«جدة القديمة» تستقبل ولي العهد السعودي بتراحيب الأهالي وأناشيد الأطفال

في استمرار لاهتمام القيادة السعودية بالمنطقة التاريخية في مدينة جدة، حظيت المنطقة بجولة ميدانية للأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، شملت حارة الشام والمظلوم وحارة اليمن، المكون الرئيس لجدة القديمة، وسط تراحيب لأهالي الحارة وزغاريد النساء التي لفت أرجاء المكان.
وكان في استقباله لدى وصوله الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، والأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز محافظ جدة، والأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة، وعدد من المسؤولين.
وتبدي الدولة السعودية اهتماما كبيرا بالمنطقة التاريخية، التي تُعرف محليا باسم جدة البلدة، حيث تضم عددا من المعالم والمباني الأثرية والتراثية، مثل آثار سور جدة وحاراتها التاريخية، كما يوجد بها عدد من المساجد التاريخية، أبرزها مسجد عثمان بن عفان، ومسجد الشافعي، ومسجد الباشا، ومسجد عكاش، ومسجد المعمار، وجامع الحنفي، إضافة إلى الأسواق التاريخية.
وبدأ ولي العهد جولته في مهرجان جدة التاريخية، من باب جديد بشارع أبو عنبه، حيث شاهد المعروضات المصطفة على جنبات الشارع من المأكولات الشعبية الرائجة قديما بين سكان البلدة، حيث تذوق الأمير سلمان بن عبد العزيز بعض الأكلات الشعبية المعدة من الأسر السعودية المنتجة، مبديا إعجابه بجودة طعمها، وسط تصفيق حار من المواطنين زوار المنطقة التاريخية.
وزار الأمير سلمان بن عبد العزيز، مسجد الشافعي، الذي يعد من أقدم المساجد في جدة، وبني قبل ألف عام، ويرمم على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، كما زار سوقا أقيمت تزامنا مع مهرجان جدة التاريخية، التي تحاكي الأسواق القديمة، حيث ضمت دكاكين شعبية لبيع المنتجات التراثية والشعبية من الملبوسات القديمة والأكلات، وشارك مجموعة من الأطفال أناشيدهم التي كانوا ينشدونها فرحا بزيارته، والتي جسدت الأبوة الحانية.
وأثناء الجولة، توقف ولي العهد في مركز السوق، حيث التقى عمد الحي، وأهالي البلدة، وتبادل معهم بعض الأحاديث التي تحكي قصة البلدة التاريخية بجدة، وتسلم هدية تذكارية عبارة عن لوحة لجدة قديما.
وبعد أن استقل الأمير سلمان عربة التنقل في المهرجان، استكمل مشاهدة الفعاليات المقامة فيه، وشاهد خلال الجولة الطراز المعماري الفريد لمباني البلدة، مرورا بجامع الشافعي والأسواق الشعبية.
واختتم ولي العهد جولته بالتوقف ببيت نصيف، أحد أبرز المعالم الأثرية بجدة القديمة، حيث جرى تحويله إلى متحف ومركز ثقافي يعرض المقتنيات والصور التاريخية والمخطوطات، وعند دخوله للبيت الثقافي، قوبل الأمير سلمان بن عبد العزيز، بالأهازيج الترحيبية الحجازية، وشاهد عددا من الصور القديمة لمنطقة جدة.
وبارك الأمير سلمان بن عبد العزيز، جميع الجهود التي تقوم بها كل القطاعات المعنية للمحافظة بجدة التاريخية، وتطويرها بوصفها أحد مواقع التراث الحضاري على المستوى الوطني، مبديا إعجابه بما شاهده من تفاعل سكان جدة وزوارها مع المهرجان.
وتأتي زيارة ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز لمنطقة جدة التاريخية بمناسبة اعتماد لجنة التراث العالمي بمنظمة اليونيسكو تسجيل المنطقة في قائمة التراث العالمي، فيما يعد اعترافا بقيمة جدة الحضارية وتميزها العمراني بوصفها نموذجا استثنائيا للطراز العمراني التراثي المتميز.
