تقنيات مطورة لحماية «حراس الفضاء»

TT

تقنيات مطورة لحماية «حراس الفضاء»

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عن تأسيس قوات فضائية ردّاً على تهديدات مرتقبة ضد النظم الفضائية الأميركية من قبل روسيا والصين، اللتين تعملان على تطوير أجهزة ليزر شديدة القوة للإخلال بمعدّات الاتصال على الأقمار الصناعية. ويقول الخبراء إن هذا الأمر سوف يدعم أيضاً فكرة إرسال بعثات مأهولة إلى الكواكب المجاورة، مثل كوكب المريخ، إلا أن مثل هذه الرحلات الطويلة تعرض الرواد إلى مخاطر كبيرة.
- حماية حراس الفضاء
أحد أكبر التحديات التي تواجه الاستكشاف الفضائي يتمثل في كيفية حماية رواد الفضاء وأفراد القوة الفضائية، من مجالات الأشعة القاتلة. وفي الماضي، كشفت الأبحاث أن رواد الفضاء يتعرّضون لخطر المعاناة من الماء الأبيض في العين مثلاً. وفي العام الماضي، وجد الرائد سكوت كيلي أنّ حمضه النووي اختلف عن حمض توأمه النووي، بعد إمضائه عاماً كاملاً في الفضاء. تتطلّب الرحلة إلى المريخ (والعودة منه) سنواتٍ، أي أنّ رواد الفضاء وأفراد القوات الفضائية سيتعرّضون لجرعات كبيرة من الأشعة. وحتى اليوم، لم ينجح العلماء في تكوين مفهوم واضح حول جميع المخاطر المرتبطة بالأشعة التي قد يسببها السفر إلى الفضاء. نتعرّض على الأرض لجرعات هائلة من الأشعة الفضائية، ولكنّ المجال المغناطيسي للأرض وغلافها الجوّي يحمياننا منها. وفي حال السفر في الجوّ أو الصعود إلى الجبال، ستتعرضون لجرعات أكبر من الأشعة الفضائية بسبب تراجع سماكة الغلاف الجوي بينكم وبين الفضاء. وفور الخروج من غلاف الأرض الجوي، يتعرّض المسافرون إلى الفضاء إلى معدلات عالية وأنواع مختلفة من الأشعة مقارنة بتلك التي يتعرّضون لها وهم في مستوى البحر. أمّا مقاتلو القوات الفضائية فسيتعرّضون لحزمات أقوى من الجسيمات الذرية: النيوترونات، والبروتونات، والأيونات الثقيلة كذرّات الهيليوم والحديد المتأينة. وتصدر بعض الأشعة عن النجوم المستعرة خارج النظام الشمسي فيما تصدر أخرى عن رشقات نارية قوية ناتجة عن الجسيمات الشمسية النشطة. وتختلف شدة المجال الإشعاعي من موقع لآخر في الفضاء.
- السرطان والماء الأبيض
قد تتسبب الأشعة بتأثيرات حيوية وصحية لأنها تضرّ مباشرة بالحمض النووي وتؤدي إلى تكوين جزيئات سامّة، مثل بيروكسيد الهيدروجين داخل الخلايا. وكانت الدراسات التي أجريت على الناجين من قنبلتي هيروشيما وناغازاكي الذريتين قد وجدت أن الأشخاص الذين تعرّضوا لمعدلات عالية من الأشعة عانوا أكثر من غيرهم من السرطان وحالات الماء الأبيض في العين.
يمكن القول إن مقاتلي القوات الفضائية الذين سيرسلون إلى المريخ سيتعرّضون لمعدلات أشعة شبيهة بتلك التي تعرّض لها ضحايا القنابل الذرية، ولو بنسبة أقل ولفترة أطول. ولكنّ بعضهم قد يكون معرّضاً لذرّات مشحونة ثقيلة تتأين بكثافة أكبر من تلك الموجودة في الأشعة السينية. وتتمتّع الذرات المشحونة الثقيلة بتأثير بيولوجي أشدّ يعود للأشعة السينية لأنها تختزن طاقة أكبر في المسارات القصيرة أثناء مرورها في الخلايا البشرية. من الضروري جداً أن تعمل القوات الفضائية على قياس المجالات الإشعاعية في الزمن الحقيقي، حتى يتمكّن المقاتلون من ارتداء بزات مدرّعة لمقاومة الإشعاع أو الانتقال إلى مناطق محصّنة في المركبة الفضائية لحماية أنفسهم خلال فترات الإشعاع القوية.
- راصد الإشعاع
ويقول فريق علمي كندي هو فريق قمر «نيودوز» إنه طوَّر تقنيات للحماية الفضائية. ويتألّف الفريق من طلاب متعدّدي الاختصاص، من كليات الهندسة والعلوم في جامعة ماكماستر التي تعمل على تصميم وتطوير جهاز رصد جديد للأشعة، وتعتزم اختباره في الفضاء. ومن المقرّر تثبيت هذا الراصد في قمر صناعي صغير، يماثل حجمه حجم رغيف الخبز، وهو من الأقمار المعروفة عادة باسم «كيوب سات». وتعتزم الوكالة الفضائية الكندية إطلاق هذا القمر الصناعي من المحطة الفضائية الدولية في عام 2021. وقال الفريق إنه أتم بنجاح إطلاق بعثة بواسطة منطاد من منصة «ناسا» الطلابية للارتفاعات العالية (NASA›s High Altitude Student Platform). وفي عام 2017، تمّ إطلاق الراصد إلى مسافة 34 كيلومتراً فوق الأرض، بضغط يعادل الصفر، في منطاد مملوء بالهيليوم بحجم 11 مليون قدم مكعّب، من قاعدة «فورت سامنر» في نيومكسيكو في الولايات المتحدة. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي اختبر الراصد داخل قمر كيوب سات من منصة طلابية ثانية تابعة لـ«ناسا».


