ترحيب أوروبي ـ أميركي ببدء عملية تغيير اسم مقدونيا

اعتبرت خطوة أساسية للتقارب مع الغرب

جانب من جلسة البرلمان المقدوني مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من جلسة البرلمان المقدوني مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

ترحيب أوروبي ـ أميركي ببدء عملية تغيير اسم مقدونيا

جانب من جلسة البرلمان المقدوني مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من جلسة البرلمان المقدوني مساء أول من أمس (أ.ف.ب)

رحّب حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أمس، بتصويت البرلمان المقدوني على بدء عملية تغيير اسم البلاد إلى «جمهورية شمال مقدونيا»، الذي كان مصدر توتر مع اليونان منذ عقود، باعتبار أنه يقرب مقدونيا من الانضمام إلى هذين التجمعين.
وأشاد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، بتصويت البرلمان المقدوني مساء الجمعة على بدء إجراءات تغيير اسم البلاد، وهو ما رحبت به أيضاً اليونان والولايات المتحدة، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وجاء قرار البرلمان بعد أسبوع من التوتر الشديد والمفاوضات خلف أبواب مغلقة في سكوبي، حيث لم يكن من الواضح حتى اللحظة الأخيرة ما إذا كانت الحكومة ستتمكن من تأمين غالبية الثلثين لتمرير القرار، أم لا. وكتب ستولتنبرغ في تغريدة: «يعود إلى الحكومة والقادة السياسيين إتمام الإجراءات الوطنية بشأن الاتفاق على الاسم، واغتنام الفرصة التاريخية لضم البلد إلى الحلف الأطلسي».
وقالت موغيريني والمفوض الأوروبي يوهانس هان، الذي أشرف على المحادثات في بيان: «نتوقع الآن أن يمضي تطبيق الاتفاق دون تأخير باتجاه اعتماد التغييرات الدستورية». ويفترض أن يدرج الاسم الجديد في الدستور، على أن يصادق البرلمان لاحقاً على التعديلات.
ومن المفترض أن يتغير اسم مقدونيا بموجب الاتفاق بين رئيس وزرائها زوران زئيف، ورئيس وزراء اليونان أليكسيس تسيبراس في يونيو (حزيران)، ليصبح جمهورية شمال مقدونيا، على أن تتراجع أثينا عن عرقلة انضمامها إلى الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وهو موقف اتخذته طيلة 27 عاماً لتشابه الاسم مع مقاطعة مقدونيا اليونانية.
وحيّت موغيريني «تصميم وشجاعة الجانبين» في إنهاء الخلاف المزمن، وقالت إنها «فرصة فريدة حقاً لكي تتقدم البلاد بصورة حاسمة باتجاه مسارها الأوروبي، ومن أجل (تحقيق) المصالحة في المنطقة». وأضافت أن «الاتحاد الأوروبي سيواصل مواكبة، وتقديم كامل الدعم للبلد وكل مواطنيه ومؤسساته».
بدوره، أشاد تسيبراس أمس في أثينا بما وصفه بأنه «يوم تاريخي ورمزي». وقال إنه «يوم مشرق يؤكد الدور الحيوي الذي تلعبه اليونان عامل استقرار في البلقان وجنوب شرقي أوروبا». وجاء كلام تسيبراس خلال تسلمه حقيبة الخارجية بعد استقالة الوزير نيكوس كوتزياس، الذي ساعد في التوصل إلى الاتفاق.
وفي واشنطن، رحبت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيثر نويرت، بقرار البرلمان المقدوني «إطلاق آلية التغييرات الدستورية اللازمة لتطبيق» الاتفاق مع اليونان. ووصفت ذلك بأنه «فرصة تاريخية لتشجيع الاستقرار والأمن والازدهار في المنطقة».
وكان الاتفاق قد أثار احتجاجات قوية في البلدين. ومنذ استقلال جارتها الصغيرة في 1991، تعتبر اليونان أن اسم مقدونيا يجب ألا يطلق سوى على إقليمها الشمالي حول سالونيكي. وهي تعطل انضمام هذا البلد الصغير الواقع في البلقان إلى حلف شمال الأطلسي ومفاوضاته للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».