ليبيا: الاشتباكات تعود لطرابلس... ومسلحون يقطعون مياه الشرب عنها

اغتيال قائد بارز لكتيبة موالية لحكومة الوفاق الوطني

عناصر إحدى الميليشيات التابعة لحكومة السراج تحرس وسط العاصمة طرابلس بعد تجدد الاشتباكات (أ.ف.ب)
عناصر إحدى الميليشيات التابعة لحكومة السراج تحرس وسط العاصمة طرابلس بعد تجدد الاشتباكات (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: الاشتباكات تعود لطرابلس... ومسلحون يقطعون مياه الشرب عنها

عناصر إحدى الميليشيات التابعة لحكومة السراج تحرس وسط العاصمة طرابلس بعد تجدد الاشتباكات (أ.ف.ب)
عناصر إحدى الميليشيات التابعة لحكومة السراج تحرس وسط العاصمة طرابلس بعد تجدد الاشتباكات (أ.ف.ب)

في مؤشر واضح على انهيار جديد للهدنة التي أبرمتها بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، عادت المواجهات المتقطعة مجدداً بين ميليشيات العاصمة طرابلس، وذلك بعدما أقدم مسلحون مجهولون على اغتيال أحد قادة الميليشيات المسلحة، ويدعى خيري الككلي، المكنى بـ«حنكورة»، في قلب المدينة، فيما قطع مسلحون آخرون خط إمداد المدينة بمياه الشرب.
وجاءت هذه التطورات فيما اعتبرت فيديريكا موغيريني، الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أول من أمس، أن «الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا يجب أن تُجرى في أقرب وقت ممكن، ولكن في الإطار السياسي والأمني المناسب».
وقالت موغيريني في مؤتمر صحافي، وفقاً لوكالة «أكي»، عقب اجتماع مجلس وزراء الشؤون الخارجية في لوكسمبورغ، إن «الرسالة التي تأتي من هذا الاجتماع بشأن ليبيا هي رسالة وحدة وتصميم على العمل بشكل أكبر لدعم الحل الذي تتوصل إليه الأطراف الليبية للوضع في البلاد، تحت رعاية الأمم المتحدة».
وأمنياً، تم أمس بشكل مفاجئ إخلاء مقر وزارة الخارجية الليبية، المجاور لمقر كتيبة ثوار طرابلس في منطقة زاوية الدهماني بطرابلس، أرجعه مصدر لأسباب أمنية، بينما تحدث سكان محليون وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» عن انتشار مكثف ومفاجئ لمسلحين في المنطقة.
وعلى الرغم من سقوط 3 قذائف صاروخية بمحيط مطار معيتيقة الدولي في طرابلس، لم تتوقف الرحلات الجوية في المطار المدني الوحيد العامل في المدينة، بينما نفى «حراك شباب طرابلس» مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ على المطار.
وقالت مصادر أمنية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحين أقدموا في ساعة مبكرة من صباح أمس على اغتيال حنكورة، أحد أبرز قادة ما يعرف بكتيبة ثوار طرابلس، الموالية لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، أمام فندق يقع وسط طرابلس، ويعتبر مقراً للمجلس الأعلى للدولة.
وحسب مراقبين للوضع الأمني في البلاد، فإن هذه التطورات تعني انهيار الهدنة التي رعتها بعثة الأمم المتحدة لتثبيت وقف إطلاق النار في العاصمة.
وفي غضون ذلك، أكد غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، ونائبته للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز، اللذين عادا إلى طرابلس عقب زيارة دامت يومين للقاهرة، في اجتماع هو الأول لهما مع وزير الداخلية الجديد فتحي باش أغا، بمناسبة توليه مهام الوزارة أخيراً، حرص البعثة على ضرورة إرساء دعائم الأمن والاستقرار في ربوع ليبيا كافة، معرباً عن استعداد البعثة لتقديم المزيد من الدعم بمختلف أشكاله، بما يضمن الأمن والاستقرار داخل البلاد، وتخطي هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها.
من جهة ثانية، أقدم مسلحون على قطع مياه الشرب عن العاصمة طرابلس، حيث أعلنت بلدية طرابلس المركز أن مياه النهر الصناعي انقطعت في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، نتيجة قيام مجموعة مسلحة في منطقة ترهونة بإرغام مشغلي حجرة التحكم بمقر النهر الصناعي على إيقاف ضخ المياه المتجه لطرابلس الكبرى، وذلك احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي المغذي لمصنعي الإسمنت بسوق الخميس، ومصنع النبع بقصر بن غشير.
إلى ذلك، دعا أعضاء مجلس النواب، الموجود في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، إلى استجواب المسؤولين عن تردي الوضع الأمني في الجنوب، إذ قال الناطق باسم المجلس، عبد الله بليحق، عقب جلسة عقدها البرلمان لمناقشة الأوضاع في الجنوب الليبي، خصوصاً الوضع الأمني المنفلت، إنه تم الاتفاق على أن تتواصل هيئة رئاسة البرلمان، وتستدعي الجهات ذات العلاقة لتوفير الأمن والاستقرار في الجنوب الليبي.
كان المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، قد أمر المدعى العام العسكري بالشروع في اتخاذ ما وصفه بإجراءات فورية وعاجلة لاستئناف التحقيقات في قضية اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس، الرئيس السابق لأركان الجيش الليبي، ورفيقيه، عام 2011.
وطالب حفتر، أول من أمس، المدعي العسكري بالتواصل مع كل الجهات الوطنية والدولية للمطالبة بتسليم المتهمين في هذه القضية حتى يتمكن القضاء الليبي من محاكمتهم، معتبراً أن «القصاص العادل من الجناة يكفل رد الاعتبار لكل أبناء المؤسسة العسكرية من القوات المسلحة الليبية، وصولاً إلى كشف الحقيقة التي غابت طيلة السنوات السبع الماضية».
وعلى الرغم من الجدل الذي أثاره تعيين فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، لعلي العيساوي، أحد أبرز المتهمين في قضية اغتيال اللواء يونس، في منصب وزير الاقتصاد والصناعة الجديد بالحكومة، فقد التقى السراج أمس بالعيساوي للمرة الأولى منذ الإعلان عن انضمامه للحكومة، وذلك في تعديل شمل 3 حقائب وزارية الأسبوع الماضي.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».