الجزائر: أزمة مؤسساتية على أعتاب انتخابات الرئاسة

نزاع حاد داخل البرلمان وسجن جنرالات نافذين

الجزائر: أزمة مؤسساتية على أعتاب انتخابات الرئاسة
TT

الجزائر: أزمة مؤسساتية على أعتاب انتخابات الرئاسة

الجزائر: أزمة مؤسساتية على أعتاب انتخابات الرئاسة

«أزمة البرلمان» وسجن جنرالات نافذين بتهم فساد، وغموض وضبابية حول انتخابات الرئاسة المرتقبة بعد 5 أشهر، ملفات ساخنة في الجزائر، تشغل حالياً الرأي العام المحلي، وبخاصة وسائل الإعلام والأوساط السياسية. وتعكس هذه القضايا، بحسب مراقبين، مدى تعقد نظام الحكم وشبكة المصالح المتضاربة بين أجنحته، بينما يتحدث آخرون عن «حالة من أعراض مرض عميق تمدد في جسم الدولة».

واجه رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى) سعيد بوحجة، منذ شهر تقريباً، موجة غضب كبيرة من نواب الغالبية انتهت الأربعاء الماضي بعزله بذريعة «سوء تسيير البرلمان». وكان بوحجة قد أعلن تمسكّه بمنصبه متحدياً خصومه بـ«تقديم دليل واحد» على التهم التي يدفعون بها ضده. وصرَح لكل وسائل الإعلام بأنه كان مستعداً للاستقالة، ولكن بشرط أن يأتيه اتصال من رئاسة الجمهورية يطلب منه ذلك، على اعتبار أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة هو مَن وضعه على رأس غرفة التشريع الأولى في شهر مايو (أيار) 2017، وهذا الكلام بالذات، يزعج الرئاسة التي تتحاشى التدخل في هذا الأزمة، حتى لا تبدو في العلن أنها تخرق «مبدأ الفصل بين السلطات»، المكرّس دستورياً في الجزائر.
في هذه الأثناء، تعالت أصوات تدعو بوحجة إلى عرض نزاعه مع خصومه على «المجلس الدستوري»، كي يعطي رأيه في مدى مطابقة تنحيته مع الدستور، الذي ينص في مادته الـ131 على أن رئيس المجلس الشعبي الوطني يُنتخَب للفترة التشريعية، التي تدوم 5 سنوات. كذلك تؤكد هذه المادة الدستورية أنه لا يجوز قانوناً عزله تحت أي مبرّر. ومن ثم، فإن السؤال المطروح الآن، والذي لا يعرف أحد الإجابة عنه، بمن فيهم النواب الذين أطاحوا به، هو: مَن الجهة التي يزعجها بوحجة؟.
المؤكد أن رئيس البرلمان لا يفوّت أي فرصة إلا ويشيد بـ«أفضال الرئاسة والجيش على العباد»، وهما المؤسستان الوحيدتان في البلاد اللتان بإمكانهما عزل أي مسؤول، مهما علا شأنه، وتعيين أي شخص في أي منصب، من حارس بلدية إلى منصب رئيس وزراء.

- سقوط قناع عن أسطورة الجيش
هذا بالنسبة لـ«أزمة البرلمان» ورئيسه، أما عن سجن الجنرالات النافذين، فإن هذه القضية اتصلت عند البعض بشكوك قوية حول نزاهة قيادة الجيش، التي ينظر إليها في البلاد بنظرة قداسة، قياساً إلى دورها في تخليص البلاد من الإرهاب. ويحلو لكل السياسيين، حتى من هم في المعارضة، القول، بأنه «إذا كان الفساد عشّش في المؤسسات المدنية، فالجيش هو المؤسسة الوحيدة التي بقيت نظيفة».
ما حدث أخيراً كان بمثابة سقوط قناع عن أسطورة. بل، ويرجّح متّتبعون سجن جنرالات آخرين في هذه القضية، التي كشفت أن الفساد لم يترك أي هيئة إلا ونخرها. ويشار إلى أنه يوجد حالياً جنرال في السجن، يسمى عبد القادر آيت وعرابي الذي كان رئيسا لقسم محاربة الإرهاب واختراق الجماعات المتطرفة، بالمخابرات العسكرية. ولقد حكم عليه عام 2015 بخمس سنوات سجنا، بناء على تهمة «مخالفة أوامر عسكرية» وهي مرتبطة بحادثة مصادرة أسلحة حربية بالحدود مع مالي، تابعة لإرهابيين. وعدَت القضية فصلاً من فصول الصراع بين الرئاسة ومدير المخابرات محمد مدين، الذي جرى عزله في السنة نفسها التي أدان فيها القضاء آيت وعرابي، الذي كان ساعده الأيمن واحد رجال الثقة بالنسبة إليه.
وفي سياق هذه التطورات، يشدَ كثير من المتتبعين أنظارهم إلى الرئيس بوتفليقة: هل سيعلن ترشحه لولاية خامسة أم سيكتفي بـ20 سنة حكماً؟.
الأحزاب الموالية له، وبخاصة حزب الغالبية «جبهة التحرير»، ومعه عشرات التنظيمات والجمعيات التي تعيش من ريع النفط، ناشدته الاستمرار في الحكم، بحجة أنه «حقق الاستقرار»، وبأنه على يديه تصالح الجزائريون لطي أزمة أمنية خطيرة تخبطت فيها البلاد خلال تسعينات القرن الماضي. غير أن الرئيس لم يتجاوب حتى اللحظة مع المناشدات لا بالقبول ولا بالرفض، لكن ينسب له رغبة في دخول معترك رئاسية 2019 على الرغم من حالته الصحية المتدهورة. وهنا، ويقول مراقبون وناشطون ومحللون لـ«الشرق الأوسط»، إن تطورات الأوضاع «مؤشر على مخاضٍ عسير في هرم النظام»، وبعضهم ذكر أن ما يجري من صراع في البرلمان ومحاكمات في صفوف الجيش، دليل على أن الجماعة الحاكمة لم تستقر على رأي بخصوص مَن سيتولى شؤون الحكم في المرحلة المقبلة.