مقالات ذات صلة

تكنولوجيا تظهر هذه الصورة غير المؤرخة المقدمة من شركة «فايرفلاي آيروسبايس» مركبة الهبوط القمرية «بلو غوست ميشين» المجمعة بالكامل (أ.ف.ب)

شركة أميركية خاصة سترسل قريباً مركبة إلى القمر

سترسل شركة «فايرفلاي آيروسبايس» الأميركية مركبة فضائية إلى القمر في منتصف يناير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم الذكاء الاصطناعي نجح في إنجاز محرك صاروخي متطور في 3 أسابيع

الذكاء الاصطناعي نجح في إنجاز محرك صاروخي متطور في 3 أسابيع

نجح الذكاء الاصطناعي في تصنيع محرك صاروخي متطور بالطباعة التجسيمية.

جيسوس دياز (واشنطن)
يوميات الشرق رسم توضيحي فني لنجم نيوتروني ينبعث منه شعاع راديوي (إم تي آي نيوز)

كشف مصدر إشارة راديو غامضة سافرت 200 مليون سنة ضوئية لتصل إلى الأرض

اكتشف علماء انفجاراً راديوياً غامضاً من الفضاء عام 2022، وقع في المجال المغناطيسي لنجم نيوتروني فائق الكثافة على بُعد 200 مليون سنة ضوئية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يتم رصد القمر وكوكب الزهرة في السماء فوق المجر (إ.ب.أ)

هواة مراقبة النجوم يشهدون كوكب الزهرة بجانب الهلال

يبدو أن شهر يناير (كانون الثاني) سيكون شهراً مميزاً لرؤية الظواهر السماوية النادرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي
TT

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

لطالما كان مجال طب الأسنان العدلي أو الجنائي ميداناً حيوياً في علم الطب الشرعي، إذ يقدم الأدلة الأساسية التي تساعد في كشف الجرائم وحل الألغاز القانونية.

الأسنان لتحديد الهوية

وتجرى التحقيقات الجنائية لحل الألغاز القانونية من خلال:

> تحديد الهوية: يتم استخدام الأسنان وبصمات الأسنان لتحديد هوية الأفراد في حالات الكوارث الطبيعية، الحوادث، أو الجرائم، خصوصاً عندما تكون الجثث مشوهة أو متحللة.

> تحليل علامات العضّ: يساعد تحليل علامات العض الموجودة على الأجساد أو الأشياء في تحديد الجناة أو الضحايا من خلال مقارنة العلامات مع أسنان المشتبه بهم.

