيريا في الخمسينات من القرن الماضي.
وقال والترز عن احتراف والده لكرة القدم: «لقد اكتشفت ذلك بالصدفة وأنا في سن المراهقة عندما رأيت بعض الصور. لقد جعلني هذا الأمر أشعر بالإحباط، نظراً لأنه كان لاعباً جيداً ولم يفعل أي شيء لمساعدتي». نشأ والترز مع أمه الجامايكية، آيفي والترز، وكان يتسلل وهو صغير إلى ملعب «فيلا بارك». انضم والترز لنادي إستون فيلا وشارك مع الفريق للمرة الأولى وهو في السابعة عشرة من عمره، قبل شهر واحد من فوز النادي على بايرن ميونيخ الألماني في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1982.
لم يكن والترز ضمن تشكيلة الفريق الذي خاض تلك المباراة، لكنه سرعان ما أصبح لاعباً أساسياً في الفريق الأول بالنادي وأحد أفضل اللاعبين في مركز الجناح في إنجلترا. وحاول نادي إيفرتون، الذي كان حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز آنذاك، الحصول على خدماته عام 1987، لكنه فضل اللعب في اسكوتلندا. يقول والترز عن ذلك: «كان الناس يقولون إن رينغرز قد قدم عرضاً مالياً أعلى بكثير من نادي إيفرتون لضمي، لكن الحقيقة أن الفوارق المادية كانت بسيطة للغاية. وكان السبب الرئيسي في انتقالي إلى اسكوتلندا يتمثل في أن الأندية الإنجليزية كانت لا تزال ممنوعة من اللعب في المنافسات الأوروبية، في حين كان رينغرز قد فاز بلقب دوري أبطال أوروبا. وكان كثير من اللاعبين الإنجليز الجيدين قد ذهبوا بالفعل إلى هناك، مثل راي ويلكنز وتيري بوتشر، وقد أصبحت بالفعل أحد المعجبين بالنادي بعد مشاهدتي له وهو يلعب في البطولة الأوروبية، كما كنت أعشق الأجواء في ملعب إبروكس».
وبالفعل كانت الأجواء في المباريات الأوروبية للنادي رائعة للغاية، لكن لكي يستمتع والترز بتلك الأجواء كان يتعين عليه في البداية أن يواجه العنصرية. يقول والترز: «أخبرني المدير الفني للفريق غرايم سونيس بأنني قد أتعرض لبعض الانتقادات، لكني لم أكن أعرف أنه لا يوجد لاعبون سود آخرون في الدوري الاسكوتلندي، وكنت سأصاب بالصدمة لو عرفت أنني سأكون أول لاعب أسود في المسابقة، لكن ذلك لم يؤثر في عزيمتي وإصراري».
وفي أول ظهور له مع رينغرز، وكان ذلك في مباراة الفريق خارج ملعبه أمام سيلتيك، أطلق عدد كبير من الجمهور البالغ 50 ألف متفرج أصوات القرود في كل مرة يلمس فيها الكرة، كما اضطر الحكم إلى إيقاف المباراة من أجل إزالة الموز الذي ألقي على أرض الملعب. وتعرض والترز لمعاملة أسوأ من جمهور نادي هارتس بعد ذلك بأسبوعين. لكن هذه المرة، كان والترز يعرف ما ينتظره في تلك المباراة، نظراً لأنه عندما كان الفريق في طريقه إلى ملعب المباراة أراه زميل له بالفريق مقابلة صحافية مع رجل معه كمية كبيرة من الفاكهة التي اشتراها خصيصاً لكي يلقيها على والترز في ملعب المباراة.
يقول والترز عن ذلك: «كان الرجل يقف هناك مزهواً بنفسه، لذلك كنت أعرف أنه يتعين علي أن أحتفظ بهدوئي، لكنني صُدمت عندما بدأت المباراة ورأيت أنها ليست مجرد فاكهة، فقد كان الناس يلقون أيضاً سهاماً وأقدام دواجن». وعندما سئل والترز عما إذا كان قد فكر في مغادرة الملعب أثناء المباراة بسبب تلك الأحداث العنصرية، أم لا، رد قائلاً: «كان كل ما أفكر فيه هو اللعب بشكل أفضل، وأود أن أشكر أمي لأنها علمتني أن أبذل ضعف المجهود إذا كنت أريد تحقيق شيء ما، وقد التزمت بما علمتني إياه».