- إما وثبة... وإما مزيد من التأزم
أنور نصر الدين هدّام، القيادي السابق بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، وهو مقيم في الولايات المتحدة الأميركية يقول: «تمر بلادنا بمنعطف تاريخي دقيق وهي تستعد لانتخابات رئاسية مفصلية... فإما تدفع في اتجاه إحداث وثبة وطنية حقيقية تعلن فيها القطيعة مع ذهنيات وممارسات الماضي من إقصاء واستبداد وفساد، وتفتح آفاقاً جديدة لنا نحن جيل ما بعد الاستقلال وللشباب لنصنع معا، وفي تنوعنا، مستقبل وطننا ونلحقه بركب الدول المتقدمة. وإما تزيد من تأزيم الأوضاع إذا اعتمدت الأساليب البالية في تعيين رئيس الدولة يتم فرضه على الشعب كما هو الحال منذ فجر الاستقلال؛ يكون تارة رئيساً مستبداً، وتارة أخرى يكون رئيسا واجهة فقط كما الحال الآن، تختبئ من ورائه مجموعة مجهولة الهوية تحل محل الزعيم المستبد».
وفيما يتعلق باحتمال ولاية خامسة للرئيس الحالي، يقول هدام: «حسب قراءتنا للأوضاع المحلية والدولية، لن تكون هناك ولاية خامسة. ولذلك فالذين يدعون لها، أصبحوا بدلها يتحدثون عن (الاستمرارية). وهذا كذلك غير مقبول. ونحن باسم حركة الحرية والعدالة الاجتماعية (تنظيم أطلقه في بلد اللجوء) نقول بكل صراحة: لا للاستمرارية، لا للفشل والرداءة والاستبداد والفساد والمحسوبية والجهوية والتبعية. إننا في حركة الحرية والعدالة الاجتماعية، كمواطنين جزائريين إصلاحيين، نسعى للمساهمة مع باقي شركائنا في المواطنة، من كل التيارات، لتوفير الشروط لتوجيه الرئاسيات في اتجاه إحداث التغيير المنشود، بما يحفظ أمن واستقرار الجزائر والمنطقة المغاربية».
وبشأن سجن جنرالات بتهم فساد، قال هدام: «كثرت التحليلات والتحليلات المضادة، حول التغييرات التي وقعت بالمؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية. ومسألة متابعة جنرالات في قضايا فساد، هي مؤشر على غياب الشفافية وشحّ المعلومات. إن مؤسسات الرقابة الدستورية مغيّبة في الجزائر. هكذا، يتم تعيين وتنحية إطارات عليا من مدنيين وعسكريين بعيداً عن الشعب ودون أي تقييم أو مراجعة. علينا أن ندرك اليوم أن الدولة الجزائرية تكاد تفقد مناعتها التي تضمن استمراريتها، حيث تم منذ عقود إخضاع مؤسسات الدولة إلى عملية إضعاف خطيرة جرّدتها من مهامها الدستورية. وهو الأمر الذي كان له انعكاسات سلبية على صناعة القرار السياسي وعلى قدرة معالجة ملفات ثقيلة خطيرة تنتظر بلدنا، منها الملف السياسي، بما فيه مكافحة الفساد والفوارق الجهوية، وإحداث التحول السياسي الجاد وتحديد آيديولوجية سياسية جزائرية جديدة، تمكننا من تحقيق الانسجام بين الدولة والمواطن لتعيد ثقته في مؤسسات دولته. وكذلك هناك الملف الاقتصادي، ومسألة تحديد رؤية اقتصادية واضحة المعالم، وبعث ديناميكية وطنية شاملة للتنمية الوطنية والانتقال من اقتصاد ريع إلى اقتصاد منتج».
وأشار إلى أن «تراجع إرادات المحروقات انعكس على مشاريع اقتصادية ذات أبعاد اجتماعية، ما ينذر بأزمة اجتماعية تزيد من إرباك الدولة؛ والذي يهمنا أن أصحاب القرار عليهم أن يبينوا لنا أن تلك التغييرات العسكرية تمكننا من تأمين حدود بلدنا الإقليمية التي هي جد متوترة. يجب إعادة تحديد عناصر أمننا القومي بما يمكننا من حماية الحدود ومواجهة المخاطر بما فيها ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة والعابرة للحدود، وقضية ليبيا ودول الساحل».
وعن دلالات وأبعاد أزمة البرلمان، يقول هدام: «المؤسسة التشريعية أصلا مطعون في شرعيتها، فالشعب الجزائري في تنوعه وفي أغلبيته الساحقة قاطع الانتخابات التشريعية الماضية (2017)، بصراحة، النظام الجزائري نظام مُقفل. وبالتالي، يصعب تصديق من يدعي أنه يعلم حقيقة التغييرات الأخيرة التي طالت المؤسسة العسكرية ومسألة متابعة جنرالات في قضايا فساد، أو ما هي حقيقة أزمة البرلمان. لكن، إن كان هناك بالفعل من بين أصحاب القرار، مصلحون من وراء تلك التغييرات يريدون من خلالها تحسين الوضع في بلدنا العزيز، عليهم أن يدركوا أن معالجة هذه الملفات الثقيلة والخطيرة وغيرها، تستلزم وجود تراض تام بين الشعب في تنوعه ومختلف السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية».

