«نحيب الرافدين»... اعتراف أم عملية تجميل لزمن صدام حسين؟

رواية سيرية عن تسعينات القرن الماضي في العراق

«نحيب الرافدين»... اعتراف أم عملية تجميل لزمن صدام حسين؟
TT

«نحيب الرافدين»... اعتراف أم عملية تجميل لزمن صدام حسين؟

«نحيب الرافدين»... اعتراف أم عملية تجميل لزمن صدام حسين؟

بعد مسيرة طويلة للأديب عبد الرحمن مجيد الربيعي في القصة والرواية منذ ستينات القرن الماضي، أصدر رواية طويلة بعنوان «نحيب الرافدين»، مزج فيها الذكريات بالسرد المتخيَّل، عن حقبة التسعينات من القرن الماضي في العراق. أبطال هذه الرواية أدباء معروفون منهم غازي العبادي، وأحمد خلف، وماجد السامرائي وغيرهم كثيرون. وبين إفصاح عن الأسماء وإشارات واضحة، وبين المتخيَّل الذي ظهر شحيحاً ومصاباً بفقر الدم الأدبي وقد أساءت إليه محاولة تجميل الماضي، جعل الربيعي الشخصيات بأجمعها ضحايا وإن كانت صامتة. ومما يثير الانتباه إصرار الربيعي على جعل الأديب والناقد ماجد السامرائي بطلاً لذاك الزمان، كأنه لم يكن من ضمن ماكينة السلطة. وبالطبع، لا أحد يطالب السامرائي بأن يكون بطلاً معارضاً ولا نلومه على ما عاشه بالطول والعرض في ظل سلطة حديدية غاشمة، ولن نقارن أيضاً بينه وبين أدباء الشتات الذين ذاقوا مرارة الهجرة والتهجير وما زالوا يتجرعون مرارة الحنين وخسران الأمكنة والزمان. لسنا هنا في مهمة نقدية أدبية بحتة، بل نحاول أن نفكك طبيعة توجه الرواية وتلاحمها مع المقدمة التي كتبها السامرائي نفسه متأسياً على زمانه، ممجداً الرواية وكاتبها، فاضحاً أو مؤنِّباً الربيعي لعدم تذوقه مرارة فترة الحصار، واعتراف الربيعي بانتقاله إلى بيروت ممثلاً عن الحكومة في سفارتها أيام الحرب العراقية الإيرانية. وقبل مقدمة السامرائي للرواية، يتقدم الرواية إهداء المؤلف «إلى الراحلين، إلى أصدقائي الذين رحلوا، ذكرى أيام خلت، إلى خالد حبيب الراوي، لطفي الخياط، غازي العبادي، أحمد فياض المفرجي، عزيز عبد الصاحب، وعزيز السيد جاسم...».
الكل شهود ميتون، وهو أول اتّكاء للرواية على جدار أصم يمكنه الكتابة عليه كما يشتهي المؤلف، خصوصاً أنه يخلط بين التذكر والخيال. لكنه أراد ومع سبق الإصرار أن يكون العمل الأدبي مرهوناً بالوقائع التي عاشها، ولكن بانتقائية تحرص على تجميل الماضي والدفاع عن الشخصيات كأنها عاشت تلك الحقبة وهي تلبس طاقية الإخفاء السحرية.
واختصاراً للقصد، فإننا سنمرّ على مقدمة ماجد السامرائي التي يبدو فيها متحاملاً على الحاضر باعتباره كان ضحية في الماضي! «فماذا كانت المحصلة من هذا كله؟ كانت الغزو والاحتلال، والموت المضاعف آلاف المرات وخيانات لا تعدّ ولا تحصى، وخونة يتباهون بخياناتهم لبلدهم وناسه، وشعباً مشرّداً، وآخر ضائعاً أو مضيَّعاً ومتاجرة بالبشر، دماءً وأرواحاً، حتى بات الناس يسمون بلدهم (ولاية همجستان) لفرط ما شهدنا من استباحات لدماء البشر وممتلكاتهم وأعراضهم، فإلى أين تريد للثقافة والمثقف أن ينتهيا في واقع كهذا؟» (ص 14). كأن الماضي لم يكن حروباً بالإنابة، كما كانوا يسمونها، وتشريداً وسجوناً وتهميشاً وكيمياوياً، وهجوماً على الدول المجاورة وتهديد الناس بأموالهم وأعراضهم وحياتهم، وخنق الأجواء بحزب واحد، وتعليماً مغلقاً، وسماءً مصبوغة بالكاكي والحرب ضد الكرد بداية السبعينات ونهايتها بعقد اتفاقية الجزائر مع إيران عام 1975، ثم الدخول في حرب خرقاء مع إيران لثماني سنوات، انتهت بالقتلى والأسرى وتمزيق خامة النسيج العراقي.
