فتوى حوثية تحرم زواج النساء من أتباع «الشرعية»

TT

فتوى حوثية تحرم زواج النساء من أتباع «الشرعية»

في سياق استمرار الميليشيات الحوثية في توظيف الفتاوي الدينية الصادرة عن معمميها لخدمة أهدافها الطائفية، أصدر مفتي الجماعة المدعو شمس الدين بن شرف الدين بحرمة زواج النساء من الرجال الموالين لـ«الشرعية»، معتبرا أن الإقدام على هذا الفعل «خيانة» تستدعي معاقبة من يرتكبها من السكان في مناطق سيطرة جماعته.
وجاءت الفتوى الحوثية الجديدة، على صفحة في «فيسبوك» يديرها المدعو شرف الدين، الذي كانت الجماعة عينته مفتياً للديار اليمانية في أبريل (نيسان) 2017 مستبعدة بذلك عالم اليمن ذائع الصيت ومفتيها الأشهر الشيخ محمد بن إسماعيل العمراني.
وأصدر المفتي الحوثي فتواه الطائفية التي أثارت غضب اليمنيين، على خلفية اعتداء الميليشيات الحوثية قبل أيام على فتاتين كانتا تزفان في موكب إلى زوجيهما الموجودين في مدينة مأرب الخاضعة للحكومة الشرعية، حيث قام عناصر نقطة التفتيش الحوثية قرب مدينة رداع بإنزالهما من السيارة التي تقلهما واقتيادهما إلى أحد الثكنات قبل أن يتم حلق شعرهما وإجبارهما على العودة إلى مسقط رأسهما في محافظة حجة.
وذكرت المصادر - حينها - أن عناصر الميليشيات أجبرت الفتاتين على كتابة تعهد بعدم مغادرة مناطق سيطرة الجماعة بعد أن وجهوا لهما سيلا من الإهانات المقذعة.
وكانت الجماعة الحوثية أصدرت تعميماً على نقاطها الأمنية في المناطق التي تسيطر عليها تمنع خلالها النساء من التنقل بين المحافظات أو السفر دون وجود مرافقين لهن من الرجال الأقارب.
وحاول المفتي الحوثي أن يبرر بفتواه الانتهاك الذي أقدم عليه عناصر الميليشيات بحق العروسين، بعد أن لاقى صنيع جماعته استنكارا كبيرا في أوساط رجال القبائل الذين وصفوا ما قامت به عناصر النقطة الحوثية بـ«العيب الأسود»، وفق العرف القبلي الذي يجرم المساس بالنساء أو الاعتداء عليهن.
وورد في الفتوى أنه «لا ينبغي لأحد أن يقوم بتزويج ابنته أو شقيقته» لمن هم في مناطق سيطرة «الشرعية» الذين زعمت الفتوى أنهم «مرتزقة»، وأضافت أن ذلك «يعد خيانة ومن يقوم بها وجب تأديبه».
واستنكر الناشطون اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي صدور هذه الفتوى التي يتخوفون من أن تكون مقدمة لسلسلة جديدة من الانتهاكات والجرائم الحوثية بحق النساء اليمنيات في مناطق سيطرة الجماعة، مؤكدين أن الميليشيات التي استباحت دماء اليمنيين ليس بغريب عليها أن تشرعن عبر معمميها لانتهاك أعراضهم.
وكان المفتي الحوثي ذاته قد أفتى بتكفير اليمنيين الرافضين لحكم الجماعة، مبيحاً دماءهم، سيراً منه على ذات النهج الفكري الطائفي الذي كشف عنه زعيم الجماعة في خطبه المتكررة، حيث يقسم المجتمع اليمني، إلى فئتين، هما «أولياء الله والمنافقون»، ويندرج في خانة الفئة الأولى كل موال للجماعة، في حين يشمل التصنيف الثاني كل معارض لها.
وسبق للجماعة أن عينت أعضاء من عناصرها الطائفيين في هيئة الإفتاء الخاضعة لها تحت رئاسة مفتيها شرف الدين الذي تلقى تعليمه الطائفي - بحسب مصادر مطلعة - في حوزات قم الإيرانية حيث تشبع بأفكار المذهب الاثني عشري.
وتلقي الميليشيات بشكل مستمر في مساجد صنعاء التي سيطرت عليها، فتاوى معمميها بشكل يومي، داعية فيها إلى وجوب القتال في صفوفها والتبرع لها بالأموال وحرمة الخروج على حكمها الطائفي أو معارضة زعيمها الذي تزعم أنه «حفيد الرسول».
ومن الفتاوى التي أصدرها مفتى الجماعة شرف الدين وأثارت التندر بين عامة اليمنيين، حين أعلن عدم رؤية هلال شهر رمضان الماضي، ودعا الناس إلى إكمال عدة شعبان لتعذر رؤية الهلال، قبل أن يعود في الفتوى ذاتها ليبيح الصيام لمن أراد ذلك.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.