- الولاية الخامسة... مخالفة للدستور!
من جانب آخر، تقول القاضية السابقة زبيدة عسول، التي تقود اليوم تنظيماً معارضاً لاستمرار بوتفليقة في الحكم، اسمه «حركة مواطنة»، إن ولاية خامسة مفترضة «ستكون مخالفة لنص وروح الدستور»، على أساس أن الدستور يتحدث عن ولايتين فقط.
وتابعت عسول: «إن الحالة الصحية للرئيس لا تسمح بذلك، كما أن الدستور أعده على مقاسه للهيمنة والسيطرة على كل السلطات، ولا يمكنه حتى تفويض صلاحياته لأي كان». ولاحظت أن الرئيس «أمضى 20 سنة في السلطة وأنفق ألف مليار دولار، بينما الجزائر تسير من سيئ إلى أسوأ، بل إنه قضى على كل توازن في البلاد، واعتمد الفساد كمنهج للسيطرة على كل دواليب السلطة، والاقتصاد ما زال يعاني من التبعية المفرطة لعائدات النفط. السلطة الحالية هجَّرت كل الكفاءات وهمشت من بقي في البلاد، واعتمدت الولاء والطاعة كأسلوب للوصول إلى المناصب أو البقاء فيها».
واستطردت عسول منتقدة: «تم القضاء على المنظومة القيمية للمجتمع، فالنظام لم يحمل أبدا رؤية أو برنامجا لفائدة الجزائر والجزائريين، رجاله يمارسون الحيلة والمخادعة. في عهد الرئيس الحالي، جرى قمع الحريات وتهميش الكفاءات. وإذا لم يحقق التنمية في 20 سنة فماذا ستفيده 5 سنوات أخرى؟».
أما عن مسألة الإطاحة برئيس البرلمان بوحجة، فالأمر يتعلق حسب عسول بـ«مظهر من مظاهر الارتباك والذعر الذي ينتاب المنادين بالولاية الخامسة، وذلك مخافة ضياع امتيازاتهم ومواقعهم والحصانة التي يتمتعون بها، والتي تضمن لهم الإفلات من العقاب... هي مراوغة بائسة لأنها مخالفة للنظام الداخلي للمجلس الوطني، ومنافية للأخلاق وأعراف العمل السياسي وتضرب ما تبقى من مصداقية لهذه المؤسسة داخليا وخارجيا، وتضع الجزائر في خانة الدول المتخلفة».
ولا يبتعد تشخيص عبد الرزاق مقري، رئيس الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، كثيراً عن تشخيص هدام وعسول. إذ يصف الوضع الحالي بمرارة قائلا: «رئيس برلمان ينتمي إلى الموالاة تسحب منه الثقة من نواب الموالاة، وكأنه رئيس بلدية من حزب معارض!!. والسبب المباشر المعلن هو إقالة أمينه العام البسيط الذي لا وزن له بالنظر للأزمة التي أحدثها وصورة المؤسسات التي خدشت: إنها أمارة من أمارات تحلل الدولة.... ولكن ماذا بقي من الدولة الجزائرية غير هذا؟ رئيس غائب ولا يعرف أحد مَن وكيف يتخذ القرار، وتتحوّل صوره التي تنشر دون احترام له ولخصوصيته، إلى عنصر ضعف للدولة وتصبح الجزائر لهذا السبب مادة تَندُّر في العالم وفي أروقة الدبلوماسية العالمية... ومع ذلك هناك من يدعو إلى الاستمرارية وكأن الجزائر عاقر لا رجال فيها غير رئيسها الحالي، وكأن الشعب كله مسعف لا يستطيع التكفل بنفسه إلا أن (يعيّن) له الرئيس من يخلفه».

