الاتحاد الأوروبي يقترح تمديد الفترة الانتقالية لـ«بريكست»

استطلاع أوروبي يظهر معارضة قوية للخروج من التكتل

رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تحاصرها أعلام أوروبا (رويترز)
رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تحاصرها أعلام أوروبا (رويترز)
TT

الاتحاد الأوروبي يقترح تمديد الفترة الانتقالية لـ«بريكست»

رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تحاصرها أعلام أوروبا (رويترز)
رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تحاصرها أعلام أوروبا (رويترز)

انتهى اجتماع الحكومة البريطانية مساء الثلاثاء، والذي تكهّنت وسائل إعلام بأنّه سيشهد استقالات، بلا مشكلات. وأبلغت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي وزراءها بأنهم لن يتوصلوا إلى اتفاق للخروج من الاتحاد الأوروبي ما لم يتحدوا، داعية إلى إظهار الوحدة لإسكات من يضغطون عليها لإعادة النظر في استراتيجيتها لمغادرة التكتل.
والتقت ماي مساء الأربعاء زملاءها الأوروبيين في قمّة قد تقتصر على إظهار الخلافات التي ما زالت قائمة بين لندن والاتحاد الأوروبي بعد أن بدا أن مفاوضات بريكست في طريق مسدودة. وقد تبدّدت الآمال التي كانت معلّقة على هذه القمة التي كانت تقدّم على أنّها «ساعة الحقيقة» قبل أقلّ من ستّة أشهر على الموعد المقرّر لخروج بريطانيا من الاتّحاد في 29 مارس (آذار) 2019.
وأفادت مصادر دبلوماسية بأن قادة الاتّحاد الأوروبي يعتبرون أن الوقت ما زال متاحاً للتوصّل إلى «اتفاق جيّد» مع لندن بشأن «بريكست» وأنّهم مستعدّون لمساعدة رئيسة الوزراء البريطانية خلال القمّة الأوروبية التي بدأت أمس في بروكسل إذا ما قدّمت لهم اقتراحات «خلّاقة» للخروج من الأزمة.
وقال دبلوماسيان أوروبيان لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ كبير مفاوضي الاتّحاد الأوروبي ميشال بارنييه تقدم باقتراح يقضي بتمديد الفترة الانتقالية التي تلي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لمدة سنة، بهدف حلحلة المفاوضات بين الطرفين.
وجاءت تصريحات بارنييه للتزامن مع مطالبة رئيس الوزراء الأسبق توني بلير، أحد أكثر السياسيين البريطانيين تحمسا للبقاء في أوروبا، قادة أوروبا تخفيف الضغط على بريطانيا من أجل إتاحة فرصة لإجراء استفتاء آخر حول الخروج أو البقاء في التكتل. وكتب بلير مقالا نشر في سبع دول أوروبية يطالب فيه بتمديد فترة المفاوضات والبقاء في الاتحاد من أجل إعطاء الشعب البريطاني فرصة أخرى.
ومقترح تمديد الفترة الانتقالية لمدّة سنة، الذي رفض مكتب بارنييه التعليق عليه، يهدف خصوصاً إلى إتاحة مزيد من الوقت من أجل حلّ مسألة الحدود بين مقاطعة آيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا وجمهورية آيرلندا العضو في الاتّحاد الأوروبي، وهو أبرز موضوع خلافي في المحادثات.
من جهتها أكّدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، قبيل ساعات من انطلاق القمّة، أنّ «الفرص لا تزال متاحة للتوصّل إلى اتفاق خروج يكون جيّدا وقابلا للحياة في آن معاً».
