88 % من اللاجئين يريدون العودة إلى سوريا لولا فقدان الأوراق

TT

88 % من اللاجئين يريدون العودة إلى سوريا لولا فقدان الأوراق

كشفت الأمم المتحدة أن 88 في المائة من اللاجئين السوريين في لبنان يريدون المغادرة إلى بلدهم، وأن الأسباب التي تعيق عودتهم هي عدم امتلاكهم الأوراق الثبوتية، مشيرة إلى أن معظمهم يعيشون تحت خط الفقر، رافضة فكرة أن تقديم الخدمات الصحية لهم يقود إلى عدم رغبتهم بالعودة إلى بلدهم.
أعلنت ممثلة مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان ميراي جيرار، عن هذه المعلومات، خلال حلقة نقاشية بعنوان «توفير بيئة جيدة للنازحين: بين التمكين والتوطين» نظمتها جمعية «إدراك» في إطار المؤتمر السنوي لمستشفى القديس جاورجيوس الجامعي، شارك فيها، إلى جيرار، مدير برنامج هارفرد لصدمات اللاجئين في مستشفى ماساتشوستس وكلية الطب في جامعة هارفرد البروفسور ريتشارد موليكا، أحد أهم الباحثين في مجال رعاية الصحة النفسية للناجين من العنف والصدمة في العالم. بينما تولى إدارة النقاش رئيس «إدراك» الدكتور إيلي كرم.
وأوضحت جيرار «أن 88 في المائة من اللاجئين السوريين في لبنان يريدون العودة إلى بلدهم»، موضحة «أن الأسباب التي تجعلهم يتريثون في ذلك لا تتعلق بمسألة الحلّ السياسي ولا إعادة الإعمار، بل بإزالة عدد من (العوائق العملية)، ومنها مخاوف تتعلق بالممتلكات والأوراق الثبوتية ووثائق الأحوال الشخصية ووضعهم القانوني في بلدهم».
وأشارت إلى أن هذه السنة يواجه العالم رقماً غير مسبوق للطوارئ الإنسانية الناتجة من النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية، بحيث لم يكن يوما عدد اللاجئين والنازحين الداخليين منذ الحرب العالمية الثانية بهذا المستوى الذي وصل اليوم، وهو 68.5 مليون نازح داخل بلادهم أو لاجئين في دول أخرى».
ولاحظت أن «البالغين والأطفال الذين طالتهم الحرب واضطروا إلى النزوح من سوريا والعراق، يختبرون سلسلة واسعة من الأمراض النفسية والمشاكل العصبية، ومنها اضطرابات ما بعد الصدمة». ورأت أن «البيئة التي يعيش فيها اللاجئون تساهم في تراجع أكبر في صحتهم النفسية».
وقالت: «على الرغم من البرامج النفسية الكثيرة والجهود الأخيرة لتحسين العلاج النفسي للاجئين في لبنان، فإن لديهم إمكانية محدودة لولوج خدمات الصحة النفسية الأساسية».
ورفضت ما يرى فيه البعض أن تقديم الخدمات الصحية للاجئين يؤدي إلى عدم رغبتهم بالعودة لبلدهم، مؤكدة «أن عدم الوصول إلى الصحة النفسية يمكن أن يشكل، وعلى العكس، عاملا يؤخر الحلول. فالأشخاص المصابون بمرض نفسي قد لا يشعرون بأنهم يتحكمون بمستقبلهم ويعتمدون كثيرا على المساعدة». وشددت على أن «حل مسائل الصحة النفسية يمكن اللاجئين من التخطيط لمستقبلهم وأخذ المبادرة. ووفق خبرة المفوضية، فالناس الضعفاء هم دائما آخر من يعودون إلى بلدهم».
وعن الأوضاع التي يعيشون في ظلّها، أوضحت أن «ثلاثة أرباع اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر، أي لا يتعدى مدخولهم أربعة دولارات في اليوم، ونحو نصفهم يعيش تحت خط الفقر المدقع، أي أن مدخولهم لا يتعدى ثلاثة دولارات في اليوم، ولكن لديهم أمل في مستقبلهم، و88 في المائة منهم يريدون العودة، ودورنا هو جعل ذلك ممكنا قدر الإمكان».
وتابعت: «إن اللاجئ السوري يدفع ما معدله 200 دولار بدل إيجار شهريا ومع تراجع الوضع الاقتصادي في لبنان وفرص التوظيف، إذا كان محظوظا يمكنه العمل نحو أسبوعين على الأكثر في الشهر، أي يجني نحو 170 دولارا».
وأضافت: «في سوريا ليس عليه أن يدفع إيجارا، أما الرعاية الصحية فهي مدعومة وبالتالي أرخص»، سائلة: «لماذا إذن قد لا يرغب اللاجئ في العودة؟».
من هنا أكدت أن هموم اللاجئين لا ترتبط بالحل السياسي أو إعادة الأعمار، بل ترتكز أسئلتهم حول «هل سيكون علي القتال بعد عودتي؟ هل منزلي لا يزال ملكي؟ هل سأعاقب كوني لاجئا وهل سأستعيد أوراقي الثبوتية وبطاقة هويتي؟»، مضيفة: «هذه هي المواضيع التي نعمل عليها مع السلطات السورية وفي لبنان للحصول على وثائق الأحوال الشخصية كوثائق الزواج والوفاة». واعتبرت أن النقطة المحورية الآن هي المصالحة، والمساهمة في إعادة بناء النسيج الاجتماعي الذي تأثر.
من جهته، رأى موليكا أن «المطلوب مقاربة جديدة في شأن اللاجئين ترتكز على إعادة تأهيل أو ترميم، ولا تقتصر على تأمين الحاجات الضرورية». وأشار إلى أن الإحصاءات والدراسات المتعلقة بالاضطرابات النفسية لدى اللاجئين عموما، دلت على أن 66 في المائة يعانون حالات اكتئاب و33 في المائة يعانون اضطراب ما بعد الصدمة.
وأضاف: «الحالة النفسية للاجئين تسوء بعد عودتهم بسبب الظروف والصعوبات التي تواجههم كعدم توافر العمل أو المسكن اللائق. وتظهر هذه الاضطرابات خصوصا عند الذين مكثوا وقتا طويلا في بلد اللجوء، أو عند من أرغموا على العودة. وفي المقابل، تظهر دراسات أخرى تراجع نسب الاضطرابات النفسية لدى العائدين، بالمقارنة مع ما كانت عليه خلال فترة اللجوء.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.