- غياب الحوار بين الشعب ودولته
يعتقد مقري أن الأحداث الكبيرة المتمثلة في سجن جنرالات وعزل رئيس البرلمان «جاءت في سياق سلسلة من الممارسات والتصرفات دلَّت على انهيار مصداقية المسؤولين وسوء التسيير في الإدارة، والوقوع في أخطاء بالجملة في الاتصال والحديث مع المواطنين وتصريحات تنم عن الانفصال عن الشعب فكريا ونفسياً وثقافياً ولغوياً. كما يلاحظ كسر المؤسسات الوسيطة من منظمات مجتمع مدني وأحزاب ومنتخبين... وللأسف الشديد لا حوار بين الشعب والدولة يضمن الحقوق، إلا الشارع وحرق العجلات المطاطية». ويرى مقري أن رئيس وزراء أحمد أويحيى «لا يتحكم في وزرائه الذين يتجاوزونه طولاً وعرضاً، بل ويقرّرون ويتصرفون في قضايا مهمة بلا علمه.... هو لم يصدق، مثلا، حجم السكنات التي أعلن عنها وزير السكن حتى سأله لعلك أخطأت في الرقم!. لقد بلغ الفساد عنان السماء، واتخذ أبعاداً دولية، وتفوح رائحته من داخل كل المؤسسات، حتى من داخل المؤسسة العسكرية.. بلد ينفق 1000 مليار دولار أميركي، وفي الأخير يضطر لتسيير الاقتصاد بطباعة النقود بلا رصيد، ولا أمل لدى حكامه إلا أن ترتفع أسعار البترول!!!».
على صعيد آخر، تحاول الباحثة الجزائرية الدكتورة داليا يزبك، في إحدى دراساتها المنشورة بمعهد «كارنيغي للأبحاث حول السلام»، تشريح «الحالة الجزائرية»، فتقول: «أمضى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة سنوات طويلة في الحكم.
ولاقى انتخابه للمرة الأولى في العام 1999، ترحيب الكثير من الجزائريين والمجتمع الدولي. إذ لم يكن بوتفليقة رئيساً مدنياً وحسب، بعد سلسلة من الرؤساء العسكريين، بل كان أيضاً رئيساً منتخباً انتخاباً حراً، حيث فاز بنسبة 73.5 في المائة من الأصوات».
ثم ذكرت أنه «على الرغم من أن الرئيس مريض الآن (تعرّض بوتفليقة البالغ من العمر 81 سنة إلى سكتة دماغية في العام 2013 وقام بحملته الانتخابية بعد عام واحد وهو على كرسي متحرّك)، فإن إجراء تقييم لإرثه السياسي يبدو في محلّه. إذ يبرز إنجازان سياسيان كبيران من السنوات التي أمضاها في السلطة: الأول هو إشرافه على انتقال الجزائر إلى مجتمع ما بعد الحرب، والثاني هو إعادة إحياء السياسة الخارجية الجزائرية، ما أنهى عزلة البلاد خلال سنوات الحرب الأهلية».

- جذور العنف ما زالت قائمة
وأضافت الباحثة يزبك: «بينما تبدأ الجزائر التحضير لمرحلة ما بعد بوتفليقة، سيكون للإرث السياسي للرئيس تأثير كبير على مستقبل البلاد. وعلى الرغم من عودة الاستقرار، تبدو سياسة المصالحة الوطنية هشّة لأنها فشلت في معالجة جذور العنف في البلاد. ومع ذلك، قد تصبح المصالحة الوطنية أمراً لا مناصّ منه للتعاطي بصورة أفضل مع مروَحة من التحدّيات، من بينها البطالة والفقر ونقص المساكن والفساد وغياب الحوكمة والتهديد الجهادي. إضافة إلى ذلك، تعمل الجزائر في منطقة غير مستقرّة للغاية، ما يعني أن سياستها التقليدية المتمثّلة بعدم التدخّل في شؤون الآخرين، لم تعد عملية». وتابعت: «تواجه الجزائر واقعاً جديداً سوف يُضطر خليفة بوتفليقة إلى التكيّف معه. بيد أن عجز قادة الجزائر عن تجديد النظام السياسي المحلّي أو إعادة النظر في طبيعة السلوك الجزائري في الخارج، يمكن أن يطرح مخاطر حقيقية على مستقبل البلاد».

