العثماني: المغرب مؤمن بأن لا ديمقراطية من دون تنمية محلية

خلال افتتاح المنتدى العالمي للجهات في الرباط

سعد الدين العثماني يتوسط المشاركين في المؤتمر الدولي للجهات بالرباط أمس («الشرق الأوسط»)
سعد الدين العثماني يتوسط المشاركين في المؤتمر الدولي للجهات بالرباط أمس («الشرق الأوسط»)
TT

العثماني: المغرب مؤمن بأن لا ديمقراطية من دون تنمية محلية

سعد الدين العثماني يتوسط المشاركين في المؤتمر الدولي للجهات بالرباط أمس («الشرق الأوسط»)
سعد الدين العثماني يتوسط المشاركين في المؤتمر الدولي للجهات بالرباط أمس («الشرق الأوسط»)

قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، إن بلاده تؤمن إيماناً عميقاً بالدينامية التي يجب أن تسهم بها الجهات (المناطق) والحكومات المحلية في مختلف أوجه التنمية ومستوياتها، مؤكداً أن الديمقراطية تحتاج إلى ديمقراطية محلية قريبة من المواطنين.
وأضاف العثماني، الذي كان يتحدث في افتتاح الدورة الحادية عشرة من المنتدى العالمي للجهات في الرباط، مساء أمس، أن المغرب يؤمن أن «لا ديمقراطية من دون تنمية محلية، وإشراك السكان المحليين في تدبير شؤونهم بأنفسهم»، مشدداً على ضرورة مراعاة الخصوصيات التي تتميز بها المناطق والجهات حتى داخل البلد الواحد.
وينظم المنتدى العالمي للجهات تحت شعار «الجهات في مواجهة تحديات تنفيذ الأجندات الثلاث» (أجندة 2030، اتفاق باريس، الأجندة الحضرية الجديدة).
وأبرز العثماني أمام العشرات من رؤساء المناطق الجهوية من دول مختلفة، أن المملكة المغربية منخرطة في التطور العالمي والدينامية التي جاءت بها الأجندات العالمية الثلاث «على الرغم من الكلفة المالية والاقتصادية لهذا الانخراط». واستدرك قائلاً: «ولكن نؤمن أنه على المدى المتوسط سيربح المغرب، وسيربح المواطنون في مواجهة التقلبات المناخية المؤثرة على مستقبل البشرية ومستقبل أبنائنا».
وقال العثماني إن المغرب منخرط «عملياً ومنذ سنوات في مضامين هذه البرامج الثلاثة».
وأشار رئيس الحكومة إلى أن المغرب بحاجة إلى أن يستفيد من أصدقائه عبر العالم، وأن «نتقاسم معهم تجاربنا وأن نعطي أهمية للجهات في تنفيذ وتطبيق هذه السياسات». كما سجّل أن المغرب يمتلك «استراتيجية للتنمية المستدامة وبدأ العمل على تنزيلها»، معتبراً أن الاستثمار في الطاقات المتجددة يهدف إلى تحقيق «أهداف طموحة، ونسعى إلى توليد 42 في المائة من الكهرباء الوطنية من الطاقات المتجددة عام 2020، و52 في المائة من الطاقات المصنعة في سنة 2030، وهناك استراتيجية النجاعة الطاقية التي نحن بصدد المصادقة عليها».
وأوضح العثماني أن موضوع المنتدى العالمي للجهات «يدخل في الاهتمامات اليومية للمسؤولين مركزياً وجهوياً ومحلياً». وشدد على أنه يلبي رغبة مغربية في المشاركة عالمياً في هذه الدينامية الإيجابية التي تتوفر من جهة على دعم الحكومات المحلية ودعم التنمية المستدامة ومختلف برامجها في مواجهة التقلبات المناخية.
من جهته، دعا نزار بركة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي، إلى ضرورة استثمار الفرص التي تتيحها الأجندات الثلاث الدولية لتقليص الفوارق الاجتماعية وتحفيز الاقتصاد المحلي وتقليص التبعية الطاقية والتصدي بشكل فعال للتغيرات المناخية.
وحث بركة الجهات على تملك استراتيجية ورؤية «بعيدة المدى تشرك جميع الفاعلين في إطار مشروع مجتمعي يشارك فيه ويمتلكه المجتمع»، معتبراً أن الجهات مدعوة لإنجاح العديد من الأوراش وإرساء دينامية اقتصادية قادرة على الصمود وضمان الاستدامة.
بدوره، أكد عبد الصمد سكال، رئيس منظمة الجهات المتحدة، ورئيس جهة الرباط - سلا - القنيطرة، في كلمة ألقاها نيابة عنه نائبه محمد عواد، أن المنظمة منذ إحداثها سنة 2007 وهي تعمل على تكريس وتقدم مسار الجهوية وتعزيز أدوار الجهات في منظومة حكومة الدول.
وأضاف سكال أن ضمان مستقبل أفضل للبشرية وتحقيق شروط حياة أحسن لسكان هذا الكوكب تمر بالضرورة عبر «تضافر جهود كل الفاعلين والمعنيين من أجل تسريع وتيرة تنفيذ الأجندات الثلاث»، محذراً من أن أي تأخير في تنفيذها، وخاصة أجندة اتفاق باريس للمناخ، ستكون له «عواقب وخيمة وغير قابلة للتدارك»، بحسب تعبيره.
وسجل المتحدث ذاته أن التقارير الدولية الصادرة أخيرا تشير إلى «أننا بعيدون عن الانخراط الجماعي لكل الدول والحكومات المحلية والفاعلين بالشكل المطلوب بما يضمن بلوغ أهداف هذه الأجندات في الآجال المقررة»، مشدداً على أن بلوغ هذا الهدف يتطلب إحداث «تغييرات هيكلية عميقة في نماذج التنمية المعتمدة وفي أنماط التخطيط والبرمجة، ولن تكفي فيه برامج أو إجراءات معزولة».
ويرتقب أن يختتم المنتدى العالمي للجهات أشغاله اليوم الثلاثاء، حيث يرتقب أن تصدر عنه جملة من التوصيات التي من شأنها الإسهام في تسريع تحقيق الأهداف التي نصت عليها الأجندات الثلاث، التي اختارت الدورة مناقشتها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم