أوروبا وتجديد عصور تنوير

TT

أوروبا وتجديد عصور تنوير

وسط ضبابية الصراعات اليمينية التي تشهدها أوروبا في الآونة الأخيرة، لا تزال هناك أصوات صارخة في البرية ضد الكراهية، أصوات تسعى للوئام والسلام في زمن الخصام والفوبيا من الآخر، وتبحث عن منصة مشتركة للتلاقي، تدفع من خلالها غوائل التطرف بعيداً.
ليس سرّاً أن هناك تياراً يمينياً أوروبياً اليوم تتعالى صيحاته ويتزايد أتباعه، تياراً يوقظ من الماضي الأوروبي الأليم نزعات كارثية أودت بالأوروبيين والعالم من حولهم للدخول في حرب عالمية قضت على الأخضر واليابس، وهلك فيها نحو سبعين مليون إنسان.
النازية اليوم عطفاً على القومية المتطرفة لا تداري أو تواري عداءها لليهود والمسلمين في أوروبا، وباتت من جديد ظاهرة العداء للسامية، رغم تجريمها، حاضرة، والإسلاموفوبيا خلف الباب متفشية ومترصدة، وبينهما بدا وكأن يهود أوروبا ومسلميها أمام خطر مشترك، وعليه أضحت المواجهة أمراً لا فرار منه.
الطريق الأمثل الذي تبين لقادة أوروبا الدينيين من اليهود والمسلمين هو استدعاء صورة الماضي الخلاق، ذاك الذي عاش فيه اليهود أزهى عصورهم في دول العالم المشاطئ، قبل الإسلام وبعده.
قبل أيام قلائل شهدت العاصمة الهولندية أمستردام حدثاً مثيراً، وذلك حين اجتمع نحو خمسة عشر من القيادات الدينية اليهودية، وتسعة عشر من نظرائهم المسلمين، ممثلين عن ثماني عشرة دولة أوروبية، ينتمون لمؤسسات أوروبية معتمدة، بهدف إطلاق منصة حوار أوروبي، هدفها الإسهام في ترسيخ العيش المشترك ومكافحة التعصب والكراهية في المجتمعات الأوروبية المتنوعة، وتحقيق العيش بأمن وأمان في ظل المواطنة المشتركة.
في القلب من هذا الحدث الكبير، كانت المملكة العربية السعودية حاضرة عبر مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات (كايسيد)، الذي أضحى رقماً مهماً جداً في الأعوام الأخيرة حول العالم في نشر رسالة الحوار وتعزيزه، والسلام وتأكيده.
المنصة التي شاركت «كايسيد» في انطلاقها هي الأولى من نوعها على المستوى الأوروبي بين المسلمين واليهود، وفي مقدمة أولوياتها حماية الحرية الدينية والعمل ضمن الدساتير والقوانين الأوروبية للمحافظة على حقوق المجموعات المتنوعة دينياً، ودعم العيش المشترك ومكافحة التعصب والتطرف.
في هذا السياق، قد يتساءل البعض من دعاة الأصولية أو غلاة الظلامية من أنصار اليمين المتطرف، كيف للمسلمين التعاطي مع اليهود أو العكس، أوليس كلاهما خصماً للآخر بالضرورة الحتمية التاريخية؟
هذا هو الفكر المغشوش، لا سيما أن التاريخ يحفظ لنا صفحات طيبة من العيش الإسلامي - اليهودي، حتى ما قبل ظهور الإسلام.
حين أغار نبوخذ نصر الملك البابلي على أورشليم، في حدود عام 586 ق.م، واستولى عليها وساق مواطنيها إلى بلاده، هربت جماعات يهودية كثيرة إلى مصر حيث وجدت المقر والمستقرّ.
ولاحقاً عاش اليهود في جميع بلاد العالم العربي بعد الإسلام، وبحسب كثير من الموسوعات العالمية، فإن بعضهم، وفي عصور بعينها، بلغ شأناً عالياً، مثل يعقوب بن كاسي الذي أضحى رئيساً لوزراء مصر في زمن الفاطميين (969 - 1169م)، أما العصر الأيوبي (1169 - 1250م) فقد كان برداً وسلاماً لليهود عامة، وقد بلغ الأمر أن أضحى طبيب صلاح الدين يهودياً، وفي الحقبة عينها عرف العالم الإسلامي ظهور الفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون، صاحب الكتاب الشهير «دلالة الحائرين».