وقد حظيت جدة التاريخية بمكانة خاصة لدى الدولة السعودية، فقد حل بها الملك المؤسس عبد العزيز (رحمه الله) 1925، بينما توالت الرعاية الخاصة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتنمية وتطوير جدة التاريخية عمرانيا واقتصاديا بما يحافظ على هويتها، ويتلاءم مع متطلبات العصر، ويكفل المحافظة عليها كتراث وطني، من خلال عدد من المشاريع المهمة.
ويعد مشروع الملك عبد العزيز لتنمية وتطوير جدة التاريخية عام 1425هـ بداية للتطور النوعي بها، لتتوالى بعد ذلك حزمة من المشاريع الضخمة من قبل الدولة.
أمام ذلك، جاءت زيارة الأمير سلمان، بحسب مختصين في السياحة والاقتصاد، لتعطي المنطقة أبعادا اقتصادية وسياحية وعمرانية، مع حصولها في 21 يونيو (حزيران) الماضي على موافقة لجنة التراث العالمي، وتسجيلها خلال اجتماع اللجنة التابعة لليونيسكو في دورتها الـ38 ضمن قائمة التراث العمراني العالمي.
واستعاد سكان جدة، أثناء جولة الأمير سلمان بن عبد العزيز في ميدان البيعة، تاريخ الولاء والبيعة، للملك عبد العزيز (رحمه الله) عندما قدم أعيانها في 1926 مفتاح المدينة في الميدان المطل عليها، وبايعوه في ذلك المكان الذي اقتبس الاسم من الواقعة (ميدان البيعة)، وهو ما تكرر مع الأمير سلمان بن عبد العزيز، أول من أمس، في جولته بالمواقع التاريخية والأثرية في جدة القديمة، حينما ردد الحضور كثيرا من عبارات الولاء والطاعة للملك وولي العهد.
ويقول المهندس سامي نوار، قائد العربة التي استقلها الأمير سلمان بن عبد العزيز، أثناء الجولة، إنه منذ لحظة الانطلاق في الجولة المعدة لولي العهد، والأمير سلمان حريص على معرفة كل ما يدور في المنطقة، من خلال السؤال عن الموقع أو المنازل القديمة، ولا ينسى أدق التفاصيل عن تاريخ هذا الموقع أو ذاك.
وقال نوار: «ما إن تحركت العربة، وبدأنا نتجول في بعض الشوارع، فاجأني الأمير قبل أن أصف له الموقع، بأنه يعرف هذا الشارع وتلك البناية، وقال إن هذا الشارع اسمه (شارع فيصل)، فتحرجت من إكمال الحديث لعلمه التام بهذا الموقع».
وأضاف نوارة أن الزيارة التي استغرقت قرابة الساعة، شملت المنطقة التاريخية، التي شاهد فيها المباني القديمة، واستمع إلى عمليات البناء في الماضي، وفق الطراز الحجازي، وحارة الشام والمظلوم، التي تعد أحد الأحياء المهمة في جدة حديثا وقديما، إضافة إلى أن الأمير سلمان زار مسجد الشافعي في حارة المظلوم في سوق الجامع، وهو أقدم مسجد، وكان الأمير سلمان في الجولة حريصا على لقائه بالمواطنين والمقيمين الذين وقفوا يحيونه منذ أن بدأت الجولة.
ومعلوم أن الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، أعلن اعتماد منطقة جدة التاريخية في قائمة التراث العالمي، الشهر الماضي، وذلك بعد موافقة لجنة التراث العالمي على تسجيلها خلال اجتماع اللجنة التابعة لليونيسكو، في دورتها الـ38، التي عقدت في قطر، مؤكدا أن تسجيل جدة التاريخية، ومن قبلها تسجيل موقعي مدائن صالح والدرعية التاريخية، يمثل إقرارا عالميا بأهمية المواقع الأثرية والتاريخية في السعودية، ومكانتها العالمية.
وأكد رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، أن هذا التسجيل، يمثل جزءا من مبادرة متكاملة ضمن مشروع الملك عبد الله للعناية بالتراث الحضاري، الذي اعتمده مجلس الوزراء أخيرا، ويشمل منظومة من البرامج والمشاريع لتطوير مواقع التراث الوطني وتأهيلها وفتحها للمواطنين.