صناعة الإعلام المسرحي

صناعة الإعلام المسرحي
TT

صناعة الإعلام المسرحي

صناعة الإعلام المسرحي

يقدم العدد الجديد من مجلة «المسرح» (مزدوج 25 ـ 26)، التي تصدر بصفة دورية عن إدارة المسرح بدائرة المسرح في حكومة الشارقة، مجموعة متنوعة من الدراسات والمقالات، العربية والمترجمة، كما يرصد العديد من التجارب والظواهر البارزة التي عرفتها الساحة المسرحية المحلية والعربية في الفترة الماضية.
ويستهل العدد بقراءة كتبها عبد الرحمن بن زيدان حول مسرحية «كتاب الله: الصراع بين الظلام والنور» التي ألفها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس حاكم الشارقة، وقدمت في افتتاح أيام الشارقة المسرحية، وهي من إخراج جهاد سعد.
وفي «الافتتاحية» كتب أحمد بورحيمة، رئيس التحرير، بمناسبة مرور سبع سنوات على تأسيس مهرجان «كلباء» للمسرحيات القصيرة، حول قيمة المهرجان ونجاحه في بلورة لحظة مسرحية خاصة، وضرورة التعمق في معرفتها، والتعريف بها، وتدوين تاريخها.
وفي باب «رسالة»، نشرت المجلة نصاً لحنان الحاج علي، تحت عنوان «المسرح سبيلي إلى الحرية».
وخصص «ملف العدد» لدراسات مختارة من ذاكرة الندوات المصاحبة لأيام الشارقة المسرحية. وفي مستهل الملف يتطرق رشيد بناني في بحثه الموسوم «حفريات في تاريخ الملصق المسرحي»، إلى صناعة الإعلام المسرحي، ودور «البوستر» في الترويج للأعمال المسرحية. ويستحضر الباحث المسرحي في هذا الإطار الممارسات الأولية في مجال استخدام الملصقات الدعائية، خصوصاً في فرنسا، مسلطاً الضوء على الأثر الحاسم لتطور التكنولوجيا الطباعية وازدياد وسائل الاتصال في شيوع هذا الوسيط الإعلامي وتأثيره.
وحول طرائق حفظ وتوثيق كل ما يتصل بالظروف واليوميات التي ترافق إخراج أحد العروض المسرحية، كتب فهد الكغاط دراسته المعنونة «مسودات الإخراج المسرحي: النص في أرشيف العرض... الحالات والتحولات»، مشيراً إلى ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام لعناصر مثل «كراسة الإخراج، ومخططات الإضاءة وتقارير حصص التدريب، ورسومات الديكور، والملصقات... إلخ» بوصفها مادة تاريخية لا غنى عن صونها.
وكتب معز المرابط عن الفرق بين الاقتباس والسطو في أساليب وحلول إخراج العروض المسرحية، لافتاً إلى الدور الذي لعبته مواقع وتطبيقات الإنترنت في هذا الاتجاه.
وضم ملف العدد أيضاً دراسة لهيثم الخواجة، حول موقع كتب السير والمذكرات الذاتية في المكتبة المسرحية العربية، وهو توقف عند بعض النماذج التي صدرت في أوقات مختلفة، لمسرحيين من سوريا ومصر والعراق.
وفي باب «دراسات»، استقصى الباحث عبد الرحيم وهابي بذور الجدل حول العلاقة بين النص والعرض في كتاب «فن الشعر» لأرسطو، كما يتضمن الباب دراسة تحت عنوان «بدايات المسرح العربي ودراما اللامعقول» بقلم رضا عطية الذي اختار نص «يا طالع الشجرة» لتوفيق الحكيم، نموذجاً لموضوعه.
وتحت عنوان «مسرح اللاجئين السوريين والبحث عن الهوية المفتقدة» قرأت الباحثة هبة بركات الأصداء التي رافقت إنتاج مسرحية «عندما تبكي فرح» في تجربتين مختلفتين: عربية وألمانية، وفي العمل نفسه كتب وائل قدور شهادة تحت عنوان «عندما تبكي فرح: أي دور للمسرح في سوريا الآن»، وذلك في ضوء معايشته إنجاز العرض في المملكة الأردنية.
وعن دور المكان والزمان وذاكرة المتلقي في إسباغ المعاني والدلالات الجديدة على الأعمال المسرحية المعدة لتقدم خارج سياقاتها الثقافية الأصلية، كتبت الباحثة أماني يوسف سليم دراستها الموسومة «المعالجة الدرامية عبر الثقافات». وتناول الباحث الحسين أوعسري جماليات اللغة في فن المونودراما بين العامية والفصحى انطلاقاً من تجربة الفنان المغربي عبد الحق الزروالي. وحول آليات الكتابة في المسرح الساخر، جاءت دراسة الباحث عبد الهادي الزوهري الذي استند إلى نص «جحا وشجرة التفاح» للكاتب المغربي أحمد الطيب العلج. وتحت عنوان «المسرح والمدينة: العلاقة وتحولاتها» أتت دراسة عبد العالي السراج.
وخصص باب «تجارب وشهادات» لسيرة الفنانة الجزائرية الراحلة صونيا، التي تعد من أبرز الوجوه النسائية في المسرح العربي المعاصر، وقد أسهمت في إحداث حراك مسرحي نسوي واسع في بلدها قبل أن ترحل في شهر مايو (أيار) الماضي. وتضمنت المادة التي أنجزها الكاتب عبد الرزاق بوكبة العديد من الصور النادرة.
وفي باب متابعات، كتب سيد علي إسماعيل عن ملابسات زيارة أول فرقة مسرحية مصرية إلى السودان سنة 1935، مبرزاً ما صاحب إقامتها التي استمرت لأكثر من شهر، وكيف نجحت في تقديم أكثر من 10 مسرحيات مختلفة من عيون المسرح العربي خلال زيارتها.
ويتضمن الباب أيضاً مقالة ترجمها ناصر نور، وتتضمن انطباعات المؤرخ المسرحي الأميركي المخضرم مارفن كارلسون حول 10 عروض مسرحية عربية شاهدها أخيراً.
وإلى جانب تغطيات موسعة للتظاهرات المسرحية السبع التي أقيمت في مدن الشارقة المختلفة، خلال الفترة الماضية، يضم باب متابعات طائفة متنوعة من المقالات حول أبرز ظواهر المشهد المسرحي العربي الراهن، إضافة إلى رسائل وتقارير حول النشاط المسرحي الخاص بالجاليات العربية في بلدان أوروبية عدة.
وفي باب «نصوص»، اختارت المجلة مسرحية قصيرة بعنوان «الخادمة والشيطان» للكاتب محمد زيطان.
وزينت صورة الغلاف بمشهد من مسرحية «المجنون» لجبران خليل جبران وإخراج محمد العامري، الحائزة جائزة أفضل عرض في الدورة الأخيرة من أيام الشارقة المسرحية، وهي من إنتاج فرقة مسرح الشارقة الوطني 2018.



رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض