إيطاليا تستعيد «الرسام الفرويدي» جورجو دي كيريكو

تزامنت ذكرى ميلاده مع رحيله

من أعمال الفنان
من أعمال الفنان
TT

إيطاليا تستعيد «الرسام الفرويدي» جورجو دي كيريكو

من أعمال الفنان
من أعمال الفنان

بمناسبة الذكرى الـ130 لميلاده والذكرى الـ60 لرحيل الفنان الإيطالي جورجو دي كيريكو، تشهد العديد من المتاحف والجاليريات في عموم إيطاليا، معارض فنية احتفاءً بهذا الفنان. فهذا الرسام الذي ولد عام 1888 في اليونان من أبوين إيطاليين، وقضى طفولته وصباه ما بين مدينتي فولا وأثينا في اليونان، انتقل بعد وفاة الأب بصحبة الأم وأخيه الكاتب الروائي ألبيرتو إلى مدينة ميونيخ في ألمانيا، ومن بعدها إلى باريس، حيث صخب الحياة الفنية الفرنسية في ذلك الحين، ليتشبع بكل الأساليب الرمزية والتعبيرية والسريالية التي طبعت أعمال كبار الرسامين في ذلك الحين.
لقد اعتبر الفنان جورجيو دي كيريكو (1888 - 1978) في فترة ما أحد أركان المدرسة السوريالية، وقد وصفه أندريه بريتون بأنه «الحارس في طريق تمتد على امتداد العين البشرية»، مع أنه أنكر حتى آخر أيام حياته من خلال لقاءاته وتصريحاته، أنه يمثل الاتجاه السوريالي.
لقد اتجهت أعماله إلى محاولة احتضان الطبيعة الإنسانية من خلال الحلم، ومحاولته الإطاحة بالمظاهر الاجتماعية والقانونية، ووضع اللاشعور ليخلق العوالم الجديدة. وكان لتأثيرات نظرية فرويد أثر كبير على الفنان الذي انصب حلمه الطويل على الإنسان الآلي، والساحات الموحشة المحملة بالرموز والأساطير، وظلت رسومه حتى السنوات الأخيرة من حياته لا تمتلك صفات إنسانية، فهي تتسم بالعزلة والوحشة الكبيرتين، وتسودها المخاوف، فأول ما تعطيه للمشاهد هو ذوبان الواقع الذي يحيط به فيصبح المشاهد أسيراً مختنقاً لتلك العوالم السوريالية التي تكمن وراءها كل الدعوات من أجل التخلص من الواقع، وترمز إلى أن كل ما يحيط بالإنسان هو عالم مخترع وصناعي مبتعد عن الحياة، ومما يزيد من تلك المشاعر هو استخداماته للخطوط الثقيلة والقوية والحادة التي تتدفق بالألوان المعتمة، وتشكو أكثر لوحاته الزيتية من العتمة، في حين يلاحظ قلة الكثافة اللونية وهدوئها في سطوح أعماله الجرافيكية التي اعتمدت موضوع الحصان.
وكان الفنان دي كيريكو من أوائل الإيطاليين الذين وقعوا على بيان «الدادائية» سنة 1920، كما أنه أسس مع الفنان الإيطالي كارا اتجاه المدرسة الميتافيزيقية، التي فسرها على أنها «استشفاف الخيالات الأولى لفن أكثر اكتمالاً، أكثر عمقاً، وأكثر تعقيداً»، ويعتبر من وجهة النظر النقدية الإيطالية أهم فنان إيطالي ساهم بأعماله في تعميق ودعم وتطوير الاتجاه السوريالي، وأنجز أهم وأشهر أعماله ذات الطابع الخيالي اللاواقعي ما بين 1910 - 1917، أي قبل ما لا يقل عن 6 سنوات من ظهور الحركة السوريالية.
وقد ذاعت شهرته خلال السنوات العشر التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، تلك السنوات التي يسميها النقاد «سنوات الأوهام العشر»، فقد حملت هذه السنوات الخلافات الأوروبية ومسبباتها وحق الدول المنتصرة في اقتسام مناطق النفوذ في العالم، وما رافقها من تضخمات في الثروات واتساع الحركات المطلبية التحررية، والتطورات العلمية في استخدام الآلة على أوسع نطاق، كل تلك الرياح عكست نفسها على المثقفين والفنانين الأوروبيين لتخلق لهم انطباعاً يحمل الانكسار بكل القيم التقليدية التي قامت عليها الحضارة الغربية.
ومع دي كيريكو، انتقلت اللوحة لتعكس غربة الإنسان عن عالمه وشعوره بالعجز والمخاوف المجنحة، للحد الذي أصبح هذا الإنسان وكأنه شيء من الأشياء، يحمل الضآلة والانحلال، والتفكك والعزلة والفراغ، وهو يعيش داخل مدن مقفرة للحد الذي أصبح وجوده لا يعدو أن يكون آلة أشبه بمنتجات المصانع يمكن تفكيكها إلى أجزاء صغيرة، فأصبحت لوحاته أيضاً نماذج منبثقة عن العوالم الداخلية، عوالم أقرب إلى الحقيقة الذاتية من العالم الخارجي المعروف، وهذه العوالم هي عوالم العقل واللاشعور أو الباطن.
وقد عززت هذا الاتجاه المدرسة الفرويدية التي وجدت مفتاح كل تشابكات وتعقيدات الحياة في مادة الحلم الإنساني، ولهذا فإن دي كيريكو وجد إلهامه في ترجمة الأحلام والغور بعيداً من أجل النفاذ إلى محتويات اللاشعور المكبوتة للإنسان، حيث يمثل الشطر الأعظم من الحياة وهو مغمور، والإنسان حسب رأي فرويد ينجرف في تيار الزمن كجبل الجليد، لا يطفو منه سوى جزء صغير فوق مستوى الوعي، وهدف الفنان هو محاولة إدراك أبعاد وسمات هذا الكيان المغمور.
أعماله التي رسمها بين 1910 - 1930 تمثل عالماً غريباً لا حياة فيه، أشبه بعوالم المدن الأسطورية المتهدمة؛ تجتمع فيه الأعمدة والأبراج والجدران والقطارات والحراشف والتماثيل اليونانية القديمة، والمدافع والمعادلات الرياضية والمعابد القديمة، كلها رموز مرسومة بدقة تبدو وكأنها منبثقة من حالة التخيل اللاواعي، ويساعد على السمات الإيهامية المثيرة والمقلقة للاطمئنان النفسي الذي تثيره سطوح لوحاته، التي تصل بعض الأحيان إلى أقصى حدودها الحسية في خلق المزاج الكئيب. تخطيط الشوارع أصبح محيراً بصورة غامضة، وكأنه يرى من خلال العينين المغمضتين للذاكرة وللحلم.



شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
TT

شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)

أثار خبر وفاة الملحن المصري محمد رحيم، السبت، بشكل مفاجئ، عن عمر يناهز 45 عاماً الجدل وسط شكوك حول أسباب الوفاة، كما تصدر اسم رحيم «ترند» موقعي «غوغل»، و«إكس»، خلال الساعات الأخيرة.

وكان الفنان المصري تامر حسني قد أعلن عن موعد مراسم الجنازة عبر خاصية «ستوري» بصفحته الرسمية بموقع «إنستغرام»، لكنه سرعان ما أعلن تأجيل المراسم، لافتاً إلى أن طاهر رحيم، شقيق الفنان الراحل، سيعلن عن موعد الجنازة مجدداً، وكان الأخير أعلن تأجيلها «حتى إشعار آخر»، وفق ما كتب عبر حسابه بـ«فيسبوك».

وحسب مواقع إخبارية محلية، فقد تم تأجيل مراسم الجنازة عقب توقيع الكشف الطبي على جثمان الملحن الراحل، ووجود شكوك في شبهة جنائية حول وفاته، إذ تضمن تقرير طبي متداول إعلامياً ومنسوب لإحدى الإدارات الصحية بمحافظة الجيزة وجود «خدوش وخربشة»، و«كدمات» في الجثمان.

يذكر أن رحيم كان قد أعلن في شهر فبراير (شباط) الماضي عبر حسابه بموقع «فيسبوك» عن اعتزاله الفن، لكنه تراجع عن قراره ونشر مقطعاً مصوراً أكد خلاله عودته مجدداً من أجل جمهوره.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حسابه على «فيسبوك») ‫‬

كان الراحل قد تعرض لذبحة صدرية في شهر يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته مدربة الأسود المصرية أنوسة كوتة.

من جانبها، أعلنت أرملة رحيم قبل ساعات عبر صفحتها الشخصية بموقع «فيسبوك»، عن موعد الجنازة مجدداً بعد صلاة عصر اليوم (السبت)، من مسجد الشرطة بمدينة الشيخ زايد، لكنها قامت بحذف المنشور.

الشاعر والناقد الموسيقي المصري فوزي إبراهيم أكد أن «وفاة رحيم شكلت صدمةً لجمهوره ومحبيه حيث كان بصحة جيدة، وخرج من محنته المرضية الأخيرة وتعافى تماماً وذهب لأداء العمرة قبل شهر».

الملحن المصري محمد رحيم (حسابه على «فيسبوك»)

وتحدث فوزي لـ«الشرق الأوسط» عن رحيم الملحن، لافتاً إلى أن «إنتاجاته لها مذاق مختلف، وهذه السمة نادرة الوجود حيث عُرف بالتفرد والإبداع والابتكار الذاتي».

وذكر فوزي أن تعاونه مع رحيم بدأ مطلع الألفية الحالية واستمر حتى رحيله، حيث كان على موعد لتسجيل أحدث أغاني «الكينج» محمد منير من كلماته وتلحين رحيم.

ووصف فوزي، رحيم، بأنه «أحد عباقرة العصر وإحدى علامات الأغنية المصرية في الربع قرن الأخير»، لكنه كان يعاني بسبب تجاهله وعدم تقديره إعلامياً.

ويستكمل فوزي حديثه قائلاً: «إحساسه بعدم التقدير جعله يوظف طاقته بالعمل، ويبتعد عن السلبيات، حتى صار مؤخراً في المرتبة الأولى في قائمة التحصيل وحق الأداء العلني بالأرقام الرسمية من جمعية (المؤلفين والملحنين المصرية - الساسيرو)، حتى أن اسمه فاق اسم الموسيقار بليغ حمدي في التحصيل، كما جرى تكريمه بالعضوية الذهبية».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب الملحن الراحل على «فيسبوك»)

وتعاون رحيم مع عدد من الفنانين، من بينهم نانسي عجرم، وعمرو دياب، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وساندي، وكارول سماحة، وبهاء سلطان، وتامر عاشور، وجنات، وهيفاء وهبي، وغيرهم.

ومن بين الألحان التي قدمها محمد رحيم منذ بدايته قبل 26 عاماً أغنيات «وغلاوتك» لعمرو دياب، و«أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق»، و«أنا في الغرام» لشيرين، و«بنت بلادي» لفارس، و«ليه بيداري كده» لروبي، و«في حاجات» لنانسي عجرم.