النتائج النهائية لانتخابات كردستان: 45 مقعداً لـ«الديمقراطي» و21 لـ«الاتحاد»

«التغيير» والأحزاب الإسلامية أكبر الخاسرين

ناخبتان تقترعان بالانتخابات البرلمانية التي جرت في إقليم كردستان في 30 سبتمبر الماضي (أ.ب)
ناخبتان تقترعان بالانتخابات البرلمانية التي جرت في إقليم كردستان في 30 سبتمبر الماضي (أ.ب)
TT

النتائج النهائية لانتخابات كردستان: 45 مقعداً لـ«الديمقراطي» و21 لـ«الاتحاد»

ناخبتان تقترعان بالانتخابات البرلمانية التي جرت في إقليم كردستان في 30 سبتمبر الماضي (أ.ب)
ناخبتان تقترعان بالانتخابات البرلمانية التي جرت في إقليم كردستان في 30 سبتمبر الماضي (أ.ب)

بعد ثلاثة أسابيع وفي ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية وعلى نحو مفاجئ، أعلنت مفوضية الانتخابات في إقليم كردستان العراق النتائج النهائية للانتخابات النيابية التي جرت في الإقليم، نهاية الشهر الماضي. وأكد مدير المفوضية، هندرين محمد، أن نحو 120 ألف صوت في ست وتسعين محطة انتخابية في محافظات الإقليم الأربع، قد تم إلغاؤها بعد ثبوت عدم صحة عملية الاقتراع في تلك المحطات، من قبل لجان التحقيق في المفوضية.
وأظهرت النتائج فوزاً كاسحاً للحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، بحصوله على خمسة وأربعين مقعداً من أصل مائة هي مجموع مقاعد برلمان الإقليم، تلاه شريكه وغريمه التقليدي حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي حصد واحداً وعشرين مقعداً، أي بزيادة ثلاثة مقاعد عن الدورة السابقة، فيما منيت قوى المعارضة وفي مقدمتها حركة التغيير بهزيمة كبيرة، حيث فقدت نصف مقاعدها في الدورة الماضية، بحصولها على اثني عشر مقعداً فقط، مما يعني وفقاً للاستحقاقات الانتخابية، فقدانها لمنصب رئيس البرلمان أيضاً.
أما حزب الجماعة الإسلامية المعارض، بزعامة رجل الدين علي بابير، فقد حصل على سبعة مقاعد متراجعاً بمقعد واحد، ثم الاتحاد الإسلامي بزعامة صلاح الدين محمد بهاء الدين الحاصل على خمسة مقاعد متراجعاً بسبعة مقاعد، فيما حصد «حراك الجيل الجديد» المنبثق ربيع العام الماضي والذي يرأسه رجل الأعمال شاسوار عبد الواحد ثمانية مقاعد، في مفاجأة لم تكن متوقعة في الحسابات السياسية بالإقليم.
وعلى الفور أعلن المكتب السياسي للاتحاد الإسلامي، رفضه لنتائج الانتخابات المعلنة، مؤكداً حدوث تزوير في عملية الاقتراع من قبل الحزبين الحاكمين، وقال في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه «إن الاتحاد الإسلامي يعرب عن قلقه ورفضه للنتائج المعلنة، وسيطعن فيها، ويتبع كل السبل القانونية بغية إبطالها».
بيد أن الحزبين الحاكمين، لا سيما الاتحاد الوطني، أعربا عن قبولهما بنتائج الانتخابات، رغم تحفظات الاتحاد على آلية إجرائها، بغية الحفاظ على ما وصفه بالمصالح العليا لشعب كردستان. وقال سعدي أحمد بيره، عضو المكتب السياسي والمتحدث الرسمي باسم الاتحاد: «لدينا الكثير من الملاحظات والتحفظات بشأن الآلية التي اتبعت في عملية الانتخابات، لا سيما ما يتعلق منها بسجلات الناخبين، التي تضمنت أسماء مزدوجة وأخرى وهمية وغيرها لأشخاص متوفين، والتي بمجملها أثرت على نتائج التصويت، ولكن يجب تنقية سجلات الناخبين وتفادي هذه الأخطاء في الانتخابات المقبلة، لكننا ومع ذلك نعلن قبولنا بهذه النتائج من أجل المصالح العليا لسكان الإقليم الذين هم بأمس الحاجة الآن إلى الخدمات والرعاية على جميع المستويات».
وأوضح بيره، أن التشنجات التي سادت العلاقة السياسية بين حزبه وشريكه الحزب الديمقراطي، في الآونة الأخيرة جراء تقاطع مواقفهما بشأن منصب رئيس الجمهورية في العراق، ستزول قريباً بفعل مقتضيات المرحلة المقبلة من الحياة السياسية والإدارية في الإقليم، مضيفاً: «لقد عملنا معاً في الماضي على تخطي كل العقبات والعثرات التي واجهتنا خلال السنوات الأربع الماضية سواء على صعيد الحرب ضد (داعش) أو الأزمة الاقتصادية الخانقة أو المشكلات الإدارية والسياسية الداخلية، وسنعمل بنفس الروح في المرحلة المقبلة من أجل حفظ مكاسب شعب كردستان وتحقيق المزيد من الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي بالتكاتف مع جميع شركائنا في العملية السياسية».
بدوره، أكد علي حسين، عضو اللجنة المركزية ومسؤول دائرة العلاقات في الحزب الديمقراطي الكردستاني، أن حزبه ورغم فوزه بنصف مقاعد البرلمان الإقليم تقريباً، فإنه ما برح متمسكاً بمبدأ الشراكة الحقيقية في إدارة الإقليم، وسوف لن يعمد إلى تشكيل حكومة أغلبية رغم قدرته على ذلك بموجب الاستحقاقات الانتخابية، بل يسعى إلى ضم جميع القوى الفائزة إلى الحكومة المقبلة، لتقاسم المسؤولية والمهام. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «حزبنا ليست لديه تحفظات أو خطوط حمراء على أي جهة سياسية، ويسعى لإشراك الجميع في الحكومة المقبلة، كل حسب حجمه واستحقاقه الانتخابي، ووفقاً للبرنامج الحكومي الذي سيقدمه رئيس الكتلة الكبرى الذي يكلف بتشكيل الحكومة لاحقاً، وعلى اتفاق سياسي محكم وراسخ مع القوى المشاركة، يكفل استمرار الجميع في أداء مسؤولياتهم حتى النهاية، وعدم تكرار ما حصل من قبل بعض القوى السياسية التي تركت مهامها في الحكومة السابقة، في منتصف الطريق».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.