ويفصح السامرائي عن حلمه المفقود، المتمثل في الماضي «فماذا تفعل حين تجد مدينة الحلم تتهاوى بحلمك فيها وتصبح هي نفسها بلا معنى بالنسبة إليك بعد أن فقدت رموزها أمامك، وعلى مرأى منك؟ هل تحتفي بحاضر لم يعد لك أو منك؟».
إذن التأسي على الماضي برمته، رموزه والحلم الذي تهاوى. تُرى أيُّ حلم يتحدث عنه؟ الحلم بالقضاء على الذين يكتبون خارج السرب ويحلمون بالحرية؟ لأن الحاضر لم يعد له، ولأنه فقد المنصب الثقافي... السامرائي يشعر الآن بالضياع وهذا واحد من حقوقه، ولكن على شرط ألا يهاجم المثقف العراقي، بأسلحة الماضي التي مزّقت الوسط الثقافي وذهب ضحيتها الكثيرون.
ويبقى السامرائي مُصراً على المسير باتجاه اتهام الآخرين بفقد الكينونة، «ينبغي أن نقول ونكتب دون أن نأبه لهذه الأحجار فاقدة الكينونة التي رماها هذا الغريب والغرباء عن حياتنا وتاريخنا في الطرقات لتصدنا عن المسار» (ص 19).
وبالعودة إلى الروائي عبد الرحمن الربيعي، فإن مقدمته القصيرة (صفحة ونصف الصفحة. بينما مقدمة السامرائي 11 صفحة) لا تخلو من الإبانة عن التناقض في وقت كتابة الرواية كما يدّعي وتاريخ نشرها، حيث يقول: «تتحدث روايتي هذه عن العراق في ظل الحرب العراقية الإيرانية وقد بدأت كتابتها ببغداد بعد عودتي إليها من بيروت عام 1986 وفرغت من كتابتها بتونس عام 2006 وأعلنت عن قرب صدورها تحت اسم (كلام الليل) لكن الظروف لم تسمح لي بنشرها، ووجدت أن نشرها في سنوات الحصار الدامية غير مجدٍ ولا أخلاقي رغم وجودي خارج العراق» (ص 21).
إذن نشرها غير أخلاقي وقت الحصار، ونسأل: لماذا؟ أليس مهمة الأدب الكشف عن المعاناة والصعوبات أو الكشف عن الواقع؟ أليس هذا تعسفاً أدبياً في الاتكاء على مفهوم الأخلاقي؟ خصوصاً أنه يضيف: «وأضيف هنا أنني لم أقم إلا ببعض التشذيب بعد إعداده للنشر، مما تطلبه الواقع الجديد الذي أصبح العراق عليه». المصدر نفسه. ماذا يعني بالتشذيب؟ أليس العمل كاملاً ولكنه لم ينشره بسبب أن النشر غير مجدٍ ولا أخلاقي؟!
ولكن أصعب ما في مقدمة الربيعي الخادشة قوله: «وأردد دعاءنا الشعبي ختاماً: اللهم لا شماتة» ويوقّع بـ«تونس، صيف 2010». إننا إزاء عملية تزييف لحياة معيشة أشرك فيها جمعاً غفيراً من الأدباء لكي تكتمل الصورة. مهما حاول الأدب أن يرسم صورة لواقع سالف بطريقة مغايرة لما عاشها الناس، فإنه يفشل في إقناع المتلقي بمصداقية سرده الأدبي لأن القارئ يبحث عن قرين لتجاربه، ويسعى لتعليق صوره القديمة على جدران سرد المؤلف، باحثاً عن أسباب حدوث الوقائع عبر تاريخه الشخصي -سيما في الحروب- وتاريخ الحرب وتأثيرها على واقع بلاده.
على المؤلف ألا ينسى عدد الضحايا والأيتام والأرامل، والذين فرّوا من النيران والسواتر إلى محرقة الذاكرة وفقدان الأمل.
ويبقى السؤال السهل في منطقه، والصعب في تحقيق مبتغاه: هل كان بإمكان ماجد السامرائي وعبد الرحمن الربيعي أن يبوحا بما يكنّان من آراء صريحة تهاجم وتنتقد وتجرح وتدين وتتخذ موقفاً بهذه الطريقة؟ وهل يمتلكان الحرية العريضة التي تحركا بها وهما ينتقدان ويشوهان صورة المثقف العراقي ويندمان على الماضي ومدينة الحلم التي تتهاوى، لو أن الربيعي نشر الرواية في عهد صدام حسين؟
إن الجواب واضح من الكم الهائل من الروايات المسطحة التي صدرت في زمن صدام... زمن السامرائي والربيعي.