ولاحقاً في القرون الوسطى، حين تعرض يهود أوروبا لموجات من العسف الديني، كانت دول المغرب العربي بنوع خاص أفضل ملجأ ومستقر لليهود الأوروبيين، ولا تزال معابدهم في معظم العالم العربي مصونة دون أن تُمَسّ كرامتها.
كما عاش اليهود في وئام تام مع العرب والمسلمين في الأندلس، وأبدعوا هناك مع المبدعين العرب والمسلمين.
لم يكن للعرب والمسلمين إشكالية تعايش بالمطلق مع اليهود واليهودية، يوماً ما، بل جل الإشكالية نشأ منذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، ويدلِّل على صحة ما نقول به المبادرة العربية السعودية للراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز (الأمير وقتها) عام 2002 لإنهاء النزاع العربي - الإسرائيلي مرة وإلى الأبد.
يمكن ليهود أوروبا ومسلميها كما أشار السيد فيصل بن معمر الأمين العام لمركز الملك عبد الله، العمل معاً من أجل تمكين التسامح والتعايش وتفضيلهما على الكراهية والتعصب، وقد أحسن كثيراً جداً، حين ذكَّر الحضور في حفل إطلاق المنصة بأن الحوار والتعايش بين المسلمين واليهود يعود إلى 1400 عام خلت، أي إلى زمن ميثاق المدينة في بواكير الإسلام، حيث كرَّس التعددية والتسامح، ما جعل العيش بين أتباع الأديان أمراً ممكناً وحقيقة تاريخية منذ ذلك الوقت.
يؤكد السيد فيصل على أن الظرف الأوروبي الآني يستدعي ضرورة الاستفادة من النجاحات التي حققها مركز الملك عبد الله في دعم ومساندة منصات الحوار بين أتباع الأديان في نيجيريا وجمهورية أفريقيا الوسطى بين المسلمين والمسيحيين، وفي ميانمار بين المسلمين والبوذيين، وأخيراً في المنطقة العربية بين المسلمين والمسيحيين، وها هي أوروبا رائدة التنوير الأممي تنظر لتلك التجارب بعين التقدير درءاً للخطر المقبل من بعيد.
ما تحتاج إليه أوروبا اليوم بحسب تقدير السيد فهد أبو النصر المدير العام لـ«كايسيد»، هو تجديد عصور تنويرها، عبر إعادة الالتزام بثقافة الاحترام والتقدير للهوية الدينية في المجتمع الأوروبي، وبناء جسور الثقة بين المواطنين والمقيمين، وفي القلب من هذا كله يقع العبء على قيادات الجماعات الدينية الإسلامية واليهودية لمواجهة الخطر الداهم. ولـ«كايسيد» رغبة وقدرة على تقديم المثل الصالح الذي جرت به المقادير في دول أخرى.
الحوار الذي بات فلسفة جديدة تمتلك السعودية ناصيتها في ظل رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يعني الفهم، فالتفهم، ثم التفاهم، يسعى فيه المرء إلى الآخر خالصاً مخلصاً، لا يغيِّره ولا يخضعه، فهماً سليماً بعيداً عن روح الانتقاص أو التهوين أو التخطئة والتشويه، فتصبح بالفهم كأنك هو، هذا الفهم هو الخطوة الموصلة لـ«قبول الآخر»، كما هو.
تحية للشيوخ والحاخامات من المسلمين واليهود الأوروبيين، فالمنصة الجديدة دعوة لبناء جسور الود الإنساني وتحطيم جدران التطرف والانعزالية.



