ماكبيرني: فضلت اللعب لاسكوتلندا رغم نشأتي في إنجلترا

ما إن سمع المهاجم الاسكوتلندي الشاب أوليفر ماكبيرني عبارة «أسلوب لعبك» في بداية السؤال الذي طرحته عليه، حتى دخل في نوبة هستيرية من الضحك، وقال: «لا أستطيع الانتظار لسماع ما ستقوله». وقال مهاجم سوانزي سيتي الإنجليزي، الذي يصل طوله إلى 1.88 متر، وهو يبتسم: «يقول الجميع إنني دائما ما ألعب الكرات إلى الخلف. ومن الواضح أن الطريقة التي أبدو بها ليست هي الطريقة التي يبدو بها باقي اللاعبين داخل أرض الملعب. وحتى الطريقة التي ألعب بها تبدو غريبة؛ حيث يقول الناس إنني أبدو غير رشيق أو طويل الساقين، وغيرها من الأشياء الأخرى. أعتقد أنني لاعب مختلف عن الآخرين وغير تقليدي، وأعتقد أن ذلك الأمر يصب في مصلحتي لأن الجميع يقلل من قدراتي دائما، وهو ما يساعدني على الظهور بشكل أفضل».
وبالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون ماكبيرني جيدا، أود أن أقول لهم إنه شخصية رائعة، ودائما ما يلعب وقميصه بالخارج، وجواربه أسفل كاحليه، كما يرتدي واقيا تقليديا للساق من أجل الالتزام بالقواعد فقط. يقول ماكبيرني عندما سُئل عن حجم واقي الساق الذي يرتديه: «إنه أصغر واق للساق يمكنني أن أجده، وربما يناسب الأطفال الصغار. نحن لا نرتدي أبدا واقيات الساق في التدريبات، وبالتالي عندما نرتديه في المباريات فإنني أشعر بأنه شيء غريب».
ولم ينته الأمر عند هذا الحد بالنسبة لماكبيرني، الذي يشير إلى الجورب القصير أبيض اللون الذي يرتديه ويقول: «أرتدي هذه الجورب في يوم المباراة. أنا أعرف أنه قد يبدو غريبا على البعض؛ لكن جوارب كرة القدم الطويلة تبدو مختلفة، وتأخذ حيزا أكبر داخل الحذاء، لذا فإنني أقطع الجزء السفلي منها ولا أرتديه في القدم داخل الحذاء، وأستخدم الجزء المتبقي منه في تغطية الكاحلين فقط، وهو ما يعني أنني أرتدي فقط هذه الجوارب فوق واقي الساق. أنا دقيق جدا فيما يتعلق بالأشياء التي أقوم بها». ويقول ماكبيرني إن السبب وراء هذا الشكل غير المعتاد للملابس التي يرتديها، يعود جزئيا إلى شعوره بالراحة، كما يعود أيضا «إلى مُعتقد خرافي عندما كنت ألعب على سبيل الإعارة لنادي تشستر؛ حيث كانت القمصان قديمة للغاية، لدرجة أن النسيج المصنوع منه القماش كان ينزل حتى الجوارب».
ويقول ماكبيرني: «كنت دائما ما أسحب القميص إلى الأعلى، لدرجة أنني شعرت بالملل من ذلك. وأتذكر أنني كنت ألعب المباراة الثالثة لي مع الفريق، وأعتقد أنها كانت أمام نادي ويلينغ خارج ملعبنا، وكان الملعب سيئا للغاية، وكان لاعبو الفريق المنافس يتدخلون معنا بكل قوة وعنف، وقلت لنفسي وقتها إن الأمر سيكون مريحا للغاية لو قمت بسحب الجورب للأسفل. وما إن فعلت ذلك حتى سجلت الهدف الأول لي في مسيرتي الاحترافية في ذلك اليوم، لذا فقد تمسكت بالقيام بذلك منذ ذلك الحين». كان ذلك في يناير (كانون الثاني) 2015، عندما كان ماكبيرني يلعب على سبيل الإعارة من نادي برادفورد. وانضم اللاعب الشاب إلى نادي سوانزي سيتي في ذلك الصيف، وقطع طريقا طويلا وشاقا حتى تمكن من قيادة خط هجوم نادي سوانزي سيتي، وانضم لصفوف منتخب اسكوتلندا.
وكانت المحطة التي ساهمت كثيرا في جذب الأنظار إلى ماكبيرني تتمثل في الفترة التي لعبها على سبيل الإعارة لنادي بارنسلي الموسم الماضي؛ حيث سجل تسعة أهداف في 17 مباراة لعبها مع هذا الفريق في دوري الدرجة الأولى، وحصل على لقب أفضل لاعب في الفريق خلال الموسم، رغم أنه لم يلعب للفريق سوى ثلاثة أشهر فقط. يقول ماكبيرني: «لم أكن لأصل لما أنا عليه الآن لو لم ألعب لنادي بارنسلي. قبل الفترة التي لعبتها لبارنسلي، كنت أشارك على فترات قليلة مع سوانزي؛ حيث كنت أشارك مع الفريق الأول لفترات، ثم أعود للعب مع فريق النادي تحت 23 عاما، ثم أجلس على مقاعد البدلاء بعد ذلك، وهكذا، لم أكن لاعبا أساسيا في الفريق في وقت من الأوقات».
