«القراب» في المغرب... الماء كاد يجفّ في مهنة تقاوم الزمن

القراب محمد في الرباط («الشرق الأوسط»)
القراب محمد في الرباط («الشرق الأوسط»)
TT

«القراب» في المغرب... الماء كاد يجفّ في مهنة تقاوم الزمن

القراب محمد في الرباط («الشرق الأوسط»)
القراب محمد في الرباط («الشرق الأوسط»)

بينما يزدحم مدخل باب شالة في العاصمة المغربية الرباط بالداخلين إلى قلب المدينة العتيقة والخارجين منها، وتشتد الجلبة وتعلو أصوات الباعة المتجولين، يقف الرجل الستيني محمد بلباسه الأحمر المميز منبّهاً العطاش بجرس نحاسي في يده، وقربة ماء معلقة على ظهره. إنه "القراب" بائع الماء.
"القراب" محمد واحد من بين اثنين فقط لا يزالان يمارسان هذه المهنة القديمة في الرباط. يعتمر "القراب" "تارزا"، وهي قبعة مصنوعة من سعف النخل، ويرتدي جلبابا أحمر، ويحمل قربة ماء من جلد الماعز، في حين تحرك يده جرسا نحاسيا مُصدرا رنينا حادا، وكلما خطا خطوة تحركت أكواب معلقة على صدره بسلسلة مطلقةً رنينا مشابها.
يقول أستاذ علم الاجتماع والأنتروبولوجيا في جامعة محمد الخامس بالرباط عبد الغني منديب لـ"الشرق الأوسط"، إن كلمة "قراب" كما تُتداول في المغرب تحيل على "قربة"، وهي إناء الماء المصنوع من الطين أو الجلد. وفسر غلبة اللونين الأحمر والأخضر على لباس الساقي بأنهما يرمزان إلى العلم المغربي.

مهنة موروثة
يحكي "القراب" محمد لـ"الشرق الأوسط" بنبرة فيها الكثير من الحنين إلى تاريخ مضى، أنه يمارس هذه المهنة منذ أكثر من ثلاثين عاما، مشيرا إلى أنه ورثها عن والده. ويضيف ويداه منشغلتان بملء كوب ماء لأحد المارة: "آخذ ما يعطيني الشاربون من دراهم دون أن أساوم. وأحيانا أسقيهم الماء مجاناً".
ويوضح محمد أنه بدأ مزاولة هذه المهنة عام 1980، وكان في الرباط آنذاك 18 "قرابا"، أما اليوم فهناك اثنان فقط، وقد توقف الثالث عن توزيع مياه الشرب أخيراً بعدما طالبه أبناؤه بالتقاعد.

وفي هذا الصدد يقول منديب أن هذه المهنة كانت مزدهرة في الماضي، إذ ارتبطت بالأسواق والأماكن المكتظة، موضحاً أنها صارت في طور الانقراض نظرا إلى التحولات الاجتماعية التي عرفها المغرب، ومشيرا إلى أن عبوات الماء المعلب حلت محل مياه السقاة الذين أصبح بعضهم متسولين.

في سلا
بعد صلاة الجمعة في أحد مساجد مدينة سلا القريبة من الرباط، عرض رجلان في الخمسين من العمر، يرتديان اللباس الخاص بـ"القراب"، قربتين جلديتين، وشرعا في مناداة المارة، وشرح أحدهما لـ"الشرق الأوسط" أنه يبيع المياه للمارة في أسواق سلا القديمة منذ سنوات، لكن نادرا ما يأتيه أحد لشراء ماء الشرب.
يحمل "القراب" محمد على جانبه الأيمن جرابا جلديا ألصقت على واجهته بالغراء عملات نقدية مغربية قديمة. وبهذا الخصوص يوضح أستاذ التاريخ في جامعة محمد الخامس بالرباط عمر أفا لـ"الشرق الأوسط"، أن في ذلك إشارة من ممارسي هذه المهنة إلى أنهم ليسوا في حاجة إلى النقود.
ويتابع أفا أن السقاة في المغرب لم يكونوا في بدايات القرن الماضي يبيعون الماء مقابل النقود، بل يقايضونه بقليل من الخضر أو الفواكه أو السكر أو الحبوب أو غيرها من المواد الغذائية المتوافرة في الأسواق. ويضيف أن لـ"القراب" خمس صفات ضرورية، فهو أنيق في لباسه ونشيط في حركته وحازم وقوي ومتسامح مع العطشى.
ويروي أفا أنه يذكر في طفولته أن أحد أفراد عائلته مارس هذه المهنة في الأربعينات من القرن الماضي، مضيفا أنه كان يسقي المارة مرة في الأسبوع في أحد أسواق مدينة أكادير في جنوب البلاد، قادما إليها مشيا على القدمين من ضاحية تبعد بـ12 كيلومترا. ويستطرد أن هذا القراب الذي يدعى بنسعيد، لم يكن يتخذ بيع الماء حرفة، بل كان فلاحاً يوزع مياه الشرب مرة في الأسبوع في سوق أسبوعي، ولم يكن يقبل النقود، بل "كان يعطي المياه بالمجان، أو يقايضه ببعض المواد الغذائية".
ويشرح أفا أن مهنة "القراب لم تكن في الغالب مهنة بحد ذاتها، بل كان يمارسها الناس في أوقات فراغهم مرة في الأسبوع في الأسواق أو أكثر".

* من «مبادرة المراسل العربي»



ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
TT

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ازدهرت ألحان وألوان من الموسيقى السعودية على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، وشارك 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، في رسم لوحة جمالية، جمعت التراث بالثقافة وعذوبة المفردة الموسيقية السعودية.

وعزفت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، أجمل الألحان الموسيقية في ليلة استثنائية كان الإبداع عنوانها، وقدمت التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام وحضور جماهيري كبير.

‏وبدأت الليلة السعودية في اليابان، بجمالية الاستقبال بالقهوة السعودية لجمهور حفل روائع الأوركسترا السعودية في طوكيو، قبل أن ينطلق العرض الموسيقي الذي افتتحه باول باسيفيكو الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى بالسعودية، وقال في كلمته خلال الحفل، إن النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازياً ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي شاركوا في الليلة الختامية (واس)

وعدّ باسيفيكو «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي، وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيراً إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وبدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية - بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم. وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفل بأداء مُتناغم لـ«ميدلي الإنمي» باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

حضور جماهيري كبير شهدته ليلة "روائع الأوركسترا السعودية" على مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" (واس)

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين، اختتم الحفل بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي، وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

واختتمت هيئة الموسيقى «روائع الأوركسترا السعودية» الجمعة، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، في جولتها الخامسة بعد النجاحات التي حققتها في 4 محطات سابقة، حيث تألقت في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح «سنترال هول وستمنستر».

اروقة مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" اكتضت بالحضور منذ وقت مبكر (هيئة الموسيقى)

وتعتزم هيئة الموسيقى في السعودية استمرار تقديم عروض حفلات «روائع الأوركسترا السعودية» في عدة محطات، بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزاً للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.