الكرملين لدفع ملفي اللاجئين والإعمار في القمة الرباعية في إسطنبول

سارت موسكو خطوة نحو إطلاق آلية مشتركة للحوار حول الملف السوري تجمع مسار آستانة مع طرفين أوروبيين فاعلين في «المجموعة المصغرة» هما فرنسا وألمانيا. وأعلن الكرملين، أمس، أن الرئيس فلاديمير بوتين سيشارك في 27 من الشهر الحالي في القمة الرباعية المقررة في إسطنبول التي تجمعه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، والفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وستكون هذه أول قمة تعقد بهذا الشكل مخصصة لمناقشة الملف السوري، بعدما كانت جهود أنقرة في استضافة قمة مماثلة فشلت في وقت سابق. ورغم اللهجة الحذرة التي ميزت تصريحات الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف لجهة أنه دعا إلى «عدم توقع حدوث اختراقات» خلال القمة، وأنها «مخصصة لتبادل الرأي في الملفات المطروحة وليس لاتخاذ قرارات حاسمة»، لكن ترتيب انعقاد القمة وتوقيتها دلاّ على انفتاح روسي على إيجاد آلية مشتركة للحوار مع الأطراف الأوروبية والغربية والإقليمية المنضوية في إطار المجموعة المصغرة، وكان وزير الخارجية استبق إعلان الكرملين، أمس، بالإشارة إلى أن موسكو «ترحب بهذا التوجه، لكنها ترى ضرورة أن تنطلق الأطراف كلها من أساس موحد يستند إلى قرارات مجلس الأمن، وخصوصاً القرار 2254 الذي نص على ضرورة أن يقوم السوريون باختيار مصيرهم وآليات تسوية الأزمة بأنفسهم ومن دون تدخل خارجي». في إصرار روسي على أن التوجه الأساسي لأي نقاشات يجب أن يصب في اتجاه ملفي اللاجئين وإعادة الإعمار اللذين دفعت بهما موسكو خلال الشهور الأخيرة.
وعكس بيان الكرملين حول مشاركة بوتين في القمة، هذا التوجه؛ إذ ركز على اهتمام موسكو بالدرجة الأولى بمناقشة «الخطوات المطلوبة لتعزيز الأمن والاستقرار وخلق الظروف الملائمة لعودة اللاجئين وإطلاق مشروعات إعادة إعمار البنى التحتية الاجتماعية والاقتصادية لتوفير الشروط الملائمة لتحقيق ذلك».
وأشار البيان الرئاسي الروسي بشكل عابر إلى مسألة «تبادل الآراء حول القضية السورية، بما في ذلك مسألة تحريك العملية السياسية للتسوية السورية».
وأضاف، أن القمة ستتناول أيضاً عدداً من المسائل الدولية الحيوية الأخرى، مشيراً إلى أن الرئيس بوتين سيجري في تركيا لقاءات ثنائية مع كل من زعماء تركيا، وفرنسا، وألمانيا.
وكان مساعد الرئيس الروسي لشؤون السياسة الدولية، يوري أوشاكوف، قال إن الأطراف الأربعة بذلت جهوداً لترتيب عقد القمة، و«تم التوصل إلى اتفاقيات سابقة بشأن تنظيم هذا الاجتماع في إسطنبول، ويجري وضع آخر اللمسات التنظيمية، وإعداد ملفات المفاوضات».
وكشف عن أن مساعدي الزعماء الأربعة عقدوا اجتماعاً تحضيرياً لهذه القمة في إسطنبول منتصف الشهر الماضي، وضعوا خلاله الملامح الأولى لجدول الأعمال المطروح على القمة.
ومع اللهجة الحذرة للكرملين، أبدى نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، تفاؤلاً بأن اللقاء الرباعي «يمكن أن يكون مثمراً»، مشيراً إلى «الصيغة الجادة، التي تجمع اللاعبين الأساسيين مع البلدان الأوروبية الرائدة».
تزامن ذلك مع إعلان الكرملين، أن الملف السوري سيكون حاضراً بشكل رئيسي أيضاً خلال محادثات بوتين مع رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي الذي يزور روسيا الأربعاء المقبل. ولفت إلى أن أهمية خاصة سوف تولى خلال المباحثات لملف إعادة اللاجئين السوريين.
على صعيد آخر، أعلن مصدر في وزارة الدفاع الروسية، أن منظومات «إس300» الصاروخية التي نقلتها موسكو أخيراً إلى سوريا تعد «نسخة محدثة جداً، ومزودة بتقنيات لم تكن تضاف سابقاً إلى هذه الطرازات من الصواريخ المعدة للتصدير».
ونقلت صحيفة «إزفيستيا» عن المصدر، أن المنظومات الصاروخية مزودة بمحطة رادار حديثة ورادار إطلاق النار المحدث وبمركز القيادة المحمول. كما تتميز بمنصات الإطلاق المحدثة؛ الأمر الذي يسمح لها باستخدام الذخائر القوية البعيدة المدى. وخلافاً للمنظومات المماثلة فهي تعد قادرة على مواجهة الصواريخ الباليستية التكتيكية المتوسطة المدى وإصابة الأهداف الجوية على مدى 250 كيلومتراً، فضلاً عن قدرتها على العمل في ظروف الحرب الإلكترونية.
وجاءت التأكيدات الروسية رداً على تسريبات ذكرت، أن إسرائيل نجحت في تطوير تقنيات مضادة للنظام الصاروخي بعد حصولها على نسخة منه كانت روسيا باعتها إلى اليونان قبل سنوات. وقال المصدر، إن هذه النسخة «لم تكن معدة للتصدير وهي تختلف كلياً عن النسخ التي باعتها روسيا في أوقات سابقة إلى أطراف عدة». وفي الإطار ذاته، دحض المصدر معطيات روّجت لها الصحافة الإسرائيلية أخيراً حول أن هذه المنظومات سيديرها الخبراء الإيرانيون، وقال إن هذه الأنباء «لا أساس لها»، مشيراً إلى أن «الخبراء القادرين على إدارة هذه الأنظمة ليسوا موجودين إلا في روسيا».
وذكر أن العسكريين الإيرانيين «لم يعملوا سابقاً مع مثل هذه المنظومات، لأن منظومات «إس300» التي تم تصديرها إلى إيران نسخة مخصصة للتصدير، وتتميز بنظام العمل أسهل إدارة مقارنة مع المنظومات العاملة داخل روسيا».