كلّية جديدة للذكاء الصناعي

أعلن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وهو إحدى مواطن ميلاد الذكاء الصناعي في الولايات المتحدة عن خطة جريئة تهدف إلى إعادة ترتيب البرامج الأكاديمية بشأن التكنولوجيا.
- كلية الذكاء الصناعي
ومن خلال التمويل الهائل بقيمة تبلغ مليار دولار، سوف يعمل المعهد على إنشاء كلية جديدة تجمع تخصصات الذكاء الصناعي، والتعلم الآلي، وعلوم البيانات، مع تخصصات أكاديمية أخرى تحت سقف واحد. ويعد هذا أكبر استثمار مالي في مجال الذكاء الصناعي يشهده أي معهد أو مؤسسة تعليمية أميركية حتى اليوم، وذلك وفقا لما نقله المعهد في نشرته الإلكترونية «تكنولوجي ريفيو» أمس.
ويجري إنشاء كلية الحوسبة الجديدة بتمويل قدره 350 مليون دولار من قبل ستيفن إيه شوارزمان، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة بلاكستون العاملة في مجال الأسهم الخاصة. وكان شوارزمان قد تبرع من قبل بمليارات الدولارات لكثير من المؤسسات العملية والتعليمية الأخرى لصالح دراسة المسائل ذات الصلة بتخصص الذكاء الصناعي.
ومن شأن «كلية ستيفن إيه شوارزمان» الجديدة للحوسبة لدى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن توجد 50 محلا وظيفيا جديدا لأعضاء هيئة التدريس المتخصصين، إلى جانب كثير من المنح الدراسية لطلاب الدراسات العليا. ومن المنتظر أن تفتح الكلية الجديدة أبوابها لاستقبال الطلاب اعتبارا من سبتمبر (أيلول) المقبل، وسوف تتخذ مقرها داخل المباني القائمة لدى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قبل أن تنتقل بكامل طاقمها الدراسي إلى الحرم الجديد المخصص لها بحلول عام 2022.
وقال شوارزمان إنه ينبغي على حكومة الولايات المتحدة التحلي بالجرأة الكافية عندما يتعلق الأمر بمجال الذكاء الصناعي. وأضاف: «نأمل أن تتحول هذه المبادرة الطموحة إلى دعوة صريحة لحكومتنا بأن الاستثمارات المالية الكبيرة في مجال الذكاء الصناعي من الأمور الضرورية في تأكيد الريادة الأميركية في صياغة مستقبل وتحولات هذه التقنيات الفائقة».
- زخم الحوسبة
للبيانات والحوسبة زخم هائل وأثر كبير في كثير من التخصصات العلمية المهمة مثل العلوم الإنسانية، والتعلم الآلي، وربما كان تأثيرها الأكبر منصبا على مجال الذكاء الصناعي. وقال رافائيل ريف، رئيس معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في البيان إن الكلية الجديدة تحمل قدرها المعروف من الأهمية والضرورة نظرا للطريقة الرائعة التي تغير بها البيانات والحوسبة والذكاء الصناعي من وجه العالم حولنا، ثم أضاف أن الطلاب والباحثين سوف يتلقون العلوم الخاصة بأفضل استخدامات الذكاء الصناعي في تخصصاتهم العلمية المختلفة ومن مبادئها الأولى، بدلا من إهدار أوقاتهم بين العلوم الحاسوبية وغير ذلك من التخصصات والأقسام العلمية الأخرى. وقال ريف في بيانه: «لم يعد عالم الحوسبة مقتصرا على نخبة الخبراء فحسب، بل صار مشهودا به وله في كل مكان، وينبغي أن يدركه ويفهمه كل شخص تقريبا».
من بين الوظائف الجديرة بالاهتمام في الكلية الجديدة تشجيع الطلاب والباحثين على التفكير والتأمل في الآثار المحتملة التي تحملها الحوسبة والذكاء الصناعي على حياة الناس. وتزداد أهمية ذلك الأمر مع اتساع انتشار التكنولوجيا في أرجاء العالم كافة. وباتت الحوسبة بالفعل تؤثر على كثير من مجالات ونطاقات العمل. وأثبتت البيانات الضخمة أهميتها القصوى لكونها عاملا رئيسيا ومهما في التأثير على وجهات النظر السياسية. وشرع التعلم الآلي في التأثير على كل شيء من التوظيف حتى الحكم.
يذكر أن المعهد أحرز بالفعل كثيرا من الالتزامات الكبيرة والمهمة بالنسبة لمجال الذكاء الصناعي على مدار العام الماضي أو نحوه. وفي وقت مبكر من هذا العام، أعلن المعهد عن مبادرة حملت اسم «السعي نحو الذكاء»، تلك التي تهدف إلى تحقيق التطويرات وإحراز التقدم الكبير في مجال الذكاء الصناعي من خلال جمع الباحثين من تخصصات العلوم الإدراكية، وعلوم الأعصاب، فضلا عن علوم الحواسيب تحت مظلة علمية واحدة.
- تآزر الذكاء البشري والآلي
تعمل مبادرة «السعي نحو الذكاء» من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على تطوير العلوم والهندسة لكل من الذكاء البشري والذكاء الصناعي. وتهدف هذه الجهود إلى اكتشاف أسس الذكاء البشري، ودفع تطوير الأدوات التكنولوجية المختلفة التي يمكنها التأثير بصورة إيجابية على مناحي المجتمع المعاصر كافة.
ومن شأن ثقافة التآزر التي يحظى بها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن تزيد من تحفيز وتشجيع العلماء في شتى مجالات الحياة، وعلماء الحواسيب، وعلماء الاجتماع، وعلماء الهندسة على توحيد الجهود، من أجل التحقق من الآثار الاجتماعية لأعمالهم حال سعيهم الحثيث على حل المشكلات العسيرة التي تتجاوز الآفاق الراهنة في أبحاث الذكاء.
ومن شأن المبادرة سالفة الذكر أن تضمن تطوير جهود البحث والاكتشاف العلمي والهندسي لدى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، عبر مختلف التخصصات، من خلال استخدام أحدث التقنيات ذات الصلة بالذكاء الصناعي. وقال ريف رئيس المعهد إن المبادرة سوف تتألف من جزأين رئيسيين، هما «الجوهر» و«الجسر». ومن شأن «الجسر» أن يوفر للباحثين، سواء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أو في غيره من المؤسسات العلمية أو البحثية، تكنولوجيا الذكاء، والمنصات البحثية، والبنية التحتية العلمية للتعليم، والطلاب، وهيئة التدريس، والموظفين بأدوات الذكاء الصناعي، وكتل البيانات الثرية والفريدة، والدعم التقني، والبرمجيات والأجهزة الحاسوبية المتخصصة.
أما بخصوص «جوهر» المبادرة فسوف يُعنى ببذل الجهود الرامية إلى إحراز التقدم في علوم وهندسة الذكاء البشري والآلي، على حد سواء. ومن أبرز المخرجات الرئيسية لـ«جوهر» المبادرة هناك خوارزميات التعلم الآلي التي تستفيد مباشرة من العلوم الإدراكية وعلوم الأعصاب والتقدم المحقق في فهمنا للذكاء البشري باستخدام خبرات العلوم الحاسوبية الراسخة.