قلصت روسيا مجددا استثماراتها في السندات الأميركية، وكشفت بيانات الخزانة الأميركية أن حجم تلك الاستثمارات تراجع في شهر أغسطس (آب) الماضي حتى 14 مليار دولار.
وهذه هي المرة الثالثة التي تتخلص فيها روسيا خلال العام الجاري من سندات الدين العام الأميركي، إذ سبق وأن أقدمت على خطوة كهذه، هي الأولى من نوعها منذ عام 2007، حين قررت في أبريل (نيسان) الماضي التخلص من سندات بقيمة 47.5 مليار دولار، ومن ثم بقيمة 33.8 مليار دولار في مايو (أيار)، وخرجت بذلك من قائمة أكبر 33 دولة تحتفظ بالسندات الأميركية، بعد أن تراجعت حصتها من سندات بقيمة 108.7 مليار دولار في نهاية مارس (آذار) حتى 14.9 مليار بحلول نهاية مايو.
وفضلا عن أن تقليص حصتها في السندات الأميركية هو الأول بهذا المستوى منذ 11 عاماً، قامت روسيا لأول مرة منذ سبع سنوات بإعادة توزيع حصتها من السندات بين طويلة وقصيرة الأجل. وبعد أن كانت تلك الحصة موزعة بين 9.1 مليار سندات طويلة الأجل، و5.8 مليار سندات قصيرة الأجل، أعادت توزيعها إلى 3.4 مليار سندات طويلة الأجل، و10.7 مليار دولار سندات قصيرة الأجل، وهي المرة الأولى منذ عام 2011 التي تكون فيها حصة روسيا من السندات الأميركية قصيرة الأجل أكبر من حصتها في السندات طويلة الأجل.
وكما في خلفية قراراتها السابقة بالتخلي عن جزء كبير من سندات الدين العام الأميركي، يجمع الخبراء على أن روسيا استمرت بالتخلي عن استثماراتها في تلك السندات لأسباب تتعلق بالمشهد الجيوسياسي، وتحديداً على خلفية المخاوف من العقوبات الأميركية، بالتزامن مع المساعي لـ«فك الارتباط» بالدولار الأميركي، وتقليص دوره في الاقتصاد الروسي.
وفي تعليقها على تلك الخطوة في وقت سابق، قالت إلفيرا نابيولنا، مديرة البنك المركزي الروسي: «نحن نتبع سياسة للحفاظ على الاحتياطيات بصورة آمنة، ولضمان تنوعها. وخلال اتخاذنا قرار استثمار الأموال نقوم بتقييم المخاطر المالية والاقتصادية، والجيوسياسية».
ويرى مراقبون أن تخلي روسيا عن الجزء الأكبر من سندات الدين العام الأميركي، يعكس مدى القلق الروسي من السياسات الأميركية، وهو ما لا تخفيه السلطات الروسية، التي باتت تنظر إلى الدولار الأميركي على أنه عملة غير موثوقة للاحتفاظ بالاحتياطي، وتسعى إلى إيجاد عملات بديلة للتبادل التجاري.
وكانت روسيا تخلت لأول مرة عن جزء كبير من استثماراتها في السندات الأميركية على خلفية العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة مطلع أبريل الماضي، ضد عدد من كبار رجال الأعمال الروس، وتسبب بخسارتهم نحو 16 مليار دولار خلال يوم واحد، فضلا عن انهيار الروبل حينها.
ويبدو أن تلك العقوبات والتلويح بعقوبات أخرى تطال القطاع المالي الروسي، شكلت نقطة تحول في الموقف الروسي. وبعد الحفاظ على استثماراتها في السندات الأميركية بقيمة تزيد على 100 مليار دولار خلال الأزمة الاقتصادية عام 2008، وبنفس القيمة خلال الأزمة الحادة بين البلدين على خلفية ضم روسيا للقرم عام 2014، قررت روسيا بعد عقوبات أبريل 2018، استخدام تلك السندات وسيلة اقتصادية للرد «بالمثل» على العقوبات الأميركية، وفي الوقت ذاته لإنقاذ تلك الأموال، وهي جزء من الاحتياطي الروسي، من أي قرارات أميركية جديدة، قد تصل لحد الحجز على الأموال الروسية.
روسيا تواصل الهروب من السندات الأميركية
روسيا تواصل الهروب من السندات الأميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة