أسواق المال اللبنانية تنتعش «نفسياً» على وقع أنباء الانفراج الحكومي

TT

أسواق المال اللبنانية تنتعش «نفسياً» على وقع أنباء الانفراج الحكومي

تغيرت اتجاهات الأسهم والأوراق اللبنانية المصدّرة من القطاعين الخاص والحكومي، مع تبدل رياح تشكيل الحكومة الجديدة صوب المنحى التفاؤلي، ما أثبت التأثير القوي للعوامل النفسية في تحديد مواقف المتعاملين وترجيح كفة الطلب على موجات العروض المكثفة طوال الأسابيع الماضية، والتي أودت بالأسعار إلى مستويات تقل عن القيم الاسمية بنسب تراوحت بين 20 و50%.
واستردت بورصة بيروت أغلب خسائرها الرأسمالية وباتت قريبة للغاية من عتبة 10 مليارات دولار، بعدما كادت تهبط تحت حاجز 9 مليارات دولار. واستعادت أسهم «سوليدير» (إعمارية وسط بيروت) بريقها لتقترب من مستوى 8 دولارات، صعوداً من مستويات قاربت 5 دولارات، لتقود بذلك القيمة الرأسمالية الإجمالية للبورصة إلى 9.8 مليارات دولار... علماً بأن المستوى الجديد يبقى دون القيمة الاسمية للسهم البالغة 10 دولارات أميركية.
وعلى خط موازٍ، عاد الطلب جزئياً من مؤسسات محلية وبعض الصناديق الأجنبية على سندات الدين الحكومية المصدرة بالدولار (يوروبوندز)، من دون أن يُنتج تبدلاً نوعياً في مسار سوق السندات التي تصل عوائدها إلى 11% بفعل انخفاض أسعارها بين 10 و25%، والمحكوم أساساً بالتوجهات المالية للحكومة العتيدة ومدى قدرتها على تنفيذ «أجندة» الإصلاحات الإدارية والمالية التي التزمتها في مؤتمر «سيدر 1»، وفي مقدمها وضع سياسات فاعلة لخفض عجز الموازنة من 10% من الناتج المحلي إلى 5% خلال 5 سنوات، مع استثمار الدعم الدولي الذي قرره المؤتمر والبالغ نحو 11.8 مليار دولار، بينها مبالغ جزئية على شكل منح مالية والشرائح الأغلب من خلال قروض ميسرة، تمكّن الحكومة من تنفيذ برنامجها الاستثماري لإعادة بناء البنى التحتية وتحديثها بتكلفة إجمالية تناهز 16 مليار دولار.
ويؤكد مصرفيون وخبراء أن التحسن «النفسي» للأسواق سيبلغ ذروته مع إعلان التشكيلة الحكومية، لتعود قوة التأثير في تحديد مسار الأسواق وأسعار الأسهم والأوراق المالية إلى العوامل الموضوعية، والتي تعاني أصلاً من اختلالات عميقة تفرض إرساء معالجات وقائية سريعة ومتدرجة تشمل كل مفاصل المالية العامة، بدءاً من الكرة المتفجرة للدين العام، والذي ارتفع حسب الإحصاءات المجمعة إلى 82.94 مليار دولار حتى منتصف العام الحالي... محققاً زيادة بقيمة 6.48 مليار دولار مقارنةً بالفترة ذاتها من عام 2017، والبالغ حينها 76.46 مليار دولار. ويرصد الاقتصاديون، بصورة خاصة، مواقف وخطوات البنك الدولي عقب تأليف الحكومة، بوصفه المرجعية المعتمدة لمتابعة التزامات «سيدر 1» بشقيها اللبناني والدولي. وكذلك الأمر بالنسبة إلى صندوق النقد الدولي الذي يوفد دورياً بعثاته إلى لبنان (بموجب المادة 4)، ويجري تقييمات شاملة للاقتصاد والسياسات المالية والنقدية، ويستخلص مكامن المشكلات وتصوراته للمسارات المستقبلية على المديين القريب والمتوسط.
عموماً، يتوقع البنك الدولي آفاقاً ضعيفة للاقتصاد اللبناني على المدى المتوسّط، توازياً مع تراكم في خدمة الدين وارتفاعٍ في عجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلّي الإجمالي... وكذلك الأمر بالنسبة إلى الصندوق.
والمؤسستان تعوّلان على تعهّد الحكومة بتقليص نسبة العجز بنقطة مئويّة واحدة في السنة خلال فترة الأعوام الخمسة التي تلي مؤتمر «سيدر»، والذي يقدم للبنان فرصة لتسريع عجلة النموّ الاقتصادي وتدفُّق الرساميل وخلق فرص عمل جديدة في البلاد.