وقد أثارت المعاملة التي تلقاها والترز ردود فعل غاضبة وإدانة واسعة في جميع أنحاء اسكوتلندا، وهو الأمر الذي أدى إلى انحسار العنصرية في البلاد بعد ذلك. وتلقى والترز خطاباً من أحد مشجعي نادي هآرتس يعتذر فيه عن سلوكه ويعلن أنه عاقب نفسه بعدم حضوره أي مباراة في الملعب طيلة حياته. يقول والترز: «لم أواجه مشكلة واحدة في اسكوتلندا خارج الملعب، لذا قد يكون من الأفضل أن أعتقد أن العنصرية كانت مجرد محاولة لتشتيت تركيزي داخل الملعب وليست إشارة إلى أن الناس كانوا عنصريين حقاً. وقد كانت تلك الرسالة جيدة، لو تعلم هذا المشجع مما حدث، لأن التعلم دائماً هو الحل».
وقد حصل والترز على دورات تدريبية في كرة القدم بعد اعتزاله، لكن لم يتعلم بالقدر الذي كان يريده. لقد حصل على جميع المؤهلات التدريبية اللازمة وبدأ ما كان يأمل أن يكون مهنة ثانية طويلة الأمد من خلال تولي تدريب نادي إستون فيلا تحت 9 سنوات. يقول والترز: «كنت مستعداً للبدء من المراحل العمرية الأصغر ومواصلة العمل حتى أصل إلى تدريب الفريق الأول، لأنه لم تكن لدي أي خبرة في مجال التدريب من قبل».
لكن كان أقصى ما وصل إليه والترز هو تدريب فريق إستون فيلا تحت 14 عاماً، باستثناء الفترة القصيرة التي قضاها في تدريب الفريق الأول بدعوة من المدير الفني الآيرلندي ديفيد أوليري قبل إقالته في عام 2006. كما قضى والترز 5 سنوات في التدريب في المدارس كتابع للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم. يقول والترز: «لكنني لم أحصل أبداً على فرصة لتدريب اللاعبين المحترفين الشباب أو لاعبين في المستوى نفسه، أو بالقرب من المستوى الذي لعبت فيه حتى يمكنني أن أنقل إليهم خبراتي. أعتقد أنه إذا لم تكن ابناً لمدير فني أو تلعب الغولف مع رئيس أكاديميات الناشئين أو ما شابه، فلن تحصل على وظيفة أبداً، فالوظائف تذهب إلى الأشخاص الذين لم يسبق لهم أن لعبوا أبداً على المستوى الاحترافي».
وأضاف: «لقد حصلت على كل الأوسمة وكل الجوائز، وكانت مؤهلاتي تفوق جميع الوظائف التي عملت بها في واقع الأمر. لقد تقدمت لكثير من الوظائف الأخرى، لكن معظمها لم تتحمل حتى عناء الرد. لقد أدركت أن الأمر كله يتوقف على العلاقات الشخصية». وتابع: «لحسن الحظ أنني لست بحاجة إلى التدريب لكي أحصل على قوت يومي، فأنا لدي بعض العقارات وبعض المشروعات الأخرى التي تجعلني مشغولاً، لكنني كنت أحب أن أحصل على فرصة لنقل خبراتي للآخرين. أما الفرص الوحيدة التي تناسب المستوى الذي أريده فهي خارج إنجلترا. لقد أتيحت لي الفرصة للذهاب إلى الولايات المتحدة، لكنني كنت قد انفصلت عن زوجتي في ذلك الوقت ولم أكن أرغب في أن أعيش بعيداً عن أولادي».
يذكر أن ابنه وابنته في الثالثة والعشرين والخامسة والعشرين على التوالي. ويرى والترز أن فرصته في التدريب على أعلى مستوى قد تكون مرت بالفعل. لكنه يعتقد أنه يجب اتخاذ التدابير اللازمة لحصول المديرين الفنيين السود على فرصة التدريب في مستويات تناسب قدراتهم. ويقول والترز: «نسبة المديرين الفنيين السود إلى اللاعبين السابقين السود منخفضة بشكل يبعث على السخرية ولا يمكن أن تستمر بهذا الشكل».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».