نقابات تونس تخطط لتنفيذ أكبر إضراب داخل المؤسسات العمومية

واصل الاتحاد العام للشغل، كبرى نقابات العمال في تونس، سلسلة اجتماعاته النقابية، التي احتضنتها بعض أبرز مؤسسات القطاع العام، قصد حشد التأييد النقابي والشعبي المنشود لتنفيذ أكبر إضراب عام داخل المؤسسات العمومية في 24 من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، على الرغم من بروز مخاوف حقيقية من تكرار سيناريو إضراب 26 يناير (كانون الثاني) 1978، الذي نجم عنه عشرات الضحايا، ودخول القيادات النقابية السجن خلال فترة حكم الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة.
وعقد نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال، أمس، اجتماعات شملت كبريات شركات القطاع العام، وشركة النقل العمومي، والشركة التونسية للكهرباء والغاز، بالإضافة إلى شركة الخطوط الجوية التونسية، وهي شركات مهددة بالتفويت للقطاع الخاص، بسبب صعوبات مالية كبيرة، وفشل عدة خطط لإعادة هيكلتها خلال السنوات الماضية، وهو ما يعني بالضرورة التخلي عن آلاف العمال، وهذا بالضبط ما ترفضه الهياكل النقابية برمتها. وخلال اجتماع عقد داخل مقر المنظمة النقابية مع عمال شركة النقل العمومي، شدد الطبوبي على تمسك القيادات النقابية بمؤسسات القطاع العام، مشيرا أمام مئات النقابيين الذين عبروا عن انتقادهم للحكومة، إلى أن الموظفين يدفعون نحو 75 في المائة من الضريبة المباشرة، وهو ما أضعف قدراتهم الشرائية. ودعا إلى التفاف القواعد النقابية حول نقابة العمال لإنجاح الإضراب العام، وحتى تبقى مؤسسات القطاع العام «ملكا لكل التونسيين»، على حد قوله.
في غضون ذلك، أعلن اتحاد عمال تونس، الذي يقوده إسماعيل السحباني، الرئيس السابق لاتحاد الشغل (منظمة نقابية مستقلة)، عن التزامه بالإضراب العام الذي دعا له اتحاد الشغل، وقال بخصوص تعامله مع الحكومة وكيفية الخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، إنه يقترح تشكيل هيئة عليا للتخطيط، تكون مهمتها ضبط استراتيجيات اقتصادية جديدة، بعيدا عن المرجعيات التقليدية.
وعلى صعد غير متصل، كشف حافظ قائد السبسي، المدير التنفيذي لحزب النداء، وسليم الرياحي، رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر، خلال مؤتمر صحافي عقداه أمس بالعاصمة التونسية، عن توزيع جديد للمناصب القيادية، وذلك إثر الإعلان عن الاندماج السياسي للحزبين، وانصهارهما في حزب سياسي واحد.
فبعد أيام قليلة من الاتفاق على الاندماج السياسي، أسند لسليم الرياحي، رجل الأعمال المثير للجدل بسبب اتهامه في قضايا تبييض أموال، منصب الأمانة العامة لحزب النداء، وهو منصب بقي شاغرا بعد انسحاب محسن مرزوق، الذي أسس حزب حركة مشروع تونس، فيما أبقى حافظ قائد السبسي على منصبه كمدير تنفيذي للحزب بعد الاندماج، وممثل قانوني لحزب النداء.
وسيتولى رضا شرف الدين، رجل الأعمال الممثل لمنطقة سوسة، مهمة إعداد المؤتمر الانتخابي للحزب، المنتظر نهاية يناير المقبل. أما رضا بلحاج، الذي غادر حزب «تونس أولا» وأعاد صلته بحزب النداء، فقد أسندت له مهمة منسق عام للهيئة السياسية، فيما حافظ أنس الحطاب على منصب المتحدث الرسمي باسم الحزب.
وخلال المؤتمر الصحافي، وجّه الرياحي الشّكر لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، وابنه حافظ قائد السبسي، وقال إن اندماج حزب «النداء» مع «الوطني الحر» يعتبر «إشارة واضحة للرغبة في تجميع القوى التقدمية» على حد تعبيره. موضحا أنه «من الضروري أن يندمج الحزبان قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. وتخلّي نواب الاتحاد الوطني الحر (12 نائبا) عن حزبهم جاء مراعاة للمصلحة الوطنية».
من جانبه، أوضح السبسي الابن، أن توزيع المهام بين قيادات الحزب الجديد سيتمّ بشكل رسمي بعد المؤتمر الصحافي، كما سيتم الإعلان الرسمي عن الخطط الجديدة في بيان يصدر عن الحزب.
وأوضحت مصادر سياسية تونسية متطابقة، أن توزيع المهام بهذه الطريقة راعى التوازنات داخل الحزبين؛ حيث حافظ على المهام الأساسية لنجل الرئيس، فيما أسندت مهمة الأمانة العامة لسليم الرياحي، الطامح للمراهنة على منصب الرئاسة، ومن ثم لعب دور سياسي مهم خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.
وأضافت المصادر ذاتها أن فشل خطة «التوريث السياسي»، التي سعى لها حزب النداء، وتبخر آمال نجل الرئيس في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، قد يدفع حزب النداء إلى المراهنة على الرياحي لمنافسة يوسف الشاهد، الذي يحافظ بدوره على حظوظ وافرة في حال اعتزامه الترشح لرئاسة تونس.