غير أنّ الحصول الفعلي على المبالغ التي تمّ التعهد بها يبقى مشروطاً باتّخاذ السلطات المعنيّة التدابير الإصلاحيّة اللازمة، بما فيها تلك التي من شأنها أن تخفِّض معدّل الدين العامّ من الناتج المحلّي الإجمالي إلى مستوياتٍ مقبولة.
وحسب أحدث تقاريره، خَفَّضَ صندوق النقد توقّعاته لنسبة النموّ الاقتصادي الحقيقي للبنان إلى 1% لعام 2018 (مقارنةً بـ1.5% كانت مُتَوَقَّعة في نسخة شهر أبريل «نيسان» 2018)، و1.4% لعام 2019 (مقارنة بـ1.8%)، في حين رَفَعَ تقديراته السابقة لنسبة النموّ الاقتصادي لعام 2017 إلى 1.5% (من 1.2%). كما توقّع التقرير أن تصل نسبة النموّ الاقتصادي الحقيقي في لبنان إلى 2.9% في عام 2023 (مقارنةً بـ2.8% كانت مرتقَبة سابقاً).
بالتوازي، توقَّع التقرير أن يشهد لبنان تفاقماً في عجز الحساب الجاري خلال الفترة المقبلة، من 22.8% من الناتج المحلّي الإجمالي في عام 2017، إلى 25.6% في عام 2018، لتعود وتتراجع هذه النسبة إلى 25.5% في عام 2019. و21.3% في عام 2023. وتوقع الصندوق أن يرتفع متوسّط نسبة التضخّم السنوي في لبنان من 5% في عام 2017، إلى 5.4% في عام 2018.
كذلك خَفَّضَ البنك الدولي توقّعاته السابقة لنسبة النموّ الاقتصادي في لبنان لعام 2018 من 2 إلى 1%، مرتقِباً أن تبقى هذه النسبة متدنّية عند 1.3% في عام 2019، و1.5% في عام 2020، وسَلَّطَ الضوء على تباطؤ نشاط معظم القطاعات الاقتصاديّة في البلاد، ترافقاً مع التأخير في تشكيل حكومة جديدة، والأعداد الكبيرة للاجئين السوريين، وتعليق مصرف لبنان قروضه المدعومة الموجَّهة نحو قطاع السكن، وهي أمورٌ أثَّرت سلباً على النموّ. وفي التفاصيل، ركز تقرير البنك الدولي على معاناة قطاعين من أهمّ القطاعات الداعمة للنموّ، وهما القطاع العقاري وقطاع السياحة، خلال النصف الأوّل من عام 2018، بحيث انكمشت تسليمات الإسمنت بنسبة 3.4% سنويّاً، في حين ارتفع عدد السيّاح القادمين إلى البلاد بنسبة ضئيلة بلغت 3.3% (مقارنة مع تطوُّر بنسبة 14.2% في الفترة ذاتها من العام المنصرم).
كذلك كَشَفَ التقرير أنّ تعليق مصرف لبنان قروضه المدعومة قد انعكس سلباً على حركة التسليف لدى المصارف اللبنانيّة، إذ ارتفعت محفظة التسليفات إلى القطاع الخاصّ بنسبة 1.9% سنويّاً مع نهاية شهر يونيو (حزيران) 2018، مقارنةً بنموٍّ سنوي بنسبة 8.4% في الفترة الموازية من العام الماضي.
وعلى صعيد الماليّة العامّة، يتوقع البنك الدولي أن يتفاقم عجز الموازنة العامّة ليصل إلى 8.3% من الناتج المحلّي الإجمالي خلال عام 2018، مقابل 6.6% في 2017، نتيجة غياب أي مكاسب ضريبيّة استثنائيّة كتلك التي على الأرباح التي جنتها المصارف في العام السابق جرّاء مشاركتها في الهندسات الماليّة التي استهلّها مصرف لبنان في عام 2016.
بالتوازي، لَفَتَ التقرير إلى أنّ سلسلة الرتب والرواتب التي تمّ إقرارها مؤخَّراً من شأنها أن تزيد النفقات العامّة، وبالتالي العجز في الماليّة العامّة. وهذا الأمر، مقروناً بخدمة الدين المرتفعة ونسب النموّ الضعيفة، من شأنه أن يرفع معدّل الدين العامّ إلى نحو 155% من الناتج المحلّي الإجمالي في عام 2018، وهو مستوى غير مستدام برأي البنك الدولي.
في سياقٍ مواز، أصبح الهامش على التأمين على السندات السياديّة (CDS) ومؤشِّر السندات الناشئة في الأسواق العالميّة (EMBIG) مرتفعاً، وذلك في ظلّ خروج مستثمرين أجانب من استثماراتهم في الأدوات الماليّة اللبنانيّة نتيجة للتوتّرات السياسيّة السائدة على الساحتين المحليّة والإقليميّة والضغوط المتعلّقة بالأسواق الناشئة بالإجمال. كذلك تم تسجيل ارتفاع معدّل تضخّم الأسعار في لبنان بنسبة 6.2% سنويّاً في الأشهُر السبعة الأولى من العام الحالي، ما يعود بشكلٍ كبيرٍ إلى زيادة أسعار السلع عالميّاً.



الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)
TT

الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني، المهندس صالح الجاسر، تسجيل قطاع الطيران نمواً استثنائياً خلال عام 2024، حيث ارتفعت أعداد المسافرين بنسبة 15 في المائة، لتصل إلى أكثر من 128 مليون مسافر، بزيادة نحو 24 في المائة على مستويات ما قبل الجائحة، فيما زادت أعداد الرحلات الجوية بنسبة 11 في المائة، إلى أكثر من 902 ألف رحلة.

وأضاف الجاسر خلال الاجتماع الـ15 للجنة التوجيهية لتفعيل الاستراتيجية الوطنية لقطاع الطيران، المُنعقد في الرياض، الخميس، أن نطاق الربط الجوي شهد زيادة بنسبة 16 في المائة، حيث أصبحت المملكة مرتبطة بـ172 وجهة حول العالم تنطلق منها الرحلات وإليها، وسجل الشحن الجوي نمواً استثنائياً بنسبة 34 في المائة؛ ليصل لأول مرة إلى أكثر من مليون طن خلال عام 2024.

من جانبه، بين رئيس هيئة الطيران المدني، عبد العزيز الدعيلج، أن النجاح الذي تحقق خلال العام الماضي يعود إلى الجهود التكاملية لجميع العاملين في القطاع، مشيراً إلى أن الطيران المدني السعودي حقق نمواً قياسياً خلال عامي 2023 و2024، بعد إحرازه قفزات كبيرة في الربط الجوي وأعداد المسافرين وخدمات الشحن الجوي.

وقال: «إن هذا التقدم يعكس التزام منظومة الطيران السعودي بتحقيق مستهدفات (رؤية 2030) في قطاع الطيران، من خلال الاستراتيجية الوطنية للطيران المنبثقة عن الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجيستية».

ولفت الدعيلج النظر إلى أن قطاع الطيران حقق منجزات استثنائية غير مسبوقة منذ اعتماد مجلس الوزراء الاستراتيجية الوطنية للطيران قبل أربع سنوات، التي كانت بمنزلة محرك للتحول؛ حيث ساهمت في تعزيز النمو والابتكار؛ لتواصل ريادتها العالمية.

رئيس هيئة الطيران المدني عبد العزيز الدعيلج (واس)

وقد شهد قطاع الطيران المدني في المملكة تقدماً ملحوظاً منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للطيران قبل أربع سنوات، بما في ذلك خصخصة المطارات ونقل تبعيتها إلى شركة «مطارات القابضة»، وتأسيس شركة «طيران الرياض»، وإطلاق المخطط الرئيسي لمطار الملك سلمان الدولي والمخطط العام لمطار أبها الدولي الجديد، وتدشين المنطقة اللوجيستية المتكاملة في مدينة الرياض التي تعد أول منطقة لوجيستية خاصة متكاملة في المملكة، واستقطاب كبرى الشركات العالمية في المنطقة ومنحها تراخيص الأعمال التجارية في المنطقة.

كما جرى إطلاق لائحة جديدة لحقوق المسافرين، وإجراء أكبر إصلاح تنظيمي في اللوائح الاقتصادية لقطاع الطيران خلال 15 عاماً، وإطلاق برنامج الاستدامة البيئية للطيران المدني السعودي وتفعيله، مع إطلاق خريطتي طريق التنقل الجوي المتقدم والطيران العام.

وحققت المملكة نسبة 94.4 في المائة في تدقيق أمن الطيران؛ لتحتل بذلك المركز السابع على مستوى دول مجموعة العشرين، في مجال قطاع أمن الطيران، وتحقيقها المرتبتين الـ18 والـ13 في معدل الربط الجوي الدولي خلال العامين السابقين، مقارنة بعام 2018، حيث كانت في المرتبة الـ27؛ وذلك وفقاً لتقرير مؤشر الربط الجوي الصادر عن اتحاد النقل الجوي الدولي (أياتا).

وكان الاجتماع الخامس عشر للجنة التوجيهية لتفعيل الاستراتيجية الوطنية للطيران، قد شهد حضور عدد من قادة قطاعي الرياضة والسياحة في المملكة، من بينهم الفريق المسؤول عن ترشيح المملكة لاستضافة كأس العالم، لمناقشة دور قطاع الطيران المدني في الاستعداد لاستضافة المملكة لبطولة عام 2034، وغيرها من الأحداث العالمية الكبرى التي ستقام في المملكة خلال العقد المقبل.