وقال وزير الخارجية الآيرلندي سايمون كوفيني لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إنّ «ما قاله ميشال بارنييه بوضوح هو أنّ الجانب الأوروبي مستعد لإعطاء مزيد من الوقت خلال الفترة الانتقاليّة لإيجاد حلّ بديل» عن ذلك الموجود حالياً على الطاولة. لكنّ دبلوماسيا أوروبياً قال إن «هذا ليس حلّاً قائماً بذاته. هذا لن يحلّ بطريقة عجائبيّة مشكلة الحدود». وبحسب دبلوماسي أوروبي آخر طلب بدوره عدم نشر اسمه فإنّ هذا المقترح «ليس مطروحاً فعلياً على طاولة المفاوضين»، مشيراً إلى أنّ هذا الاقتراح سيكون على بريطانيا من خلاله احترام قواعد الاتّحاد الأوروبي في حين أنّها لن تكون عضواً في الاتّحاد.
ولتسوية مسألة الحفاظ على الحدود البرية مفتوحة بين آيرلندا الشمالية وجمهورية آيرلندا بعد أن تخرج بريطانيا من السوق الموحّدة والاتّحاد الجمركي، تقترح بريطانيا أن تبقى ملتزمة القواعد الجمركية للاتّحاد الأوروبي حتى توقيع اتفاق أوسع للتبادل الحرّ من أجل تجنّب إقامة حدود فعلية لمراقبة البضائع.
ويمكن أن يسمح اقتراح بارنييه الذي عرض على وزراء الخارجية الأوروبيين، بكسب الوقت للتفاوض حول اتفاق تجاري، ما يقلّل من إمكانية اللجوء إلى إجراءات أمنية على الحدود الآيرلندية التي ستطبّق إذا لم يتمّ التوصّل إلى حلّ أفضل خلال المفاوضات.
عمليا، ترغب الدول الـ27 في هذه الحالة، في الحصول على تعهد ببقاء آيرلندا الشمالية في الاتّحاد الجمركي حتى نهاية المرحلة الانتقالية، لكنّ المملكة المتحدة ترفض ذلك.
أما رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الذي قال الثلاثاء إنّه سيطالب ماي باقتراحات «ملموسة» و«خلّاقة»، فسيجتمع بها على انفراد. وقال المسؤول البولندي: «لتحقيق اختراق نحتاج بالإضافة إلى حسن النيّة لوقائع جديدة (...) سأسألها (ماي) ما إذا كانت لديها اقتراحات عمليّة للخروج من المأزق». وأضاف: «نحتاج إلى شيء جديد (...) إلى أسلوب جديد للتفكير»، إلى حلّ يحمي «قيم» الاتّحاد الأوروبي والسوق الموحّدة من جهة، و«المملكة المتحدة وسيادتها» من جهة أخرى، على حدّ قوله. لكن هامش المناورة الذي تملكه ماي يضيق بسبب ضغوط المعارضة داخل حزبها المحافظ.
وفي سياق متصل أظهر استطلاع للرأي أن أغلبية البريطانيين أصبحوا يعارضون خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي. وحسب الاستطلاع الذي أجري بتكليف من البرلمان الأوروبي وأعلن عن نتائجه أمس الأربعاء في بروكسل فإنه إذا استفتي البريطانيون اليوم على خروج بريطانيا من الاتحاد فلن يوافقوا على الخروج. وتبين من خلال الاستطلاع أن 51 في المائة من البريطانيين مع بقاء بلادهم داخل الاتحاد بينما يؤيد 34 في المائة الخروج ولم يكوّن 11 في المائة ممن شملهم الاستطلاع رأيا جازما في هذا الأمر. وفي الوقت ذاته فإن أكثر من نصف البريطانيين (54 في المائة) يعتقدون أن قرار الخروج من الاتحاد خاطئ في حين أجاب 38 في المائة على سؤال بشأن ما إذا كان اللجوء للاستفتاء عن الخروج صحيحا بـ«نعم».



الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)

تجاوز الاحترار خلال العامين الأخيرين في المتوسط عتبة 1.5 درجة مئوية التي حدّدتها اتفاقية باريس، ما يؤشر إلى ارتفاع مستمر في درجات الحرارة غير مسبوق في التاريخ الحديث، بحسب ما أفاد، الجمعة، مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. وكما كان متوقعاً منذ أشهر عدة، وأصبح مؤكَّداً من خلال درجات الحرارة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول)، يُشكّل 2024 العام الأكثر حرّاً على الإطلاق منذ بدء الإحصاءات سنة 1850، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. ومن غير المتوقع أن يكون 2025 عاماً قياسياً، لكنّ هيئة الأرصاد الجوية البريطانية حذّرت من أن هذه السنة يُفترض أن تكون من الأعوام الثلاثة الأكثر حراً على الأرض.

اتفاقية باريس

وسنة 2025، العام الذي يعود فيه دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، يتعيّن على الدول أن تعلن عن خرائط الطريق المناخي الجديدة، التي تُحَدَّث كل خمس سنوات في إطار اتفاقية باريس. لكن خفض انبعاث الغازات الدفيئة المسبّبة للاحترار يتعثر في بعض الدول الغنية؛ إذ لم تستطع الولايات المتحدة مثلاً خفض هذا المعدّل سوى بـ0.2 في المائة في العام الماضي، بحسب تقرير «كوبرنيكوس». ووفق المرصد، وحده عام 2024 وكذلك متوسط عامي 2023 و2024، تخطى عتبة 1.5 درجة مئوية من الاحترار، مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، قبل أن يؤدي الاستخدام المكثف للفحم والنفط والغاز الأحفوري إلى تغيير المناخ بشكل كبير.

احترار المحيطات

خلف هذه الأرقام، ثمّة سلسلة من الكوارث التي تفاقمت بسبب التغير المناخي؛ إذ طالت فيضانات تاريخية غرب أفريقيا ووسطها، وأعاصير عنيفة في الولايات المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي. وتطال الحرائق حالياً لوس أنجليس، وهي «الأكثر تدميراً» في تاريخ كاليفورنيا، على حد تعبير الرئيس جو بايدن.

قال علماء إن عام 2024 كان أول عام كامل تتجاوز فيه درجات الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة (أ.ب)

اقتصادياً، تسببت الكوارث الطبيعية في خسائر بقيمة 320 مليار دولار في مختلف أنحاء العالم خلال العام الماضي، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن شركة «ميونيخ ري» لإعادة التأمين. من شأن احتواء الاحترار عند عتبة 1.5 درجة مئوية بدلاً من درجتين مئويتين، وهو الحد الأعلى الذي حدّدته اتفاقية باريس، أن يحدّ بشكل كبير من عواقبه الأكثر كارثية، بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي. وتقول نائبة رئيس خدمة التغير المناخي (C3S) في «كوبرنيكوس»، سامانثا بيرجس: «إنّ كل سنة من العقد الماضي كانت أحد الأعوام العشرة الأكثر حرّاً على الإطلاق».

ويستمرّ الاحترار في المحيطات، التي تمتصّ 90 في المائة من الحرارة الزائدة الناجمة عن الأنشطة البشرية. وقد وصل المتوسّط السنوي لدرجات حرارة سطح المحيطات، باستثناء المناطق القطبية، إلى مستوى غير مسبوق مع 20.87 درجة مئوية، متجاوزاً الرقم القياسي لعام 2023.

«النينيا»

التهمت حرائق غابات الأمازون في شمال البرازيل سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة لموجات الحرّ البحرية على الشعاب المرجانية أو الأسماك، يُؤثّر الاحترار الدائم للمحيطات على التيارات البحرية والجوية. وتطلق البحار التي باتت أكثر احتراراً مزيداً من بخار الماء في الغلاف الجوي، مما يوفر طاقة إضافية للأعاصير أو العواصف. ويشير مرصد «كوبرنيكوس» إلى أن مستوى بخار الماء في الغلاف الجوي وصل إلى مستوى قياسي في عام 2024؛ إذ تجاوز متوسطه لفترة 1991 - 2020 بنحو 5 في المائة. وشهد العام الماضي انتهاء ظاهرة «النينيو» الطبيعية التي تتسبب بالاحترار وبتفاقم بعض الظواهر المتطرفة، وبانتقال نحو ظروف محايدة أو ظاهرة «النينيا» المعاكسة. وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية حذرت في ديسمبر من أنّ ظاهرة «النينيا» ستكون «قصيرة ومنخفضة الشدة»، وغير كافية لتعويض آثار الاحترار العالمي.