البرلمان التونسي يصادق بالإجماع على قانون هيئة حقوق الإنسان

TT

البرلمان التونسي يصادق بالإجماع على قانون هيئة حقوق الإنسان

صادق البرلمان التونسي أمس على قانون هيئة حقوق الإنسان، وهي خامس هيئة دستورية نص عليها دستور 2014 الذي جاء ليجسد مطالب الثورة التونسية، ومن أبرزها احترام حقوق الإنسان والحريات الفردية والعامة.
وحظي هذا القانون بمصادقة 144 نائبا برلمانيا، وموافقة كل النواب الذين حضروا الجلسة البرلمانية، ويتضمن 63 بندا هدفها رصد انتهاكات حقوق الإنسان، والممارسات التي تمثل اعتداء على أي حق من حقوق الإنسان المحمية بالدستور.
وعرفت النقاشات التي رافقت هذا القانون خلافات حادة حول مدى استقلالية هيئة حقوق الإنسان، وصلاحياتها وأدوارها الرقابية على السلطة التنفيذية، ومدى تدخلها في مسارات حقوق الإنسان.
وأكد نوفل الجمالي، النائب عن حركة النهضة ورئيس لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية في البرلمان، أن هيئة حقوق الإنسان ستتولى بالخصوص تنظيم زيارات مفاجئة لأماكن الاحتجاز والسجون، وأماكن إيواء الفئات الهشة والضعيفة، والمؤسسات التربوية والصحية والاجتماعية للتأكد من مدى احترامها لحقوق الإنسان.
من جهة ثانية، قلص انسحاب 12 نائبا برلمانيا يمثلون حزب الاتحاد الوطني الحر (حزب ليبرالي) من كتلة الائتلاف الوطني الداعمة لحكومة الشاهد، وذلك بعد التحاقهم بحزب النداء الذي يتزعمه حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي، وهو ما قلص بالتالي من حظوظ ثبات حكومة يوسف الشاهد في موقعها، ومحافظتها على شرعيتها البرلمانية، ومواصلتها لعب دور سياسي كبير داخل المشهد السياسي التونسي. وفي المقابل، فقد ضاعف هذا الالتحاق المفاجئ بالحزب الفائز في انتخابات 2014 من احتمال توجه الرئيس الباجي قائد السبسي إلى البرلمان لطلب تجديد الثقة في حكومة الشاهد، وإسقاطها باللجوء إلى فصول الدستور.
ووفقا للمشهد البرلماني الجديد، فقد باتت حكومة الشاهد تحظى بدعم سياسي مباشر من نواب حركة النهضة، البالغ عددهم 68 عضوا، ونواب كتلة الائتلاف الوطني المحسوبة على الشاهد، التي انخفض عددها من51 نائبا إلى 39 نائبا فقط، وهو ما يعني أن الحكومة باتت تحظى بدعم 107 أعضاء فقط، في حين أن الأغلبية المطلقة تتطلب تصويت 109 نواب لفائدتها.
ويرى مراقبون لهذه التطورات أن حركة النهضة ستعاني لاحقا من تداعيات هذه التغيرات على مستوى المشهد البرلماني، وقد تعاني من حسابات خاطئة من خلال المراهنة على يوسف الشاهد، الطامح لخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة بحظوظ وافرة، في ظل تراجع مكانة حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس والمدير التنفيذي لحزب النداء.
وفي ظل هذا الوضع الجديد، فإن الحكومة الحالية ستجد نفسها دون تكتل سياسي يقيها هجمات عدة أطراف أخرى في الساحة السياسية، من بينها رئيس الجمهورية الذي يهدد بتطبيق الفصل 99 من الدستور، الذي يبيح له دعوة البرلمان لتجديد الثقة في الحكومة، كما أن طلب ثلثي أعضاء البرلمان تجديد الثقة في الحكومة بات واردا أكثر من أي وقت مضى، وذلك تطبيقا للفصل97 من الدستور.



​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
TT

​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون في سجون مخابرات الجماعة الحوثية، أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق سراح مجموعة كبيرة من المعتقلين، في طليعتهم قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي»، رغم انقضاء شهرين على إيداعهم السجن بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى الثورة التي أطاحت أسلاف الجماعة.

وذكرت مصادر حقوقية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أفرجوا أخيراً عن خمسة فقط من المعتقلين في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، لكنها مستمرة في رفض إطلاق سراح وكيل وزارة الشباب والرياضة والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» أحمد العشاري وزميليه في الحزب أمين راجح وسعد الغليسي.

الحوثيون يرون قادة جناح «المؤتمر الشعبي» بصنعاء خصوماً لهم (إعلام محلي)

وقالت المصادر إن الجماعة تتهم المعتقلين بالتآمر مع الحكومة الشرعية لقيادة انتفاضة شعبية في مناطق سيطرتها تحت شعار الاحتفال بالذكرى السنوية لقيام «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت نظام حكم الإمامة في شمال اليمن عام 1962.

