الحكومة اللبنانية تنتظر «تفاصيل تجميلية» لن تؤخر تشكيلها

«القوات» تحصل على نيابة رئيسها... وتقترب من «العدل»... والحريري يضحّي بوزارة لصالحها

رئيس الحكومة سعد الحريري استقبل أول من أمس الأميرة فيكتوريا ولية عهد السويد التي تقوم بزيارة رسمية للبنان برفقة زوجها الأمير دانيال (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة سعد الحريري استقبل أول من أمس الأميرة فيكتوريا ولية عهد السويد التي تقوم بزيارة رسمية للبنان برفقة زوجها الأمير دانيال (إ.ب.أ)
TT

الحكومة اللبنانية تنتظر «تفاصيل تجميلية» لن تؤخر تشكيلها

رئيس الحكومة سعد الحريري استقبل أول من أمس الأميرة فيكتوريا ولية عهد السويد التي تقوم بزيارة رسمية للبنان برفقة زوجها الأمير دانيال (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة سعد الحريري استقبل أول من أمس الأميرة فيكتوريا ولية عهد السويد التي تقوم بزيارة رسمية للبنان برفقة زوجها الأمير دانيال (إ.ب.أ)

بدأ العد العكسي لولادة الحكومة اللبنانية، بعد تسارع في حركة الاتصالات، وتوالي التسريبات التي تتحدث عن توافقات بشأن الحصص الوزارية بين القوى السياسية التي يفترض أن تتألف منها الحكومة الجديدة.
وقالت مصادر مطلعة على حراك الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري إنه لا يزال متمسكاً بـ«إيجابيات متراكمة يراهن أنها ستؤدي إلى تشكيل الحكومة في وقت قريب». وأشارت إلى أن الحكومة متوقعة في أي لحظة بدءاً من يوم السبت المقبل، في إشارة قد تكون مرتبطة بعودة رئيس مجلس النواب نبيه بري من الخارج. وأوضحت المصادر أنها تستند في هذا التفاؤل إلى أن الخطوط العريضة للتشكيلة الحكومية قد انتهت بالكامل، وما تبقى مجرد تفاصيل «تجميلية» لن تعوق التشكيل.
وقالت المصادر إن الأمور انتهت لصالح إعطاء «القوات اللبنانية» نيابة رئاسة الحكومة مع وزارتي، العدل، والثقافة التي قدمها الحريري من حصته، ويتم العمل على تأمين وزارة ثالثة كما تطالب «القوات» حاليا، وتحديدا «الشؤون الاجتماعية»، فيما قالت مصادر أخرى إن التشكيلة متوقفة على إعطاء الرئيس عون الضوء الأخضر لتحويل وزارة العدل إلى «القوات اللبنانية».
ويبدو من المعلومات المتقاطعة أن الحكومة الجديدة ستكون حكومة من دون ثلث معطل؛ أي إن أياً من الفرقاء لن يحصل على أكثر من 10 وزراء، كما أن الحقائب السيادية الأربع ستبقى على حالها، أي تحصل الكتل الثلاث الكبرى على واحدة (المال لبري والداخلية للحريري والخارجية لـ«التيار الوطني الحر»)، وتذهب وزارة الدفاع لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وهو التقسيم نفسه المتبع في الحكومة المستقيلة.
وقال رئيس الجمهورية أمام زواره أمس: «حكومة الوحدة الوطنية هي الهدف، وتحت هذا العنوان تتواصل اتصالات الساعات الأخيرة». وأضاف في دردشة مع الصحافيين أن «الحكومة قاب قوسين أو أدنى من عملية التشكيل». أما نائب رئيس «القوات» النائب جورج عدوان فقال إن «الحكومة ليست غدا (اليوم) ولا بعده»، مضيفا من مجلس النواب: «لا نسعى لحصص وحقائب معينة»، وأشار إلى أن «(القوات) حريصة على تشكيل الحكومة بسرعة وتواكب الملف بأفضل طريقة، وكل من يراهن على خلاف (القوات) والحريري رهانه في غير مكانه». وتابع: «أي حكومة لا تعكس التوازنات في البلد يُكتب لها الفشل قبل أن تقوم بمهامها، وهو أمر يعرفه الحريري». وقال: «تلقينا عرضا من الرئيس المكلف في ما يتعلق بوزارة العدل، والحكومة تسير بالاتجاه الصحيح، وهي لا تزال تحتاج إلى بضعة أيام كي تبصر النور».
وأكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن «البعض لا يهمه إن كانت ستتألف الحكومة أم لا بقدر ما يهمه حجم تمثيل (القوات) فيها، باعتبار أن (القوات) حصرمة في أعينهم، ولا يهمهم من كل ما يحصل سوى إظهاره على أنه خاسر، إلا إن كل هذه الأجواء التي تشاع غير صحيحة إطلاقا». ولفت في تصريح إلى أن «وزير الإعلام نقل له تحيات الرئيس المكلف سعد الحريري، وأن (القوات) هي زينة الحكومة، وبالتالي سنستمر بالمشاورات من أجل تذليل النقاط التي لا تزال عالقة من أجل الوصول إلى تأليف الحكومة بأقرب وقت»، موضحاً أن «ما جرى أن حزب (القوات) أعطاه الشعب انتصاراً كبيراً في الانتخابات النيابية الأخيرة، ولا يمكن لأحد أن يقوضها عن الحجم الذي أعطاه إياه الناس، وهذا ما نشهده اليوم على مستوى الحكومة تماماً، لذا لا يمكنني أن أجد أي تفسير للحملة التي تقوم بها بعض الصحافة الصفراء والوجوه الصفر سوى أنها كمن يحاول التخفيف من ربح أو حجم أو اندفاعة خصمه عبر بث ونشر الأخبار الملفقة والشائعات»، مشدداً على أنه «يضحك كثيراً من يضحك أخيراً، وحالما الانتهاء من تأليف الحكومة فنحن مستعدون للقيام بمقارنة بين ما كنا نطرحه وما كان يطرحه الآخرون وما أنجز وما تحقق منه».
ورداً على سؤال عن الأجواء التي تشير إلى أنه محاصر وفي موقع حرج وأمامه خياران؛ إما الدخول إلى الحكومة بما عرض عليه، وإما الخروج منها، أجاب جعجع: «هذه الأجواء لا تمتّ للصحة بصلة، والمفاوضات والمشاورات مستمرّة ليل نهار مع الرئيس المكلف بغية الوصول في أقرب وقت، إن شاء الله، إلى تشكيل الحكومة، ولا أخفي أن هناك عدداً من النقاط لم يتم التوصل إلى حل نهائي في شأنها، إلا إننا نستمر بالعمل مع الرئيس المكلف من أجل حلّها».
وعمّا إذا كان تم التفاهم مع وزير الخارجية جبران باسيل على حجم تمثيل «القوات» ونوعية الحقائب التي ستتولاها في الحكومة العتيدة، أكد جعجع أن «هذا الأمر لم يحصل، واللقاء مع باسيل جاء في سياق الجو المتفجّر الذي خُلِقَ وشَوَّش على المصالحة و(تفاهم معراب)».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.