المغرب يدعو اللجنة الرابعة للأمم المتحدة إلى رفع يدها عن قضية الصحراء

TT

المغرب يدعو اللجنة الرابعة للأمم المتحدة إلى رفع يدها عن قضية الصحراء

قال عمر هلال، السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، إن استمرار قضية الصحراء على جدول أعمال اللجنة الرابعة يُعدّ انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة، داعياً هذه اللجنة إلى رفع يدها عن قضية الصحراء «من أجل ضمان الهدوء والمناخ الملائم لبعث العملية السياسية تحت رعاية مجلس الأمن».
وأوضح هلال في كلمة له، أول من أمس، أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة أن قضية الصحراء «هي بالفعل القضية الوحيدة التي ما زالت موضع نقاش وقرار للجنة الرابعة، علماً بأن مجلس الأمن يتولاها منذ 1988»، واصفاً هذا التداول المزدوج لقضية الصحراء بأنه «ينتهك المادة 12 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تنصّ على أنه طالما باشر مجلس الأمن الوظائف التي رسمت في الميثاق بصدد نزاع أو موقف ما، فليس للجمعية العامة أن تقدم أية توصية في شأن هذا النزاع أو الموقف». وأضاف هلال أن هذا المادة تهدف إلى منع وضع تقوم فيه هيئتان من هيئات الأمم المتحدة بتولي القضية نفسها، وتجنب تبني قرارات متناقضة، وضمان ريادة وأسبقية مجلس الأمن، «باعتباره مصدر القانون الدولي والهيئة الرئيسية للأمم المتحدة، المسؤولة عن حفظ السلام والأمن الدوليين».
كما شدَّد هلال على أن قضية الصحراء ليست قضية تصفية استعمار، بل استكمال للوحدة الترابية للمغرب، مشيراً إلى أن «التاريخ لا ينكر حقيقة مفادها أن الصحراء كانت على الدوام جزءاً لا يتجزَّأ من المغرب، وذلك حتى قبل احتلالها من قبل إسبانيا سنة 1884»، وأن «التاريخ والجغرافيا لم يعرفا أبداً الصحراء خارج السيادة المغربية».
وشدَّد هلال على أن «الوحدة الترابية مبدأ يسمو على باقي قواعد القانون الدولي الأخرى»، مشيراً إلى أن «احترام مبدأ الوحدة الترابية يتسم بالديمومة، وفرض نفسه كقاعدة قانونية في العلاقات بين الدول... قبل ظهور المنظمات الدولية وتطوير القواعد الآمرة... كما كرَّسته المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة... ويسمو أيضاً على تقرير المصير».
وعلاوةً على ذلك، يقول هلال، فإن قرارات الجمعية العامة التي قننت تقرير المصير، وكذا إعلان باندونغ، وضعت ضمانات واضحة لا لبس فيها حتى لا يمس تطبيقها الوحدة الترابية للدول، أو تمزيق أراضيها.
في غضون ذلك، أوضح هلال أن العملية السياسية بشأن قضية الصحراء عرفت أخيراً تطورات ملحوظة، حيث دعا مجلس الأمن في قراره الأخير إلى إيجاد «حل سياسي واقعي وعملي ودائم، يقوم على التوافق»، ولم يربطه إطلاقاً بتقرير المصير. وفي هذا السياق شدد هلال على أن «هذه اللهجة الجديدة لمجلس الأمن تؤكد حتمية الابتعاد عن الآيديولوجيات المتجاوزة التي تعود للحرب الباردة. كما تكرس الإقبار النهائي لجميع المخططات السابقة لسنة 2007».
كما أوضح السفير هلال أن هذه المعايير الجديدة تتلاءم تماماً مع المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي أقر مجلس الأمن والمجتمع الدولي بأنها «جادّة وذات مصداقية»، التي تعد حلّاً واقعياً يستجيب لحقيقة الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في المحافظات الصحراوية، وحلاً عملياً ومستداماً، لأنه يدرج حل هذا النزاع الإقليمي في إطار منظور شمولي، يقوم على السلام والاستقرار والاندماج الاقتصادي للمنطقة المغاربية.
وبخصوص مهمة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء هورست كولر، أشار هلال إلى أن المغرب كان أول من استجاب للدعوة التي وجَّهها إلى «المغرب والجزائر وموريتانيا على الخصوص للمشاركة في مائدة مستديرة في جنيف يومي 5 و6 ديسمبر (كانون الأول) المقبل»، مؤكداً بذلك التزامه بالعملية السياسية، ودعمَه لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي من أجل التوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع الإقليمي.
وخلص هلال إلى أن مشاركة المغرب في المائدة المستديرة ستتم في احترام للمرتكزات، التي حددها العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطابه يوم 6 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء. وفي سياق تدخُّلِه أمام اللجنة الرابعة، جدد هلال التأكيد على دعم المغرب الكامل للوحدة الوطنية والترابية لدولة الإمارات العربية المتحدة ولسيادتها على جزرها الثلاث؛ طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى، داعياً إلى إنهاء احتلالها، ورَفْض فرض الأمر الواقع بالقوة.
كما دعا في كلمته إلى إحصاء وتسجيل سكَّان مخيمات تندوف على الأراضي الجزائرية، باعتبار ذلك شرطاً لضمان حماية اللاجئين الصحراويين، وتمتيعهم بالحقوق المرتبطة بهذا الوضع. كما دافع هلال عن حق سكان المحافظات الصحراوية في التنمية، باعتباره «حقّاً غير قابل للتصرف»، تكرسه كثير من العهود والمواثيق الدولية.
وقال هلال إن «التمتع بهذا الحق يجب ألا يخضع لأي قيود أو شروط أو ابتزاز، أو مصادرة من خلال عملية سياسية»، مشيراً إلى أن الاستراتيجية التي اعتمدها المغرب في محافظاته الجنوبية تقوم على أعمال الحق في التنمية لفائدة مواطنيه في هذه المنطقة، على غرار باقي مناطق المملكة. كما أوضح هلال أن منتخبي الصحراء، الذين اختارهم السكان بطريقة ديمقراطية، هم الممثلون الشرعيون لسكان المنطقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».