وأضاف: «أتذكر أنني لعبت أمام ليفربول الموسم الماضي، لكن في الأسبوع التالي وجدت نفسي ألعب مع فريق النادي تحت 23 عاما، وكان من الصعب للغاية التكيف مع هذا الأمر؛ لكن بارنسلي منحني الفرصة لكي ألعب مع الفريق الأول بالنادي، وسأكون دائما ممتنا لهذا النادي. وبسبب ذلك، أدرك سوانزي سيتي أنه يمكنه الاعتماد علي بصفتي المهاجم رقم واحد في الفريق؛ لأن النادي شاهد كيف تألقت مع فريق كان يعاني في دوري الدرجة الأولى».
وعندما عاد ماكبيرني من الإعارة لنادي بارنسلي خلال الصيف، كان يتعين عليه اتخاذ قرار مهم للغاية بالنسبة له؛ حيث لم يكن يتبقى في عقده مع سوانزي سيتي سوى 12 شهرا، وتلقى كثيرا من العروض الأخرى؛ لكن حوارا أجراه مع غراهام بوتر، المدير الفني لنادي سوانزي سيتي، حسم كل شيء. يقول ماكبيرني: «لقد تحدثنا سويا لمدة ساعة في مكتبه. وكان هذا الحوار في اليوم الأول في الاستعدادات للموسم الجديد، وأخبرني بأنه يريدني في النادي، ويريد أن أكون المهاجم الأول للفريق، وأشار إلى أنه يعتقد أنه قادر على أن يجعلني لاعبا أفضل، وأنني سأساعد الفريق على أن يكون أفضل. وعندما خرجت من هذا الاجتماع اتصلت بوكيل أعمالي، وقلت له إنني أريد أن أوقع عقدا جديدا مع النادي».
وخلال هذا الموسم، لعب ماكبيرني في مركز الجناح الأيسر وفي مركز صانع الألعاب، كما لعب في عمق الملعب، وصنع هدفين وسجل أربعة أهداف، منها هدفان رائعان أمام نادي ليدز يونايتد، وهما الهدفان اللذان جعلا ماكبيرني يشعر بسعادة غامرة؛ لأنهما كان في مرمى النادي الذي يوجد في مسقط رأسه، والذي لعب له عندما كان صغيرا، وهو النادي أيضا الذي تخلى عن خدماته بسبب «ضعف البنية الجسدية»، رغم أن ماكبيرني يتميز الآن بالقوة البدنية الهائلة والطول الفارع!
وشهد ماكبيرني طفرة كبيرة في النمو، عندما كان في منتصف سن المراهقة، وهو ما غير كثيرا شكله وتكوينه الجسماني؛ لكن كان هناك شيء آخر لم يتغير، وهو ولاؤه لمنتخب بلاده. ولد ماكبيرني في مدينة ليدز البريطانية لأم إنجليزية وأب اسكوتلندي، وهو ما كان يسمح له من الناحية النظرية باللعب لأي من المنتخبين الإنجليزي أو الاسكوتلندي. وعندما سُئل عن تأثير والدته على اختياره للدولة التي يلعب لها، قال ماكبيرني: «لم تؤثر عليّ على الإطلاق. لقد بذلت قصارى جهدها، لكن لم يكن لها أي تأثير على الإطلاق. لقد كنت أنا وأخي كبيرين بما يكفي لاتخاذ القرار، وكنا نلعب صغارا ونحن نرتدي قميص المنتخب الاسكوتلندي أو قميص نادي رينجرز الاسكوتلندي. وعندما أنظر إلى القرار الذي اتخذته الآن، يمكنني أن أدرك الأسباب التي جعلت البعض يعتقد أنه كان قرارا غريبا. كنت أنا وأخي نذهب إلى المدرسة في اليوم الذي لا تشترط فيه ارتداء الزي الموحد ونحن نرتدي قميص المنتخب الاسكوتلندي، وكنا نرسم علم اسكوتلندا على وجوهنا».
وأجرى ماكبيرني هذا الحوار وهو يبتسم ويضحك، وهو ما يعكس الحالة المزاجية الجيدة للاعب، نظرا لأن سوانزي سيتي لم يعد يمر بمرحلة انتقالية حرجة، وبدأ الموسم بشكل جيد. ويعطي ماكبيرني انطباعا بأنه يلعب كرة القدم على المستوى الاحترافي من أجل المتعة، ويقول: «عندما كنا نلعب أمام شيفيلد يونايتد في المباراة الافتتاحية للموسم، كان كل منا ينظر إلى الآخر خلال المباراة ونحن نبتسم ونستمتع باللعب. لم يكن هذا هو الوضع في النادي منذ وقت طويل، لذا فإن التعامل مع كرة القدم من منطلق المتعة والإثارة سوف يمنحنا دفعة كبيرة للأمام».