- الجزائر... في سطور
عدد السكان (2018): نحو 42 مليونا و200 ألف نسمة
التركيبة السكانية: العرب - الأمازيغ يشكلون 99 في المائة من السكان
العاصمة: مدينة الجزائر
المدن الكبرى الأخرى: وهران، وقسنطينة، وعنابة، وباتنة، وسطيف، والبليدة، والجلفة، وسيدي بلعباس، وتلمسان، تيزي وزو، وبجاية، وسكيكدة، ومعسكر، وبسكرة، وتبسة، وتيارت، وورقلة، والواد.
الديانة: الإسلام (99 في المائة من أهل السنة)
المساحة: مليونان و381.741 كلم مربع
الناتج الوطني الإجمالي: نحو 666.960 مليار دولار أميركي
نظام الحكم: جمهورية شعبية رئاسية، مع برلمان يتكون من مجلسين


مقالات ذات صلة

اتهامات ترمب تحدث زوبعة سياسية في نيجيريا

حصاد الأسبوع الرئيس النيجيري السابق غودلاك جوناثان (آ ف ب)

اتهامات ترمب تحدث زوبعة سياسية في نيجيريا

أثارَ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عاصفةً من الجدل في نيجيريا، منذُ أن أعلن الحرب على «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» فور وصوله إلى السلطة، خصوصاً حين…

الشيخ محمد (نواكشوط)
حصاد الأسبوع ميرتس

فريدريش ميرتس... محافظ وواقعي يقود سفينة الديمقراطيين المسيحيين الألمان في حقبة صعبة

انتظر فريدريش ميرتس 23 سنة قبل تحقيق طموحه بأن يصبح المستشار الألماني؛ إذ كان زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ الذي قاد حزبه إلى الفوز بالانتخابات

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع شولتز (رويترز)

ألمانيا: حسابات الداخل والخارج تدفع نحو تسريع التفاهم على الائتلاف الحاكم الجديد

تنتظر ألمانيا أسابيع، أو حتى أشهراً، من المفاوضات بين حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (المحافظ) بزعامة فريدريش ميرتس الذي فاز بالانتخابات الأخيرة،

«الشرق الأوسط» ( برلين)
حصاد الأسبوع زامير

إيال زامير... رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد عسكري من خارج معارك السياسة

لم يعرف الجيش الإسرائيلي في تاريخه وضعاً أصعب من الوضع الذي يعيشه اليوم، لدى استعداده لاستقبال رئيس أركانه الجديد، إيال زامير. صعب، ليس لأنه يعاني من نقص في الذخيرة والعتاد، ولا لأنه ثبت فشله في تحقيق أي من أهداف الحرب على غزة، بل إن المشكلة الراهنة والاستثنائية هي أنه يفقد مزيداً من ثقة الناس، ويتعرّض في الوقت ذاته إلى حملة تحريض شعواء من الحكومة ورئيسها ووزرائها وجيش «النشطاء» في الشبكات الاجتماعية التابع لحزب «الليكود» الحاكم. هذه المشكلة تُدخل الجنرالات في أجواء توتر دائم وتهزّ ثقتهم بأنفسهم؛ ولذا فبعضهم يحاول إرضاء الحكومة بالنفاق، والبعض الآخر يحاول إرضاءها بتشديد القبضة ضد الفلسطينيين، وثمة فئة ثالثة أفرادها يرفضون فيستقيلون، وآخرون يرفضون ويبقون «دفاعاً عن أهم ركن من أركان الدولة العبرية» معتبرين أن الجيش يعيش موجة عابرة سيستطيع تجاوزها. ومع كل هذا، الجميع يشعرون أنهم في قلب معركة أقسى عليهم من الحرب على ست جبهات، ولا أحد سيخرج منها بلا جروح.

نظير مجلي (القدس)
حصاد الأسبوع تعزيز سلاحي الدبابات والمدرعات في مقدم المطالبات الإسرائيلية لتطوير قدرات الجيش (آ ف ب)

رسالة مفتوحة إلى زامير من أكاديمي استيطاني يميني

إحدى الإشارات التي تدل على ما هو مطلوب من رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد إيال زامير، وردت على شكل رسالة مفتوحة وجّهها إليه الدكتور عومر أريخا؛ وهو ناشط يميني.


اتهامات ترمب تحدث زوبعة سياسية في نيجيريا

الرئيس النيجيري السابق غودلاك جوناثان (آ ف ب)
الرئيس النيجيري السابق غودلاك جوناثان (آ ف ب)
TT

اتهامات ترمب تحدث زوبعة سياسية في نيجيريا

الرئيس النيجيري السابق غودلاك جوناثان (آ ف ب)
الرئيس النيجيري السابق غودلاك جوناثان (آ ف ب)

أثارَ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عاصفةً من الجدل في نيجيريا، منذُ أن أعلن الحرب على «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» فور وصوله إلى السلطة، خصوصاً حين اتهمها بتمويل جماعات إرهابية من بينها «بوكو حرام»، التنظيم الإرهابي الذي يخوض حرباً داميةً ضد نيجيريا منذ 2009، قتل فيها عشرات آلاف النيجيريين. في نيجيريا لا صوتَ يعلو اليوم على مطالب التحقيق في مزاعم وصول أموال الوكالة الأميركية إلى «بوكو حرام»، ومحاسبة المتورطين في القضية جميعاً؛ لأن النقاش الذي يدور في الصحافة المحلية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، أخذ أبعاداً خطيرة بعد اتهام شخصيات في الوسط السياسي والمجتمع المدني بأنها متورطة في إيصال أموال الوكالة إلى التنظيم الإرهابي. واتسعت دائرة الجدل ليطرح أسئلة حول خطورة أموال المساعدات الخارجية على الأمن القومي للدول المستفيدة منها، خصوصاً إثر الكلام عن دور سياسي لعبته تمويلات «الوكالة» في خسارة الرئيس النيجيري الأسبق غودلاك جوناثان رئاسيات 2015.

منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في يناير (كانون الثاني) الماضي، وقَّع الرئيس العائد عدداً من القرارات أو «الأوامر التنفيذية»، التي كان في مقدمها قرار بتعليق جميع المساعدات الخارجية الأميركية باستثناء تلك المخصَّصة لمصر وإسرائيل. وكانت الذريعة، انتظار التدقيق في نشاطات «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» التي ظلت لأكثر من 7 عقود تمثّل وجه الدبلوماسية الناعمة للولايات المتحدة.

ترمب يريد اليوم طيّ حقبة هذه الوكالة، وأسند مهمة تفكيكها إلى الملياردير إيلون ماسك، وزير «كفاءة العمل الحكومي» في فريقه الخاص. ولم يتأخر الأخير في وضع يده على جميع وثائق الوكالة، التي وصفها بأنها «عشٌ للأفكار اليسارية المتطرفة التي تكره أميركا».

هذا النقاشُ ظل أميركياً خالصاً، حتى جاءت تصريحات سكوت بيري، عضو الكونغرس عن ولاية بنسلفانيا، لتخرج به نحو دوائر أبعد. إذ قال الرجل إن 697 مليون دولار أميركي من التمويلات السنوية لـ«الوكالة» تنتهي بحوزة تنظيمات إرهابية، من بينها جماعة «بوكو حرام»، وجماعة «طالبان»، وتنظيم «القاعدة».

تصريحات بيري جاءت خلال جلسة استماع للجنة الفرعية لمراقبة كفاءة الحكومة، تحت عنوان «الحرب على الهدر: القضاء على ظاهرة المدفوعات غير المشروعة والاحتيال». وقال بيري أمام اللجنة: «أموالكم تذهب لتمويل الإرهاب، عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية... يجب أن يتوقف هذا فوراً».

وأضاف بيري في حديثه أمام لجنة الاستماع أن الوكالة خصَّصت 136 مليون دولار لبناء 120 مدرسة في باكستان، إلا أنه لم يُعثر على أي دليل يثبتُ تنفيذ هذه المشاريع، معتبراً أن ذلك يثير الشكوك حول مصير هذه الأموال.

علم "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" (آ ف ب)

مطالب التحقيق

تصريحات عضو الكونغرس أثارت بطبيعة الحال جدلاً واسعاً في نيجيريا، وحظيت بحيّز واسع من التداول في الصحافة المحلية. وخلال برنامج تلفزيوني على قناة محلية لنقاش تصريحات سكوت بيري، قال علي ندومة، عضو مجلس الشيوخ في نيجيريا عن ولاية بورنو، إن على نيجيريا فتح «تحقيق شامل حول الادعاءات التي تفيد بأن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تموّل (بوكو حرام)».

وأردف السياسي النيجيري الذي ينحدرُ من بورنو، أكثر ولايات نيجيريا تضرراً من هجمات «بوكو حرام» الإرهابية: «لا يمكنكم القول إنها مجرد مزاعم، الأمر يتجاوز ذلك. ولهذا السبب يتوجَّب على الحكومة النيجيرية، والبرلمان الوطني على وجه الخصوص، التحقيق في هذه الادعاءات والتحقّق من صحتها، لأنها خطيرة للغاية».

ثم تابع ندومة: «هذا التطوّر مقلق للغاية، خصوصاً أن إحدى الجماعات الإرهابية التي ذكرها سكوت بيري هي (بوكو حرام)، التي لم تدمّر شمال شرقي نيجيريا فحسب، بل امتد تأثيرها أيضاً إلى مناطق أخرى من البلاد. تتذكرون أن (بوكو حرام) فجَّرت مقر الشرطة، ومكتب الأمم المتحدة في أبوجا، وكانت الخسائر البشرية هائلة. لذا، يجب أن تكون الحكومة النيجيرية مهتمةً بهذا الأمر».

ومن ثم، أعرب ندومة عن قلقه الكبير حيال هذه المزاعم، لافتاً إلى أن «أجهزة الأمن النيجيرية سبق أن أثارت هذه القضية بشكل غير مباشر مرات عدة»، في إشارة إلى تصريحات أدلى بها قائد أركان الجيش النيجيري أخيراً ذكرت أن «دولاً ومنظمات أجنبية» متورطة في تمويل «بوكو حرام». وخلص عضو مجلس الشيوخ النيجيري إلى التأكيد على ضرورة التحقيق في هذه المزاعم، وأن الجميع «كان يتساءل منذ سنوات طويلة عن مصدر تمويل هؤلاء الأشخاص».