«بيلبورد عربية» تحتفي بنخبة من الفنانين العرب وبإبداعاتهم الموسيقية

جائزة الإنجاز مدى الحياة لأمير الطرب عبد المجيد عبد الله (بيلبورد العربية)
جائزة الإنجاز مدى الحياة لأمير الطرب عبد المجيد عبد الله (بيلبورد العربية)
TT

«بيلبورد عربية» تحتفي بنخبة من الفنانين العرب وبإبداعاتهم الموسيقية

جائزة الإنجاز مدى الحياة لأمير الطرب عبد المجيد عبد الله (بيلبورد العربية)
جائزة الإنجاز مدى الحياة لأمير الطرب عبد المجيد عبد الله (بيلبورد العربية)

توّج حفل توزيع جوائز بيلبورد عربية للموسيقى بنسخته الأولى، الأربعاء، نخبة من الفنانين العرب المبدعين، واحتفى بأعمالهم الفنية التي تلقّاها الجمهور باستحسان كبير.

الحفل الذي أقيم في مركز الملك فهد الثقافي بمدينة الرياض، أحياه مجموعة من الفنانين، منهم أحمد سعد، وتامر عاشور، والشامي، وإليانا، وإليسا، وعايض، وفرقة ميامي، وأميمة طالب، وديستانكت، وتوو ليت، وقدموا عروضاً حية على المسرح، خلال فقرات حفل توزيع الجوائز.

وشملت الجوائز مجموعة واسعة من الفئات، ‏وجاءت جائزة أفضل فنانة عن فئة الأغنية الخليجية من نصيب الفنانة أميمة طالب، وحقق الفنان مسلم فوزاً مستحقاً بجائزة أفضل فنان في فئة الإندي، بعد أن حضر عدد من أغانيه، لأسابيع طويلة، هذا العام، على قوائم بيلبورد عربية المختلفة.

وفازت أغنية «سبب فرحتي» بجائزة دويتو العام، بعد صدورها في يوم عيد الحب الماضي، ليتقاسم النجمان أصالة وأحمد سعد جائزة عن أغنيتهما المشتركة.

ونال إسلام كابونجا جائزة أفضل مهرجان لعام 2024 عن مهرجان «أيوا يا حبيبتي وحشتيني» مع كلوشا، وحصد تامر عاشور أولى جوائزه في الحفل مع أغنية «هيجيلي موجوع» التي تُوّجت أغنية العام.

واستطاع توو ليت أن يُتوج بجائزة الفنان الأكثر صعوداً لعام 2024، بعد أن استطاعت بعض أغاني ألبومه الوصول مباشرةً إلى صدارة قوائم بيلبورد عربية، خلال هذا العام، بمجرد صدورها.

جائزة الفنان الأول عن فئة الأغنية المغاربية تذهب إلى ديستانكت (بيلبورد العربية)

وذهبت جائزة الفنان الأول عن فئة الأغنية المغاربية إلى ديستانكت، بعد أن حققت أغانيه أرقاماً قياسية، هذا العام، على مختلف منصات البث.

وجائزة الفنان الهيب هوب الأول إلى إل غراندي طوطو، وأغنية «لماح» للفنان عايض حصدت جائزة أفضل أغنية خليجية لهذا العام.

في حين حصدت شيرين عبد الوهاب، في حفل جوائز بيلبورد عربية، أربع جوائز؛ أفضل فنانة، والفنان الأول في فئة الأغنية المصرية، وأفضل فنانة في فئة الأغنية المصرية، وفنان السنة، وهو إنجاز مستحَق يبرز مكانتها بوصفها واحدة من أهم وألمع نجوم الساحة الفنية العربية.

أغنية لماح تُتوج بالنجاح وتحصد جائزة أفضل أغنية خليجية لهذا العام (بيلبورد العربية)

وفازت نانسي عجرم بجائزة أفضل فنانة عن فئة أغنية الليفانتين لعام 2024، ‏في حين اختتم الحفل بتقديم المدير التنفيذي لشركة روتانا سالم الهندي، جائزة الإنجاز مدى الحياة لأمير الطرب عبد المجيد عبد الله المخصصة لتكريمه عن إنجازات مسيرته.

وأُقيم الحفل ضمن أسبوع الرياض الموسيقي الأول، وهو إحدى مبادرات هيئة الموسيقى السعودية التي تستضيف خبراء وصانعي الموسيقى من مختلف دول العالم، وتشمل قوائم «بيلبورد عربية» القائمتين الرائدتين: (بيلبورد عربية هوت 100 وبيلبورد عربية لأفضل 100 فنان)، بالإضافة إلى سبع قوائم جديدة جرى إطلاقها حديثاً، خاصة باللهجات الخليجية والمصرية والشامية والمغربية، وبأغاني الهيب هوب والإندي العربية والشيلات.