«إنها فعلا لذيذة»... صيني يأكل موزة اشتراها بـ6 ملايين دولار

رجل الأعمال الصيني الأميركي جاستن صن يأكل عملاً فنياً على شكل موزة مكون من موزة طازجة ملتصقة بالحائط بشريط لاصق في هونغ كونغ في 29 نوفمبر 2024 بعد شراء العمل الفني الاستفزازي في مزاد في نيويورك مقابل 6.2 مليون دولار (أ.ف.ب)
رجل الأعمال الصيني الأميركي جاستن صن يأكل عملاً فنياً على شكل موزة مكون من موزة طازجة ملتصقة بالحائط بشريط لاصق في هونغ كونغ في 29 نوفمبر 2024 بعد شراء العمل الفني الاستفزازي في مزاد في نيويورك مقابل 6.2 مليون دولار (أ.ف.ب)
TT

«إنها فعلا لذيذة»... صيني يأكل موزة اشتراها بـ6 ملايين دولار

رجل الأعمال الصيني الأميركي جاستن صن يأكل عملاً فنياً على شكل موزة مكون من موزة طازجة ملتصقة بالحائط بشريط لاصق في هونغ كونغ في 29 نوفمبر 2024 بعد شراء العمل الفني الاستفزازي في مزاد في نيويورك مقابل 6.2 مليون دولار (أ.ف.ب)
رجل الأعمال الصيني الأميركي جاستن صن يأكل عملاً فنياً على شكل موزة مكون من موزة طازجة ملتصقة بالحائط بشريط لاصق في هونغ كونغ في 29 نوفمبر 2024 بعد شراء العمل الفني الاستفزازي في مزاد في نيويورك مقابل 6.2 مليون دولار (أ.ف.ب)

أوفى رجل اشترى عملاً فنياً يمثل موزة مثبتة على حائط لقاء 6.2 مليون دولار، بوعده الجمعة، وأقدم على تناول قطعة الفاكهة.

ففي أحد فنادق هونغ كونغ الفاخرة، أكل جاستن صن، وهو رجل أعمال صيني أميركي ومؤسس منصة «ترون» للعملات المشفرة، الموزة التي تمثل عملاً فنياً أمام عشرات الصحافيين والمؤثرين، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وقبل إقدامه على هذه الخطوة، ألقى الشاب البالغ 30 عاماً كلمة وصف فيها العمل الفني بأنه «إبداعي»، مشيراً إلى أوجه تشابه بين الفن التصوّري والعملات المشفرة.

وقال بعد أن التهَم أوّل قطعة من الموزة: «إنها أفضل بكثير من أي موزة أخرى. هي فعلا لذيذة».

ويتألّف العمل الذي يحمل اسم «كوميديان» من موزة معلّقة على حائط بقطعة كبيرة من شريط لاصق فضي، تولى ابتكاره الفنان الإيطالي المتمرد والمثير للاستفزاز ماوريتسيو كاتيلان.

وبيع هذا العمل الفني مقابل 6.2 مليون دولار، ضمن مزاد نظمته دار «سوذبيز» خلال الأسبوع الفائت في نيويورك.

امرأة تلتقط صورة أمام ملصق يصور عملاً فنياً للموز يتكون من موزة طازجة ملتصقة بالحائط بشريط لاصق في هونغ كونغ 29 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وقال جاستن صن إنه شعر بـ«ارتياب» في الثواني العشر الأولى التي تلت عملية البيع، ثم اتخذ قراراً بتناول حبة الفاكهة.

وأوضح، الجمعة، أن «أكل الموزة خلال مؤتمر صحافي قد يكون جزءاً من تاريخها».

وهذا العمل موجود في 3 نسخ، ويرمي إلى إعادة طرح مفهوم الفن وقيمته. وتم الحديث عنه بشكل كبير منذ عرضه للمرة الأولى عام 2019 في ميامي.

ويحصل صاحب أحد الأعمال على شهادة أصالة، بالإضافة إلى تعليمات بشأن كيفية استبدال حبة الفاكهة عندما تبدأ بالتعفن.

وقارن صن الأعمال التصوّرية مثل «كوميديان» بفن رموز «إن إف تي» (رموز غير قابلة للاستبدال تتيح الحصول على شهادة أصالة رقمية) وتقنية الـ«بلوكتشين» (سلسلة الكتل) التي تقوم عليها العملات المشفرة.

وأشار إلى أنّ «معظم هذه الأشياء والأفكار موجودة بوصفها ملكية فكرية وعلى الإنترنت، وليس غرضاً مادياً».

وتلقى المشاركون في المؤتمر الصحافي، الجمعة، لفافة من الشريط اللاصق وموزة هدية تذكارية.