قرويون نيجيرون إثر تعرّض قريتهم لإحدى هجمات "بوكو حرام" (آ ب)

المسلمون... و«بوكو حرام»

في الواقع، لأكثر من 15 سنة، دأبت جماعة «بوكو حرام» على مهاجمة مناطق مختلفة من نيجيريا، وكان السؤال الذي يُطرَحُ بإلحاح من قِبَل الجميع هو: مَن يقف خلف هذا التنظيم الإرهابي؟ ومَن يوفر له التمويل والسلاح... ويمكِّنه من تجنيد آلاف الشباب المحبطين وفاقدي الأمل؟.

طيلة تلك الفترة، كانت أصابع الاتهام توجَّه إلى زمر من المسلمين الذين يشكلون غالبية سكان شمال نيجيريا، حيث تنشط الجماعة الإرهابية. ولكن مع إثارة الجدل حول مزاعم تمويل «بوكو حرام» عبر «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» أصدرَ «مركز الشؤون العامة للمسلمين» في نيجيريا بياناً يستحضر فيه اتهامات سابقة للمسلمين بتمويل الجماعة.

ولقد طلب «المركز» من البرلمان النيجيري التحقيق في تلك المزاعم، وأعرب رئيسه ديسو كامور، عن «قلقه العميق إزاء هذه الادعاءات»، قبل أن يستحضر «حملة التدقيق والاتهامات الظالمة التي واجهها المسلمون النيجيريون، ومنها التعاطف مع (بوكو حرام)».

وقال كامور: «إذا كانت هذه المزاعم صحيحة، فإنها ستكشف نفاق أولئك الذين ألقوا باللوم على المجتمعات المسلمة المحلية، بينما كانت جهات خارجية تدعم الإرهابيين». وطالب، بالتالي، السلطات النيجيرية بالتحقيق في المزاعم لأن «النيجيريين يستحقون الشفافية والمساءلة بشأن أي تورّط أجنبي في تمويل الإرهاب على أراضينا».

شكوك كبيرة

من جانبه، ذهب آدامو غاربا، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية في نيجيريا، والقيادي في حزب «المؤتمر التقدمي الشامل»، إلى أن «شكوكاً كبيرة» تحوم حول تمويلات الوكالة في نيجيريا، وأعلن تصديقه للادعاءات بأن بعض التمويلات قد تكون بالفعل أسهمت في تسليح «بوكو حرام» و«داعش في غرب أفريقيا».

وادعى غاربا، في مقطع فيديو نشره عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «إكس»، أن «الوكالة» أنفقت مبلغ 824 مليون دولار في نيجيريا العام الماضي، وتساءل عن طريقة صرف هذا المبلغ الكبير.

ثم أضاف: «ذكرتُ سابقاً أن (بوكو حرام) و(داعش)، ومختلف التنظيمات الإرهابية في المنطقة، تتلقى أسلحتها عبر جهات أجنبية سرّية تموّلها وتزوّدها بالسلاح. وبعد الكشف عن دور (الوكالة الأميركية للتنمية الدولية)، يكفي أن نعرف أنه في العام الماضي وحده، أنفقت الوكالة مبلغ 824 مليون دولار في نيجيريا، فأين ذهب هذا المال؟ هل تعلم ماذا يعني 824 مليون دولار؟ عند تحويله إلى النيرة (العملة النيجيرية)، يساوي 1.3 تريليون نيرة».

واستطرد قائلاً: «هذا يعني أن كل ولاية يمكن أن تحصل على 36 مليار نيرة، ومع ذلك، يزعمون أنهم أنفقوا هذه الأموال على الحدّ من وفيات الأطفال والتعليم، لكن ماذا رأينا؟ لا شيء. متى دخل هذا المال؟ وأين ذهب؟ هذه الأموال تذهب لتمويل (بوكو حرام)، والخاطفين الذين يستخدمونها للقتل وتدمير بلادنا، هذه هي الحقيقة».

قضية باينانس

في سياق موازٍ، بينما يحتدم النقاش في نيجيريا حول اتهام «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» بتمويل أنشطة «بوكو حرام»، اتهم فيمي فاني-كايودي، وزير الطيران السابق في نيجيريا، أخيراً، مسؤولاً تنفيذياً في شركة باينانس، أكبر منصة عالمية لتداول العملات الرقمية، بالتورط في إيصال التمويلات إلى الجماعة الإرهابية.

وزعم الوزير السابق إن تيغران غامباريان، المسؤول التنفيذي في شركة «باينانس» كان «أداة» استخدمتها الوكالة لتمويل الجماعة، قبل أن يصف غامباريان بأنه كان «عامل تمكين للإرهاب وأسهم في تخريب اقتصاد نيجيريا».

