تونس: {النهضة} تدافع عن مدنيّة مشروعها السياسي

ردا على تحفظ أوروبي عن مواصلة التيارات الإسلامية العمل الحزبي

TT

تونس: {النهضة} تدافع عن مدنيّة مشروعها السياسي

خلف اللقاء الذي جمع راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية، بسفيري فرنسا وألمانيا في تونس خلال يوم واحد، تساؤلات عدة حول وجود تحفظ أوروبي نسبي حول مواصلة مشاركة التيارات الإسلامية في المشهد السياسي، والاطمئنان لها لضمان انتقال ديمقراطي سلس، وهو تحفظ سبق أن عبر عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بصريح العبارة خلال القمة الفرنكفونية، التي حضرها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في أرمينيا.
فقد أكد الرئيس الفرنسي وقوف بلاده إلى جانب الرئيس التونسي ضد من وصفهم بـ«الظلاميين»، لأنهم اعترضوا، حسب تعبيره، على مجموعة الإصلاحات التي قدمها الباجي، وعلى رأسها قانون المساواة في الإرث، الذي تم رفضه من قبل مجلس شورى حركة النهضة بسبب مخالفته تعاليم الإسلام، وهذا الموقف الفرنسي كان له صدى عميق في تونس، إذ اعتبرته بعض الأحزاب السياسية بمثابة رفض صريح للتيار الإسلامي.
ولئن أفصح الجانب الفرنسي خلال لقاء السفير مع رئيس حركة النهضة عن أهمية الدور الذي تلعبه الحركة في الحفاظ على الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني في تونس، ودعمها لمسار الانتقال الديمقراطي، فإن الجانب الألماني كان أكثر غموضا، إذ لم يثن على الدور الذي تلعبه حركة النهضة في المشهد السياسي. وهو ما يعد تكرارا لسيناريو السفير الألماني في تونس، الذي نصح حركة النهضة نهاية سنة 2013 بمغادرة السلطة، حتى لا تعرف البلاد نفس السيناريو الذي عرفته مصر.
وكان راشد الغنوشي قد أكد في أكثر من مناسبة أن حركة النهضة تسعى إلى فصل الجانب الدعوي عن الجانب السياسي، مشددا على أنها حركة مدنية، تعتمد في مرجعياتها على حركة الإخوان المسلمين.
لكن التيارات اليسارية، خاصة تحالف الجبهة الشعبية، توجه باستمرار اتهامات لحركة النهضة بالوقوف وراء الاغتيالين السياسيين اللذين وقعا سنة 2013، وخلفا مقتل القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي. وقد كشفت قيادات الجبهة الشعبية خلال الفترة الأخيرة عن وجود «جهاز أمني سري» تقوده حركة النهضة، وقالت إنها مسؤولة «سياسيا وأخلاقيا» عن هذين الاغتيالين، وكذلك عن تسفير آلاف الشباب التونسيين إلى بؤر التوتر إبان حكمها لتونس بين 2012 و2014.
على صعيد متصل، يعقد مجلس شورى حركة النهضة اجتماعا يوم غد السبت، وهو الاجتماع الثاني بعد اجتماع يومي 6 و7 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
ومن المنتظر أن يحسم في عدد من الملفات السياسية، من بينها الضغط الذي يمارسه حزب النداء على حركة النهضة من خلال سحب البساط من تحت قدمي يوسف الشاهد، وتحجيم مشروعه السياسي، إثر الإعلان عن اندماج حزبي النداء مع الاتحاد الوطني الحر، ومصير دعم حركة النهضة لرئيس الحكومة، ومراهنتها على مشروعه السياسي المستقبلي. إضافة إلى طرح موضوع امتناع الشاهد عن إعلانه الالتزام بعدم الترشح إلى الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها خلال السنة المقبلة.
وكانت حركة النهضة قد أوصت خلال اجتماع مجلس الشورى الماضي بالحفاظ على علاقة إيجابية مع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ومواصلة التفاوض مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد لاستكمال الشروط الضرورية للشراكة السياسية بين الطرفين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.