ووفق هذه المصادر، فإن الاتصالات التي أجراها جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين للمطالبة بالإفراج عن قياداته قوبلت بتعنت وتسويف.

وأشارت المصادر إلى أن مجموعة كبيرة من المعتقلين لا يُعرف مصيرهم، وأن كلّاً من فهد أحمد عيسى، وعمر أحمد منة، وأحمد البياض، وعبد الخالق المنجد، وحسين الخلقي لا يزالون رهن الاعتقال، إلى جانب الناشطة سحر الخولاني، والكاتبين سعد الحيمي، ومحمد دبوان المياحي، والناشط عبد الرحمن البيضاني، ورداد الحذيفي، وعبد الإله الياجوري، وغالب شيزر، وعبد الملك الثعيلي، ويوسف سند، وعبده الدويري، وغازي الروحاني.

شروط الإفراج

تقول مصادر سياسية في صنعاء إن «التحالف الشكلي» الذي كان قائماً بين جناح «المؤتمر الشعبي» والحوثيين قد انتهى فعلياً مع تشكيل حكومة الانقلاب الأخيرة، حيث تم استبعاد كل المحسوبين على هذا الجناح، وسيطرة الحوثيين على كل المناصب.

وبالتالي، فإن الحزب لا يعول على ذلك في تأمين إطلاق سراح المعتقلين، والذين لا يُعرف حتى الآن ما نيات الحوثيين تجاههم، هل سيتم الاحتفاظ بهم لفترة إضافية في السجون أم محاكمتهم؟

أكدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية استخدام الحوثيين التعذيب لانتزاع الاعترافات (إعلام حوثي)

ووفق إفادة بعض المعتقلين الذين أفرج الحوثيون عنهم، فقد تم استجوابهم بتهمة الانخراط في مخطط تآمري للإطاحة بحكم الجماعة في صنعاء بدعم وتمويل من الحكومة الشرعية.

وبعد جلسات من التحقيق والاستجواب وتفتيش الجوالات، ومراجعة منشورات المعتقلين في مواقع التواصل الاجتماعي، أفاد المعتقلون المفرج عنهم بأنه يتم الموافقة على إطلاق سراحهم، ولكن بعد التوقيع على تعهد بعدم العودة للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أو أي فعالية وطنية أخرى، وأن يظلوا رهن الاستعداد للحضور متى ما طُلب منهم ذلك إلى جهاز المخابرات الحوثي.

ولا تقتصر شروط الإفراج على ذلك، بل يُلزم المعتقلون بإحضار ضامن من الشخصيات الاجتماعية، ويكون ملزماً بإحضارهم متى طُلب منهم ذلك، ومنعهم من مغادرة منطقة سكنهم إلا بإذن مسبق، وعدم تغيير رقم جوالاتهم أو إغلاقها، وأن يظل تطبيق «الواتساب» يعمل كما كان عليه قبل اعتقالهم. كما يلحق بذلك تهديدات شفهية بإيذاء أطفالهم أو أقاربهم إذا غادروا إلى مناطق سيطرة الحكومة، أو عادوا للنشر ضد الجماعة.

تعذيب مروع

بالتزامن مع استمرار الحوثيين في اعتقال المئات من الناشطين، كشف النائب اليمني المعارض أحمد سيف حاشد، عما سماها «غرف التعذيب» في سجون مخابرات الجماعة.

وقال حاشد إن هناك مسلخاً للتعذيب اسمه «الورشة» في صنعاء، وتحديداً في مقر سجن «الأمن والمخابرات» (الأمن السياسي سابقاً)، وإن هذا المسلخ يقع في الدور الثالث، وموزع إلى عدة غرف، وكل غرفة تحتوي على وسائل تعذيب تصنع في نفوس الضحايا الخوف المريع والبشاعة التي لا تُنسى.

الناشطة اليمنية سحر الخولاني انتقدت فساد الحوثيين وطالبت بصرف رواتب الموظفين فتم اعتقالها (إعلام محلي)

ووفق ما أورده حاشد، الذي غادر مؤخراً مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، توجد في هذا المكان سلاسل ترفع الشخص إلى الأعلى وتعيده إلى الأسفل بواسطة زر تحكم، حيث يُعلَّق الضحية ويُثبَّت بالطريقة التي يريد المحققون رؤيته عليها.

وذكر أن البعض من الضحايا يُعلق من يديه لساعات طويلة، وبعضهم يُعلق من رجليه، وبعد ذلك يتم إنزاله وقد صار عاجزاً أو محمولاً في بطانية.

ووفق هذه الرواية، فإن هذا القسم يشمل وسائل تعذيب متنوعة تشمل الكراسي الكهربائية، والكماشات لنزع الأظافر، والكابلات، والسياط، والأسياخ الحديدية، والكلاب البوليسية، وكل ما لا يخطر على البال من وسائل صناعة الرعب والخوف والألم.