وللعلم، اعتُقل غامباريان في نيجيريا العام الماضي بعد اتهام السلطات النيجيرية شركة «باينانس» بالتهرب الضريبي، والتورّط في عمليات غسل أموال، بالإضافة إلى المساهمة في إضعاف العملة المحلية «النيرة». إلا أنه أُفرِج عن الرجل؛ بسبب تدهور وضعه الصحي، بينما تشير بعض المصادر إلى أن السلطات النيجيرية تعرَّضت لضغط دبلوماسي أميركي كبير.

وفي آخر تطور للقضية، رفعت نيجيريا دعوى قضائية في الأسبوع قبل الماضي ضد منصة «باينانس»، تطالبها بدفع 79.5 مليار دولار، تعويضاً عن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن عملياتها في البلاد، بالإضافة إلى مليارَي دولار ضرائب متأخرة عن العامين الماضيين.

تمويل دون قصد!

في أي حال، لا يخلو النقاش الدائر في نيجيريا حول العلاقة بين «الوكالة» و«بوكو حرام» من حسابات سياسية ضيقة. ومن الأصوات التي بدت أكثر رصانةً، السفير والخبير الأمني نورين أبايومي موموني، عضو «حزب المؤتمر التقدمي» الحاكم، الذي نشر مقالاً تطرَّق فيه إلى طريقة عمل المنظمات الدولية، مشيراً إلى أنها تحتاج إلى المراجعة، لأنها قد تُموِّل أنشطة إرهابية «دون قصد».

وتابع: «أنا قلق للغاية بشأن الاتهامات الأخيرة» التي تفيد بأن الوكالة قد تكون دعمت الإرهاب دون قصد في نيجيريا ومناطق أخرى من العالم... «هذه الادعاءات تثير تساؤلات جوهرية ليس فقط حول نزاهة المساعدات الإنسانية، ولكن أيضاً حول تداعياتها الأوسع على الأمن العالمي، والعلاقات الدبلوماسية».

وأضاف أبايومي موموني أن «على الوكالات الدولية العاملة تقديم الدعم الإنساني من دون الإضرار بأمن المجتمعات المستضيفة». ورأى أن الاتهامات الأخيرة تؤكد «الحاجة الملحة إلى تعزيز الرقابة والمساءلة في برامج المساعدات الدولية. ومن الضروري أن تعزز وكالات مثل الوكالة الأميركية آليات المتابعة والتقييم والتدقيق؛ لضمان أن تصل المساعدات إلى مستحقيها ولا يتم تحويلها لدعم التطرف العنيف».

وأوضح أنه «إذا ثبتت صحة هذه الادعاءات، فقد تؤدي إلى زيادة التدقيق في سياسات المساعدات الخارجية الأميركية، ما يستدعي عملية إصلاح جذرية... لأن اتباع نهج شفاف في تمويل المساعدات والالتزام بالمعايير الأخلاقية في تقديم الدعم الإنساني أمران أساسيان. وبالتالي، على الحكومة الأميركية أن تعزز التزامها بمنع تمويل الإرهاب، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان أن تكون المساعدات وسيلةً لتحقيق السلام والاستقرار، لا العنف».

المال السياسي

غير أن الاتهامات الموجَّهة إلى «الوكالة» لم تقتصر على تمويل الإرهاب في نيجيريا، بل وصلت إلى أن بعض تمويلاتها أسهمت في التأثير على الانتخابات الرئاسية في البلد الذي يملك الاقتصاد الأكبر في غرب أفريقيا، والذي يبلغ تعداد سكانه نحو ربع مليار نسمة.

إذ كتبت الصحافة المحلية، ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، عن «علاقة» ربطت «الوكالة» مع قيادة حملة «أعيدوا فتياتنا» التي أطلقها ناشطون في المجتمع المدني عام 2014 إثر اختطاف «بوكو حرام» مئات الفتيات من بلدة شيبوك في قضية هزَّت الرأي العام العالمي آنذاك. ولقد ادعى ناشطون سياسيون أن الحملة كانت مدعومة سراً من «الوكالة» بهدف الإطاحة بالرئيس النيجيري آنذاك، غودلاك جوناثان، بعد حملة واسعة لتشويه سمعته، ربطه بالفشل، وحمَّلته مسؤولية اختطاف الفتيات والعجز عن تحريرهن، ما فتح الباب واسعاً أمام فوز محمدو بخاري بانتخابات 2015 الرئاسية.

كذلك تعرَّضت الناشطة النيجيرية عائشة يسوفو، التي كانت من أبرز وجوه الحملة، لهجوم حاد على منصة «إكس»، حين طالبها البعض بتقديم تفسير أو اعتذار، لكن الناشطة النيجيرية في ردِّها على هذه الاتهامات، نفت أي علاقة لها أو للحملة بـ«الوكالة» أو أي منظمة دولية أخرى. وقالت في تغريدة مقتضبة: «أنا أعمل مع نيجيريين ملتزمين ببناء أمة عظيمة، بعيداً عن نظريات المؤامرة والتشكيك». لأكثر من 15 سنة دأب تنظيم «بوكو حرام» على مهاجمة مناطق مختلفة من نيجيريا... وكان السؤال المطروح بإلحاح:

مَن يقف خلفه؟