> تقييم العمر: يمكن لطب الأسنان الجنائي تقدير عمر الأفراد بناءً على تطور الأسنان وتركيبها، مما يساعد في قضايا مثل الهجرة غير الشرعية وحالات الاستغلال للأطفال.

> فحص الجثث المجهولة: يتم استخدام تقنيات طب الأسنان لفحص الجثث المجهولة والتعرف عليها من خلال السجلات الطبية للأسنان.

> الأدلة الفموية: يمكن للأدلة المستخرجة من الفم والأسنان أن توفر معلومات حول نمط حياة الأفراد، مثل النظام الغذائي والعادات الصحية، التي قد تكون ذات صلة بالقضايا الجنائية.

> الكشف عن التزوير والتزييف: يمكن تحليل التركيبات السنية والأسنان المزيفة لتحديد التزوير والتزييف في الأدلة الجنائية.

> التشخيص المسبق: يستخدم طب الأسنان العدلي في تشخيص الإصابات الفموية وتحليلها لتحديد ما إذا كانت ناتجة عن أعمال جنائية أو غيرها.

دور الذكاء الاصطناعي

ومع التقدم السريع في التكنولوجيا، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متزايداً في تعزيز هذا المجال وجعله أكثر دقة وفاعلية. وسنستعرض كيف يغير الذكاء الاصطناعي ملامح طب الأسنان العدلي ودوره المحوري في تحسين عملية التشخيص وتقديم الأدلة الجنائية.

> الذكاء الاصطناعي في تحليل الأدلة، يتيح الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الضخمة بسرعة ودقة، وهو ما كان يستغرق أياماً أو حتى أسابيع لفرق من الأطباء والمختصين. أما الآن، فباستخدام خوارزميات التعلم الآلي، يمكن تحليل الصور الفموية والأشعة السينية وتحديد الهوية من خلال بصمات الأسنان بوقت قياسي قد لا يتجاوز الساعة.

> التشخيص الدقيق، يسهم الذكاء الاصطناعي في رفع مستوى الدقة في التشخيص من خلال تحليل البيانات الفموية مثل تحديد هوية العضات والعمر والجنس للضحايا من خلال الأسنان وعظم الفك وتحديد الأنماط غير المرئية بالعين المجردة. ويساعد هذا الأطباء في تمييز الحالات العادية من الحالات الحرجة التي قد تكون ذات صلة بالجرائم أو الحوادث.

> تحديد الهوية، يُعد تحديد الهوية من خلال الأسنان من أهم تطبيقات طب الأسنان العدلي، خصوصاً في حالات الكوارث أو الجثث غير معروفة الهوية. وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن مقارنة البيانات الفموية بسرعة مع قواعد بيانات السجلات الطبية الرقمية، مما يسهل عملية التعرف على الضحايا بدقة عالية. كما مكنت خوارزميات الذكاء الاصطناعي من إعادة بناء الوجه بعد حوادث الغرق أو الحريق أو الطائرات لسهولة التعرف على الضحايا.

ومع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، نتوقع أن يصبح طب الأسنان العدلي أكثر تطوراً وفاعلية، فالذكاء الاصطناعي لا يقلل من الوقت والجهد فحسب، بل يساهم أيضاً في تقليل الأخطاء البشرية وتحقيق نتائج أكثر دقة ومصداقية. بفضل التعاون بين الخبراء في مجالات التكنولوجيا والطب الشرعي، يتم تطوير تطبيقات جديدة لتحديد العمر والجنس وحتى الأصل العرقي بناءً على تحليل الأسنان.

وعلى الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي في طب الأسنان العدلي، هناك تحديات يجب التغلب عليها. ومن بين هذه التحديات ضرورة تحسين دقة الخوارزميات وتجنب التحيزات التي قد تؤثر على النتائج. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لضمان الخصوصية وحماية البيانات الشخصية للمرضى.

وتنفيذ الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في طب الأسنان العدلي، يجب على المؤسسات التعليمية توفير التدريب اللازم للأطباء والمختصين في هذا المجال. يشمل ذلك تعليمهم كيفية استخدام الأدوات التكنولوجية الجديدة، وفهم كيفية تفسير النتائج التي تنتج عن الخوارزميات الذكية.

وتبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق بوضوح أهمية التقنية في تحسين حياتنا وجعل مجتمعاتنا أكثر أماناً وعدالةً.