«الهيئة» السورية المعارضة: التطبيع مع النظام يعني قبول النفوذ الإيراني

TT

«الهيئة» السورية المعارضة: التطبيع مع النظام يعني قبول النفوذ الإيراني

حذرت «هيئة التفاوض السوري» المعارضة أي أطراف أو دول تحاول التطبيع مع النظام السوري بأي صورة كانت، أن ذلك سيمثل تطبيعا مع إيران وفتح الإمكانات السياسية والاقتصادية والمادية والبشرية كافة لإتمام المشروع الإيراني في المنطقة.
وقال نصر الحريري رئيس «الهيئة» أمس، إن من يعتقد أن النفوذ الإيراني يخف في سوريا عليه تصحيح معلوماته، مبينا أن «إيران موجودة وتنسل وتنغرس أكثر في كل مناطق التسويات من خلال حملات حشد شعبي لشد الشباب تجاه إيران وتواصل مع العشائر والقبائل وما تبقى من فصائل الجيش الحر حتى محاولات التواصل مع أطراف الثورة من أجل تعزيز مواقعها».
وأضاف الحريري في مؤتمر صحافي في الرياض أمس: «نجد أن هناك محاولات وأفكارا من بعض الأطراف، للتطبيع مع النظام بصور مختلفة، أولا هذا النظام عليه عقوبات دولية وإقليمية، ولا يجوز لأحد مخالفتها، وأي محاولة للتطبيع مع النظام هي تطبيع مع إيران، ولا يستقيم لأي جهة أو دولة تدعي أن محاربة إيران أولويتها أن تلجأ إلى مثل هذه التصرفات؛ لأنها بمثل هذا التطبيع تفتح مجددا إمكانات مادية وسياسية واقتصادية واجتماعية وبشرية لإتمام المشروع الإيراني في المنطقة».
وأوضح الحريري الذي كشف عن زيارة لوفد هيئة التفاوض إلى موسكو في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي للتفاوض مع الجهة التي تملك القرار، وليس الوكيل، أن الحل السياسي في سوريا ليس اللجنة الدستورية فقط، وقال: «لو توصلنا لأروع دستور ديمقراطي في البلد باستمرار هذه الأنظمة العسكرية الوحشية القمعية لا يمكن لأي حديث أن يستقيم عن أي دستور عصري أو ديمقراطي أو شامل».
واستطرد: «لكننا نؤمن أن اللجنة الدستورية قد تكون المدخل للحل السياسي وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254. لا بد أن تكون هناك عودة إلى طاولة المفاوضات للذهاب للسلة الأولى، المرحلة الانتقالية بكل ما تحتويه، والسلة الثالثة التي هي الانتخابات بإشراف الأمم المتحدة».
وأشار رئيس «الهيئة» إلى أن النظام السوري الذي كان يدعي يوما رفضه للشروط المسبقة يضع 5 شروط أمام المشاركة في العملية الدستورية، وأردف: «رغم جهودنا لتقديم قائمة متوازنة للمشاركة في العملية الدستورية... لا يزال النظام مع حلفائه يضع شروطا مسبقة بحيث تكون له الأغلبية في اللجنة، ويحصل على حق الفيتو لاتخاذ القرار بالإجماع، ويريد الرئاسة من قبل النظام، ولا يريد الحديث عن دستور جديد وإنما تعديلات دستورية شكلية تجميلية من دستور 2012 الذي صاغه على هواه».
وشدد الحريري على أن «النظام السوري الذي دمر الحجر والبشر في سوريا والمسؤول عن التهجير والقتل والتدمير وغياب البنى التحتية، لا يمكن أن يكون هو المسؤول عن إعادة إعمار ما دمره»، مشيدا بالموقف الدولي الصارم الذي ربط القيام بأي عمليات لإعادة الإعمار بالتوصل للحل السياسي الحقيقي في سوريا.
وتابع: «يجب عدم الخلط بين إعادة الاستقرار وإعادة الإعمار في محاولة من بعض الأطراف أو بعض الدول للدخول في عملية إعادة الإعمار بطريق مناوراتي عبر إعادة استقرار وليس إعمار، الحل الحقيقي هو تبني عملية سياسية حقيقية يمكن الوصول لحل سياسي والبدء بعملية إعادة الإعمار بعيدا عن كل هذه الالتباسات».
ولفت رئيس «الهيئة» إلى أن النظام السوري لا يريد أي دور للأمم المتحدة ولا تحت إشرافها، وبالتالي لا يريد الذهاب لعملية انتقال سياسي برعاية أممية لتطبيق بيان جنيف وقرار 2254، وهنا يأتي دور المجتمع الدولي وسط حالة من الإحباط لغياب الإرادة السياسية الدولية للحل السياسي، وربما كان هذا هو الدافع أمام رغبة المبعوث الدولي في التوقف عن إضافة الوقت والاستمرار في عملية سياسية جوفاء، على حد تعبيره.
وجدد الحريري التأكيد بأن النظام السوري غير مؤمن بالحل السياسي، وأفضل ساحة يتحرك فيها هو الحل العسكري، وقال: «نعلم عدم الرضا من توقيع اتفاق إدلب، لا شك أن النظام لديه رغبة في استمرار العمليات العسكرية، ونعتقد أن هذا الأمر لن يتاح له، لأن إدلب تحمل أهمية من ناحية الدخول في أحد طريقين، إما المضي في العمل العسكري وقطع الطريق أمام الحل السياسي، وإما الذهاب للحل السياسي، الآن مجمل التطورات تؤدي لاحتمالين؛ أن يجتمع الجميع على حل سياسي أو المنطقة ذاهبة إلى تصعيد لن يكون داخل الحدود السورية، وإنما سيمتد خارجها».
وأفاد بأن النظام لا يريد عودة اللاجئين، وأنه صرح بذلك علانية، بأن «7 ملايين متجانس أفضل من 23 مليونا غير متجانسين... اليوم محاولات إعادة اللاجئين مدفوعة من الروس، وهدفها جلب أموال إعادة الإعمار من أجل تأهيل النظام، وبالتالي المرسوم العاشر وضعه أو رفعه لا يعني لنا شيئا، لأن اللاجئ يفكر، قبل (تفكيره في) العقار، هل سيعتقل في المطار أم سيعدم في الفرن الإيراني الذي يحرق الجثث؟!».
وأردف: «نحن نتمنى أن يحصل الشعب السوري على استحقاقاته، وحريصون على إعادة اللاجئين، لكن علينا الالتزام بالمعايير بأن تكون طوعية وكريمة وحرة وآمنة وإلى مكان سكنه الأصلي، لا يمكن دفع ملايين الناس للعودة إلى هذه السجون والإعدامات، نحن مع عودتهم في إطار حقيقي لبيان جنيف وقرار 2254 والعودة لحياة ديمقراطية، والنصيحة اليوم بالعودة كمن ينصح شخصا بالعودة إلى منصة الإعدام».
ونبه الحريري إلى أن «التغيير الديموغرافي في سوريا هو تغيير ممنهج ودائم أشرفت عليه إيران لتحقيق مشاريعها في سوريا، ولا يمكن الاعتراف به أو قبوله ولا يمكن التوقيع على الحل السياسي إلا بتصحيح كل هذه التغييرات التي حدثت خلال السنوات السبع الماضية».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.