توقعات بإعلان الحكومة بداية الأسبوع مع انتهاء قطيعة «القوات» و«التيار»

بري وجنبلاط متفائلان بقرب تشكيلها

الرئيس سعد الحريري مجتمعاً أمس مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري مجتمعاً أمس مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (دالاتي ونهرا)
TT

توقعات بإعلان الحكومة بداية الأسبوع مع انتهاء قطيعة «القوات» و«التيار»

الرئيس سعد الحريري مجتمعاً أمس مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري مجتمعاً أمس مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (دالاتي ونهرا)

بدأت بوادر الانفراج الحكومي تظهر عبر مؤشرات عدّة؛ أبرزها إنهاء القطيعة السياسية بين «التيار الوطني الحر» و«حزب القوات اللبنانية» عبر اللقاء الذي جمع أمس وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الإعلام ملحم رياشي، في وقت برزت فيه عقد طارئة يعمل على تذليلها مع استمرار الجهود لحلّ مشكلة «حصة القوات» والبحث عن مخرج لمطلبها بالحصول على وزارة العدل، وكذلك العمل لحسم «وزارة الأشغال» التي يطالب بها باسيل ويتمسك بها «تيار المردة».
ولفتت مصادر وزارية مطلعة على المشاورات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن اللمسات الأخيرة توضع على التشكيلة الحكومية التي من المتوقّع الإعلان عنها نهاية هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، وذلك بعد عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري من جنيف. ولفتت في الوقت عينه إلى بروز عقد وصفتها بـ«الطارئة» في الـ24 ساعة الأخيرة، مع تأكيدها على أنها «قابلة للحل»، وأوضحت أنها تتمثل في مطالبة بري بوزارة الشؤون الاجتماعية انطلاقا من أنه لم يحصل على وزارة شبه أساسية، إضافة طبعا إلى وزارة المال، وتمسك الأحزاب الأرمنية بتمثيلها عبر وزارتين ورفض التنازل عن مقعد منهما لصالح الأقليات وفق التوجّه الذي كان من المفترض أن يعتمد في الحكومة المقبلة. وفيما رجّحت حلّ العقدة الأرمنية بإبقاء القديم على حاله، لم تستبعد إجراء عملية تبادل للحقائب في اللحظات الأخيرة، وتحديدا بين تلك التي توضع ضمن الخانة نفسها، وهو ما قد يعتمد في حالة مطلب بري.
وفي حين استمر البحث حول «وزارة الأشغال»، أشارت المصادر إلى أن الحسم بشأن مطلب «القوات» للحصول على «وزارة العدل» من شأنه توضيح الخريطة الحكومية النهائية، وقالت: «إذا بقيت (العدل) مع رئيس الجمهورية؛ فعندها قد تكون (العمل) أو (الصناعة) من حصّة (القوات)». مع العلم بأن «القوات» سبق أن رفضت عروضا كهذه متمسكة بحصولها على وزارة وازنة، وقالت مصادرها لـ«الشرق الأوسط»: «التفاوض مستمر ولم تحسم الأمور لغاية الآن. قدّمنا أفكارنا للحلّ، وننتظر الإجابات النهائية عليها». وفيما أكدت أن التعاطي يتم بإيجابية من قبلها ومن قبل مختلف الأطراف في موازاة تواصل «القوات» الدائم مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وضعت اللقاء الذي جمع أمس رئيس «التيار» وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الإعلام ملحم رياشي عن «القوات»، في خانة وضع حد للقطيعة السياسية بين الحليفين السابقين بعد مرحلة من المواجهات على خلفية الحصص الوزارية.
واستمرت المواقف الإيجابية حيال قرب تشكيل الحكومة، وتابع رئيس الجمهورية الاتصالات الجارية بشأنها في ضوء التطورات التي استجدت خلال الساعات الماضية، والمواقف التي صدرت عن عدد من رؤساء الكتل النيابية حول التشكيلة الحكومية الجديدة، بحسب ما جاء في بيان للرئاسة. وأكد عون أمام زواره أن الملف الحكومي له الأولوية في الوقت الراهن، معربا عن أمله في أن تشكل الحكومة في أسرع وقت كي تنصرف إلى مواجهة التحديات المختلفة؛ وفي مقدمها التحديات الاقتصادية.
وعبّر رئيس مجلس النواب نبيه بري عن تفاؤله بتشكيل الحكومة قريبا، وقال من جنيف: «لا أستطيع أن أقول إن تأليف الحكومة اللبنانية انتهى، لكن أستطيع القول إن التقدم على قدم وساق... وقريبا وعسى ولعل. صار الفول موجود والمكيول موجود، لربما إن شاء الله يتم هذا الأمر». وضمّ رئيس «الحزب الاشتراكي» وليد جنبلاط صوته إلى صوت بري، عادّاً أن «الإسراع في تشكيل الوزارة أكثر من ضروري، لأن الوضع الاقتصادي فوق كل اعتبار»، وأضاف: «أضم صوتي إلى صوت الرئيس بري وإلى جميع الحريصين مثله».
من جهته، قال باسيل: «عدالة التمثيل تتحقق، والقواعد والمعايير التي تجمع تتحقق، وهذا ما يسمح للحكومة بقرار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، بأن تتشكل، ونتمكن من اليوم أن نقول: مبروك». وعن مطالبة «القوات اللبنانية» بوزارة العدل، قال: «لا أملك الصفة للدخول في هذه التفاصيل، لكن الصورة واضحة أمامي في هذا الإطار».
وأكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أن تشكيل الحكومة بات محسوما، قائلا: «الانفراج آت لا محالة، وعملية التأليف على نار حامية. انتظرنا أشهرا، فلا ضير من انتظار عدة أيام أو ساعات، فالتفاؤل أصبح واقعا بولادة حكومة وحدة وطنية تعكس ارتياحا لدى اللبنانيين وتنعش اقتصادهم». وأضاف: «المشاورات واللقاءات التي جرت وتجري ستثمر تشكيل حكومة، مهما (قيل وقال)، فالجميع متفقون على أن الوطن لا ينهض ولا يزدهر إلا بحكومة توافق وطني». ونوّه بـ«جهود رئيس الحكومة المكلف الذي صبر لإتمام هذا الإنجاز الوطني».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.